قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 29 أيار 2021 09:57

علم فهم الاستعمار الجديد

كتبه  الدكتور محمد موسي باباعمي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 سبق أن قرأتُ للمسيري في مذكراته مقولةً تؤكِّد أنَّه يَخشى أن يطالع مؤلفاتِه العلماءُ الرسميُّون، الذين ألِفوا الانضباط في إطار علمٍ واحدٍ، بصرامةٍ موضوعيَّة متلقِّية، وبمنهجية أُحادية رَتيبة؛ فقال المسيري ما معناه: "إنني أؤلِّف لأولئك الذين يملكون رؤية كونيةً واسعة، عابرةً لحدود العلوم الكلاسيكية، ومتجاوزة للتدقيقات المعرفية المألوفة".

فهل هذه دعوة للتمييع والتبسيط؟

وهل هي محارَبة للدقَّة والاختصاص والالتزام العلميِّ؟

يبدو أنَّ الأمرَ أعقدُ من ذلك؛ فالتخصُّص بدايةً، وفي فترة التحصيل العلميِّ، ضرورةٌ وواجبٌ على كلِّ ممارس للعلم؛ ثمَّ إنَّ التحرُّر من قيود التخصُّص، نهايةً، وفي مرحلة العطاء، كذلك، ضرورةٌ وواجبٌ.

ولنُعطِ مثالاً بطبيب متخصِّص في إحدى الفروع الدقيقة لعلم الطبِّ، فإنَّه -ولا شكَّ- مطالَبٌ بالتحكُّم في دقائق تخصُّصه، ومدعوٌّ للعمل وفقًا لأصول ذلك الفنِّ؛ لكنَّه ما إن يلتقي بالمريض، يستحيل عليه أن يجده "مادة جوفاء صمَّاء" قابلةً للتحليل من منظور ذلك التخصُّص فقط؛ بل سيجده "مركَّبًا" من مداخل كثيرة: جسديةٍ، ونفسية، واجتماعية، وعقدية، وفكرية، وفنية... بحيث يؤثِّر كلُّ جانب على الجوانب الأخرى بالضرورة، ولا ينفصل عنها؛ وهنا يتعيَّن على طبيبِنا المتخصِّص أن يخلع المعطف الأبيض الرسمي (médicale blouse )، ويستعيد حقيقته الإنسانية المركَّبة، ثم يحاول أن يعامل مريضَه معاملةَ "إنسانٍ لإنسان"، لا معاملة "مادة لإنسان"، أو "آلة لإنسان".

إذا كان هذا صادقًا في شأن إنسانٍ واحد، فما بال المجتمعات المركَّبة، التي يستحيل أن يُنظر إليها من نافذة واحدة، ومن تخصُّص يتيم، بصورةٍ باهتةٍ مختزَلة قاتلة؛ بل المطلوب هو التحرُّر من حدود التخصُّص، بعد استيعابها والاستفادة منها؛ ومن ثمَّ إعمالُ "العقل التوليدي"، و"الإدراكِ المستنير"، أي إعمال "الحكمة" بكامل دلالاتها ومعانيها، (وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً).

وهنا أجدني أمامَ تعليق طريفٍ، في هامش كتابٍ تُرجم مؤخرًا إلى اللغة العربية، بعنوان "الجمهورية الإمبراطورية، في سياسة الدول العنصرية"، لمؤلفه (أوليفي لوكور غرانميزون)، حيث يورد مقولةً "استعمارية" لعالِم متخصِّص في "الاقتصاد" أساسًا، هو (شارل جيد)، مما ورد فيها: "إنه ينبغي تجريد السكان الأصليين – في المستعمَرات – من أملاكهم، لأسباب المنفعة العالمية!".

ويعلِّق صاحب الكتاب (أوليفيي) على صاحب المقولة (شارل)، متحديًا أن نقدِر على تصنيف مقولته ضمن علم معيَّن، فيقول: "تُرى إلى أيِّ مادة – تخصُّص – تنتمي هذه المقولة؟ إلى الاقتصاد؟ أم التاريخ؟ أم القانون؟ أم الفلسفة السياسية؟".

ثم يذكُر (أوليفيي) أنَّ دُعاة الإمبراطورية الفرنسية الاستعمارية "تحرَّروا من حدود التخصُّص، لتحقيق النفع المباشر لمعارفهم" حتى إنَّ الحدَّ الفاصل بين العالِم والسياسيِّ والعسكريِّ، قد زال وتحطَّم وتهشَّم، بشكل فاضح فادح!

ثم إنَّ (أوليفيي) وهو الكاتب المنصِف، المُعادي للروح الاستعمارية، والمبيِّن لعوَرها وخُبثها، وهو الناقد للامبريالية الفرنسية، والمنافح عن حقوق الشعوب المستعمَرة... حاول أن يستعمل نفس السلاح المعرفيّ الذي استخدمه خصومه من دعاة الإمبراطورية، فقال: "للإجابة على التساؤلات – حول الاستعمار وروح الاستعمار – ولتمحيص شتى المفاهيم، والأفكار، والمؤلَّفات، والخطابات السياسية، والممارسات التي أنتجها معاصرو تأسيس الإمبراطورية، ارتأينا مرَّة أخرى انتهاج مقاربة لا تتقيَّد بأية مادة من مواد التخصُّص، وهي مقاربة ليست غريبة عن مقاربات أولئك الاختصاصيين في العلوم الاستعمارية".

ويعلِّل (أوليفيي) اختياره لهذه المقاربة بقوله: "إنها مقاربة تفرض نفسها علينا لطبيعة الموضوعات التي نتطرَّق إليها، ونظرًا لضخامة مدوَّنة المواضيع التي تم حشدُها، ولذا سنحاول، قدر المستطاع، تجاوزَ الحدود الفاصلة بين العلوم الإنسانية؛ لأنَّ الفصل غالبًا ما يحجب الرؤية الصحيحة، ويحول دون استشفاف المستقبل".

*ألسنا هنا أمام وضعية شبيهة، ونحن نحاول فهم ظاهرة التخلُّف، وتحليل حقيقة الفتن الداخلية، والانقلابات الاجتماعية، في عالمنا العربي؟

*ألسنا أمام اختبارٍ صعبٍ يحاول فكَّ شَفرة النموذج الغربي، بروحه الاستعمارية، في دول العالم الإسلامي؛ هذا النموذج الذي صنع ممثلين له، وأذيالاً وأبواقًا، بعضُهم من النخب العلميَّة، وآخرون من الساسة، والبعض الآخر من أصحاب القرار في المالية، كذا من حقل الإعلام، والفنِّ، والتربية... الخ. حتى إنَّ بعض الأبواق تنزِل إلى الشارع مع الغاضبين، مندسَّة في جموع الشعب الصادق، وتزرَع الفوضى والحماقات، وتهتف بسقوط الأوثان، وهي عميلة للأوثان!

*ألسنا بحاجة، من خلال ما تقدَّم منهجيًّا، وما نحن بصدده واقعيًّا، إلى علمٍ جديد، يكسِر حدود الرتابة الموضوعية والتخصصيَّة، ويستفيد من كلِّ ما هو مُفيد فيها، ويزيد عليها؛ علمٍ قد نسميه "علم فهم الاستعمار الجديد" بكلِّ أبعاده، وهو علمٌ يُعنى بالفهم، وبصناعة الأفعال، وتخطيط المواقف والرؤى، بفعالية وفاعلية؟

*أليس الخوض في شأن الاستعمار الجديد، دون علم، أو من نافذة علمٍ واحد – مما نشاهد يوميًا في الكثير من الحصص الإعلامية النمطية - كارثةً وطامَّة كُبرى، تُودي بمصالح أمتنا، أكثر مما تحقق لها من تقدم وانتصار؟

*أليس الحديث هنا – منهجيًا – أقرب ما يكون إلى "نموذج الرشد"، الذي يكسِر الحواجز، ليس فقط بين تخصُّص وتخصُّص، ولكن بين العلم والعمل، وبين الفكر والفعل، ويضع كلَّ ذلك في نسق واحد، متكامل، فاعل، مبدع، غير منفصم، ولا منفصل؛ مثلما الظاهرة الإنسانية غير منفصلة ولا منفصمة؟!

لا ندَّعي أنَّ هذا العلم جديد كلية، ذلك أنَّ معالمه ضاربةٌ جذورها في القرآن الكريم، وكذا السنة النبوية الشريفة؛ من خلال التدقيق في عداوة الشيطان لنا، وعداوتنا للشيطان؛ فمثلا، قال تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً)؛ ومن ثم ليست المشكلة في كون الشيطان عدوًّا، وهو أمر واقع لا محالة؛ لكنَّ المشكلة في عدم اتخاذه عدوًّا، وعدم التفكير بناء على ذلك، وعدم العمل خلاف تلك العداوة...

ثم إنَّ هذا العلم – الذي ندعو إليه – يستمدُّ من العقيدة بابَ الولاية والبراءة، أو الولاء والبراء، كما في بعض الاصطلاحات؛ ومن الفقه باب أحكام أهل الذمَّة، وغيرها من الأبواب؛ ومن التاريخ، ومن الجغرافيا، باعتبار طرح جمال حمدان، ومن بعده أحمد داود أوغلو... وغيرهم كثير.

ولعلَّ "طبائع الاستبداد وطرائق الاستعباد" للكواكبي يكون مصدرًا هامًّا لهذا العلم الجديد القديم.

ولا يمكن القفز على مؤسِّس هذا العلم بحقٍّ، أي مالك بن نبي، من خلال "نظرية القابلية للاستعمار"، ومن خلال "الصراع الفكري في البلاد المستعمَرة"، كما لا يجوز التغافل عن علم "اليهود واليهودية والصهيونية"، الذي أرسى قواعده عبد الوهاب المسيري، في موسوعته المعرفية العميقة.

ولهذا العلم صلة بعلم الاستشراق، وبتاريخ الاستعمار، وبعلم التغيير، وبعلوم الحضارة عمومًا... وبغيرها من العلوم ذات الصلة، وهي كثيرة ومفيدة.

وباحثون آخرون، وتخصُّصات أخرى، كلُّها تصبُّ في "فهم ظاهرة الاستعمار الجديد"، والعمل على اجتثاث أصولها من نفوسنا، ومن عقولنا، ومن مجتمعاتنا، ومن أممنا، ومن دولنا، لعلَّنا نبلغ مرتبة الاستخلاف في الأرض، والتمكين لدين الله، والشهود الحضاري المنشود. 

الرابط : http://www.zadalddaeia.com/mat/88811.html

قراءة 686 مرات

أضف تعليق


كود امني
تحديث