عجيبة هي تربية النبي صلى الله عليه و سلم للمسلمين صغارا أو كبارا..منتهى الصبر و الحلم، عن عمر بن أبي سلمة قال: كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه و سلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا غلام سم الله و كل بيمينك و كل مما يليك فما زالت تلك طعمتي بعد. (طِعمتي بِكَسْرِ الطَّاء أَيْ صِفَة أَكْلِي، أَيْ لَزِمْت ذَلِكَ وَ صَارَ عَادَة لِي).
لم يغضب صلى الله عليه و سلم و لم يرفع صوته و لم يعنفه، و لم يقل له يا غبي كيف تفعل ذلك..بل بكل هدوء و بحكمة يعلمه التصرف الصحيح، فتلتقطه ذبذبات الطفل بشكل عادي و تعلمها..أما العجب العجاب حقا..فتعاملنا نحن مع مثل هذه المواقف..الطفل عندنا أول ما يمدّ يده لشيء و هو رضيع يضرب على يده لنعلمه أنّ هذا خطأ..و إذا نطق الطفل كلمة أو قام بتصرف غير لائق و لو لأول مرة سارعنا لتعنيفه و توبيخه.. ثمّ إذا كرّرها أوجعناه ضربا، و الأكيد أنّه فعلها أو قالها من غير وعي منه أنّ هذا خطأ..هو لم يقل له أحد من قبل أنّ هذا خطأ. و الأصل في الأمر أننا نبدأ بالتعليم أولا..نترك أطفالنا على سجيتهم يكتشفون عالمهم الجديد و في كل خطوة نرافقهم لنعلمهم الخطأ من الصواب بهدوء و سلاسة و صبر..مرة و مرتين و عشرات المرات..حتى إذا لم يفهموا بكل الأساليب كان للعقاب بعدها أثره الإيجابي في تعليمهم..و قدوتنا في ذلك نبي الله – صلى الله عليه و سلم – حين أمرنا بتعليم الأولاد الصلاة لسبع و ضربهم عليها لعشر سنوات..بمعنى ثلاث سنوات تعليم و صبر على أخطائهم و إهمالهم و تكاسلهم، ثمّ بعدها يأتي العقاب و قد استنفذنا أساليب التعليم كلها. فنحن نتعامل مع الطفل على أنّه يعرف الخطأ و الصواب مسبقا فنسارع لعقوبته قبل تعليمه..و طبيعي جدا أن يخطئ الطفل مرارا و تكرارا و واجبنا أن نعلمه و نذكره بصبر في كل مرة حتى تستقر مفاهيم الخطأ و الصواب لديه.