(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الثلاثاء, 13 تموز/يوليو 2021 07:52

مسلمون و كفى … امتلاك الحقيقة و احتكارها… الوهم المتجدد المتبدد

كتبه  الأستاذ لخضر لقدي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

لكل منّا جانبه الجاهل الذي إن أدركه سَلِم و إن لم يدركه آذى نفسه و آذى من حوله، و من كان مريضا بوهم احتكار الحقيقة رأى أنها لا تتجلَّى إلاّ من خلال أفكاره، و ادّعى تفرّده الدائم بالمصداقية فيقطع خطوط الاتصال و الاستقبال مع الآخرين، و يرى أن من يتبنى غير فكرته يكون خارج الحقيقة بل و ضدّها، يستحق أن يصادر حقه في الرأي.
و هذا النوع من البشر -الذي يدعي أو يعتقد امتلاك الحقيقة- موجود في كل ملة و في كل مذهب، و هو يقود حتما إلى التجريم و التحريم، و التعصب و رفض الآخر.
في بداية هذا الشهر كتب أخوان من سكيكدة رسالة إلى أصحاب الفضيلة: أ.د .عبد الزارق رئيس التحرير، و أ. ياسين مبروكي مدير التحرير، و أ. عبد القادر قلاتي سكرتير التحرير.
جاء فيها بعد السلام: نحن من القراء الدائمين لأسبوعية البصائر لاحظنا بأن أمورا تنشر تخالف الشرع و تنافي الدين، من أجل هذا أردنا أن ننبهكم إلى المسؤولية الملقاة على عاتقكم لأنكم مسئولون أمام الله و أمام العباد.
و احتوت رسالتهما ملاحظات حول مقالين الأول بعنوان: «استمتعوا بالحياة» للإمام الأستاذ الفاضل عبد العزيز كحيل.
و الثاني حول مقال لي تحت عنوان (مسلم و كفى) وجها لي التهمة فيه بتزكية بعض الفرق الضالة المنحرفة عن الصراط المستقيم، و لعلهما يشيران إلى ما جاء في مقالي: «و ربنا سبحانه و تعالى سمانا مسلمين، فمن كان سلفيا أم إخوانيا أم صوفيا، و سواء كان أثريا أو أشعريا أو ماتريديا أو كان لا يدري عن هذه الأشياء شيئا هم منا و نحن منهم نتولاهم و نحبهم و لهم واجب النصرة و حق الأخوة، ما داموا مسلمين موحدين لربهم سالكين سبيل الرشاد و لو بدا منهم ما بدا».
و أنا متمسك بكل كلمة جاءت في هذه العبارة، بل و اخترت العنوان من مقالة كتبها الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله بعنوان: «نحن مسلمون و كفى».
و هؤلاء يعتقدون أنهم هم المسلمون الوحيدون، و هم وحدهم يملكون المشروع الشرعي لإنقاذ الأمة، و وحدهم يمتلكون الحقيقة الدينية و السياسية.
و منذ مدة تثار معارك حول سلفية ابن باديس من عدمها، و رأيي أن ابن باديس كان سلفيا في المنهج بمعنى العودة بالأمة إلى الكتاب و السنة بمقصد هدائي لا حرفي، و إلا كيف نفسر إعجابه بالأفغاني و محمد عبده و رشيد رضا و الكواكبي… و استشهاده في التفسير بالزمخشري و الرازي، و نقله الكثير عن حجة الإسلام أبي حامد الغزالي، و إخراجه لكتاب العواصم من القواصم لأبي بكر بن العربي، و تدريسه لكتاب «الشفا» للقاضي عياض و«الرسالة» لابن أبي زيد القيرواني و «مختصر العلامة خليل» و يثني على الشيخ خليل، و يعده من كبار المصلحين و الأصوليين، إلا أنه أحيانا ينحى باللائمة على شراحه.
و يكفي قول تلميذه الشيخ حماني في فتاويه: «و قد قَبِل أسلافُنا تأويلَ الأشاعرة كما قَبِلوا تفويضَ السلف»…» و مَنْ تمعَّن في نصوص الشريعة جيِّدًا، و دَرَس حُجَجَ الفِرَق المتنازِعة بإنصافٍ؛ حَكَمَ بأنَّ الحقَّ بجانبِ أهل السنَّة و الجماعة الذين منهم الأشاعرةُ».
و كان الشيخ ابن باديس يتوسل بالنبي صلى الله عليه و سلم و يحتفل بمولده و يعتقد نجاة والديه عليه الصلاة و السلام من النار و أنهما من أهل الفترة، و كان يجوِّز الدعاء أمام قبر النبي صلى الله عليه و سلم، و كان لا يأخذ بأحاديث الآحاد في العقائد و يقنت في صلاة الفجر و يرفع يديه عند الدعاء، و يفتي الناس على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه.
فهل فعلتم مثل ما فعل؟ و هل اقتديتم و اهتديتم بهديه؟
و أنا أختم كلامي بحقيقتين يعمى من تجاهلهما:
الأولى: أن امتلاك الحقيقة المطلقة لا تكون إلا لله وحده، أما الإنسان فيظل نسبيا في تفكيره، محدودا في قدراته و حواسه.
أما الثانية فهي من أدب السلف: قال الإمام الذهبي: رأيت للأشعري كلمة أعجبتني – و هي ثابتة – رواها البيهقي: سمعت أبا حازم العبدوي سمعت زاهر بن أحمد السرخسي يقول: لما قرب حضور أجل أبي الحسن الأشعري في داري ببغداد دعاني فأتيته فقال: اشهد عليَّ أني لا أكفر أحداً من أهل القبلة؛ لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد، و إنما هذا كله اختلاف العبارات… قلت: و بنحو هذا أدين.
و كذا كان شيخنا ابن تيمية في أواخر أيامه يقول: أنا لا أكفر أحداً من الأمة، و يقول: قال النبي صلى الله عليه و سلم: «لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن» فمن لازم الصلوات بوضوء فهو مسلم» [سير أعلام النبلاء].
فكن ذا عقل أريب، و رأي مصيب، و أنف نجيب… تفهم الخطاب، و تجيد الجواب، و لا تكن كمن كتم داءه فقتله.

الرابط : https://elbassair.dz/14624/

قراءة 626 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 13 تموز/يوليو 2021 10:34