(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأحد, 01 آب/أغسطس 2021 08:57

في «المَعاد»: الدنيا هي الأصل

كتبه  الدكتور علي شريعتي رحمه الله
قيم الموضوع
(0 أصوات)

«إنّ فلسفة «المعاد» في السلام الحقيقيّ ليست فلسفة رفض «المعاش»، و ليست وسيلة في أيدي طبقة رجال الدين و الأقوياء و كانزي الذهب للتغرير بالناس و صرفهم عن الحياة الماديّة و عن الاهتمام بالدنيا و المجتمع، و ليست «جنّة الآخرة» في الإسلام الحقيقي أملاً واهياً من أجل تعويض «جهنّم الدنيا»، و إنّ دعوة الإسلام إلى التفكير في الحياة بعد الموت أساساً، و في سعادة الإنسان و متعته و رفاهيّته في العالم الآخر، لا تعني ألّا نفكّر في هذا العالم و ألّا نهتمّ بالحياة قبل الموت، أو أن تكتسب عمارة الآخرة و التمتّع و النجاة في القيامة بخراب الدنيا و الحرمان و الذلّة في الحياة!!

الأمر على العكس تماماً، و على العكس من الرؤية العامّة الدينيّة الرائجة، لا يعتبر الإسلامُ المعاض و المعاد، و الماديّة و الروحانية، و الدنيا و الآخرة مفاهيم منفصلة كلّ عن الآخر و متعارضة، بل يقدّم الدنيا في الأساس على أنها «المكان الوحيد للعمل و الإنتاج و النضج و البناء و اكتساب القيَم الماديّة و الروحيّة و السعادة الأخرويّة»، فالحياة الدنيا وسيلة لاكتساب القيَم الإلهيّة للحصول على استحقاق الجنّة. و الدنيا في الأساس هي الأصل، و الحياة قبل الموت هي الأصل، و الآخرة فرع للدنيا، بمعنى أنّ الحياة الأخرويّة، و السعادة و النجاة الإلهيّة، و المصير النهائيّ للإنسان في المعاد، نتيجة و معلول لسيرة الإنسان في حياته الدنيا هذه.

(...) و من هنا فإنّ أولئك الذين يظنّون أنّ تحمّل الفقر و الذلّة و العبودية و المرض و التأخّر و الضعف و الشقاء المفروض عليهم في حياتهم الاقتصاديّة و الاجتماعيّة و السياسيّة من قبل الاستبداد و الاستغلال و الاستعمار... يظنّون أنّ هذا عامل تعويض و جزاء إلهيّ و اكتساب للثروة و العزة في الآخرة و النجاة و العافية و دخول الجنّة، قد تجرّعوا خديعة أصحاب الدنيا الذين «استحمروهم» باسم الدين و دفعوهم إلى تحمّل مصيرهم التعس و الصبر عليه، و يجيب القرآن الكريم عليهم و على المفكّرين العلمانيّين بالطبع، و كلاهما اعتبرا الخداع الاستعماري ديناَ، إذ يقول: «و من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمي و أضلّ سبيلا»، الاسراء، ٧٢».

(الآثار الكاملة، ٦، ١٤٦-١٤٨)

الرابط : https://bidayatmag.com/node/740

قراءة 665 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 04 آب/أغسطس 2021 08:51