(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأحد, 02 كانون2/يناير 2022 09:17

عالمية الإسلام.. و عولمة الغرب

كتبه  د. محمد راتب النابلسي
قيم الموضوع
(0 أصوات)
عالمية الإسلام تعني أن الإسلام لم يكن يوماً للعرب، ولم يكن القرآن يوماً لقريش، فهو منذ اليوم الأول ؛ سواء و هو يخاطب العشيرة الأقربين، أو يخاطب قريشاً، أو يخاطب العرب أجمعين، أو يخاطب الناس كافة، إنما يخاطبهم بمبدأ واحد و يطلب منهم الانتهاء إلى هدف واحد و هو إخلاص العبودية لله، و الخروج من العبودية للعباد إلى العبودية لرب العباد، بل إن هذه الحقيقة هي فحوى دعوة الأنبياء جميعاً:
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)﴾
( سورة الأنبياء )
 إن هذا الدين ليس إعلاناً لتحرير الإنسان العربي، و ليس رسالة خاصة بالعرب، إن موضوعه هو الإنسان، أي إنسان، و مجاله هو الأرض، كل الأرض، إن الله سبحانه ليس رباً للعرب وحدهم ولا حتى لمن يعتنقون الإسلام وحدهم، إن الله هو رب العالمين، و هذا الدين يريد الله منه أن يرد العالمين إليه ؛ و أن ينتزعهم من العبودية للبشر و لأحكام يشرِّعها لهم أناس من البشر إلى العبودية لخالق البشر، و هذه هي العبادة التي لا يمكن أن تكون إلا لله، و أن من يتوجه بها لغير الله يخرج من دين الله، مهما ادَّعى أنه من هذا الدين بمكان، و لقد نص رسول الله صلى الله عليه و سلم على أن الاتباع هو العبادة، فقال عن بعض المشركين:
(( إنهم حرموا عليهم الحلال، و أحلوا لهم الحرام، فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إياهم ))
[رواه أحمد والترمذي عن عدي بن حاتم]
 قال المغيرة بن شعبة لرستم قائد جيش الفرس في القادسية، و هو يسأله قبل المعركة: ما الذي جاء بكم ؟ فيجيبه: إنّ الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، و من ضيق الدنيا إلى سعتها، و من جور الأديان إلى عدل الإسلام.
الله هو رب العالمين و قد أكدت هذه الحقيقة ايات كثيرة في القرأن الكريم:
 قد أكدت هذه الحقيقة آيات القرآن الكريم، كما بينتها الأحاديث النبوية، و السلوك النبوي الشريف، و هي كثيرة نستعرض بعضاً منها:
﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (86)﴾
( سورة ص)
 و قال:
﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (86)﴾
( سورة التكوير)
 و قال:
﴿ وَ مَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)﴾
( سورة الأنبياء)
 و قال:
﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَ هُدًى لِلْعَالَمِينَ (96)﴾
( سورة آل عمران )
 و قال:
﴿ وَ مَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104)﴾
( سورة يوسف )
 و قال:
﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً (1)﴾
( سورة الفرقان )
و قال:
﴿ وَ مَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَ نَذِيراً﴾
( سورة سبأ)
العولمة مظاهرها و أساليبها:
 أما العولمة كما يريدها و يروِّج لها دُعاتها لا تعدو أن تكون تعبيراً معاصراً عن نزعة تسلطية قديمة، صاحبت كل قوة غاشمة على مدار التاريخ. إنها تضفي طلاءً من الذهب على الأغلال الحديدية، و تتوارى خلف أقنعة زائفة من العبارات الجذابة، و الشعارات البراقة، كالعدالة، و الديمقراطية، و الحرية، و السلام العالمي، و التعايش السلمي، و حقوق الإنسان، و مكافحة الإرهاب، فهي علقم قديم في آنية جديدة.
 لعل من أبرز مظاهر هذه العولمة انهيار السدود بين الحضارات و الثقافات، و فرض الهيمنة الغربية في مختلف المجالات ؛ سياسة، و اقتصاداً، و إعلاماً، و فكراً ؛ توطئة للاستيلاء على ثروات الشعوب، و شل قدراتها الوطنية، و مسخ هويتها و خصوصياتها الحضارية، و تحويل أسواقها المحلية إلى أسواق استهلاكية، تفتح الأبواب على مصاريعها أمام الشركات الأجنبية لترويج منتجاتها و تراكم أرباحها.
 و قد رأينا من ذلك بدايات مؤسفة، لا تخطئها العين، تمثلت في شيوع التقاليد، و الأزياء، و أنماط الحياة الغربية، و مزاحمتها لمثيلاتها الوطنية مع ما يجلبه هذا الوافد الغربي من مفاهيم بلاده و قيمها، و لعل هذا يوضح الصلة بين شيوع هذه المظاهر، و بين مظاهر التخنُّث، و ضعف التدين، و انفراط عقد الأسرة، و انتشار المخدِّرات، و الجريمة المنظمة !
و لقد وعى القوم دروس التاريخ فقدموا القوة الناعمة، و هي المرأة على القوة الضاربة ؛ لأنها أقل استفزازاً للآخرين، و أقل ظهوراً لهم، و أقدر على شلّ قدراتهم على المقاومة، و أقتل لروح الاستبسال و المواجهة في صدورهم.
 و إذا كان الأسلوب التقليدي لدى القوم قد تمثل في حمْل الآخرين على فعل ما تريد و لو باستخدام القوة المسلحة، فإن الأسلوب الأمثل اليوم يتمثل في حمل الآخرين على إرادة ما تريد، و الإقبال عليه عن طواعية و اختيار، و هذا يتوقف بطبيعة الحال على حسن تسويقه، و جاذبية عرضه من ناحية، كما يتوقف على حجم الإغراء الذي تحمله الجوائز التي تقدم ثمناً لمَن يتعاونون مع القوم من ناحية أخرى !
 المشكل القائم حالياً لا يكمن في مبدأ العولمة، و إنما يكمن في نوعية هذه العولمة، و خصوصياتها، و بنائها، فعولمة القطب الواحد فيها خصوصيات القطب القوي الواحد، كالاحتكار، و إرادة الهيمنة، و سلوكية الكيل بمكيالين، بعيداً عن روح المشاركة، و التنافس الحر الشريف، و من خصوصيات القطب الواحد قانون تضخيم الأرباح، و لو على حساب الأرواح، و عدم خضوع هذا النظام للشرائع الإلهية.
مستفاد من كتاب : ومضات من الإسلام

 

المصدر : موقع مجلة إشراقات

قراءة 644 مرات آخر تعديل على الخميس, 06 كانون2/يناير 2022 10:00