لقد خلق الله الأشهر و فاضل بينها، فقال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة: 36]. و هي ذو القعدة، و ذو الحجة، و محرم، و رجب.. و هذا هو الفضل الوحيد لشهر رجب، و الناس يقعون في أخطاء مبتدعة أو بُنيت على أحاديث ضعيفة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عامة الأحاديث المأثورات في فضل رجب كلها كذب.
و قد بدأت جُلّ هذه البدع الرجبية بعد المائة الرابعة. فماذا يُصنع في رجب؟ و ما حكمه؟ نوضحه فيما يلي:
أولاً- التهنئة:
التهنئة بدخول شهر رجب بقولهم: اللهم بارك لنا في رجب و شعبان و بلغنا رمضان. قال أهل العلم: هذا حديث ضعيف. و قد انتشر ذلك في جوَّالاتهم و رسائلهم، و من ثَمَّ فالذي يفعل ذلك شارك في نشر الضعيف.
ثانيًا- الصلاة:
قال ابن رجب رحمه الله: "فأما الصلاة فلم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة، و أما صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من شهر رجب كذب و باطل لا تصح، و هذه الصلاة بدعة عند جمهور العلماء". و صلاة الرغائب ثنتا عشرة ركعة.
ثالثًا- الصوم:
تخصيص بعض الأيام بصيام، قال ابن رجب رحمه الله: "و أما الصيام فلم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي و لا عن أصحابه".
رابعًا- العمرة:
العمرة الرجبية، و لا يشرع أن يخص رجب بأداء العمرة فيه دون غيره من الشهور، و ما يسمى بالعمرة الرجبية بدعة منكرة.
خامسًا- الذبح:
كانت العرب في الجاهلية يتقربون إلى الله بالذبح في رجب؛ تعظيمًا للأشهر الحرم و رجب أوَّلها. و فعلها في شهر رجب و اعتقاد أفضليتها فيه مخالفة للسُّنَّة؛ فإن الصحيح أنها منسوخة، فيكون فعلها محرمًا لحديث: "لاَ فَرَعَ وَ لاَ عَتِيرَةَ"[1]. و لو كان مشروعًا، لفعله الصحابة .
و قد اختلف الفقهاء في مشروعية الذبح في رجب على قولين، الأول قول الشافعي أنه كان مشروعًا ثم نُسخ بحديث "لا فرع و لا عتيرة". و هذا قول الجمهور من الحنفية و المالكية و الحنابلة.
سادسًا- الاحتفال بليلة الإسراء و المعراج:
فإن الاحتفال بذلك بدعة؛ لأنه لم يفعله النبي و لا الصحابة ، و لأن تاريخها غير معروف لا شهرًا و لا يومًا، و الخلاف في ذلك مشهور.
لذا يجب على المسلم العمل على الكتاب و السنة و البعد عن البدعة، قال الله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَ لاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الأعراف: 3]. و قال : "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ"[2]. و قال الإمام مالك رحمه الله: من قال بدعة حسنة، فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة.
و صلى الله و سلم على نبينا محمد و آله و صحبه أجمعين.
[1] رواه البخاري ومسلم. والفرع: أول نتاج كان ينتج لهم، كانوا يذبحونه لطواغيتهم. و العتيرة في رجب.
[2] رواه البخاري ومسلم.