(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأحد, 11 آذار/مارس 2018 09:55

رسالة واجبة التعميم

كتبه  الأستاذ فهمي هويدي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

فعلا أن يعتقد حاكم يمتلك قوة مالية ضارية أن التاريخ كلفه مهمة تغيير منطقته أو العالم، و ينسى أن دوره الأول هو تنمية بلاده، و أن الأدوار خارجها يجب أن تكون محكومة بالقوانين و الأعراف الدولية. و لنا أن نتخيل ــ مثلا ــ كم كانت ليبيا ستصبح مختلفة لو أن سلوك (العقيد) القذافى اتسم بقدر من التواضع و الواقعية. لو أنه اختار بناء جامعة محترمة فى ليبيا بدلا من الانفاق على الجيش الأحمر اليابانى.

الفقرة السابقة اقتباس من مقالة مهمة كتبها الأستاذ غسان شربل رئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية، و نشرت فى عدد يوم ٢٦ يونيو الحالى تحت العنوان التالى: قطرة تواضع من أجل قطر. و كما فى الفقرة التى اقتبستها فإن المقالة حفلت بالنصائح التى دعت قطر إلى «مراجعة حساباتها. إلى قطرة تواضع لا بد منها للتحلى بالواقعية و استخلاص العبر». و خلص من دعوته إلى القول بأنه «لابد من العودة إلى الدولة الطبيعية و الأدوار الطبيعية».

المقالة أرادت أن تقول إن قطر تحاول أن تلعب دورا أكبر من حجمها. و هى تثير قضية مهمة فى مشهد الأزمة الخليجية بأسلوب شيق، تجاوز لغة الردح و الابتذال الذى اتسمت به كتابات كثيرة تطرقت إلى الموضوع. إلا أن عيبا واحدا شابها هو أنها وجهت إلى الدوحة دون غيرها. و هو ما يبعث على الدهشة و الحيرة. و أشك كثيرا فى أن يكون الكاتب المحترم أراد من قطر أن تتخلى عن الأدوار التى تقوم بها خارج حدودها، لكى يتمكن جيرانها من أن يتمددوا فيها و يوسعوا من نطاق نفوذهم و تأثيرهم فى المحيط العربى.
و قبل أن أستطرد فى مناقشة فكرته أنبه إلى أمرين، أولهما أن مسألة «الدور» لها أكثر من وجه. ذلك أنه قد يكون بالتدخل العسكرى أو المالى، و قد يتم من خلال التعبئة الإعلامية و البث الفضائى، كما أنه يمكن أن يتحقق من خلال تقديم النموذج الايجابى الذى يجذب الآخرين و يغريهم باحتذائه. و الصيغة الثالثة و الأخيرة هى وحدها المشروعة، خصوصا أنها تعد تأثيرا غير مباشر و ليس تدخلا.
الأمر الثانى أن «الدور» ليس مرتبطا بالضرورة بالحجم، و إسرائيل نموذج على ذلك، إذ ليس سرا أنها تقوم بأدوار كثيرة فى المنطقة و خارجها، رغم أن عدد سكانها فى حدود ٨ ملايين نسمة، لذلك أزعم بأن الدور مرتبط بالقدرة و ليس بالحجم، و عناصر القدرة متعددة، فمنها ما هو عسكرى و اقتصادى و منها ما هو سياسى و ثقافى.

الثغرة الأساسية فى مقالة الأستاذ غسان شربل أنه خص قطر بنقده، فى حين أن الطرف الآخر فى الأزمة الخليجية أو قيادته على الأقل تمتلك القوة المالية الضارية التى تحدث عنها، و تسعى جاهدة لإحداث التغيير فى المنطقة بمشرقها و مغربها و إذا جاز لنا أن نتصارح أكثر فسنجد أن أذرع تلك الدول التى تتحرك و تسعى لتحقيق التغيير الذى تنشده أوفر و أكثر عددا من كل ما تتوسل به قطر. و سبق أن قلت إن كل ما يؤخذ على قطر يمكن أن يتحول إلى لائحة اتهام للذين يقودون حملة مقاطعتها و حصارها. و ذلك جانب تجاهله الكاتب الذى يعرف جيدا حقيقة الدور الذى يؤديه المال النفطى فى العالم العربى و خارجه. كما أننى لا أشك فى أنه يدرك أن المشكلة ليست فقط فى طموحات بعض الحكام الذين يملكون القوة المالية «الضارية»، و إنما أيضا فى الفراغ العربى المروع الذى سمح لتلك الطموحات بأن تتعاظم و تستشرى.

لقد ظلم الكاتب موضوعيته مرتين، الأولى حين وجه رسالته إلى الدوحة فقط، فى حين أنها واجبة التعميم على بقية العواصم العربية الضالعة فى الأزمة. إذ بدا و كأنه حرم على قطر ما استحله الآخرون و أوغلوا فيه. أما المرة الثانية فحين تجاهل الأهداف التى يرنو إليها كل طرف، من وقف إلى جانب الثورة المضادة بكل قوة و شراسة، و من وقوف مع تطلعات الشعوب العربية فى الحرية و الكرامة و العدل الاجتماعى.

الرابط: https://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=27062017&id=039df713-b809-4cbe-9334-0d8a18834981

قراءة 1528 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 20 آذار/مارس 2018 11:02