(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأحد, 31 كانون1/ديسمبر 2017 07:36

فلسطين... قصتي منذ الطفولة

كتبه  الأستاذة نزيهة صالح من لبنان الشقيق
قيم الموضوع
(0 أصوات)
أخبرتني والدتي عن قريتها عندما كنت في السادسة من عمري، و علمت فيما بعد سر هذا التوقيت الذي اختارته. تاريخ محفور في وجدانها، حفر في ذاكرتها يوم إرغامها مع أهلها على ترك القرية و كانت في السادسة من عمرها. لم تنسى أن تخبرني أدق التفاصيل من أجل الحفر أكثر و أكثر في الذاكرة المتوارثة أبا عن جد. 
قصتها يوم النكبة كانت لا تشبه قصص الأطفال في الأدب الأميركي و لا الأدب الإنكليزي الذي كان لجنرالاته الدور الأبرز في حرمان والدتي من لعبها و حديقة منزلها، الجنرال الإنكليزي الذي كان يريد استخدام جدي للعمل في منشآته، لم يكن ينظر إلى الطفلة و حقوقها في ذاك اليوم، بل كان ينظر إلى طفلة يهودية ستأتي من بولونيا ربما لتأخذ مكان والدتي.
حدثتني عن رفيقاتها و هن يلعبن في كرم التين، و السلة التي تملأها تيناً ظنا منها بأنها ستحمل معها السعادة إلى البيت، و لكنها لم تكن تعرف هذه الطفلة البريئة بأن من يلبسون الثياب العسكرية من اليهود كانوا ينتظرونها مع رفيقاتها أثناء العودة، فقط لرمي التين من السلة لدوسها بالأرجل و تعود بعدها والدتي بسلة فارغة. هل كان لدينا حكام و ملوك عندما كانت دموعها و خوفها لا حد لهما عندما أطلقوا النار على الأطفال في كرم التين و قتلوا أحدهم. نجت والدتي و حدثتني عن مسكن محفور في ذاكرتها في قريتها صلحا لا زالت تذكر تفاصيله، عشت معها هذا التذكر و مع كل قصة كانت تسردها لي كنت أسافر جنوبا حيث قريتها و أتلمس حيطان المنزل و أشم رائحته.
شهدت والدتي التحرير عام 2000 و وقفت على تلة مارون الراس و عاينت منزلها المحفور في وجدانها، و لم أتفاجأ كيف اني لم أجد صعوبة في معاينته أيضا لأنه محفور في وجداني أيضا، و أيقنت بأن علي أن أبدأ بسرد قصتي عن الأرواح الحية التي تسافر، فروحي كانت مسافرة مع والدتي هناك حيث الرائحة الزكية و كنت أسكن مع أمي هناك طيلة هذه السنين، و بالتأكيد فإن المحتلين للمنزل لم يهنؤا به و لا للحظة لأن ارواحنا الحية كانت تطاردهم و لا زالت تطاردهم حتى نطردهم من الأرض و من الهواء و من البحر، بأرواحنا أو مشيا على الأرجل أو زحفا على الأيدي سنعود.
النكبة يوم العودة نزيهة صالح
قراءة 2307 مرات آخر تعديل على الإثنين, 08 كانون2/يناير 2018 09:54