(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأربعاء, 30 كانون1/ديسمبر 2015 12:35

لا تكن كالضبع في زواجك!!

كتبه  الدكتور جاسم المطوع
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الضبع حيوان معروف (بالمباغتة)، فهو يفاجئ فريسته دائما. و الأصل في العلاقة الزوجية أن تبنى على الصراحة و الوضوح و الثقة؛ حتى يعيش الزوجان بأمان و استقرار. و مع كثرة انتشار الهواتف النقالة و انتشار الشبكات الاجتماعية؛ صارت أكثر البيوت تعيش على سياسة (الضبع). أعرف امرأة حاولت تأخذ أصبع زوجها و هو نائم؛ لتضع بصمته على هاتفه النقال؛ حتى تفتحه و تراقب رسائله، فلما اكتشف الأمر وضع بعد ذلك بصمة أصابع قدمه. و أعرف رجلا يخرج من عمله وقت الضحى؛ من أجل أن يفاجئ زوجته في بيتها؛ ليعرف ماذا تفعل. و زوجة تضع جهاز التنصت في سيارة زوجها. و زوجا يضع كاميرات خفية في بيته؛ ليراقب زوجته. قصص كثيرة نعيشها كل يوم و نسمعها من خلال إدارة الحياة الزوجية على سياسة (الضبع) في المباغتة.

و منذ يومين دخلت عليّ امرأة تقول لي إنها من كثرة مراقبة زوجها تركت المراقبة و المباغتة؛ لأن نفسيتها تعبت و مزاجها تعكر و صارت عصبية على أبنائها. و رجل آخر كذلك صار غير منجز في عمله و حياته؛ بسبب كثرة تجسسه على زوجته و الهجوم عليها في وقت لا تتوقعه. فإن كانت سياسة (الضبع) في المباغتة تنفع معه حتى يصطاد فريسة ليأكلها، إلا أننا باستخدام هذه السياسة نتعب أنفسنا أكثر، و لهذا كان من وصايا الجدات قديما عندما تتزوج الفتاة يقولن لها: «يا بنية إذا خرج زوجك من البيت فهو ليس بزوجك»، و يقصدون ألا تلاحق زوجها و هو خارج بيته؛ لأنها ستتعب و يكون ذلك سببا في دمار بيتها و قد حفظوا البيوت بهذه الحكمة.

و من يتأمل سيرة الصحابة و الصالحين فقد كانوا يراعون خصوصية الزوجات، فقد أورد ابن كثير عن زينب زوجة عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- قالت: «كَانَ عَبْدُاللهِ إِذَا جَاءَ مِنْ حَاجَةٍ فَانْتَهَى إِلَى الْبَابِ تَنَحْنَحَ». فكان ابن مسعود إذا وصل لباب بيته يتنحنح؛ كي يخبر زوجته بقرب وصوله فلا يفاجئها إذا دخل، و تبين لنا زينب سبب تنبيهها و هو: «يَتَنَحْنَحُ كَرَاهَةَ أَنْ يَهْجُمَ مِنَّا عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ»، و ذلك حتى يحافظ على خصوصيتها و يعطيها حريتها، فانظر إلى هذه الأخلاق الراقية، و إلى هذا الأدب العالي، و البعيد عن سياسة (الضبع) في التعامل مع الزوجة، فهو يتعامل مع زوجته على أساس الثقة و الوضوح و الصراحة، فيتحقق الأمن و الأمان في العلاقة الزوجية، و لذلك كان من توجيهات نبينا -صلى الله عليه و سلم- لحفظ البيوت أنه: «نَهَى أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلاً يَتَخَوَّنُهُمْ وَ يَطْلُبُ عَثَرَاتِهِمْ»، فهذا توجيه نبوي لحفظ البيوت من الهجوم المباغت على الزوجة.

و أذكر أن رجلا كان يبرر لفعله باتباع سياسة (الضبع) بمباغتة زوجته دائما بدافع الغيرة، فقلت له معلقا: إن ما ذكرته عذر أقبح من ذنب، فالغيرة لا تبرر لك الفعل الخاطئ. و زوجة أخرى أعرفها من كثرة مباغتة زوجها صارت تعاني من مرض الوسواس القهري ثم صارت تتخيل أشياء لم يفعلها زوجها.

فهذه أولى صفات (الضبع)، و الصفة الثانية فيه أنه حيوان ليلي، يعنى يخرج بعد المغرب للافتراس و لا يخرج بالنهار، فإذا وجد جيفة حملها لصغاره أو أكلها و لهذا يسمى (الضبع) منظف للبيئة، و كذلك (الضبع) مولع بنبش القبور لأكل ما فيها، و العرب تضرب به المثل في فساده و إذا وقع في الغنم عاث فيها فسادا، أما لو اجتمع الضبع و الذئب على الغنم سلمت؛ لأن كل واحد منهما يمنع الآخر من الاعتداء على الغنم، و لهذا العرب كانت تقول في دعائها (اللهم ضبعا و ذئبا) يعنى على الغنم حتى تسلم.

(فلا تكن كالضبع في زواجك) أي مباغتا و ليليا و مؤذيا و مفسدا، لأن الأصل في العلاقة الزوجية أن تبنى على الثقة و الصراحة و الأمان و الاحترام و التعاون، فهذا هو أساس العلاقة الزوجية، و إلا تحولت إلى جحيم و عذاب، و لعل الإيجابية الوحيدة التي يتميز بها الضبع هي أنه صياد ماهر، فنوصيك بألا يكون زواجك (كالضبع) فتكن مباغتا و مؤذيا و ليس لديك إلا حسنة واحدة.

http://www.alyaum.com/article/4109733

قراءة 2041 مرات آخر تعديل على الجمعة, 01 كانون2/يناير 2016 06:48