(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Thursday, 14 July 2016 13:06

زمن إدارة الأزمات...

Written by  الأستاذ محمد العلمي السائحي
Rate this item
(0 votes)

يبدو أن عصرنا هذا قد تميز عن سالف العصور و الحقب، بكثرة الأزمات المعقدة التي تمور فيه مورا، و عجز إنسانه على ما أوتي من ذكاء و علم و تقنية متطورة عن حلها، و التخلص من الأوضاع الصعبة التي تفرضها على الناس أمنيا و اقتصاديا و اجتماعيا، لا يستثنى منها بلد من البلدان و لا شعب من الشعوب، ففي بلداننا العربية على سبيل المثال نعيش أزمة التداول السلطة و الحكم، مما جعل الصراع السياسي الظاهر و الخفي يشكل أزمة مستدامة غير قابلة للحل و لو على مستوى الأفق البعيد. و على الصعيد الغربي الأوروبي، قد عاد الصراع يحتدم من جديد و بدأت مؤشرات تظهر في الأفق تدل بقرب عودة القطبية إلى مسرح السياسة العالمية، فها هي روسيا التي كان تأثيرها في السياسة الدولية قد خبا و خفت بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، تعود كقوة مؤثرة من جديد في الأحداث الدولية، حسبما تعكسه الأحداث التي جرت في أوكرانيا و الصراع الدائر في سوريا، الذي ازداد تعقيدا بسبب التدافع الجاري بين أمريكا و روسيا، و ها هو تصويت الشعب البريطاني بالموافقة على انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يبعث رسالة قوية على بداية نهاية مرحلة التكتلات الكبرى و عودة الشعوب إلى عهد الدولة الوطنية و القومية في أوروبا، و ذلك وفقا لما يبدو مما يدعو له اليمين الفرنسي من ضرورة انسحاب فرنسا هي الأخرى من الاتحاد الأوروبي، و إصرار اسكوتلندا على البقاء في الاتحاد الأوروبي و لو تطلب الأمر منها الانفصال عن بريطانيا، ناهيك بما يجري في القارة الافريقية برمتها من صراعات دامية و حروب طاحنة لم تتوقف رحاها عن الدوران منذ الستينات و إلى اليوم فهي لا تخمد نيرانها فيها في منطقة منها، إلاّ لتشب في منطقة أخرى بصورة أشد اشتعالا و أكثر انتشارا، مثلما جرى في رواندا بالأمس القريب و ما يجري اليوم في نيجيريا و الصومال نذكر ذلك على سبيل المثال لا الحصر.

أما بالنسبة لأسيا فتتصدر الأحداث فيها، أزمة الجارتين الكوريتين الشمالية و الجنوبية، تلك الأزمة المزمنة التي استعصت على الحل منذ انقسامهما عن بعضهما البعض، بسبب تأثير المعسكرين الإيديولوجيين المتصارعين الشيوعي و الرأسمالي الإمبريالي، دون أن ننسى ما يجري في الفلبين و بورما و تايلاندا من صراعات عرقية و إثنية، أفرزت و لازالت تفرز مآسي إنسانية كبرى يندى لها التاريخ الإنساني برمته، من بينها معاناة مسلمي ماينمار التي ستبقى سبة في جبين المنظمات الحقوقية الإنسانية الأممية منها و المستقلة، التي لم توليها القدر الذي تستحقه من الاهتمام .

و مع ذلك نجد الساسة في كل تلك المناطق وقفوا عاجزين عن حل تلك الأزمات، و كأن عقولهم تبلدت، و ذكاءهم تبخر، و وسائلهم و أدواتهم لم تعد بذات جدوى و لا نفع.

و لا أدل على ذلك من أزمة الاحتباس الحراري التي لا تخص شعبا من الشعوب بعينه، و إنما تعم سكان الكرة الأرضية كلها، و تتهدَّدُهم جميعا بنهاية دراماتيكة فادحة، و مع ذلك مازال قادة العالم منذ سنوات و إلى اليوم يقدمون في حلها رجلا و يؤخرون أخرى، و هذا ما يدل بحد ذاته على أن عصرنا هذا بات رجاله يركزون جهدهم على إدارة الأزمات أكثر من سعيهم لحلها، و إلا كيف نفسر بقاء أزمة فلسطين و كوريا و الصحراء الغربية* و الصومال بلا حل كل هذه العقود...؟ 

 

*المشرفة العامة لديها تحفظ علي ذكر  ما يسمي الصحراء الغربية.  

Read 1523 times Last modified on Monday, 18 July 2016 19:53