(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأحد, 02 شباط/فبراير 2014 20:17

لماذا السكوت عن الانتحار الذي شاع في هذه الديار...؟؟

كتبه 
قيم الموضوع
(4 أصوات)

إن ظاهرة الانتحار التي تجذرت في المجتمع الجزائري و كادت أن تصير من أبرز السمات المميزة له عن سواه من المجتمعات العربية خصوصا، و المجتمعات الإنسانية الأخرى عموما، باتت تستلفت الأنظار و تستدعي التأمل و التفكير، لمعرفة الأسباب المسؤولة عن ظهورها، و العوامل التي ساعدت على التمكين لتطورها و انتشارها بهذه السرعة الفائقة التي تماثل تماما انتشار النار في الهشيم، و هي إلى جانب ذلك لم تختص بجنس بذاته أو فيئة عمرية معينة، بل شملت الجنسين معا و استغرقت  كل الشرائح العمرية، أي أنها استحالت إلى وباء شديد العدوى لا تقف في طريقه سدود و لا حدود، و هي باعتبارها كذلك باتت  تشكل خطرا يتهدد المجتمع الجزائري برمته، و إني لأعتقد أنها لو ظهرت في  مجتمع آخر على النحو الذي ظهرت به عندنا لشكّل لها خلية أزمة من أساطين علم النفس، و علم الاجتماع، و علماء الإحصاء، و وفر لهم كل الوسائل و الأدوات و الأموال و ألزمهم بالتفرغ لدراستها لمعرفة حجمها و الوقوف على أسبابها و العوامل المؤثرة فيها، و وضع خطة لمحاصرتها و اجتثاث أسبابها، و لما وقف منها موقف اللامبالاة الذي نقفه منها اليوم في بلادنا هذه.

حقا إنه لممّا يحز في النفس و يملأها أسى أن نقرأ في صحفنا يوميا أخبار أولئك الذين وضعوا حدا لحياتهم بهذه الطريقة المأساوية لهذا السبب أو ذاك، ثم لا نجد فيها و لو مقالا واحدا لأهل الاختصاص و ما أكثرهم في البلاد، ينقد هذه الظاهرة و يعلق على أسبابها، و يستنفر السلطات الوطنية لتتصدى لها و تتكفل بوضع حد لها.

خاصة و أن الانتحار الذي تفشى في مجتمعنا لا يرجع إلى أسباب نفسية كما هو الحال في بقية المجتمعات، و كما يحاول بعضهم إيهامنا بذلك، بل إن معظم الحالات ترجع إلى أسباب موضوعية بحتة، كالبطالة و انعدام الدخل، أو الفشل الدراسي ، أو غلاء المعيشة، أو الادمان، أو الخلافات العائلية ، و هذه كما ترون كلها أسباب موضوعية، لكنها ترفع من حدة التوتر النفسي لدى الفرد مما يفرض عليه التفكير في الانتحار و يشجعه على الإقدام عليه.

و هذه أسباب يمكن للسلطة الوطنية التحكم فيها و الحد من تأثيرها فالبطالة و انعدام الدخل يحل عن طريق تنشيط سوق العمل، و الفشل الدراسي يمكن أن يعالج بالإصلاح الجدي للمنظومة التربوية و الدروس التدعيمية، و غلاء المعيشة يمكن تجاوزه بمحاربة التضخم و تحكم الدولة في الأسعار، و الإدمان يمكن الحد من تأثيره بتشريع أكثر صرامة يجعل من الإعدام عقوبة لمروج  المخدرات مهما كانت الكمية المروجة و هكذا...

بقي أن نلفت الانتباه أن لا أحد يفكر في الانتحار أو يقدم عليه مختارا، و إنما يفعل ذلك مكرها و مضطرا، و لا أحد يقدم على الانتحار ما بقي له أمل في هذه الحياة، فإن انسدت في وجهه أبواب الأمل، ضاقت به سبل الحياة عندها و عندها فقط  يندفع إلى الانتحار و هو مقدم غير محجم، و لذلك قال الشاعر :

                        أعلل النفس بالآمال أرقبها ما                      

                                      أضيق العيش لولا فسحة الأمل   

قراءة 2005 مرات آخر تعديل على الأحد, 05 تموز/يوليو 2015 21:20