(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأحد, 01 نيسان/أبريل 2018 15:17

القِيَم أو الضياع

كتبه  الدكتور محمد شداد
قيم الموضوع
(0 أصوات)

بعيداً عن السياسة و ألآم الحرب و مواجعها و دهاليز الصراع الفكري و الايديولوجي، ندلف الى القيم الإنسانية و الدينية و الأخلاقية، لب الوجود الإنساني و جوهره و سره. القيم التي تُعَرَّف بأنها مجموعة العادات التي يتأثّر بها الإنسان في صباه، و تصبح جزءاً من سلوكيّاته و تصرّفاته اليومية في تعامله الشخصي و الاجتماعي، سواء مع أصدقائه أو أهله و أقاربه. القيم التي يحملها الانسان الذي ميّزه الله عن بقية خلقه و الكائنات و حمله في البر و البحر و فضله على كثير من خلقه و نعمائه، و اختص المسلم العربي الأصيل صاحب النخوة و الغيرة و القيم من قبل عهد لرسالة المحمدية. حتى قيل إن العربية الحرة لا تزني و لا تعرض نفسها في أماكن تخدش الأخلاق و تشوه سمعة الرجال و كرامتهم. قديماً تغنى الشاعر الجاهلي بتعففه عن محارم جاره، فقال " و أَغُضُّ طرفي ما بدَتْ لي جارَتي حتى يواري جارتي مأواها". مبادئ أكدها الإسلام و عزز وجودها قال الرسول صلى الله عليه و سلم " إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ" و لا تقتصر مسؤولية المرء الاخلاقية على نفسه فحسب، بل تمتد إلى زرعها في نفوس أبنائه و اهله محيطة و ذويه، يقول الرسول صلى الله عليه و سلم "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول". كذلك يقول الشاعر حافظ ابراهيم مادحاً الأم القدوة الصالحة.. "الأم مدرسة فإن أعددتها * أعددت شعباً طيب الأعراقِ،.... حتى قال أنا لا أقول دعوا النساء سوافراً ***بين الرجال يجلن في الأسواق. ذلك الشاعر حافظ إبراهيم الذي نشأ في النصف الاول من القرن الماضي، عهد النهضة الفكرية و الانفتاح على الغرب بسفوره و صخبه، و عهد تحطم القيم التي نوه اليها شوقي منذراً و محذراً بقوله "و إنما الامم الاخلاق ما بقيت * فإن هموا ذهبت اخلاقهم ذهبوا". القيم و الأخلاقيات التي حرص عليها العالمين المتقدم و النامي قديمة و حديثه للحفاظ على المجتمعات من التفكك و الزوال لأنها سر الديمومة و البقاء. أنا لست داعيةً و لا مبشراً و إنما هو الشعور بعظم الأمانة الملقاة على عاتق كل مسلم، و التي تحثنا على القيم و غرسها لدى النشء، فتيات و فتيان صغاراً و كبار و تحديداً في مراحل حياتهم الأولى، و التي تعتبر مرحلة التحول الجسدي و الروحي و الوجداني، و تشكُل الأساس و اللبنة الأولى لمستقبلهم. و ترك الإهمال و التساهل الذي ساق ياسمين الخيام من خشبة النشيد الاسلامي إلى خشبة المسرح الغنائي كفيلٌ بأن يسوق الكثير من صغار السن لمصيرٍ مشابه، لأن العود بعد تصلبه يستعصي و يرفض التقويم، عملية غرس القيم المبكرة تشبه العملية الزراعية تماماً. تحتاج لزارع ماهر كالأب، الحريص على زرعه، و الذي يتعهده دوماً بالسقيا و الاعتناء. تشابهت حالة التساهل السابقة في تحمل مسؤولية القيم و تربية الأبناء مع سلوكيات و فكر المفكر السويسري الفرنسي جان روسو و التي دفعته إلى تأليف أشهر كتاب في التربية "إميل" و الذي يُدَرَّس في جامعات الغرب منذ القرن التاسع عشر كتعبير صادق عن نشأة اليتم البائسة و الضياع التي عاشها في طفولته و كتكفير و ردَّة فعل على جرمه في التخلي عن مسؤوليتة تجاه أبنائه الخمسة الذين وضعهم في ملجأ خيري لتربيتهم بذريعة حاجته و فقره قبل شهرته و ذيوع صيته و كانت نتيجته احزاناً و الآما نفسية رهيبة و شعوراً بالذنب رافقته طيلة حياته حتى مات. و من ثم فالحياة في مجتمعات منفتحة لا تعفي المرء من مسؤلية الحفاظ على أبنائه و الحرص على تنشئتهم تنشأه اسلامية صحيحة. فالانفتاح و التحرر المبالغ به و التجريف الحاصل للقيم العربية و الاسلامية بدعوى التحضر و التمدن و التماهي مع ثقافة المجتمعات طمعاً في رضاهم و القبول بعيش الأجانب بينهم، خطره بالغ كبير على الفرد و المجتمع برمته الامر الذي لا يجب السكوت عنه. إنها أمانة الأجيال القادمة في أعناقنا جميعاً و يجب ان يتنبه لها المسؤولين في الجاليات العربية و الإسلامية في الغرب الأوربي و الوسط العربي و الشرق الاسيوي. كما هي مسؤولية رجال الدين وحملة القرآن و علومه بل على واجب على كل مسلم مكلف و قادر. تحديداً القادمون من اليمن حديثاً سلائل النموذج الذي حمله القادمون منها و ساهموا في أسلمة هذه الشعوب التي اسلمت إعجاباً بالنموذج الاخلاقي الإسلامي الفريد الذي رأوه مثلوه و تمثلوه. فإذا تلاشت تلك الصور المرسومة جمالاً و صلاحاً و تقى في عقلية هؤلاء الشعوب عنا ستترك أثراً نفسياً سيئاً قد يصل الى حالات نفسية عدوانيه و كُره حاد. أمثلةً نسوقها علها تذكر بعض الذين عُقِدَتْ عليهم الآمال في حمل الرسالة و توصيلها إلى الآخر من اتباع الاديان و الثقافات الاخرى بعظم المسؤلية الملقاة على عاتقهم باعتبارهم القدوة و حملةً لقيم الإسلام، متسمين بالصدق و الأمانة و الوفاء بالعهد و التعاون و نصرة المظلوم و الرحمة للإنسان أيا كان دينه و توجهه لأن تلك المبادئ و القيم هي روح الإسلام الحقيقية الملامسة لأرواح الناس و مشاعرهم و الجاذبة له أكثر من القول النظري البعيد عن التطبيق و الممارسة.

الرابط: https://wefaqdev.net/art5919.html

قراءة 1466 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 11 نيسان/أبريل 2018 10:05