(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الخميس, 25 نيسان/أبريل 2019 11:28

رمضان موسم الخير

كتبه  الشيخ إبراهيم أبو النصر
قيم الموضوع
(0 أصوات)

نفحة من الجلال القدسي، و قبس من الجمال الإلهي، و ارتقاء بالبشر إلى درجة الملك، و كبح لجماح الشهوات، و كف عن المضي في لذائذ الحس، و استغراق للروح في عالم المُثُل الرفيعة و المعاني السامية، ذلكم هو الصيام؛ فالصيام تهذيب للنفس، أو تزكية للروح، و سبيل قاصدة لاحترام الإنسان لنفسه، و السمو بها إلى أرفع الدرجات: أدب رفيع، و خُلق رحيم، و هدى من الله كريم، إنه العصمة من الزلل، و الوقاية من الخطل، ينصرف الصائمون فيه عن المادة و أوضارها، و الشهوة و آصارها، فيصبح الإنسان فيه و قد سيطرت الروح على حسه؛ فهو يسبح في عالم الأسرار و الأنوار.

استمع إلى هذا الحديث النبوي الكريم، و عطِّر لسانك و مجلسك بذلك الأدب العظيم: ((الصوم جُنَّةٌ، فلا يرفث و لا يجهل، و إن امرؤ قاتَلَه أو شاتمه فليقل: إني صائم، إني صائم، و الذي نفسي بيده، لَخُلُوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك))، و يقول الله في الحديث القدسي عن الصائم: ((يدَعُ طعامه و شرابَه و شهوتَه مِن أجلي،الصومُ لي و أنا أجزي به)).

إذًا فالصوم ليس مجرد إمساك عن الطعام و الشراب و الشهوة، و إنما هو دروس قيمة، و عظات كريمة، و حِكَم بالغة، و لا عجب فهو يعلِّمنا الإحساس بما يلقاه الفقير من جهد الحياة، و ما يكابده من مرارة الحرمان و ألم المسغبة؛ فهو لفتة ربانية وجَّه بها القادرين لرعاية العاجزين، أو مواساة المحتاجين، و التخفيف عن البائسين و المكروبين، و هو علاجٌ سماوي عالمي، عالَجَ الله به داءَ الشُّحِّ و الأثرة و التكبر على اختلاف الأزمان و تباين الناس، و في جميع الأديان ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]؛ فهو تذكرة للمسلمين بأعظم أمجادهم، و أنبل تراثهم، و إيقاظٌ للمعاني الكريمة التي أضاء نورها في الخافقين، و عم أثرها المبارك في العالمين ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَ الْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185].

فالصوم تُقًى و نور، و رحمة و برٌّ، يعين الإنسان على كبح الشهوات، و مقاومة المغريات، و القصد في تناول اللذات، يصل الإنسان بالله، فيغرق في عالم الجلال و الجمال وضيء النفس، مشرق الروح، صافي القلب، بعيدًا عن الأثَرة و الأنانية.

و متى أحس الإنسان هذا الإحساس، سمَتْ إنسانيتُه، و ارتفعت في نظره قيمته، و ارتقى خُلُقه فبعُدَ عن الهُجْرِ و الإسفاف، و كف عن الإثم و العدوان و الزور و البهتان.

*و لا يكمُلُ صوم المسلم إلا بذلك الصفاء و هذا السمو؛ فإن النبي صلى الله عليه و سلم يقول: ((من لم يدع قول الزور و العمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه)).

فرمضان موسم الصفاء الروحي، و الإشراق القلبي، و النور الإلهي، يتميز بالرحمة و الإيثار، و الجود و السخاء، يَقْوى فيه بين الناس التراحمُ و التعاطف، و التواصل و التآخي و التآزر؛ روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه و سلم كان أجود بالخير من الريح المرسلة، و كان أجودُ ما يكون في رمضان.

الشيخ إبراهيم أبي النصر - مفتش مساجد البحيرة

الرباط : https://www.alukah.net/spotlight/0/104363/

قراءة 1516 مرات آخر تعديل على الخميس, 02 أيار 2019 07:40