(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الإثنين, 04 حزيران/يونيو 2012 07:27

الصداقة المحرمة

كتبه 

 

في التسعينيات من القرن الماضي، جاءتني صديقتي العلمانية الجزائرية و التي إلتزمت فيما بعد بقيم الإسلام و لله الحمد، أقول جاءتني و علامات الإنشغال تبدو علي محياها :

-عفاف، صديقي اليهودي البريطاني يمر بمرحلة صعبة جدا في حياته.

-ما الجديد ؟ قلت لها مبتسمة. كان قد سبق لي و أن أعطيتها رأي في الصداقة بين المرأة و الرجل فقد كنت أنظر إلي الأمر علي أنه محرم لكنها  نظرت إلي بنظرة الإستنكار محتجة : "أنت و إلتزامك الديني، يا إلهي !!!! أسكتي من فضلك!!!"

-تصوري عفاف، أن إبنه مريض و علي الأرجح سيكون معاق.

-و ما دخلك في الأمر ؟

- كيف  لا دخل لي في الأمر ؟؟؟ فالرجل فعلا مكتئب، و قد حاولت أن أخفف عنه.

-طيب و أين زوجته، لم لم تحاول رفع معنويات زوجها ؟ قلت لها.

-زوجته مشغولة، كانت في عملها و هو إتصل بي عبر الشات ليبث لي بهمومه.

-صراحة سونية، ألا تلاحظين بأنه كان الأجدر له أن يتصل بزوجته  ؟

-و ما الضرر أن يتصل بي أنا ؟ فزوجته لها مستقبلها المهني و هي سيدة جد طموحة،

قاطعتها  بلطف:

-سونية، الإبن إبنها هي و ليس إبنك أنت، فمن المفروض أن يتوجه إلي زوجته ثم لماذا يبحث عن السلوي عندك ؟ ألم يفكر في وقع الخبر أيضا علي زوجته ؟

-لماذا عفاف تشككين دائما في نوايا الرجل ؟؟ ثم عندما سألته عن ردة فعل زوجته، قال لي بأنها تلقت الأمر بإيمان كبير ، أما هو  فإيمانه ضعيف.

-سبحان الله يهودي إيمانه ضعيف !! تمتمت بين نفسي.

شردت بذهني حتي إستفقت علي سماع صوتها و هي تقول لي :

-الشيء الذي رفع من معنوياته، هو عندما قلت له بأنه يتوجب عليه أن يكون في مستوي إيمان زوجته و أن يتشجع، فالله عز و جل قادر علي رزقهم طفل آخر سليم. سكت طويلا، حاولت أن أسليه، فأقترحت عليه زيارة الجزائر مع زوجته و إبنه، ستكون فرصة جد سعيدة لنزيد في عري الصداقة بيننا. إلا أنه قال لي و هو حزين  أنه يتعذر عليه زيارة الجزائر لأن إمكانياتهم المادية متواضعة و علاج إبنه سيكون مكلف و إنما سيكون سعيد بأن ألتقط له بعض الصور عن الجزائر العاصمة...

-إلا هذا... قاطعتها.

فنظرت إلي سونية، مندهشة:

-إلا، ماذا ؟

- لا ترسلي له صور عن العاصمة الجزائرية و قولي له بأن صور عاصمتنا يمتلأ بها محرك "ياهو"، هل قال لك الأماكن التي يجب أن تأخذي صورا لها ؟

فذكرت لي سونية قائمة من الأماكن التي لم تنتبه، أنها كانت تحتوي أماكن رسمية و مراكز شرطة و ثكنات جيش.

فنهرتها:

-سونية لا تنسي، الرجل اليهودي هذا لم ترينه أبدا و حكاية الزوجة و الإبن تكون مفبركة و من يكلمك هو عميل للموساد، فمن يطلب منك هذه الأماكن دون ذكر أسماءها و الإتجاهات يكون حتما عميل إسرائيلي و لكنه يريد صور  فوتغرافية واضحة لمداخل و مخارج الأماكن، فأحذري من فضلك.

نظرت لي سونية مشدوهة :

-هل تظنين الأمر كذلك ؟

-نعم، أكيد راجعي خريطة العاصمة و سترين أن الإتجاهات التي ذكرها تحوي أماكن وزارات و مراكز أمنية

سونية، لماذا يهودي يصادق جزائرية لا تعترف بحق "إسرائيل" الكيان الغاصب في الوجود، ألم تقولي له ذلك في مرة من المرات ؟

-بلي.

-طيب، ألم يسألك مرة هل تصلين أم لا ؟

-بلي.

-ألم يلاحظ لك أننا نحن المسلمين نتقاتل فيما بيننا و أعطاك كدليل أننا ما نعيشه اليوم في الجزائر من تقاتل دليل قاطع علي أن الإسلام دين مطعون فيه و أنهم هم اليهود لم يتقاتلوا فيما بينهم  أبدا و قد فاتك أن تردي عليه بأن من قتل إسحاق رابين هو إيغال امير يهودي متعصب و أن جرائم القتل في كيانهم الغاصب منتشرة ؟

-بلي بلي، صحيح سآخذ حذري منه لكن يبقي الشك وارد عفاف و في حالة ما كان صادقا في قوله ؟

-سونية رجل يهودي يطعن في ديننا الإسلام متهما إياه بأنه يحث علي التناحر و التقاتل و أنت لازلت تصدقين بأن الرجل نواياه بريئة ؟

-لكن عفاف الرجل لم يكذب  ألا نتقاتل نحن الآن في الجزائر ؟ ردت علي بعصبية سونية.

-سونية، نحن نعيش في الجزائر فتنة و الفتنة أشد من القتل و المسؤولين عنها نعرفهم تماما،  و بالنسبة لي شخصيا كل الأطراف المتنازعة في بلدنا مدانة و الجزائري الذي يقتل أخاه من أجل خلاف سياسي، سامحيني إيمانه مشكوك فيه. فنحن نعيش إنحراف عن الإسلام و الإسلام بريء مما يجري في بلدنا.

-آه عفاف منطقك غريب، علي كل إطمئني لن أرسل له صور.

-ماذا ستقولين له الآن و أنت وعدتيه بأن تصوري له تلك الأماكن ؟

-أقول له الحقيقة، أنه ممنوع علينا تصوير هذه الأماكن مخافة أن تسقط الصور في أيدي عملاء الموساد.

-رائع !! قلت لها و سترين الرجل سيقطع معك علاقة الصداقة بعد مدة قصيرة من رفضك هذا و ستأتين و تقولين لي أنني كنت علي حق.

مرت الأيام و الأسابيع و بعد شهر إلتقيت سونية، فوجدتها حزينة:

-ما بك ؟

-كنت علي حق، فيما يخص من حسبته صديقي اليهودي البريطاني، فقد قطع علاقته معي بعد ثلاثة أسابيع من رفضي لإلتقاط الصور.

-سونية  و ما الذي يجعلك حزينة هكذا ؟

-كيف صدقت الرجل عندما عرض علي صداقته في أول مرة ؟

-إسألي نفسك و أبحثي عن تفسير هذه الآية من سورة النساء الآية 25 بسم الله الرحمن الرحيم (و آتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات و لا متخذات أخدان) و ستفهمين عندها حتما حكمة ديننا الإسلام في تحريم علاقة الصداقة بين الرجل و المرأة خارج العقد الشرعي ألا و هو الزواج.

قراءة 2572 مرات آخر تعديل على الإثنين, 05 تشرين2/نوفمبر 2018 14:47
عفــــاف عنيبـــــة

أديبة روائية إسلامية أحرر ركنا قارا في الصحافة المستقلة منذ 1994 في الصحف التالية: أسبوعية الوجه الآخر، الحقيقة، العالم السياسي، كواليس و أخيرا البصائر لسان "حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين."