(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الخميس, 06 تشرين1/أكتوير 2016 09:51

مداد مسموم

كتبه  الأستاذة رقية القضاة من الأردن الشقيق
قيم الموضوع
(1 تصويت)
لملمت شمس الحضارة المشرقة خيوطها المضيئة، و انحسر ضياءها البهيّ عن وجه البلاد التي ارتفعت فوقها أعلام القوّة و الاستاذيّة و العلم و العدل و السيادة، و توقفت تلك الموجات الدافئة عن اشعاعها، و اكتفت بخيوط باهتة تأمل ان تعود إلى مشرقها البهيج، و هي  تشير إلى بقايا أمة متميّزة قوية الحضور، أمة دانت لها الأرض من مشرقها إلى مغربها، أمة اعتراها التراجع الحضاري، الناجم عن تهميش دور العقيدة السمحة، و الركون إلى ظلال و أفياء أعداءها، و ارتداء ثوب الوهن و الفرقة و الخلاف، و غياب الشخصية القائدة الفذّة المجاهدة عن دور القيادة الرائدة  فيها.
أمة حلّ الياس و الاستسلام لديها  مكان المجد و الطموح و الريادة، فإذا الأمة الفتية القوية  رجلا مريضا، ينتظر عدوّه موته ليسلبه ملكه و حضارته، و مقوّمات وجوده، و طمس هويّته، و دعائم بقاءه، و كان لا بد للعدو من جند ظاهرين و أخفياء، ليوطئوا له نفوذه و يقيموا شرعته، و يبثوا روح اليأس و الهزيمة و المذلة في صفوف أمة المريض المتشرذمة الواهنة، و أي جند خير من قلم حاقد مفتر مسرف كذّاب؟
و ارتفعت أصوات النعي في ديار الاسلام العزيز، و استكانت الأمة ردحا من الزمن للشعور بالفناء و الضعف و الأفول، و نشطت هنا و هناك الأقلام المحمومة المسمومة، و قد اترعت مدادها سمّا زعافا، يقطر من فحيح عبارات كتابها وهم يوهمون الجهلاء بأنهم يخطون تاريخ الأمة المجيد (الآفل )فتتلقف الأجيال الناشئة في ظروف الوهن و الجهل، تتلقف تلك المدوّنات المجحفة و قد ظنتها حقائق مسلّمة، و امتلأت رفوف المكتبات بكتب تحمل عناوين في ظاهرها المعرفة و المعلومة التاريخية و الأدبية، و في باطنها الدس و الكيد للإسلام و أهله، و تمجيد الباطنية و العقائد المنحرفة، و الطعن في كل خليفة و قائد حمل همّ الأمة و أذل عدوها و حمى عقيدتها و أحيا سنّة رسول الله صلى الله عليه و سلّم.
و برزت أسماء شغلت حيّز الفراغ الذي تركه عقلاء الأمة و علماءها و مؤرّخيها شاغرا لكلّ همّاز متجنّن منحاز، كجرجي زيدان المسيحي الصليبي، و الذي أخذ على عاتقه حمل لواء الدسّ و التشكيك و الريبة، و الغمز من قناة الإسلام، في قالب من روايات جاذبة رنّانة العبارة، مشوّقة الاحداث، تحاك بأسلوب يحيل الباطل حقّا و العدل ظلما، و الدين أفيونا و سلاسل، و القادة المجاهدون و علماء الأمة المخلصون طغاة جبّارين، تخلوا قلوبهم من الرّحمة، و يجافي أعمالهم الصواب، فيفقد القاريء صلته بهم، و لا يعودون يمثّلون له تلك القدوات الورعة الشجاعة الحكيمة، في تلك الحقبة المشرقة من تاريخنا، الذي كان الخليفة فيه يخاطب امبراطور الصليبيين (إلى نقفور كلب الرّوم،) فيا لثارات الرّوم و ملوكهم و الفرس و أكاسرتهم، عند هؤلاء الكتّاب الموتورين، و يا للسمّ الزعاف الذي أسالته اقلامهم، و الخناجر الفكرية المسمومة التي غرستها كتبهم و مجلاتهم و أنديتهم و صالوناتهم الثقافية في عقل الأجيال الناشئة المغرّر بها.
لقد انبرى جورجي زيدان  للتشكيك بتاريخ الأمة و علماءها و أخلاقيات الدين و سلوكياته  معتقدا أنّه بلغ المطلوب من الكيد و الدجل و الزيف، فخاب أمله، و كشفت الأمة حقيقة سمومه المبثوثة في صفحات كتبه الرخيصة السوداء و لم يكن فيليب حتي الذي تخصص في التاريخ الاسلامي و العربي و الدراسات التاريخية المشرقية، لم يكن أقل تحيّزا و حقدا على هذا الدين و هو يتسلم راية الزيف من سلفه جورجي زيدان، بل لقد عرف بعداوته و محاولاته التشكيكية المكشوفة  و ها هو يقول في القرآن  : و من يتحر القرآن يجد لسوره ترتيبًا سطحيا مبنيا على نظام الطول و القصر،و هو يوحي للقاريء بان الاسلام ليس دينا سماويا، فيقول: إن بعض النصارى من أهل أوروبا و أهل الشرق يكون عندهم في العصور الوسطي رأي يستند إلي ما بين الإسلام و اليهودية و النصرانية من التشابه مؤداه أن الإسلام بدعة نصرانية أكثر منه دينًا جديداً.
لقد كانت الرسالة المحمدية على مرّ الزمان هدفا لكل حاقد مأفون و مشكك مضلل ضال، و لكنها أبدا لم تفقد قوّتها و تميّزها و أفضليتها التي أكرمنا بها الله سبحانه و تعالى  (هو الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدّين كله و لو كره المشركون).
قراءة 1708 مرات آخر تعديل على الأحد, 23 تشرين1/أكتوير 2016 19:24