قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الإثنين, 08 تشرين2/نوفمبر 2021 12:05

التكامل المعرفي في الإسلام (التكامل بين الوحي والعقل أنموذجا)

كتبه  الأستاذة أروى عبدالرحمن محمد البرادعي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

بقدوم القرآن تفتَّحتْ أبواب الحياة على الإنسان، وشعر بكينونته التي فقدها لقرون، تحت شعار "المذهب الإنساني" الذي أقيم على مركزية الإنسان، والذي جعله مركزًا للكون، مما جعله يدور حول ذاته منقطعًا عن ربه وعن محيطه وجذوره؛ وبذلك وجد الإنسان نفسَه يتخبط في عبثية الوجود (العلواني، 1425، ص: 15)، حتى جاء الإسلام واحتوى العالم بعدما غُمر بين براثن الظلام والجهل، فكان القرآن للإنسان كالنور الذي فتح آفاق عقله، ورحابَ روحه، وشتات نفسه. ففهم الإنسان به موقعه في هذا العالم، وحقَّ نفسه ومكانة الحياة من حوله، من خلال نظام معرفيٍّ إسلامي متكامل ظهرت معه حقيقةُ التكامل.

نظر الإسلام إلى الإنسان نظرة شموليه تكاملية غطَّت جميع جوانبه واحتياجاته، فكان هذا القرآن تبيانًا لشتى عوالم الكون ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل: 89]، تنوَّعت به آفاق المعارف، وتفتحت به وسائل الإدراك، وتبيَّنت به طرائق الفهم، ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [العنكبوت: 20]، وقوله عز سبحانه: ﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾ [الرحمن: 3، 4].

وتتميز المعرفة في الإسلام بأنها تكاملية، "ويُقصد بالتكامل أي التكامل في ثلاثة مستويات متلازمة، وهي: التكامل بين مصدرَي المعرفة: الوحي والوجود، التكامل بين أداتَي المعرفة، والتكامل بين المصادر والأدوات" (قاسمي، 2018، ص: 156)، وبيَّن القرآن موقع الإنسان من المعرفة والحقيقة، ودوره في اكتساب هذه المعرفة، وموقع العقل والإدراك ووسائله، والطريقة الصحيحة لاكتساب المعارف، بتكامل معرفيٍّ يشمل عالم الغيب وعالم الشهادة، والتكامل بين مصادر المعرفة وأدواتها، وبين العلم والنظر، والوحي والعقل، بإبداع وتوزان، "فالقرآن الكريم يرينا الترابطَ والتفاعل بين الظاهرات الطبيعية المختلفة، وبينها كلها وبين الإنسان، وهذا إذا دلَّ على شيء فإنما يدل على أن فلسفة التربية الإسلامية فلسفةٌ مؤمنة توحيدية، تقوم على المواءمة بين العلم والدين، أو التوحيد والكون، من غير حدوث تناقض، أو نشوء اضطراب" (الدغيشي، 2017، ص: 152).

والناظر لآيات القرآن يرى أن آياته الكريمات تدور حول مبدأ الحقيقة، وأن الهدف من النظر في آفاق الكون والأنفس هو لتحقيق هذا المبدأ ووحدة المعرفة القائمة على مبدأ التوحيد، وقد جعل الفاروقي بابًا في كتابه التوحيد بوصفه مبدأ المعرفة، وأشار إليه بأنه "الإقرار بأن الله تعالى هو الحق، وأنه واحد أحد لا شريك له. ويستبطن هذا الإقرارُ وجوبَ رد أمر البتِّ في كل خلاف وفي كل شك إليه سبحانه وتعالى، فالتوحيد إقرار بأن الحقيقة قابلة لأن تُعرف، وأن بوسع الإنسان أن يصل إليها" (الفاروقي، 1435، ص: 99).

والتوحيد هو باب التكامل المعرفي في الإسلام باعتباره مبدأً لوحدة الحقيقة، وتعني "التفتح لقبول البينات الجديدة أو المخالفة، وهذا المبدأ يحمي المسلم من الحاجة إلى المذاهب الأخرى الليبرالية، والتطرف أو المحافظة المؤدية إلى التجمد والسكون، وهو يرتفع به إلى التواضع الفكري، وتفرض عليه النطق بعبارة "الله أعلم"؛ لأنه مقتنع بأن الحقيقة أكبر من أن يحيط بها الإنسان في أي وقت" (عكاشة، 1433، ص: 33).

فالتوحيد بتأكيده على وحدانية الله تعالى المطلقة، يؤكد على وحدة مصادر الحقيقة، فالله تعالى هو خالق الطبيعة التي يستقي الإنسان معرفته بها. فكل ما في الكون يدل بجلاء على أن الخالق واحد، ويدل على العلاقة بين الخليقة وخالقها، وعلى تدبيره الدائم للوجود، فوحدانية الله ووحدة الحقيقة أمران متلازمان؛ لكونهما وجهان لحقيقة واحدة (الفاروقي، 1435، ص: 100)، وغياب التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة وحقيقة التوحيد ومعنى العبودية قد أحدث كثيرًا من الخرافات والجهالات والانحرافات الفكرية والعقدية، وأدى إلى مجهولية الحياة للإنسان، وبالتالي مجهولية مصادر المعرفة فيها.

وتتضح أبعاد التكامل المعرفي في مصادر المعرفة في الإسلام والتي اتفق عليها العلماء بأن المصدر الأول فيها هو "الوحي"، الذي كشف للإنسان حقائق ما كان ليصل إليها بدونه، ثم "العقل" الذي يستطيع كشف أنواع من الحقائق، و"الحس" الذي يهيئ للعقل مادة المعرفة، عن طريق المدركات الحسية (الزنيدي، 1412، ص: 96).

"إن اعتبار الوحي الإلهي المصدر الأصل من مصادر المعرفة لا يلغي دور العقل الإنساني، ولا يعطل دور الإدراك البشري، كما أن وجود الكون لا يلغي دور العقل، بل يفتح أمامه أبوابًا للمعرفة" (العلواني، 1425، ص: 72)، "فالوحي هو المنسق والمرشد والهادي بإشاراته المتكررة إلى الموجودات والهيئات والأشكال والأبعاد والحركات في طبيعة الوجود، والعقل بأدواته ينساق إلى تلك الإشارات، ويهتدي بها وفق التنسيق الذي وجد له في طبيعتيهما، فالوحي يرشد العقل ويهديه إلى المباشرة والبحث عن حقائق الموجودات والتزود من معانيها المعرفية. فوحي القرآن هو الوحي الذي نسق بين وحي الطبيعة وعقل الإنسان، والعلاقة بينهم علاقة دورية تكمن في التكامل الحقيقي المتلازم في إتمام المهام على وجه الدقة والترتيب" (محمود، 2016، ص: 156)، وقد قيل: "‌لولا ‌الكتاب ‌لأصبح ‌العقل حائرًا، ولولا العقل لم يُنتفع بالكتاب" (الأصفهاني، 1428، ص: 142).

وفائدة إرشاد الوحي وتوجيهه يوفر للعقل أمرين: الأول: أنه يحفظه من التوجه الخاطئ إلى خيالات وموضوعات لا وجود لها في عالم الخلق؛ لأن العقل لا يستطيع الوصول إلى معرفة في غير مادة موجودة. والثاني: أن إرشاد الوحي يحفظ العقل يقظًا إلى الهدف من البحث والمعرفة، وهو معرفة الله وعبادته لا التجبر والعلو في الأرض، ولأن مصدر المعرفة هو الله فلا يدَّعيها ويدخله العجب والطغيان. (الكيلاني، 1407، ص: 255-256).

وقد اهتم القرآن بالعقل واتبع المنهج الاستدلالي العقلي؛ كونه وسيلة الفهم والإدراك والوصول للمعرفة، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ ﴾ [الروم: 8]، إن "الدليل العقلي هو مستوى أرفع من المشاعر الحسية في سبل المعرفة والإدراك، فالعقل ليس مادة حتى يدرك بالحواس والمشاعر.. وكذلك الموت والحياة، فبدون الدليل العقلي لا يمكن مناظرة أصحاب المقولات الفلسفية المخالفين للإسلام" (عمارة، 2008، ص: 24).

وظهر في النظريات الحديثة من يفرِّق بين العقل والوحي، أو العلم والإيمان، في محاولة لفكِّ التلازم والترابط بينهما، إلا أن منهج الإسلام أثبت زيف معتقداتهم، وأن العلم وحده لا يكفي؛ إذ لا يكتمل إلا بالإيمان، وأن التعارض أو التضاد بين العقل والوحي قد يقع في ذهن الإنسان، كما أشار إلى ذلك النجار فذكر أن " التعارض بين النقل والعقل قد يقع حين يقع في ذهن الإنسان وعقله؛ لنقص في استيعابه أو غفلة عن جانب، أو نقص في الوسائل والأدوات، واستكمال ذلك من شأنه أن يزيل التعارض الموهوم أو المفترض. وأيًّا كان فإن النص يبقى هو المرجع والأساس، ولا بد من حسنِ فهمه على ضوء الواقع الزماني والمكاني، والإطار اللغوي، وسائر أدوات ووسائل فهم النصوص" (النجار، 1413، ص: 19 -20).

وقد ذكر الفاروقي أيضًا أنه قد يتعارض الوحي مع العقل؛ أي: مع نتائج التمحيص العقلي والإدراك المعرفي العقلاني، وفي مثل هذه الحالة يعلن الإسلام أن التعارض ليس نهائيًّا، ويوجه الفاحص إلى واحد من ثلاثة خيارات: مراجعة فهمه للوحي، أو مراجعة النتائج العقلية التي توصل إليها، أو القيام بهاتين العمليتين معًا. فالتوحيد بوصفه مبدأ لوحدة الحقِّ ينفي اعتبار التعارض نهائيًّا، ويطالبنا بالتفكير مرة أخرى في المقولات التي تبدو متعارضة، منطلقًا من التسليم بحتمية وجود بُعْد لم يضعه الفاحصُ في اعتباره، وإذا وضعه في اعتباره سيزول التعارض المتصور. (الفاروقي،1435، ص: 101).

"ومثل هذه الإحالة إلى العقل أو إلى الفهم لا تتعلَّق من قريب أو بعيد بتحقيق انسجامِ الوحي ذاته، بل بتحقيق انسجام تفسيرنا أو فهمنا البشريِّ له، فالوحيُ أسمى من أن يعبث به الإنسان، كل ما في الأمر أن تلك المراجعة تجعل فهمَنا للوحي متمشيًا مع الدليل المتراكم الذي كشف عنه العقل، وعلامة عقلانية المسلم أنه يصر على وحدة مصدرَي الحقيقة: الوحي والعقل". (المرجع السابق، ص: 102).

لقد تفرَّد المنهج الإسلاميُّ بهذه النظرة المتوازنة، التي جعلت النقل يخاطب العقل ويرتاد له المواطنَ التي لا يحسن ارتيادها ولا يملك أدواتها من عالم الغيب الفسيح، وجعلت العقلَ يَعقِلُ النقلَ ويفهمه ويستدل به ويرتاد له أفضلَ سبل التطبيق على الواقع، فلا أحد منهما يمكن أن يكون بديلًا للآخر، وكل منهما من عند الله عز وجل؛ فالنقلُ هبة الله تعالى للبشرية؛ ليهديها سبلها، ويُخرِجَها من الظلمات إلى النور، والعقلُ هو الطاقة المستقبلية للوحي القادرة على تلقِّيه وفهمه، والاستفادة به وتنزيله على الواقع. (العلواني، 1425، ص: 76).

ومما سبق يتضح أن التكامل المعرفيَّ قائمٌ على مبدأ الحقيقة ومبدأ الوحدانية، ومن أبرز مظاهر التكامل المعرفي في الإسلام التكاملُ بين مصادره، ومن أبرزها الوحي والعقل؛ فالوحي يسلِّح المؤمن بمبادئ العقل في ميادين المعرفة، ويوجِّه العقل لتحقيق الغاية من المعرفة.

وهذا التكامل بين آيات الوحيِ وآفاق الكون والأنفُس صفةٌ تتميز بها المعرفةُ الإسلامية، ولتحقيق هذا التكامل المعرفيِّ يتطلب التسلح الكامل بالقرآن الكريم وجعله مرجع المعرفة، والنظر والتدبر في آفاق الكون والأنفس حتى يصل للرسوخ في العلم والتعمق في الفهم، وكلُّ ذلك يصب في حقيقة التوحيد بشقَّيه الألوهية والربوبية، فيقوم الإنسان بتحقيق الأمانة والاستخلاف على أكمل وجه.

والحمد لله رب العالمين

المراجع:

الأصفهاني، الحسين بن محمد (1428): الذريعة إلى مكارم الشريعة. القاهرة: دار السلام.

الدغيشي، أحمد (2016): نظرية المعرفة في القرآن الكريم وتضميناتها التربوية. الأردن: مركز الكتاب الأكاديمي.

الزنيدي، عبدالرحمن (1412): مصادر المعرفة في الفكر الديني والفلسفي. دراسة نقدية في ضوء الإسلام. الرياض: مكتبة المؤيد.

عكاشة، رائد جميل (1433): التكامل المعرفي أثره في التعليم الجامعي وضرورته الحضارية. المعهد العالمي للفكر الإسلامي. لبنان

العلواني، طه جابر (1425): نحو منهجية معرفية قرآنية. بيروت: دار الهادي.

الفاروقي، إسماعيل (1435): التوحيد مضامينه على الفكر والحياة. ترجمة: السيد عمر. مدارات للأبحاث والنشر. مصر.

قاسمي، عمار (2018): التكامل المعرفي- مقاربة مفاهيمية. مجلة آفاق علمية. م10، ع1. (ص.ص.141 – 171)

الكيلاني، ماجد (1407): فلسفة التربية الإسلامية دراسة مقارنة بين فلسفة التربية الإسلامية والفلسفات التربوية المعاصرة. مكة المكرمة: مكتبة المنارة.

محمود، رواد (2016): عقل الإنسان بين وحي الطبيعة والقرآن. مجلة إسلامية المعرفة. ج 2، ع 2 . (ص. ص: 149 - 177).

النجار، عبدالمجيد (1413): خلافة الإنسان بين الوحي والعقل بحث في جدلية النص والواقع. الولايات المتحدة: المعهد العالمي للفكر الإسلامي.

الرابط : https://www.alukah.net/culture/0/150206/

قراءة 791 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 10 تشرين2/نوفمبر 2021 10:12

أضف تعليق


كود امني
تحديث