(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
السبت, 19 تشرين2/نوفمبر 2016 10:04

لندخل الهناء إلى بيوتنا

كتبه  الأستاذة كريمة عمراوي
قيم الموضوع
(1 تصويت)

ما رفرفت العفة على دار إلا أكسبتها الهناء، إن العفاف تاج المرأة، و صلاح الظاهر هو دليل على صلاح الباطن، الحجاب داعية إلى توفير مكارم الأخلاق من العفة و الاحتشام، و الحياء و الغيرة، و الحجب لمساويها من التلوث بالشائنات كالتبذل و التهتك و السفالة و الفساد.

لا يرفرف الهناء على ديار المسلمين إلا بزيادة العفة، و التخلق بالإسلام العظيم، و ليس بزيادة الدخل، و تقديم أطماع الدنيا و ملاذ النفوس على ما هو خير و أبقى، من حفظ العرض  و الأجر العريض في الآخرة.

على نساء المسلمين أن يتقين الله، و أن يسلمن الوجه لله، و القيادة لمحمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم، و لا يلتفتن إلى الهمل دعاة الفواحش و الأفن قال تعلى : (يا أيها النبي اتق الله و لا تطع الكافرين و المنافقين إن الله كان عليما حكيما. و اتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا) 1-2 الأحزاب.

الخطاب للنبي صلى الله عليه و سلم و هو خطاب لأمته إلاّ إذا دلّ دليل على اختصاصه بذلك، فالأمة قد تخاطب في شخص قائدها و قدوتها و مقدمها عليه الصلاة و السلام، فهو الأسوة و القدوة، و ما يدل على أن الأمة مرادة هنا أن الله تبارك و تعالى قال : (إنّ الله كان بما تعملون خبيرا) فوجه الخطاب إليهم في الآية التي بعدها، و في قراءة أخرى (أنّ الله كان بما يعملون خبيرا).

النبي صلى الله عليه و سلم هو أتقى الأمة لله، فإذا كان رسول صلى الله عليه و سلم يؤمر بالتقوى فغيره من باب أولى، لا يستنكف من هذا أحد، و لا يترفع عليه أحد، و لا يرى أحد أنه فوق هذا التوجيه لاسيما أن الأمر بالتقوى يعني الأمر بلزومها، و الدوام عليها، كما أن التقوى حاصلة بعدة أمور و ذلك أن يفعل الإنسان كل  ما أمره الله تعالى به و أن يترك كل ما نهاه  عنه (يا أيها النبي اتق الله و لا تطع الكافرين و المنافقين) فإن طاعة الكافرين و المنافقين مخالفة لتقوى الله عزّ و جل، لأن الإنسان إنما يطيعهم من أجل أن يتقيهم، فإذا أطاعهم فقد اتقاهم، و من أطاع الله عز و جل فقد اتقاه، فكأن الله تعالى يقول: اتق الله و لا تتق الكافرين و المنافقين، لا تجتمع طاعة الله عزّ و جل مع طاعة  الكافرين و المنافقين، فإن هؤلاء يصرفونه عن طاعة ربه، و مليكه و معبوده جلّ جلاله، لأنهم محادون لله عزّ و جل،  فلا ينتظر منهم أن يأمروه بمعروف أو يشيروا عليه بخير و من ثم فقد علمه الله عزّ و جل طاعته، و نهاه عن طاعة هؤلاء بما يشيرون به، و ما يأمرون به، لأنهم لا يهدونه إلى خير بحال من الأحوال، و المقصود أن مراتب التقوى لا تنتهي، قال تعالى :(إن الله كان عليما حكيما) أنّ هذه تدل على التوكيد، و هي تشعر بالتعليل، لماذا أنت مأمور بطاعة الله و منهي عن طاعة الكافرين و المنافقين، لأنه كان عليما حكيما، إنما يرد الخلل في التصور أو التدبير أو المشورة أو نحو ذلك بسبب نقص العلم، أو بسبب نقص الحكمة، قد يكون الأنسان عنده اطلاع، و علم بالأمور لكنه لا يضع الأمور في مواضعها، و لا يوقعها في مواقعها، و من ثم يكون ما يأمر به أو يشير إليه ناقصا، فيورده ذلك العطب و المهالك، و قد يكون الخلل الواقع بسبب نقص العلم، و قد يجتمع الأمران، فالله تعالى عليم بما يأمر به، عليم بخلقه، عليم بما يصلحهم، عليم بأحوالهم، و هو حكيم يضع الأمور في مواضعها، و يوقعها في مواقعها، فإذا أمرك بشيء، أو نهاك عن شيء فإن ذلك قد صدر عن علم محيط، و حكمة تامة، فينبغي أن تثق به، و تركن إليه، و تسلم له، و لا تتشكك و لا تتردد، و لا تظن بحال من الأحوال أن هذا الأمر الذي أمرنا الله عزّ و جل به يمكن أن يورثك ضررا أو مفسدة أو مهلكة أو عطبا أو نحو ذلك، ( و اتبع ما يوحى إليك من ربك) لا يكفي أن نقول : لا تفعل كذا لا تأت الأمر الفلاني، إنما يجب أن تبيّن له ما ينبغي أن يفعله، كما يقال التخلية قبل التحلية، فنهاه عن طاعة الكافرين و المنافقين ثم بيّن له ما يجب عليه أن يفعله (و اتبع ما يوحى إليك من ربك ) هناك عمم (و لا تطع الكافرين و المنافقين) فنهاه عن طاعتهم في أي شيء من الأشياء، اتبع كل ما يوحى إليك من ربك في كل شأن من الشؤون، في قضايا السلم و الحرب، و المعاهدات و العلاقات، و ما يتعلق بالآداب و الأخلاق إلى غير ذلك (اتبع ما يوحى إليك من ربك) لا تتشبه بهؤلاء و لا تأخذ عنهم، إنما تتلقى عن الله عزّ و جل، اتبع ما يوحى إليك، و اتبع ما أمرك الله به فربطه بالوحي، و الوحي معصوم، لا يأتيه خلل، و لا يتطرق إليه خطأ، فيقبل الإنسان على أمر الله بكل طمأنينة، ( إن الله كان بما تعملون خبيرا) فيعلم أحوالكم، و ما يخفيه الإنسان مما يوافق أمر الله عزّ و جل و مما يخالفه، و من ثم إذا استشعر الإنسان هذا المعنى حصلت له التقوى في الظاهر و الباطن.

لقد أنزل الله آيات ربى بها بيوت الأشراف حيث قال عزّ و جل ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء أن اتقيتن) 32 الأحزاب.

(لستن كأحد من النساء ) إن نفي المماثلة هنا يدل على الشرف، و يدل ذلك على أن بيوت الأشراف، و البيوت الرفيعة و البيوت الكريمة يصلح لها من التربية ما لا يصلح لغيرها، و أنهم ينبغي أن يكونوا في مقامات و أفعال و أقوال و أحوال تليق بمنازلهم الشريفة. ثم لما أدبهن الله جلّ و علا بالقول و الكلام، كيف تتكلم الواحدة منهن مع الرجال الأجانب، علمهن أدبا آخر فقال جلّ جلاله ( و قرن في بيوتكن و لا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى )33 الأحزاب هذا خطاب من الله تعالى لنساء النبي صلى الله عليه و سلم و نساء المؤمنين تبع لهن في ذلك، و إنما خص الله تعالى نساء النبي صلى الله عليه و سلم بالخطاب لمنزلتهن من رسوله صلى الله عليه و سلم، و لأنهن القدوة لنساء المؤمنين.

من أراد أن يعرف الحصانة التي يمكن أن تحصن بها المجتمعات الإسلامية، من أراد أن يعرف السياج الحقيقي المتين الذي يمكن أن تحفظ به المرأة المسلمة و الأسرة المسلمة فهو فيما ذكر الله عزّ و جل و هو اللطيف الخبير، يكون ذلك بقرار النساء في البيوت و اشتغالهن بطاعة الله و طاعة رسوله صلى الله عليه و سلم ، و إذا احتاجت إلى خروج و  محادثة الرجال فإن ذلك يكون على قدر الحاجة، بأقصر عبارة، و بأحسن أداء ما لا يعيبها و يقدح في حيائها و حشمتها و شرفها.

قراءة 1768 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 06 تشرين2/نوفمبر 2018 18:49