(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الجمعة, 23 تشرين1/أكتوير 2020 11:42

سيصيب أمتي

كتبه  الأستاذ خالد سعد النجار
قيم الموضوع
(0 أصوات)

عن أبي هريرة -رضي الله عنه-  عن النَّبيِّ -صلى الله عليه و سلم-، قال: (سيصيب أمَّتي داء الأمم، قالوا: يا نبيَّ الله، و ما داء الأمم؟ قال: الأشَرُ و البَطَرُ، و التَّكاثر و التشاحن في الدُّنيا، و التَّباغض، و التَّحاسد حتى يكون البغي ثمَّ الْهَرْجُ

[رواه الحاكم و قال صحيح و أقروه، قال الحافظ العراقي: و سنده جيد(حسن) حديث:  3658 صحيح الجامع]

** قوله: (سيصيب أمتي داء الأمم) قبلهم، قالوا: يا رسول اللّه و ما داء الأمم؟ قال: (الأشر) أي كفر النعمة (و البطر) الطغيان عند النعمة و شدة المرح و الفرح (والتكاثر) من جمع المال (و التشاحن) التعادي (في الدنيا و التباغض و التحاسد) أي تمنى زوال نعمة الغير (حتى يكون البغي) أي مجاوزة الحد (ثمَّ الْهَرْجُ) القتل

و هو تحذير شديد من التنافس في الدنيا لأنها أساس الآفات و رأس الخطيئات و أصل الفتن، و عنها تنشأ الشرور، و فيه علم من أعلام النبوة فإنه إخبار عن غيب وقع.

** و لا يأتي زمانٌ إلا الذي بَعده شرٌّ منه، حتى تأتي الساعة فتقوم على شرار خلق الله، فإنها تقوم على أناس لا يعرفون معروفاً و لا ينكرون منكراً.

و للبُخاريِّ عن الزُّبير بن عَدِي. قال: أتينا أنَساً، فشَكَوْنا إليه ما نلْقَى من الحجَّاج. فقال: (اصْبروا؛ فإنه لا يأتي عليكُم زمانٌ، إلا و الذي بعدَه شرّ منه). سمعتُه من نبيِّكُم - صلى الله عليه و سلم.

** و قال صلى الله عليه و سلم: (يَتقارَبُ الزَّمان، و يَنْقُص العَمَل. و يُلْقَى الشُّح و تظهَرُ الفِتن. و يكثرُ الهَرج). قالوا: يا رسولَ الله! ما هو؟ قال: (القَتْل القَتْلُ)

** و قال الإمام أسماء بن عُبيد: أَدركنا أقوامًا، فجالسناهم فنفعنا الله بمجالستهم في ديننا و معايشنا. فأصبحنا اليوم بين ظهراني قوم، نجالسهم فيُنَسونا ما سمعنا من أولئك

[الإشراف لابن أبي الدنيا، و سنده حسن]

و هذا عام، و لكن ليس معنى ذلك أن الشر يكون في كل فرد، ليس هذا هو المقصود، و إنما المقصود النسبة، فإن الشر في المتأخرين نسبته أكثر من نسبته في المتقدمين، حتى يأتي الزمان الذي قبيل قيام الساعة، و لا يعرف أحد الله، و لا يذكر اسمه جل و علا، و يتهارجون [يتناكحون] كتهارج الحمر، فهم شرار خلق الله، و عليهم تقوم الساعة.

** و عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه و سلم- قال: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه، و يمينه شهادته) رواه البخاري

قوله: (خير الناس قرني) قال الشافعي رحمه الله في رسالته عن الصحابة: "هم فوقنا في كل علم و عقل و دين و فضل، و كل سبب ينال به علم أو يدرك به هدى،  ورأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا"

و للصحابة فهم في القرآن يخفى على أكثر المتأخرين، كما أن لهم معرفة بأمور من السنة و أحوال الرسول لا يعرفها أكثر المتأخرين، فإنهم شهدوا الرسول و التنزيل و عاينوا الرسول، و عرفوا من أقواله و أفعاله و أحواله مما يستدلون به على مرادهم ما لم يعرفه أكثر المتأخرين الذين لم يعرفوا ذلك. [ابن تيمية]

فإن السلف كانوا أعظم عقولاً، و أكثر فهومًا، و أحد أذهانًا، و ألطف إدراكًا  [ابن تيمية]

قوله: (تسبق شهادة أحدهم يمينه ... ) هذا إشارة إلى السرعة في الشهادة و اليمين، و ذلك استخفافاً منه بالله عز و جل، و استهتار بمكانة الشهادة و اليمين.

ففيه تحريم المسارعة في الحلف، لأن ذلك استخفافاً بالله و تنقص لتعظيمه، و ذلك منافٍ للتوحيد.

و قال إبراهيم النخعي: "كانوا يضربوننا على الشهادة و العهد و نحن صغار". و ذلك لكثرة علم التابعين، و قوة إيمانهم، و معرفتهم بربهم، و قيامهم بوظيفة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. و قوله "على الشهادة" أي يضربوننا عليها إن شهدنا زوراً أو إذا شهدنا و لم نقم بأدائها.

** أخرج الطبراني عَن ابنِ عَباس -رضي الله عنهما-: مَا مِن عَام إلا وَ يحدث النَّاس بدعَة وَ يميتون سُنة حَتى تمَات السَنن وَ تحيى البَدع.

** و قال -صلى الله عليه و سلم-:(و من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا)، و عصر الصحابة أقرب إلى الهدى من عصر من بعدهم، و الناس لا يحسون بالتغير; لأن الأمور تأتي رويدا رويدا، و لو غاب أحد مدة طويلة ثم جاء; لوجد التغير الكثير المزعج - نسأل الله السلامة -، فعلينا الحذر، و أن نعلم أن شرع الله يجب أن يحمى، و أن يصان، و لا يطاع أحد في تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله أبدا مهما كانت منزلته، و أن الواجب أن نكون عبادا لله، تذللا و تعبدا و طاعة.

** قال الله سبحانه وتعالى: {وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ * وَ قَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ } [الواقعة:10-14]

هذا فيه بيان لانصراف الناس عن الدين في آخر الزمان، و كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما رواه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه: (لا يأتي زمان إلا و الذي بعده شر منه)، فبسبب بعد العهد عن الرسالات ينسى الناس كثيراً مما ذكروا به، كما قال الله سبحانه و تعالى لعباده المؤمنين: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَ مَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ} [الحديد:16] أي: طال عليهم الأمد بينهم و بين الرسل الذين كانوا يذكرونهم، فقست قلوبهم، و كثير منهم فاسقون.

فبالبعد عن أزمنة الخير ينسي الناس كثيراً مما ذكروا به، فكما قال القائل: تزينت الدنيا لخطابها، فنسي الناس كثيراً مما ذكروا به، و انغمسوا في ملذاتها و شهواتها، فقل منهم الصابرون على تعاليم الدين، و قل منهم الصابرون على سنة النبي صلى الله عليه و سلم، فقد أصبحوا موضع اتهام لاتباعهم كتاب الله و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم! فطعن فيهم الطاعنون، و أرجف و ضحك منهم المرجفون، كما قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَ إِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَ إِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَ إِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ } [المطففين:29-32]، فلم يصبر كثير من الناس على ازدراء أهل الغفلة،  ولم يصبر كثير من الناس على ظلم أهل الظلم و العدوان، فنكصوا على أعقابهم، و رجعوا تاركين وراءهم سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم، بل و تاركين لكتاب ربهم، فقل أهل الفضل و أهل الخير، و قل أهل الثبات و الصلاح في الأمم المتأخرة و أصبحوا غرباء.

فلذلك قال سبحانه و تعالى في شأن المقربين: {وَ قَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ} [الواقعة:14] أي: قلة قليلة من الأمم التي بعد عهدها عن رسول الله صلى الله عليه  وسلم، و تأخرت أزمانها عن أزمنة أصحابه رضي الله تعالى عنهم [سلسلة التفسير، مصطفى العدوي]

** قَالَ الفضيل بن عياض: "هَذَا زمَان احفظ فيه لسَانَك، و أخفِ مَكانك، وَ عالج جفانَك، و خذ مَا تعرف وَ دَع مَا تنكر لتصلح شأنكَ

** َقالَ الثوري: "هَذَا زمان السّكُوت، وَ لزُوم البيُوت، و الرّضا بالقوت إلى أن تَمُوت"

اللهم أصلح أحوالنا، و نجنا مِن الفتن ما ظهر منها و ما بطن، و توفنا و أنت راضٍ عنا.

الرابط : https://eyooon.net/view.aspx?id=31969

قراءة 777 مرات آخر تعديل على الجمعة, 23 تشرين1/أكتوير 2020 16:57