(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الإثنين, 04 أيار 2020 06:56

و لكن كانوا أنفسهم يظلمون..!

كتبه  الأستاذ كمال أبو سنة
قيم الموضوع
(0 أصوات)

لا يجوز نقلا و عقلا أن نُحمِّل أحدا جريرة أحد آخر، لأنه كما علمنا القرآن الكريم{ َلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، و من العدل أن لا نبخس الناس أشياءهم، فنقول -دون أن يَجْرِمَنا شنآن قوم- للمحسن أحسنت، و نقول للمسيء أسأت و لو كان ذا قربى..!
المحاباة على حساب الحقيقة أهلكت الحرث و النسل و خوَّلت كثيرا من المسؤولين في قطاعات مختلفة ممن ضيعوا الأمانة أن يكونوا أصاحب الحل و العقد، متحكمين في رقاب جماهير الناس غير مهتمين بمآسيهم المختلفة، و تظلماتهم المتكررة، إذ يعيشون لشهواتهم، و إتباع أهوائهم، و تحقيق لذّاتهم و رغباتهم…فلا تتحرك فيهم شعرة ما داموا شبعانين و إن جاع الناس، و”شاربين” و إن عطش الناس، و مكسوّين و إن تعرى الناس، و متدفئين و إن برد الناس، و مالكين للدور و القصور، و إن سكن الناس الجحور و القبور، و راكبين السيارات الفارهة من آخر طراز و إن تعذب الناس في أماكن النقل غير المهيأة، و وسائل النقل التي أكل عليها الدهر و شرب المزدحمة بالركاب فوق ما تطيق و فوق ما يطيقون..و..و..!

إن تضييع الأمانة مذهب اعتنقه بعض الجزائريين في ميادين الصناعة و التجهيز و الأشغال العمومية و الإدارة و التسيير… حتى أصبحت عادة يراها بعضهم كياسة و فطنة، و من شذ وصفوه بأنه أحمق و”جايح” لا يعرف أين تكمن مصلحته…و لن يهتم هؤلاء أو يغتموا ما دامت “الأجرة” في آخر الشهر تصل كاملة غير منقوصة إلى حسابهم الجاري، و المضحك أن الذين لا يعملون و غير المتفانين في أداء واجبهم في الغالب هم الذين تجدهم أحرص الناس على المطالبة بالزيادات و رفع قيمة العلاوات، و كم في الجزائر من مضحكات و لكن ضحك كالبكاء..!

لقد ضاعت آلاف المليارات بالتبذير و سوء التسيير، أو نُهبت في مشاريع وهمية بطلها بعض المسؤولين في أجهزة مختلفة أكبر همهم تكثير الأموال و الغلال، و لو أُنفقت هذه المليارات المبذرة أو المنهوبة في حقها و قُسمت على الناس بالسوية لقضينا على كثير من المشكلات الآنية التي نعاني منها..!

و لو أن كل مواطن أدى واجبه في خدمة الوطن بضمير حي و عمل للمصلحة العامة بنفس الإخلاص الذي يعمل به لخدمة مصالحه الشخصية لقطعنا أشواطا معتبرة نحو الرقي الحضاري و نافسنا الأمم الأخرى التي اعتلت القمة منذ زمن بعيد.

و الحق أن ما نعانيه من ظلم كثير من المسؤولين مرجعه في الأساس إلى ظلمنا نحن المحكومين، و قد روي أن “الحسن” سمع رجلا يدعو على “الحجاج” فقال له: ( لا تفعل إنكم من أنفسكم أُتيتم، إنا نخاف إن عُزل الحجاج أو مات أن يستولي عليكم القردة و الخنازير ). و قال “كعب”: ( إن لكل زمان ملكا يبعثه الله على نحو قلوب أهله، فإذا أراد صلاحهم بعث عليهم مصلحا، و إذا أراد هلاكهم بعث عليهم مترفيهم )، و قيل: ( ما أنكرتم من زمانكم فإنما أفسده عليكم عملكم ). فالمسؤول الفاسد هو نتيجة حتمية لمجتمع ظهر فيه الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي أفراده.

إن أهواء المسؤولين و العوام على حد سواء لابد أن لا تُهادن، و كلمة الحق يجب أن تقال للمسؤولين إذا حادوا أو تجبروا، و أن تقال للعوام إذا فسدوا أو تهوروا، فالدين النصيحة، و النصيحة تكون لله و لكتابه و لرسوله و لأئمة المسلمين و عامتهم، بهذا صلح حال الأولين، و لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.

المصدر أسبوعية البصائر بتاريخ 30 رمضان 1437

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قراءة 1190 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 05 أيار 2020 10:54