البارحة، كنت أتحدث مع الأستاذة الكريمة السائحي، فلاحظت لي بأن أبناء الشعب الجزائري لم يعرفوا الحوار الأسري و هذا قبل دخول الأنترنت حياتهم. فعلاقة الأخ بأخته علاقة أوامر هو السيد و هي الخادمة. فلا يعرف مشاكلها و لا تعرف مشاكله. لا يدعمها و لا تدعمه.
كل هذا بسبب تربية وثنية جزائرية تؤمن برجولة الرجل و علي الأب أن لا يحضن إبنته لأنه سيزني بها و الأخ يا ويله إن حضن أخته أو شاركها همومها فهو رجل نوميدي يحقر من شأن الأنثي الموجودة لتكون خادمته، لا كيان لها و لا مشاعر و عليها بطاعة أوامره و فقط لا يحق لها التفكير أو إبداء رأي في زواجها أو في حياتها ...
بينما عفاف عنيبة تربت في وسط أبي كان يحضنني و إخواني الذكور أشاهد معهم الأفلام أتناقش معهم في السياسة و أعرف همومهم و يعرفون همومي. و لا يرون بأس في إحتضاني لأنهم يدركون أن أختهم بحاجة إلي دفيء سواعدهم و إلي محبتهم الصادقة.
كان أبي يحاورني و يقبل رأي المخالف له و ربي إخواني الذكور علي إحترامي الإحترام الشديد. فهم لم يعترضوا علي أي قرار إتخذته في حياتي. حق تقرير مصيري بشكل مستقل تماما عنهم إحترموه و لا يزالون حتي و إن كانوا يختلفون معي أحيانا و هذا طبيعي. هم يرون في نموذج الجزائرية القوية بشخصيتها الحرة بالمعني السامي للكلمة.
هذا و قد تربوا علي مساعدتي و الوالدة الكريمة في أشغال البيت، يغسلون الصحون و يعدون أحيانا لوحدهم وجبة الغداء و كي ملابسهم.
هم إعتادوا علي رؤية أختهم قائدة عسكرية لجيش تحرير فلسطين و رغم مثالية تصوري لدوري هم يتحرقون مثلي لتحرير فلسطين كل فلسطين.
إذن أعتبر نفسي محظوظة كون الحوار كان موجود منذ صغري في البيت و حرص والداي جزاهما الله كل خير علي إنصافي وسط ذكور يعلي المجتمع الجزائري من شأنهم...
في النهاية الذهنية المتخلفة و الجهل بقيم الإسلام أودي بحظوظنا في نهضة سليمة يعامل فيه الرجل و المرأة بعدل بعيدا عن أعراف ظالمة لفترة ما قبل الفتح الإسلامي...