(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الخميس, 10 كانون1/ديسمبر 2015 08:33

الخوف المتأرجح: بين "قانون المالية" و"الثقة في الله"

كتبه  الدكتور محمد باباعمي
قيم الموضوع
(1 تصويت)

أفتح المذياع في الساعة الأولى من النهار...

أقلِّب صفحات الجرائد "الوطنية" بجميع ألوانها و أطيافها...

أتابِع الأخبار ساعة بساعة على صفحات القنوات، و بين ثنايا مواقع الأنترنت...

لا همَّ، و لا شُغل، و لا حديث، و لا جعجعة... إلاَّ عن "قانون المالية"، و عن "إجراءات التقشُّف"، و عن "سِعر البترول"... حتى لكأنَّ الساعة الكبرى قامت قيامتُها، أو لكأنَّ المسيح الدجَّال قد نزل بيننا...

بل، و يحذِّرنا بعض المغرضين من غدٍ أسودَ حالك، تنتهي فيه الأرزاق، و تطوى الأوراق، و يتشرَّد الناس في كلِّ مكان...

فيحلُّ في ربوع الجزائر "البوم"، و "الغراب" ضيفا ثقيلا...

و الذي يحزنني، و يمزق قلبي كمدا و غيضا، أنَّ "اسم الله تعالى" يغيب من برنامج المشرِّع و المشرَّع له، و أنَّ "التوكُّل على الله" بات باللغة الدارجة "خُضرَة فوق امْعَاش"، أي بات "زيادة لا لزوم إليه"، فلا حاجة إلى "عونه" سبحانه... و إنما الحاجة إلى "البترول"، و"القانون"، و"الدولار"، و"التوقيع"، و"الحزب"... و كلِّ الأسباب المباشرة؛ التي يعلم الله أننا لم نر منها، منذ الاستقلال إلى يوم الناس هذا، شيئا معتبرا "يذكَر فيشُكر"...

و إنه لولا عناية الله، و رعاية الله، و حفظ الله، و معية الله... لخسف بنا...

يروي حبيبي رسول الله عليه السلام، عن ربه الكريم تعالى شأنه قوله الصادق: "لولا مشايخ ركع، و صبية رضع، و بهائم رتع، لنسفت الأرض نسفا"...

"و لكنَّ الله سلَّم"، "و لكنَّ أكثر الناس لا يشكرون"...

أنا لا أقلِّل من شأن الميزانية و قانونها، و لكن أستنكر نسجها بخيوط واهية ضعيفة، ليس لحبل الله المتين فيها حظ؛ خيوط من "الحساب"، و"التوقع"، و"الادعاء"، و"المغالطة"، و"الحيلة"، و"الحظوة"، و"التحزب"...

و ما من شكٍّ أنَّ جميع الوسائل و الجهود ستكون متينة لو أنها استمدَّت قوتها من "التقوى"، و من "خشية الله"، و من "الخوف من الله"... ذلك أنها:

ستصبغ بصبغة "إنَّ الله هو الرزاق ذو القوة المتين"،

و ستحاك على وقع "لا نسألك رزقا، نحن نرزقك، و العاقبة للتقوى"،

و ستفتل بفتيل "و من يتق الله يجعل له مخرجا"،

و ستنسج بنسيجٍ جميلٍ فتانٍ من معنى "لمن الملك اليوم، لله الواحد القهار"...

أمَّا أن يتواطأ السياسي مع الإعلاميِّ في "ترهيب الناس" صباح مساء، و أن يُفرغ القانون من حساب "الإيمان و التوحيد و الثقة في الله"... فلا، ثم لا...

ذلك أنَّ المقنِّن و المقنَّن له "مرزوق" من الله، و لو شاء لقبض رزقه عليهم جميعا؛ و لكن عهدُنا به سبحانه أنه لا ينظر إلاَّ إلى قلوب المحبين، المستسلمين، المتوكلين، الشاكرين، المخبتين، المحسنين... لا إلى أوجه المعتبَرين، المتجادلين، المتناحرين...

هو سبحانه يرزقنا، و لو شكرناه لزادنا "لئن شكرتم لأزيدنكم"؛ لكن لو كفرنا و أعرضنا عن شكره فسيحرمنا لا محالة "و لئن كفرتم إنَّ عذابي لشديد"...

و لو أنَّ البترول صار ماء، و الدولار تحول إلى ورق، و لم يكن في كيس "المالية" سوى بضعة دنانير... لو أنَّ الأمر كان كذلك؛ فإنَّ القيامة لن تقوم لذلك، و إنَّ الأمر لن يفلت من عين الله، و لا من قدرته، و لا من تدبيره... و لذا،

فالمطلوب في مثل هذه الحال هو أن "نصبر"، و"نشكر"، و"نتعاون"، و"نسارع إلى الدعاء"، و"نجدَّ في العمل"، و"نزرع ثم نحصد"، و"نسعى في الأرض" ابتغاء ما عند الله، بحزم و عزم، لا يشوبه رياء و لا كبر و لا غرور...

اليومَ، في تقديري، لا يخاف إلاَّ مَن ألِف العيش بروح "الطفيليات" و"الأميبيا"؛ و لكن من اعتاد الكدح، و العمل الصالح، و لم يعوِّد نفسه الإسراف و التبذير، و لا السطو على أموال الناس بغير حقٍّ، و لا اجتراح السيئات و الموبقات...

نعَم؛ من كان أمره كذلك: "فلا خوف عليهم، و لا هم يحزنون"... بل عليهم أن يستبشروا خيرا، بعودة المياه إلى مجاريها، و الأمور إلى نصابها، و الميزان إلى قسطه و عدله...

هذه دعوة إلى الشكر، و التوكُّل، و العودة إلى الله، و الاجتهاد في كلِّ ميادين الحياة...

فهل من مستجيب؟ و هل تبلغ آذان المشرِّعين، و الكتَّاب الصحفيين...؟

لا أعرف، و لكني متيقن أنها ستنفع المؤمنين "و ذكِّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين"...

و أنا على يقين أنَّ الله الكريم يسمعها "و هو السميع العليم"...

اللهم فاشهد...

قراءة 1333 مرات آخر تعديل على الجمعة, 11 كانون1/ديسمبر 2015 06:32