(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الإثنين, 27 كانون2/يناير 2014 08:32

ثقوا في الله تعالى

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

إن السرّ الوحيد الذي يفتح الأمل و يحفز للعمل، الذي يربط جأش الإنسان و يقوي قلبه و يضبط أعصابه و يفرح فلبه ويطمئن نفسه و يشرح صدره و يتركه يواجه المصاعب و المثالب و المتاعب بقلب صلب و نفس راضية هو الثقة في الله تعالى مهما كانت الأوضاع و الظروف و الأحوال و الأهوال.

تحدث صديقان يوما حوارا شيقا مثيرا...

قال الأول: و الله خلقنا لغير زماننا، لو كان في وقت مضى و نحن بهذه الهمّة و هذا النشاط لحققنا الكثير و لكنا علامة فارقة في دنيا الناس.

قال الثاني: ما دمنا بهذه القوة و هذا العزم فلماذا لا نستغل قدراتنا في زماننا هذا و وضعنا الحالي، ألا يستحق أهلنا الذين نعيش معهم جزءا من المنافع التي يمكن أن نحققها.

فرد الأول قائلا: لا يا أخي، إن هذا الزمن ليس زمننا، لأنه لا يشجع أمثالنا و لا يلبي طموحنا، و لا أرى نفسي فيه أبدا.

هنا تكلم الثاني و قال: و الله يا أخي، مادام الله جلّ و علا قد خلقنا في هذا الزمن فهو أعلم أنه أصلح زمان لتفجير طاقاتنا وخدمة مجتمعنا و نفع بلادنا و أمتنا، فالله تعالى من صفاته الحكيم، فخلقه إيانا لهذا الزمن هو أنسب شيء لنا " ألا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير"، و تفكر معي قليلا، ألا يمكن أن نكون من المنافقين لو كنا حتى في زمان رسول الله صلى الله عليه و سلم، فلا تلم زمانك الذي أنت فيه، و اعمل و اتعب و انصب، و اعلم أن " لكل مجتهد نصيب ".

نعيب زماننا و العيب فينا     و ما لزمــاننا عيــب سوانا

ونهجو الزمان بكل عيب     و لو نطق الزمان لنا هجانا

و إن الثقة في الله تعالى لهي من صلب عقيدتنا، بل هي الميزان، فإذا أردت أن تعرف قوة عقيدتك و صلابة إيمانك و قوة يقينك فاعرض هذا كله على ميزان الثقة وحاسب نفسك بنفسك.

لا يحس الإنسان بالخير و السلام إلا إذا عمل بجهد كبير أخذا بالأسباب و إقامة للحجة، ثم ترك التفكير في عواقب عمله و قال في قرارة نفسه: ها قد اجتهدت يا ربي كما أمرتني، و اتخذت الأسباب كما نبهتني، و الآن أنا غير مسؤول عن هذه النتائج فالوقت الذي تأتي فيه هو أفضل وقت على الإطلاق.

دع الأمور تجري في أعنتها   و لا تبيتنّ إلا خالي البـال

ما بين غفلة عين و انتباهتها   يغير الله من حال إلى حال

فلنثق أن ما يحدث لنا في حياتنا – مهما كانت قساوته في أعيننا – هو أفضل شيء يمكن أن يحدث لنا في هذه اللحظة.

و تأملوا معي قليلا في موقفين من حياة رسول الله صلى الله عليه و سلم:

  • تموت زوجته الحنون و عمّه الرؤوف و يُطرَد من الطائف و كل هذا في وقت قريب و ضيق جدا، ليجد نفسه في رحلة علوية هي رحلة الإسراء و المعراج ليبثه الله سرّ أنه إذا ضاقت بك الأرض بسعتها فأنت كريم عندنا في السماء.
  • يريد أن يعتمر في السنة السادسة للهجرة فتمنعه قريش بجسارة كبيرة و يوافق على صلح كان مجحفا جدا في نظر الصحابة الحاضرين، فيأتي من وراء صلح الحديبية هذا فتحا مؤزرا و قد دخلت العرب و العجم في دين الله أفواجا، و فتح الله مكة بعد ذلك بسنتين فقط.

و تدبروا معي أيضا هذه الحوادث: يمتحن الإمام أحمد بن حنبل امتحانا شديدا فيخرج من محنته إماما للسنة ، و يسجن ابن تيمية و يموت في السجن فيصبح بذلك شيخ الإسلام، و يحبس السرخسي في بئر معطلة ثلاثين شهرا فيُخرج لنا أكبر كتاب في الفقه الحنفي، و تزور الحمّى أبا الطيب المتنبي فيُخرج لنا قصيدة من أروع قصائده على الإطلاق، و يُقتل الإمام حسن البنا فتنمو دعوته و يطلق عليه لقب مجدد القرن الرابع عشر الهجري، و يشنق سيد قطب فيراه الناس جميعا شهيد الإسلام و قاصم ظهر الجبابرة، و يسجن محمد مرسي و يقتل أنصاره فيصبح زعيم الأحرار و يصبح ميدان رابعة شاهد صدق على ثبات الرجال و يصبح شعار رابعة الصمود شعارا للكرامة و النخوة و بغض الضيم.

لا ندري مصير حياتنا و لا نعلم ما يخبئه الدهر لنا و لا ندرك ما سيحدث لنا في مستقبل الأيام، فلنثق في الله تعالى و لا نيأس و لتكن همّتنا عالية و طموحنا كبير و أملنا في الله أكبر و ظننا في الله ممتاز فقد قال الله في الحديث القدسي: " أنا عند حسن ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء "، فنحن نظن بالله أنه سيقوينا على أن نطور أنفسنا و نتحمل متاعب حياتنا و ننجز أعمالا تشرف بلدنا و أمتنا و ديننا، و أنه سيوفقنا لوضع أمتنا على طريق السيادة و القيادة و الريادة، و أن النصر قريب و الفجر أكيد، و المطلوب الوحيد هو التوكل على الله و العمل الدؤوب.

و لربّ ضائقة يضيق بها الفتى   ذرعا و عند الله منها المخرج

ضاقت فلما استحكمت حلقاتـها   فرجت و كنت أظنها لا تفـرج

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.">عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

قراءة 2167 مرات آخر تعديل على الأحد, 05 تموز/يوليو 2015 18:14