قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

Saturday, 08 February 2014 07:33

مفارقات بين تحرير وتهميش الشباب

Written by  الدكتور صلاح سلطان
Rate this item
(0 votes)

لم أحب في حياتي جيلا حبي للشباب، فلو دعيت لمائة من الشباب و ألف من الكبار لما ترددت في تلبية المائة من الشباب، لأنهم هم سر قوة الأمة أو ضعفها، و لهذا جاءت سورة الكهف في عنوانها و مضمونها تستدعي صورة الشباب في أحسن هيئته و صورته في المبنى و المعنى و الشكل و المضمون، قال تعالى: (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَٰهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا) (الكهف: من الآية 13و14)، و لقد ورد ذكر الفتيان و الفتيات في القرآن عشر مرات، فسيدنا إبراهيم أبو الشباب بدأ دعوته و هو شاب صغير مواجها الشرك في تخصصاته الثلاث: عبادة الحكام و الأصنام و الكواكب، فواجه الحكام بالحجاج كما حاجج النمرود، و واجه عبدة الأصنام بالتجربة العملية، و عبدة الكواكب بمشهد تمثيلي رائع، و سيدنا يوسف يتعرض في صغره لفتنة الإيذاء من إخوانه فلا يرد الإيذاء و هو شاب، و تعرض لفتنة الإغواء من امرأة العزيز فتمسك بالمكارم الأخلاقية خوفا من الله، و تعفف لأمرين: إيماني و أخلاقي، خشية من الله و وفاء لمن قال: "أكرمي مثواه"، و اصطحب سيدنا موسى فتاه في رحلة التعلم من الخضر، و تلحظ لغة الشباب بينهما في الإصرار على بلوغ الأهداف النبيلة فتبدأ قصته بهذه الإرادة القوية: (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا) (الكهف:60)، و تبِعَ الإرادة القوية بالإدارة السوية ثم بالانطلاقة الفتية، فليس من الديباجة أن تبدأ قصصه الثلاث مع الخضر بقوله تعالى: (فانطلقا) و إنما هي حركة الشباب في الانطلاق إلى فعل الخير و نفع الغير، و صورة الشباب في سيرتنا النبوية تستحق وقفة علمية تربوية تعيد برمجة كل الاهتمامات لتكون أعظمها للشباب، حيث كان الكبار أسرع الناس كفرا و معارضة، و كان الشباب أسرع الناس إيمانا و مؤازرة، فكان أول من أسلم الشاب أبو بكر الصديق رضي الله عنه فناصر و ضحى و آزر، و صار الخليفة الأول بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم، و لما أسلم عمر بعد أن شج أخته و زوجها كان إسلامه فتحا مبينا؛ حيث خرجت الدعوة من السرية في دار الأرقم إلى العلانية في مكة كلها، و سار في صفين يتقدم الشاب عمر صفا و يتقدم الشاب أسد الله الحمزة بن عبد المطلب صفا آخر، و طافوا حول الكعبة، أما الشاب عثمان بن عفان الحييّ السخيّ النديّ فقد خصه النبيّ صلى الله عليه و سلم أن زوّجه ابنتيه واحدة بعد الآخرى، و الشاب علي بن أبي طالب الفارس المغوار و العالم المدرار الذي كان أول من أسلم صغيرا و هو ابن ثمان، و نام ليلة الهجرة في أخطر مكان، و هو ابن العشرين، و بارز صناديد قريش مرارا و هو تحت الخامسة و العشرين، و صار من الخلفاء الراشدين و هو ابن الأربعين، و أنجب الحسن و الحسين وهما شباب أهل الجنة من فاطمة الزهراء و هي أحب بنات النبي صلى الله عليه و سلم إليه و أم أبيها، و روى الألباني في صحيح الجامع أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "ابناي هذان الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة، و أبوهما خير منهما".

و الشباب هم الذين هاجروا إلى الحبشة و كان قائدهم جعفر بن أبي طالب أحسن سفير تمسك بالثوابت العقدية مع إخوانه الشباب من الصحابة و الصحابيات، كما روى البخاري بسنده عن أم سلمة (فأجمعنا على الصدق لما سئلوا عن قولهم في عيسى بن مريم)، فلم يجاملوا و قالوا الحق في أدب رفيع هدى الله به النجاشي و من معه إلى الإسلام، و الشباب الستة هم أول من أسلموا من أهل يثرب، و عادوا في العام التالي 12 شابا فأرسل معهم شابا نشأ في النعيم الدنيوي و ضحى بكل شيء من أجل النعيم الأخروي و هو مصعب بن عمير الذي تعاون مع الشاب أسعد بن زرارة، و زاروا رؤساء و قادة القبائل و العشائر، و كانوا سببا في إسلامهم و هم شباب أيضا منهم أسيد بن خضير وسعد بن معاذ و سعد بن عبادة، و انطلق كل شاب إلى قبيلته، حتى لم يبق بيت بيثرب إلا دخل في الإسلام، و هم الذين سعوا إلى مبادرة حررت الدعوة في مكة من سلطة و بطش و ظلم و استبداد أكابر كفار قريش، فذهب الشباب للقاء النبي صلى الله عليه و سلم و دعَوه إلى المدينة لينتقل من الدعوة إلى الدولة، و من العبادة إلى القيادة، و من الحق المستضعف إلى الحق المستخلف، تصحبه قوة سواعد الشباب و سلاحهم، و ما أعظم كلماتهم قبل غزوة بدر حمية و رجولة و تجردا لله تعالى.

و إذا قفزنا من السلف إلى الخلف و من الماضي إلى الحاضر، فإن الشباب هم الذين قادوا الحركة الإسلامية في الجامعات و المصانع، و انتشروا في العالم كله يؤسسون في كل دولة مراكز و مدارس و مؤسسات إسلامية، و لا شك أن حكمة الشيوخ جعلتهم يترددون في إنهاء عصور الاستبداد و الفساد، فصار التحرير بالشباب في الماضي و الحاضر مثل الكواكب و النجوم في أفلاكها، و قد قال تعالى: (وَ عَلَامَاتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) (النحل:16)، و صار الشيوخ بحكمتهم كالشمس و القمر، و الشباب في همتهم كالنجوم و الكواكب، و لا تستغني الدنيا عنهم جميعا، و من ثم فنحن ننادي بأعلى صوت نريد بحق أن نثق في الشباب، و أن نحسن احتضانهم، و أن نفجر كوامن الخير فيهم، مذاكرة و تفوقا، و إبداعا و اختراعا، و ثورة على الباطل و تحريرًا للأسرى و الأقصى و القدس و فلسطين، و ليس اتهاما أو تهميشا لهؤلاء الشباب الذين ظلموا مرتين قبل الثورة إهمالا، لا علما و لا عملا، و بعد الثورة استغلالا و تحريضا و تحريشا.

المصدر:

http://www.salahsoltan.com/DoctorNews/1229/Default.aspx

Read 1692 times Last modified on Monday, 06 July 2015 08:58

Add comment


Security code
Refresh

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab