قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

Monday, 07 October 2013 06:21

إليك ترتحل القلوب

Written by  الأستاذة رقية القضاة من الأردن الشقيق
Rate this item
(0 votes)


{وأذّن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق}.
إنه الأمر الرباني الرحيم، يلقى إلى أبي الانبياء {إبراهيم عليه السلام }، و قد فرغ من بناء بيت الله الحرام [ببكة]، خير بقاع الأرض، و رفع فيها قواعد اول بيت وضع للناس مباركا، و جعله لهم  مثابة و أمنا،

أن تشدّ إليه الرحال، في رحلة لايدرك معناها و لاتجلياتها و لا إشراقاتها، إلّا من نالها و تفيأ ظلالها، و ألقى في رحابها كل ما أنقض ظهره من الهموم و الذنوب، و طلب فيها معالي الدرجات، و جميل العطايا و مزيد الحسنات.
إنها الرحلة التي تهفو إليها القلوب المتلهفة للّقاء المرجو بخيره المرجو، و عطاءه المرتقب، و أنسه المبهج و بهاءه المنير، لتضيء أروقة النفوس التي أضناها الرحيل من ذنب إلى ذنب، و أوجفتها محطات الغواية، حتى باتت على شفا اليأس، فانتشلتها شمس الرجاء، و مدت إليها أشعتها الدفيئة، و فتحت لها نوافذ الغفران على مصراعيها، فسارعت تشد الرحال إلى أفق التوبة الرحيب، متجاوزة كل عقبة كؤود تحاول ثنيها عن رحلتها، وقد أملت بسعة العفو، و جميل الرفد، و كرم المضيف.
 و تتوالى القرون بتقلباتهاعلى مكة المكرمة، و ضيوف الرحمن جماعات و وحدانا يفدون إليها، عابدين طائفين، و ليشهدوا منافع لهم ومصالح، لا تنال إلا فيها، و كيف لا؟ و هي مهوى القلوب و محط الرحال، و مبتغى القاصدين و وجهة العابدين، و تمر على البيت العتيق أمم، تتباين شرائعها، و تختلف عقائدها، ما بين موحد و مشرك، و ما بين باغ عاد متجبر، و مابين مهتد مقتصد عادل، وكلهم يحج البيت و يطوّف به و لكن هيهات هيهات أن يتماثل أو ان يقبل المعتقدان.
لقد وضع هذا البيت للتوحيد فلا يعبد فيه غير الله، و رفعت قواعده ليسجد فيه الموحدون  له وحده سبحانه، فيرسل الأمين{محمد صلى الله عليه وسلم }بالهدى ودين الحق، و تتوالى الاحداث ما بين بعثته صلى الله عليه و سلم، و الرفض المكابر من قريش للدين الجديد، الذي لا يتوائم مع جاهلية تلك الحقبة المظلمة من الزمان، ثم هجرته إلى المدينة المنورة، ليقيم من هناك دولة الإسلام الخالدة، ثم عودته فاتحا إلى مكة المكرمة، ليرسي أجمل قواعد السماحة في تاريخ الأمم، و لتبقى كلمته الحانية مثالا على عفو المقتدرين، و عدالة الحاكمين، و رحمة الشريعة المحمدية، [إذهبوا فأنتم الطلقاء]، و يأمره  ربه سبحانه و أمته بالحج إلى البيت الحرام، و يكون الحج الركن الخامس من أركان الإسلام.
 و يؤذّن في المدينة أن رسول الله حاج هذا العام، و تتوافد الأرواح قبل الابدان، و تبتهج النفوس التي طالما اشتاقت إلى رحاب الله، و بصحبة نبيه الحبيب، و يسير الركب  المشوق إلى بيت الله،  يقوده السراج المنير،  حداءه التلبية، و غذاءه التسبيح والذكر، وخطاه أخف من النسيم، إن كاد ليحلّق طائرا ليحط في رحاب البيت العتيق، و تترقب العيون ما يفعله المصطفى صلى الله عليه وسلم، لكي يكون لهم هدى و سنة و منهجا، فيستلم الحجر و يطوف بالبيت سبعا، ثم يخطو إلى مقام إبراهيم قائلا،{واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}، فيصلي ركعتين، ثم يتجه إلى المسعى بادئا بالصفا، قائلا{نبدا بما بدأ به ربنا}،،{إن الصفا و المروة من شعائر الله}، فيسعى سبعة أشواط بينهما، في حالة من المسارعة إلى الرضى الرباني  المرجو والمأمول، و يأتي يوم عرفة و تتسابق الدموع إلى المآقي ، و تسجد الجباه المنيبة لربها، و قد اعترفت بذنبها، و أقرت بالتقصير، و طمعت بالغفران، و يظل الرجاء في القلوب حيا، و الدعاء موصولا، أن لا ينقضي هذا الموقف الكريم، إلا وقد غمرت اهله الرحمة و المغفرة و القبول، يستذكرون قول نبيهم صلى الله عليه و سلم {لو علم اهل الجمع بمن حلّوا لاستبشروا بالفضل بعد المغفرة}و هاهي شمس عرفة تؤذن بالمغيب، و الحجيج يتجهون إلى المزدلفة، في خطوات رسمها لهم ربهم، في حالة من التميز و السمو الروحي و الوجدانين ليكون حجهم منظما و مشاعرهم موحدة و إفاضتهم جماعية جامعة ،خلف رسولهم الذي ارتضوه لهم قائدا وقدوة،
و تشرق شمس يوم الحج الأكبر، و منى تعج بضيوفها الأحبه، و قد تناقلوا آية البراءة و التمايز و المفاصلة، التي أنزلت على نبيهم [وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله]، فلا المعتقدين سواء، و لا الشرعين متوازيين،و لا العبادتين متماثلتين، فلا يحق للباطل ان يشارك الحق مكان عبادته،و لا يحق للرجس ان يجوس في البقاع المطهرة، و تطالب الأمة المسلمة بالتميز و التفاعل و التعامل مع غيرها دون محاباة و لا مداراة و لا غموض ،فالكفر كفر و الاسلام إسلام و شرع الله أحق بالإتباع.

و يقف النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا في المسلمين يوم النحر{أيها الناس أي يوم هذا قالوا يوم حرام قل فأي شهر هذا قالوا شهر حرام قل فأي بلد هذا قالوا البلد الحرام قال: فإن دماءكم و اموالكم و عراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا  ألا هل بلغت  اللهم قد بلغت فليبلغ الشاهد الغائب لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض} منهج أقر للامة يوم الحج الأكبر أن لا تستحل حرمات الله وأن لا تألوا جهدا في تبليغ كلام الله وسنة رسوله لكي تبقى الامة و على مر الزمان تحتكم إلى شرع ربها الذي أقر للإنسانية شرعا يصب في مصلحة الإنسان كإنسان، و المسلم كمسلم ، لايقبل منه شرعا و لا دينا غيرالاسلام، بكل الرحمات المبثوثة في شريعته، و بكل النقاء الواضح في عقيدته، و بكل الشمولية، المتفهمة الميسرة العادلة في أحكامه، لتكون الآية التي تنزلت على نبينا الكريم في حجة الوداع، مشيدة بالشرع العظيم مؤكدة على أنه تمام النعمة  التي أكرمنا بها و غاية الكمال الذي يرتقي بالإنسان إلى منتهى الرضا بهذا الدين القويم[اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا] فيا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.

Read 2123 times Last modified on Tuesday, 20 November 2018 14:41

Add comment


Security code
Refresh

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab