(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأحد, 12 كانون1/ديسمبر 2021 10:54

الإسلام و التغيير الراشد

كتبه  الأستاذة رقية القضاة من الأردن الشقيق
قيم الموضوع
(0 أصوات)

يعتبر التغيير و التجديد الإيجابي مطلبا إنسانيا و حياتيا ضروريا، نظرا لتغيّر أنماط الحياة البشرية و تطوّرها الدائب، الذي لا يفتأ يتحرك باتجاهات شتى، تتأرجح بين ما فيه نفع للبشرية بكل ما لديها من منظومات قيمية أو بنية حضارية و إنسانية، أو تغيير سلبي مدمر، يهدف إلى تحقيق مصالح غالبا ما تصب في مصلحة دعاة ذلك التغيير، و التي غالبا أيضا ما يدفع ثمنها أولئك الذين صفقوا لها مخدوعين بها، او مستضعفين مقهورين لقمعها و قوتها.
و باستثناء الحركات التغييرية الرسالية، و هي تلك التي جاءت بها الرسالات السماوية، فإن التاريخ الإنساني لم يسجل في صفحاته الطويلة حركات امتازت بالعدالة و الوجه الإنساني الشامل، بل ظلت تلك الحركات قاصرة عن فهم و إدراك الفطرة البشرية، و ما يتواءم معها من تشريعات تضمن استمرارية العطاء الحضاري و عدالته، و كثيرا ما كانت قيادات ذلك التغيير، تحمل نظرة قاصرة إلى مواطن الخطأ و حقيقته و صنّاعه، فتأتي الدعوة إلى التغيير إنتقائية، تفتقر الى الشمولية و المنطق، مما جعل الكثيرين من قادة و مفكري تلك الثورات أو الحركات التغييرية، يخضعون للمزاجية او التحيز، و هم يخطّئون أو يصوبون تلك الاحداث التي تتبع مرحلة التغيير الأولى ( الثورة الفرنسية كمثال )، و لأن مرجعية تلك الحركات لا تستند اساسا إلى تشريع حكيم و عادل و محدد و مراع لاحتياجات الإنسان كإنسان، بكل خصائصه و ارتباطه بمحيطه العقائدي و الإقتصادي، فقد ألغت و دون تفكير، كل دور للدين مثلا في حياة الناس، و ربطت مصالحهم بالمادة، مؤثرة على بسطاء التفكير بالشعارات العاطفية الرنانه، و التي سرعان ما تكشَف وهنها و عدم صلاحيتها لتحقيق السعادة المنشودة للبشرية.
و حتى الرسالات السماوية التي سبقت الإسلام و التي جاءت ايضا كحركات إصلاح و تغيير، لظروف و معتقدات جائرة استعبادية، فإن يد التغيير السلبي لم تلبث أن طالتها بالتحريف و التجيير لصالح طبقة من البشر، ظلت تظهر على مدى أزمنة التاريخ، إلى أن أشرقت شمس الإسلام بدفئها الإنساني، و حركتها التغييرية الراشدة العادلة الشاملة، معلنة أنها آخر رسالة سماوية إلى أن يرث الله الارض و من عليها.
و عليه فإنها جاءت كاملة شاملة، متواءمة مع فطرة الإنسان، مؤكدة على حق الإنسان في عيش كريم آمن الجانب، موفور الكرامة حر التفكير و الإعتقاد و التملك، وفق قانون إلهي عادل، تفرد فيه الخالق العليم الحكيم، بإيضاح العقيدة التي لايقبل عند الله، سواها باسطة بالشرح البين و التفصيل المستفيض، شريعة الله السمحة، التي هي بحق حركة تغيير، قلبت كل موازين البغي و الكبت و الإستعباد و تقييد العقول و تغييب حرية البحث و الإستنتاج، هازئة بخضوع العقل البشري لآلهة اقل شأنا من عابديها، مؤكدة على تسخير ما في الأرض جميعا لهذا الإنسان المكرم المستخلف من الله جل و علا في ارضه الرحيبة، ضامنا له حرية المشي في مناكبها رافضا كل الرفض تلك المنظومة الإجتماعية الخاطئة الجائرة، التي مكنت فئة متنفذة بغيا و عدوانا من رقاب و عقول و مقدرات أمم مطحونة، مقهورة لنظام بشري الصياغة، طاغوتي المنهج، قاصر النظرة، استعبادي النزعة، ليقر عبر حركة تغيير حاسمة (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وهو المنهج الذي انطلق به لسان الفاروق حين اعتدي على حرية فرد مغمور من قبل متنفذ، استهان بكرامة الضعيف‘ متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا’.
إن ما نراه اليوم من تخوف من الإسلام، كحركة تغييرية، و اعتباره ايديولوجيا تحول بين الإنسان و حرية التفكير و التعبير، و هو ابعد ما يكون عن هذا، بل إنه يضع البشرية أمام حقائق بينة، قد بت فيها برأيه، و يترك له مجالات كثيرة واسعة للبحث و التوصل إلى ما تبتغيه في التقدم العلمي و الحضاري، و المنصفون من الباحثين و دعاة التغيير يعرفون هذه الحقيقة، و يدركون أن ما قطع فيه الإسلام برأيه لم يصطدم ابدا بحقيقة علمية، او فطرة بشرية، بل إنهم وجدوا فيه نقطة البداية إلى كثير من الحقائق العلمية، و التوجيهات الإنسانية التي أثبتت جدارتها التامة في مجالها، فالخوف من الإسلام كفكر محرك و دافع للتغيير الشامل المتحضر، ليس له ما يبرره، اللهم الا من قبيل التعصب الأعمى، و الرفض الجاهلي غير ا لمنصف..
بقي أن نقول بملء الثقة، إن أي تغيير يقصد به الخير للبشرية، لا بد له من المرور المستانس الجاد الواعي المقدر لمنهج الله التغييري، الذي اجمعت كل الآراء المنصفة اسلامية و غير إسلامية، على أحقيته و صلاحيته و قدرته وحده دون سواه، على قيادة البشرية في حركة تغييرية فكرية و سياسية و اقتصادية و إنسانية شاملة عبر قنوات سلمية، تعتمد على الحجة و التجربة و اطلاق الحرية للعقول كي تقرر بملء إرادتها مدى النفع الذي سيحققه لها الإسلام بمنهجه التغييري الإلهي الشامل الكامل.

الرابط : https://www.sawaleif.com/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ba%d9%8a%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a7%d8%b4%d8%af-%d8%b1%d9%82%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b6%d8%a7%d8%a9-118245/

قراءة 650 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 15 كانون1/ديسمبر 2021 09:29