أليس من الغريب أن يتحامل البعض على الرئيسة الكرواتية، وعلى الشباب العربي الحالي الذي تغنى بها كثيرا؟!!، سبب الغرابة هنا: هو أن العربي الذي أنتجته منظومة الحكم العربية العلمانية و المتوحشة هو شخص مولع بالجنس اللطيف إلى درجة الهوس و المرض، و انظروا إلى صفحات الفيس بوك مثلا، حيث يتقاطر ذكور أمتنا "العربية" على صفحات الفتيات، و لو كتبت إحداهن صباح الخير أو كتبت أنها عطست، أو أن دبدوبها أصابته الحمى لانتفض العرب لأجل وضع الإعجابات و كتابة التعليقات.
في بعض الصفحات النسوية يقيم رجال إقامة حقيقية، حتى تحسب أن هذه الفتاة زوجته أو عشيقته، و كأنه ينتظر أي منشور منها لإفراغ ذلك الكبت الذي في نفسه.
بعض الصفحات لا يوجد فيها شيء سوى بعض الصور، و المشاركات التافهة و مع ذلك تجد البر و الفاجر يرمي بنفسه في حقول التعليق.
و بعض الفتيات صرن يعتقدن أنفسهن من طينة الفلاسفة و الشعراء و كبار علماء الاجتماع؛ بسبب وفرة التعليقات التي تصورهن طفرات علمية، و نوادر معرفية قل نظيرها في التاريخ.
أما الصفحات المحترمة للفتيات و اللاتي تلتزم صاحبتها الحشمة و الحياء و تضع حدودا في التواصل فهي صفحات منبوذة بعد أن يجرب كل مار طرق باب صاحبتها، فلذة انتهاك خصوصية بنات العائلة لذة أعظم، و محاولة السيطرة على صاحبتها و فرض منطق الاهتمام به و بوجوده يعني له لذة ما بعدها لذة.
و هنا نسجل أن "الشرف" و مفهومه - بعيدا عن كل الكتابات التافهة و السطحية التي كتبت فيه من العلمانيين أو من المتطفلين على علم الاجتماع -، قد بدأ بالتآكل رويدا رويدا، خاصة مع تغيّر المفاهيم في عصر شبكات التواصل الاجتماعي، و هنا كلام كتبه الباحث المغربي خالد تايدي على صفحته، و هو يعلق على الصداقة عبر الفيس بوك: "نحن أسرى لترجمة حرفية.. في حقبة المنتديات كان يسمى الذي يشاركنا المنتدى "عضوا" و لم نطلق عليه يوما "صديقا" لماذا و ما الفارق؟.. لأنها ترجمة member بالإنجليزية.. في الفيس وجدنا الذي يشاركنا الفضاء يسمونه friend فترجمناها "صديق".
و هذا صحيح، حيث صار الرجل يقول عن من أضافه بالأمس "صديق"، و صار الرجل يكتب: "قالت صديقتي"، و أصبحت المرأة تكتب "كتب صديقي". و من تعمق أكثر وجد وراء هذه الأكمة الكثير من المعاني.
يقول الله تعالى: "و خلق الإنسان ضعيفا" لا يوجد مفسر من السلف و الخلف إلا و فسرها بضعف الرجل أمام المرأة، ما عدا ابن القيم الذي توسع في معنى الضعف المذكور في الآية. لكن الإسلام جاء بما يقوي ضعفه، و يشد شهامته و خيريته، بينما ذهبت الأنظمة العربية بنخوة العربي و مروءته و شهامته، و هذا ما يفسر هذا التردي في رجولة و مروءة العربي.
...ما استغربه حقا أن أجد رجالا أكل الشيب رؤوسهم يقيمون في صفحات الفتيات خصوصا، و النساء عموما إقامات دائمة، مع غياب كل الأسباب التي تبرر كل هذا المكوث عندهن.. و مما يبعث على الاستغراب أيضا: السؤال الذي تطرحه المرأة العربية بعد مشاهدتها لعلوج الفرس و الروم و هم يعتدون و يغتصبون العربيات في العراق و سوريا: أين رجالنا؟ أين رجال العرب؟
الجواب: إنهم في الفيس بوك و تويتر، في صفحتك، ابحثي في صفحتك و بين التعليقات و ستجدينهم، حيث هناك قد عسكروا و يعسكرون، في دورات مغلقة و دائمة.
و هذا المكوث و التجول بين صفحاتهن، و في عز الحروب التي يشنها النظام الدولي ضد العالم الإسلامي تشير إلى انتشار ظاهرة خطيرة جدا، يسميها الغربيون ظاهرة الرجل DON JUAN، و حتى أختصر الكلام هنا أنقل منشورا للباحث في الفلسفة الجزائري د.شريف طاوطاو يصدق على هذا النوع من الرجال - نوع منتشر بشكل كثيف في صفحات التواصل الاجتماعي-، حيث يقول: "أتمنى من أصدقائه أن يلتفتوا إليه - على وجه ربي- و يزوجونه، و هكذا، بدل أن يهدر هذه الطاقة الابداعية الكبيرة في علم النساء، يوظفها في علوم أخرى ينفع بها نفسه، و مجتمعه، و الإنسانية.. عن هذه الظواهر الفايسبوكية أتحدث"
..شبكات التواصل العربي أثبتت أن الجمل العربي بعيدا عن الإسلام قد استنوق حقا و واقعا، على قاعدة استنوق الجمل و استنيست الشاة، يعني قد صار العربي مخنث العزم، تعلو جبينه الميوعة؛ و قد صار الأمر ظاهرة تستحق الطرق بشكل ملّح.. كتب المستشار السوري د.عبد القادر زين تقريعا شديدا في حق هذا التميع الذي بات عليه العربي، و لا يلام في ذلك و هو يرى أرض الشام تضيع بينما رجال المسلمين غارقون في الاحتفاء بالكرواتية صاحبة القميص الأحمر و الأبيض.
"رجال خواء و غثاء
عندما تلوح بالأفق حواء..
و لو كانت عجوزا شمطاء!
متى نرعوي لنتقدم بدلا من التقهقر للوراء"
في الأخير لا يمكن أن يعود للأمة الإسلامية مجدها و عزها، إلا بعودة رجالها إلى المساجد، و اعتناق المحاريب، و التلهف للصلاة، أما و الحال على ما هو عليه، فإن الأمة الإسلامية لن تجد حتى من يدافع على شرف نسائها، في مرحلة تاريخية قد تعد الأسوأ في تاريخ أمتنا.
الرابط :
http://www.awda-dawa.com/Pages/Articles/default.aspx?id=42465