قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

Saturday, 15 March 2014 16:04

و مات شيخ الأزهر

Written by  الشيخ علي الطنطاوي
Rate this item
(0 votes)

مقدمة للمقالة بقلم سبط الشيخ، مجاهد ديرانية:

نشر جدي – رحمه الله – هذه المقالة سنة 1954 في ظروف تشبه الظروف التي نعيشها اليوم، إلا أن الأسماء تغيرت؛ كان “إمام” الأزهر عبد الرحمن تاج، فصار أحمد الطيب، و كان “إمام” العسكر جمال عبد الناصر، فصار عبد الفتاح السيسي، و ما زالت الحرب على الإسلام و الإخوان هيَ هي، إلا أن الإخوان كانوا وحدهم في الميدان في ذلك الزمن البعيد فصاروا اليوم قطرة في بحرِ جمهورٍ أبيّ حُرّ عظيم لا يرضى بديلاً بالحرية و الإسلام… و لن يكون اليوم كالأمس إن شاء الله.

توضيح: تولى “الشيخ” عبد الرحمن تاج مشيخة الأزهر بقرار من طاغية مصر البائد، جمال عبد الناصر، في بداية سنة 1954، و هو نموذج للعالِم الذي يبيع دينه بدنيا غيره؛ كان سيفاً في يد جمال عبد الناصر في حربه الهمجية ضد الإخوان، فأصدر في أعقاب “تمثيلية” حادثة المنشية المشهورة بياناً شرساً هاجم فيه الإخوان و حرّض عليهم باعتبارهم “جماعة تعمل على تشويه الدين” واصفاً إياهم بأنهم “خوارج لا تُقبَل منهم توبة و لا شفاعة”! فرَدّ عليه جدي بهذه المقالة.

كتب الشيخ علي الطنطاوي – رحمه الله -:

إنْ مات شيخ الأزهر الشيخ عبد الرحمن تاج فليس أول شيخ يموت، و لقد مضى من قبله أئمة فُحولٌ كانوا مصابيح الهدى و كانوا بحار العلم، و كانوا في ثباتهم على الحق جبالاً لا تزول حتى تزول عن مطارحها الجبال… و لكنه أول شيخ للأزهر يموت و نفسُه “حيَّة” تسعى!

إن مَن قبله مات و دُفن، و هذا عاش و لُعن، فما مات في جسده الفاني، و لكن مات قلبُه و مات ضميره و مات إيمانه، و باع الآجلة بالعاجلة، و آثر الدنيا على الآخرة، و فضّل رضا جمال عبد الناصر على رضا الربّ الناصر لأوليائه، القاهر فوق أعدائه، الجبار الذي لا يشاركه كبرياءه أحدٌ إلا قصمه… فحكَمَ -جازاه الله- بتكفير صفوة المؤمنين في هذا العصر، الإخوان المسلمين، الشباب الذين نشؤوا في طاعة الله، و بشّرهم رسول الله – صلى الله عليه و سلم – بأنهم ممّن يظلهم عرش الله يوم لا ظل إلا ظله. شباب عرفوا الإسلام و تمسكوا به، أمّوا المساجد على حين يؤم أترابهم الملاهي و المراقص، و صفّوا أقدامهم في هدآت الليل على حين يسهر أولئك في الخزي و العار، و ناجَوا ربهم في خلوات الأسحار على حين ينام أولئك نوم العَجْماوات، و حملوا -في سبيل الله- مِن ظلم الظالمين ما تنطحن تحته الرواسي، فما لانوا و لا استكانوا، ول ا كفروا بالله مُذ آمنوا به، و لا ضاقوا بمحن الأيام منذ استعذبوا لذائذ الطاعات.

و جاء في بيانه -الذي أذاعته محطة مصر- بالآيات محرَّفات عن مواضعها، و الأحاديث مَسوقةً غيرَ مساقها، ليوهم عامة المصريين أنه يدافع عن الدين و يتكلم بلسان العلم، فلم يسعني و الله السكوت و أنا أعلم أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، و أن على المسلم أن يقول الحق و لو على نفسه أو صديقه أو زميله، و خفت إن سكتنا جميعاً و لم نَرُدّ على هذا الدعيّ المفتري أن يعمّنا الله بعذاب من عنده.

و لا أدري من هو الذي خدع شيخ الأزهر و النّفَرَ من علماء السوء الذين شاركوه خزيه، فأخبرهم أن في الإسلام “إكليروس”، و أن شيخ الأزهر كالبابا في القرون الوسطى، يُدخل الجنة و يحرم منها و يبيعها قراريط و أمتاراً، و لم يعلم أن الإسلام ليس فيه رجال دين، و أن كل مسلم هو رجل الدين، و أن امرأة عجوزاً ردّت على عمر… و ما نافق عمر و لا زوّر، و لكن اجتهد فأخطأ، فلماذا لا أردّ على شيخ الأزهر، و هو لا يقاس بعمر و لا يدانيه و لا يوزن بشِراك نعله، و هو قد غيّر و بدل و كذب و نافق، و ألزم نفسه قاعدة “من كفّرَ مسلماً فقد كفر”، فكيف بمن يكفّر الملايين من صفوة المسلمين؟

و لو فرضنا -و هو فرض لا يلزم و لا يثبت حقاً- أن الاشتراك في السعي لقلب الحكم في مصر كفر، فكيف حكم بالتكفير قبل صدور الحكم من هذه المحكمة العجيبة، و كيف عمّمه على الإخوان المسلمين جميعاً في آفاق الأرض و هم ملايين و ملايين، من كل شاب رجلُه خيرٌ من رأس الشيخ المنافق، و قفاه أفضل من وجهه، و ساعة منه في طاعته و عبادته خير من عُمْر في النفاق؟!

و أين شيخ الأزهر؟ و ما له خرس عن إنكار المنكرات في مصر: عن الفجور المعلَن، عن الفسق البادي، عن الخمور و الشرور، عمّا أحدثه هؤلاء الحاكمون من ألوان المعاصي، من إبعاد الصالحين و إدناء الراقصات و الراقصين؟ ما له لم يجد -هو و صحبه هيئة كبار العلماء- ما يثير غضبهم إلا أن يكون في الدنيا هؤلاء الملايين من الشباب المؤمنين الصالحين المصلحين؟

أنا أعرف مصر من خمس و عشرين سنة، و أعرفها الآن، و أشهد أن ليس فيها من خير جَدَّ إلا كان مصدره دعوة الإخوان. و هل كان فيها من قبلُ شبابٌ يملؤون المساجد، و طلابٌ يقومون الليل و يتلون القرآن، و يتزاحمون على الطاعات تزاحم غيرهم على الراقصات و السينمات؟

و ما أنا من الإخوان في قيود السجلات، و لكني منهم في العقيدة و الدين. و قد عوّدني الله أن لا أقول إلا الحق، و أن أجهر به إن خرس عنه ضِعاف الإيمان أو صرّح علماء السوء بغيره، كهؤلاء الذين كتبوا هذا البيان. هؤلاء الذين اغترّوا حين سَمّاهم الحاكمون “هيئة كبار العلماء”، و عطس إبليس في مناخرهم و زيّنَ لهم الجاه و المنصب، فبذلوا في سبيله كل شيء، حتى الدين، فجعلوا علمهم مطيّة يصلون به إلى قلب كل حاكم.

قرروا بالأمس أن فاروق من أشراف المسلمين و أنه من نسل الرسول صلوات الله عليه، ذلك لمّا كان فاروق هو الملك الذي يعطي المناصب و الرتب، فلما زال لم يستحوا أن يجعلوه شيطاناً مَريداً، بعد أن جعلوه الملك الصالح المصلح و الشريف الحسيب النسيب! و هم اليوم يقررون كفر الإخوان -أستغفر الله من رواية هذا الهذر-، و لئن عاد الإخوان غداً و صار لهم الأمر عادوا يتزلفون إليهم و يجعلونهم الهادين المهديين، و سترَون.

شِنْشِنة عرفناها من أَخْزَم و خُلُق في الصَّغار ألفناه و عرفناه. أما الإخوان فقد أثبتت الأيام أنهم صفوة المسلمين في هذا العصر، و أنهم كالذهب المصفَّى لا تزيده النار إلا صفاء.

فيا أيها الإخوان: اصبروا و اثبتوا، فإنه إن كان شيخ الأزهر عليكم فإن الأمة الإسلامية كلها معكم، و الله معكم، و من كان مع الله فلا يبالِ أحداً.

اصبروا آل عمّار، موعدكم الجنة!

و بعد، فهذه تعزية بشيخ الأزهر و هيئة كبار العلماء. لقد ماتوا، فلا تذكروا بعد اليوم شيخ الأزهر و لا هيئة كبار العلماء! و لو أنهم ماتوا و دُفنوا لكان خيراً لهم، و لكن ماتت ضمائرهم و ماتت قلوبهم، فنطقت ألسنتهم بهذا البيان الذي رضي عنه عبد الناصر و صحبه، و غضب عليهم من أجله الناس جميعاً و الملائكة، و غضب عليهم الله المنتقم الجبار.

إلى الله المشتكى، ول ا حول و لا قوة إلا بالله.

المصدر موقع هدى الإسلام

رابط المقال http://islamhudaa.com/i/%d9%85%d8%a7%d8%aa-%d8%b4%d9%8a%d8%ae-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b2%d9%87%d8%b1-%d8%b9%d9%84%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d9%86%d8%b7%d8%a7%d9%88%d9%8a/

Read 1867 times Last modified on Monday, 06 July 2015 19:01

Add comment


Security code
Refresh

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab