-تصوري عفاف، أن إبنه مريض و علي الأرجح سيكون معاق.
-و ما دخلك في الأمر ؟
- كيف لا دخل لي في الأمر ؟؟؟ فالرجل فعلا مكتئب، و قد حاولت أن أخفف عنه.
-طيب و أين زوجته، لم لم تحاول رفع معنويات زوجها ؟ قلت لها.
-زوجته مشغولة، كانت في عملها و هو إتصل بي عبر الشات ليبث لي بهمومه.
-صراحة سونية، ألا تلاحظين بأنه كان الأجدر له أن يتصل بزوجته ؟
-و ما الضرر أن يتصل بي أنا ؟ فزوجته لها مستقبلها المهني و هي سيدة جد طموحة،
قاطعتها بلطف:
-سونية، الإبن إبنها هي و ليس إبنك أنت، فمن المفروض أن يتوجه إلي زوجته ثم لماذا يبحث عن السلوي عندك ؟ ألم يفكر في وقع الخبر أيضا علي زوجته ؟
-لماذا عفاف تشككين دائما في نوايا الرجل ؟؟ ثم عندما سألته عن ردة فعل زوجته، قال لي بأنها تلقت الأمر بإيمان كبير ، أما هو فإيمانه ضعيف.
-سبحان الله يهودي إيمانه ضعيف !! تمتمت بين نفسي.
شردت بذهني حتي إستفقت علي سماع صوتها و هي تقول لي :
-الشيء الذي رفع من معنوياته، هو عندما قلت له بأنه يتوجب عليه أن يكون في مستوي إيمان زوجته و أن يتشجع، فالله عز و جل قادر علي رزقهم طفل آخر سليم. سكت طويلا، حاولت أن أسليه، فأقترحت عليه زيارة الجزائر مع زوجته و إبنه، ستكون فرصة جد سعيدة لنزيد في عري الصداقة بيننا. إلا أنه قال لي و هو حزين أنه يتعذر عليه زيارة الجزائر لأن إمكانياتهم المادية متواضعة و علاج إبنه سيكون مكلف و إنما سيكون سعيد بأن ألتقط له بعض الصور عن الجزائر العاصمة...
-إلا هذا... قاطعتها.
فنظرت إلي سونية، مندهشة:
-إلا، ماذا ؟
- لا ترسلي له صور عن العاصمة الجزائرية و قولي له بأن صور عاصمتنا يمتلأ بها محرك "ياهو"، هل قال لك الأماكن التي يجب أن تأخذي صورا لها ؟
فذكرت لي سونية قائمة من الأماكن التي لم تنتبه، أنها كانت تحتوي أماكن رسمية و مراكز شرطة و ثكنات جيش.
فنهرتها:
-سونية لا تنسي، الرجل اليهودي هذا لم ترينه أبدا و حكاية الزوجة و الإبن تكون مفبركة و من يكلمك هو عميل للموساد، فمن يطلب منك هذه الأماكن دون ذكر أسماءها و الإتجاهات يكون حتما عميل إسرائيلي و لكنه يريد صور فوتغرافية واضحة لمداخل و مخارج الأماكن، فأحذري من فضلك.
نظرت لي سونية مشدوهة :
-هل تظنين الأمر كذلك ؟
-نعم، أكيد راجعي خريطة العاصمة و سترين أن الإتجاهات التي ذكرها تحوي أماكن وزارات و مراكز أمنية
سونية، لماذا يهودي يصادق جزائرية لا تعترف بحق "إسرائيل" الكيان الغاصب في الوجود، ألم تقولي له ذلك في مرة من المرات ؟
-بلي.
-طيب، ألم يسألك مرة هل تصلين أم لا ؟
-بلي.
-ألم يلاحظ لك أننا نحن المسلمين نتقاتل فيما بيننا و أعطاك كدليل أننا ما نعيشه اليوم في الجزائر من تقاتل دليل قاطع علي أن الإسلام دين مطعون فيه و أنهم هم اليهود لم يتقاتلوا فيما بينهم أبدا و قد فاتك أن تردي عليه بأن من قتل إسحاق رابين هو إيغال امير يهودي متعصب و أن جرائم القتل في كيانهم الغاصب منتشرة ؟
-بلي بلي، صحيح سآخذ حذري منه لكن يبقي الشك وارد عفاف و في حالة ما كان صادقا في قوله ؟
-سونية رجل يهودي يطعن في ديننا الإسلام متهما إياه بأنه يحث علي التناحر و التقاتل و أنت لازلت تصدقين بأن الرجل نواياه بريئة ؟
-لكن عفاف الرجل لم يكذب ألا نتقاتل نحن الآن في الجزائر ؟ ردت علي بعصبية سونية.
-سونية، نحن نعيش في الجزائر فتنة و الفتنة أشد من القتل و المسؤولين عنها نعرفهم تماما، و بالنسبة لي شخصيا كل الأطراف المتنازعة في بلدنا مدانة و الجزائري الذي يقتل أخاه من أجل خلاف سياسي، سامحيني إيمانه مشكوك فيه. فنحن نعيش إنحراف عن الإسلام و الإسلام بريء مما يجري في بلدنا.
-آه عفاف منطقك غريب، علي كل إطمئني لن أرسل له صور.
-ماذا ستقولين له الآن و أنت وعدتيه بأن تصوري له تلك الأماكن ؟
-أقول له الحقيقة، أنه ممنوع علينا تصوير هذه الأماكن مخافة أن تسقط الصور في أيدي عملاء الموساد.
-رائع !! قلت لها و سترين الرجل سيقطع معك علاقة الصداقة بعد مدة قصيرة من رفضك هذا و ستأتين و تقولين لي أنني كنت علي حق.
مرت الأيام و الأسابيع و بعد شهر إلتقيت سونية، فوجدتها حزينة:
-ما بك ؟
-كنت علي حق، فيما يخص من حسبته صديقي اليهودي البريطاني، فقد قطع علاقته معي بعد ثلاثة أسابيع من رفضي لإلتقاط الصور.
-سونية و ما الذي يجعلك حزينة هكذا ؟
-كيف صدقت الرجل عندما عرض علي صداقته في أول مرة ؟
-إسألي نفسك و أبحثي عن تفسير هذه الآية من سورة النساء الآية 25 بسم الله الرحمن الرحيم (و آتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات و لا متخذات أخدان) و ستفهمين عندها حتما حكمة ديننا الإسلام في تحريم علاقة الصداقة بين الرجل و المرأة خارج العقد الشرعي ألا و هو الزواج.