قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

Saturday, 08 March 2014 07:18

التنوير و التبرير...الحاجة أم التبعية

Written by  الدكتور محمد الأحمري
Rate this item
(0 votes)

التنوير يعني الإنارة، في معناه المباشر حسب بعض اللغات الغربية، و هو نفس المعنى بالعربية، وجود الإضاءة، و معناه الاصطلاحي هو علم على مدرسة فكرية سادت في أوروبا في أواخر القرن السابع عشر و الثامن عشر، و هي مجموع الأفكار المتعلقة بالله و العقل و الطبيعة و الإنسان، تركبت هذه المكونات و كونت إجماعاً واسعاً ساعد على قيام ثورة و تطوير في الفنون و الفلسفة و السياسة.

و من رؤوس هذه المدرسة أعلام التنوير الفرنسيين، و كانوا غالباً متمردين على الدين (أو الكنيسة)، و ملحدين أو مستنكرين لهيمنة الدين على الحياة، و قد استفاد من حركتهم المجتمع الغربي فائدة كبرى في مسيرته للخلاص من نفوذ القساوسة و الحكام المستبدّين، ذلك التحالف الدنس الذي كان يجمع الدنيا و الآخرة في أيدي القساوسة و القياصرة. و قد كانت الحركة أعنف و كان رجال هذه الحركة محل اضطهاد و مطاردة. و لكن أعمالاً مثل الثورة الفرنسية، كان لهم أثر كبير في انفجارها، وكان فولتير "وهو اسم كتابي له، فاسمه فرانسوا.." من الذين كانوا يرون التغيير القادم الذي ساهم كثيرا في صنعه، و ذاق مرارة الإصرار على فكرته، و تغرّب و كتب رسائله، و كان منهم روسو، و شخصيات أخرى كثيرة.

و للتنوير في بلدان الغرب أشكال تختلف من مكان لآخر، فالتنوير في بريطانيا كان متصلاً أكثر بالدين، ينقد جوانب منه و لا يتخلّص منه، و هكذا في بقية عالم البروتستانت، حيث غلبت دعوة التسامح الديني، مع شك في إلحاد أصحاب هذا التسامح، كما نقل نيوتن عن صديقه لوك، لأن نيوتن كان متديناً جداً، و لكنه كان يكفر بالتثليث، رغم أن أول عمل يقتات منه في الجامعة "كيمبرج"، أن عمل موقظاً للطلاب لصلاة السحر. أما في المناطق الكاثوليكية و بخاصة فرنسا فقد كان التنوير أقرب للإلحاد، و لمرجعية عقلية.

و غالب التنوير و العلمانية اللذان شاع ذكرهما أو ممارسة بعض ظواهرهما في العالم العربي استنسخا من الطبعة الفرنسية المتطرفة ضد الدين. و لهذا فإن من غير المناسب استخدام وصف متنوّر و كلمة "تنويري" لوصف مسلمين بها، لأنها مدرسة قائمة بذاتها، لها ملامحها، و من ذلك الموقف من الله تبارك و تعالى، نكراناً لوجوده، أو سلباً للالتزام بأمره.

و للمدرسة موقف من الكنيسة، لا يمكن نقله كما هو إلى المؤسسات الدينية في المجتمع الإسلامي، لأن الفساد الذي لحق أو يلحق بالمؤسسة الدينية لا يقارب و لا يماثل ذلك الانحراف، و لها جوانب ليست كلها صالحة، و للمدرسة رؤية لقضية العقل لا تتفق مع الإسلام.

إسلاميون أم تنويريون ؟

لا يجتمع في إنسان التنوير كاملاً بمعناه الاصطلاحي و الإسلام، فمقصود عدد من المسلمين المعاصرين بالمصطلح معنى آخر غير المصطلح المنقول، فهم فيما أفهم -و لهم أولوية التوضيح- يرون إعادة دور العقل في فهم النص، و غالبا على أصله الشرعي الأول، و نقد بعض تصرفات المؤسسة الدينية، و نقد تصرفات المؤسسة السياسية، و لهذا أصبح واجباً نحت كلمة مناسبة للمفهوم الذي يقصده بعض المسلمين.

و كثيراً ما تقف قلة المعرفة، أو ضعف اللغة، أو التساهل حاجزاً ضد صياغة اللفظ الصحيح، فينتقل المعنى السيء، ويحمل سلوكه السيء معه؛ فقد كانت سلوكيات جماعة كبيرة من التنويرين الأوروبيين الذي سمّوا أولاً بذلك علامة على الانحطاط الخلقي، و الدناءة البالغة، -كما في سير حياتهم- فقد كانت لهم أخلاق يعف عنها سقط الناس، و يترفّع عنها الملاحدة.

و التساهل في اتباع اسم المدرسة سوف ينتج -بلا ريب عندي،  أتباعاً لسمتها-، و بالتالي أتباعاً مقلّدين، يفقدون الفكرة، و من ثم ربما سيطرت على بعضهم أخلاق أهل الزندقة. و يصبح التنوير تبريراً لعدم التزامهم بشيء من الإسلام، و لا بالتنوير بمعناه الغربي، فهم أتباع للتسلط و آلاته، -ضد التنوير السياسي-، و هم مرّوجون للغزاة و لمطالبهم في تدمير المجتمع -أي ضد العقل و المصالح الاجتماعية-، فعلى الصادقين المخلصين صناعة فكرتهم بأنفسهم اسماً و مضموناً، و بهذا يتحقق لهم بعض ما يودون، و ينسجمون في فكرة أو عمل لا يصادم قناعاتهم، و لا يلحقهم بأعداء مجتمعهم، لأن فيهم من الجادين و الصادقين، و من يحبون الخير لأنفسهم و أمتهم عدد كبير، و مقدماتهم في الحاجة للتغيير و نيتهم الطيبة، لا تؤدي لما يريدون، و هم يعلمون شواهد ذلك و نتائجه، فلو قلت لشخص أنت تنويري فسوف يبحث عن الفكرة و أسلافها، يغرس جذوره عند الجذور، و يروي النبتة من المنبع، فتثمر بما لا يحبون.

المصدر : موقع طريق الإسلام 

Read 2114 times Last modified on Saturday, 17 November 2018 14:51

Add comment


Security code
Refresh

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab