قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 14 آب/أغسطس 2014 08:08

بيت في الجنة

كتبه  الأستاذة رقية القضاة من الأردن الشقيق
قيم الموضوع
(0 أصوات)

على ضفاف النيل المنساب بين المساحات المؤتلقة بالاخضرار، و بين ظلال النّخيل الوارفة المتماوجة ما بين الشمس و الظلال، قام قصر الفرعون الكبير، مرتفع البناء واسع الشرفات، تعانق أبراجه الغيوم و تغرق سلالمه الحجرية المصقولة في مياه النيل، و حوله الحرّاس الأشدّاء يحرسون القصر و أهله، و عبر بواباته العريضة يدلف الجند المسلّحون و هم يسوقون امامهم ما اقتطعوه من أقوات الشعب المقهور، و قد انتشى الجند بشعور الفخر و هم يترقبون كلمات الثناء من ذلك الفرعون الذين ادعى الألوهية افتراء، و أيّده اعلامه ممثلا في سحرته الذين كانوا يشكلون عقول الناس و يتلاعبون بحياتهم، فالّلهه شعبه قهرا و غباء و جهلا.

في هذا القصر البديع الانشاء، الذي يجسّد الصورة الكاملة للترف و الرخاء، عاشت ملكة مصر و زوجة الفرعون، السيدة الاولى في بلادها، عاشت حالة هي الاخرى مجسّدة للترف و الرفاهية، و الرغد المطلق، و تحصّلت هذه الملكة على قلب زوجها و شعبها، و صار عيشها الناعم أغنية في قلوب النساء المحرومات، و ترنيمة على ألسنتهن، تضجّ بالامنيات، أحلام و أحلام تنساب في الأرواح الشقيّة المسلوبة الكرامة و الحرية، تماما كما كان مجد فرعون و ملكه، حلما يراود الرجال الكادحين، و بطبيعة الحال لم تكن تلك الفئة لتحلم بالملك و السلطة، و لا حتى بنفس درجة الرفاه الذي يتمتع به الفرعون و أسرته، و لا حتّى جنوده الطغاة، و بطانته الفاسدة المفسدة، و لكن حدّ الاحلام لديهم كان يلامس سقف الشّبع و الكساء، و يصل نقطة الحرية في التفكير و التملك المشروع، ان يمتلك الحصادون قمحهم و حبّهم الذي زرعوه و رعوه و حصدوه، و أن يمتلك الرعاة نتاج ما رعوه و علفوه، و أن ينعم صغار التجار و الصناع بثمرة جهدهم المتتابع ليل نهار، و لكن هيهات كان الفرعون يأكل النتاج، و يخزن الحصاد، و يكنز المال المسلوب من شعبه المقهور، ليل طويل يلف مصر، و فرعونها جاثم على مقدراتها، و حزن مقيم يلف القلوب الكليمة، و جند فرعون يتحكمون بالارواح الرخيصة، و انكسار ذليل يرتسم على وجوه البسطاء و هامان وزير فرعون يعد على الناس انفاسهم، في جو من الرّهق و العبودية منقطع النظير عاش أهل مصر و خاصة بنو اسرائيل المستعبدين الاذلاء في ملك الملك المتالّه المتجبر.

 

و تنظر عين الله الرّحيمة إلى هذا الشعب المقهور، و يرسل نبيه موسى عليه الصلاة و السلام إلى فرعون و ملأه بآيات الرحمة و العدل و الإنسانية، فيرفضها فرعون رفضا قاطعا، مشفوعا بسوء الادب مع ربّ العزّة جل و علا، و ينظر الفرعون حوله، فيرى النعيم الجليّ، و العيش الرّخي، و يرى القصور و الدور، و المال الوفير، و عبادة المقهورين له، و تأليه الجند لفرعنته، فينادي بلغة الكبر و لسان الحمق، و طيش الغرور{أنا ربكم الأعلى }

و تمتد كلمات الله الطيبة تلامس القلوب الطيبة، و تنبثق أشعة الهدى في النفوس المرهقة المتمنية للسعادة و الكرامة، و تدخل إلى قصر الفرعون دون ان يدري، فتؤمن ماشطة نساء بيته بدين موسى، و تخلص ولاءها لله رب العالمين، و يتناقل سكان القصر النبأ حتى يصل مسامع فرعون، فيأمر بإحضارها أمامه، و تبدأحوارية الحق و الباطل، و مراودة الحق للباطل عن معتقده، فلا يجد الفرعون لدى تلك الأمة الرقيقة إلا الإصرار على التوحيد، فيهددها بقتل أولادها فلا تتراجع و كيف يرجع الى الضلال من نعم بشعور الحق الهداية ؟

و تشهد إمرأة فرعون جلسة المحاورة ثم التهديد ثمّ القتل، و تسمع صوت الطفل و قد انطقه الله ليثبّت أمّه على الحق {يا اماه اصبري فإن لك عند الله  من الثواب كذا و كذا }و ترى الأم و هي تقدّم نفسها و ولدها فداء عقيدتها و دينها فتلامس الكلمات الندية قلبها الطيب الرهيف فتدخل في دين الله مقتنعة بعظمته و كماله.

و تقلّب آسية إمراة فرعون ذكرياتها في قصرها و مع زوجها، فتجد سنين من الملك العريض و الحب الكبير، و الإكرام و النعمة الفارهة، و لكنها تجد في قلبها إعراضا عن كل هذا، فروحها تتوق إلى الجنّة، تلك التي وعد الله بها من آمن و عمل صالحا، و فرعون عمله غير صالح، إنه صورة الفساد، الفساد في المعتقد و الفساد في الحكم و الفساد في الآدمية، فتعافه نفسها و ينفيه قلبها، و يرتبط القلب الطاهر بمن خلقه، و يخلص الولاء لله، فتهون الحياة، و ترخص الرّوح، و تصغر الدنيا المنعّمة و الرفاه العريض في عينها، فما تطلبه أكبر و أعظم، إنّها الروح التوّاقة للاستشهاد و الجنة و الخلود.

 

و يصل نبأ اسلامها إلى فرعون فيفاوضها على النكوص، و يذكّرها بفضله عليها و حبه إيّاها، و إكرامه لها، فتتمسّك بدينها، و يعذبها فلا تتراجع، و يأمر بقتلها، و تدرك أن لحظة لقاء الله قد أزفت، فتتوجّه إلى ربّها العظيم بدعاء خالص من قلب مفعم باليقين و الرضى، دعاء المقبل على الله المدبر عمّا سواه، لتكون مثلا لمن كان يرجو الله و اليوم الآخر.

و تنالها عناية الكريم الودود، و يستجيب اللطيف الخبير لدعاءها و يسطر في كتابه الكريم، شهادتها و يثبتها لها و يجعلها مثلا للمؤمنين و الصّابرين و المستمسكين بحبل الله، و يجعلها زوجة لرسول الله صلى الله عليه و سلم في الجنّة فيقول جل و علا في كتابه الكريم{و ضرب الله مثلا للّذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت ربّ ابن لي عندك بيتا في الجنة و نجّني من فرعون و عمله و نجّني من القوم الظّالمين}.

قراءة 1384 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 07 تموز/يوليو 2015 21:16

أضف تعليق


كود امني
تحديث