قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 18 أيلول/سبتمبر 2021 09:15

الحوار سنة إلهية و فطرة إنسانية

كتبه  الأستاذ سامي محمود إبراهيم
قيم الموضوع
(0 أصوات)

يبدو أن الإنسان منذ أن انفصل عن الطبيعة و شعر بذلك الانفصال، راح يعمل بشتى الوسائل للعودة إلى التناغم مع حركة العالم. لقد خلق كونًا صغيرًا ازرق اللون لا يمت بصلة الى الكون الارضي الكبير. و لقد جعله هذا الانفصال النسبي دائم الحنين إلى الجنة الضائعة، الجنة التي اغترب عنها بصنعه أدوات و وسائل أبعدته عنها، فصار يتصل بها بالأدوات بعد أن كان يحيا فيها و يتحسسها بحواسه… بعد أن كان قريبًا من الشمس و القمر.

لقد ألف جسده الحنين لوقع قطرات المطر طوال آلاف السنين الماضية، و كانت له مع الليل و نجومه حكايات و أساطير، و كانت له أفراح و أمنيات، ثم ها هو ذا ينفصل عن أسرار الليل بالنور الاصطناعي، و ينفصل عن العالم الواقعي بالعالم الافتراضي. لقد انتقل من عالم الحوار و الانسجام و التناغم إلى عالم الرفض و التوجس و الوهم إلى عالم صنعه عقله فتلاشت منه الظلال الموحية بغربة الحياة و التوحد في عالم الذات و هدر الأخر. و كم في العالم من أشياء وهمها أجمل من حقيقتها كالأنا الغارقة في الضمير المستتر الذي لا يقبل حوار العقل و لا الإيمان.

نعم، الاختلاف إشكالية كانت و لا تزال ترافق البشر في مشروع بناء الحضارة الإنسانية، فالكثير من المشاكل و الخلافات و الأزمات و الحروب كان أحد أسبابها عدم وجود ثقافة الحوار و قبول الرأي الأخر. و رغم أن عملية الإثراء الثقافي و العلمي و مقياس تطور المجتمعات و الشعوب، تقوم على ثقافة اختلاف الرأي، إلا أن انغلاق العقول جعل من الاختلاف خلاف أضعف المجتمع.

إن الإسلام احتضن كل القيم الإنسانية العليا التي تنظم المجتمع الإنساني من التعاون و التضامن والسلم و الأمان و المحبة و الاستقرار، و ضبط هذا السلوك الإنساني بكل ما يكفل كرامة الإنسان

و الإسلام له دور كبير في تعزيزه هذه الثقافة، و هذا بيِّن في قوله تعالى: (وَ شَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)(آل عمران:159)، في إشارة إلى أهمية احترام الرأي و الاختلاف للتوصل إلى حقيقة المشروع الإنساني في الأرض.

 لماذا لا نملك هذه الثقافة؟ و لماذا لا نهتم بها؟

في الحقيقة هناك سببين: الأول الموروث الاجتماعي السلبي، مثل بعض العادات و التقاليد العصبية العشائرية البدوية.

و الثاني عدم وجود توجيه و إرشاد ينمي هذه الثقافة في العملية التربوية و كذا التعليمية، كما لا يتم توجيه وسائل الإعلام لنشر هذه الثقافة و تعزيزها من خلال البرامج و الطروحات، و استيراد أفكار و تجارب تفعيل هذه الثقافة من الدول الأخرى، إضافة إلى تقديم الندوات و المؤتمرات و ورش التوعية و الحلقات الحوارية و إعطاء الفرصة للأخر، و تعليم كيفية السيطرة على الانفعالات، ليتغلب على الموروث الاجتماعي السلبي، فتنمية هذه الثقافة تحتاج الى عمل يستمر سنوات يرافق الأجيال في كل مستوى من دراستهم و حياتهم بل حتى على مستوى وجودهم .

من هنا تبدأ مرحلة التغيير، حيث تنتشر ثقافة احترام الرأي و الاختلاف من العائلة  و المدرسة الى أعلى الهرم.. عندها إذا شعر المواطن بأن الحكومة تدعم هذه الثقافة يزداد إيمانه و عمله بها، ليحل التسامح و الترابط بين مكونات المجتمع.

من ناحية أخرى نجد أن الانطلاق نحو الخروج من أزماتنا و بناء و تدعيم البديل الحضاري العالمي يكمن في فهم الحالة الراهنة للإنسانية جمعاء؛ عبر دراسة مآسيها و أزماتها التي تزداد كثافة وظلاما عبر الزمن، و هذا الذي أدى إلى تقاطعات و خلافات خطيرة سرعان ما تحولت إلى صراعات فكرية مذهبية و طائفية دينية بين حملة الأديان المختلفة، و انقسامات داخل الذين يدينون بالدين الواحد، و انشطارات داخل الفرق و الطوائف.

و لذلك صار واجب على المفكرين و الباحثون و العلماء من المسلمين و غيرهم، الاهتمام بموضوع التعايش و التقارب؛ نظرًا لتعلق الموضوع بحياة الناس و تعاملاتهم في شتى جوانب الحياة؛ و نظرًا لكثرة الشبهات المثارة حول الموضوع نتيجة للظرفية الخاصة و الحرجة التي تمر بها المجتمعات العربية و الغربية على حد سواء. و هذا بدوره يستوجب التأكيد على أن الأصل الشرعي في العلاقات الإنسانية السلم لا الحرب، و الرفق لا العنف، و اللين لا الشدة، و الرقة لا الغلظة، لأن الإسلام دين ينبعث عن مفهوم إلهي كوني.

الحوار سنة إلهية و فطرة إنسانية، و عدم استنفاد الوسع في حل المشكلات بالحوار و اللجوء إلى القوة والتعصب، هو ما يضع البشرية جمعاء في خطر.

وكما قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: “إنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّداً داعِياً، وَ لَمْ يَبْعَثْهُ جَابِياً”، أي أن نبي الرحمة بعث مبشرًا و هاديًا و ميسرا، و داعيًا إلى الله على أسس وقيم ثابتة و جامعة، كالإحسان و التسامح و الحرية و المساواة، بل إن الإسلام احتضن كل القيم الإنسانية العليا التي تنظم المجتمع الإنساني على أساس التعاون و التضامن و السلم و الأمان و المحبة و الاستقرار، و ضبط هذا السلوك الإنساني بكل ما يكفل كرامة الإنسان و ينمي وشائج الاتصال بين الجميع، و الرسول محمد عليه الصلاة و السلام عمل على اقتلاع جذور التعصب، و سد كل منافذها، حينما قال: “لَيْسَ مِنّا مَنْ دَعا إِلى عَصَبِيَّةٍ، وَ لَيْسَ مِنّا مَنْ قَاتَلَ عَلى عَصَبِيَّةٍ، وَ لَيْسَ مِنّا مَنْ ماتَ عَلى عَصَبِيَّةٍ”، و حرم حمية الجاهلية فقال: “دَعُوها فإِنَّهَا مُنْتِنَة” فلا شدة و لا عسر و لا تعصب و لا بغض و لا حقد، بل الرحمة و اليسر و السماحة و العطف و المحبة و التعايش.

لهذا ليس التعايش أمر صعب إذا ما تصرفنا بمنطق العقل و الدين و نظرنا إلى إنسانيتنا و زرعنا الحب في نفوسنا، عندها سنجد مجالاً واسعًا للعيش و التعايش بسلام، في المقابل و مع ما تقدم ذكره تسعى الثقافة المسيسة و المؤدلجة إلى تخريب و ازاحة قيم الآخر بتضخيم سلبياته و نواقصه عمدًا، و منها إقصاء الدين و رموزه و قيمه و معانيه من الحياة.

إن الفوقية و التمركز و السعي إلى إقصاء ثقافة الأخر و السخرية من جنسه أو لونه أو دينه، لا ينبغي أن يدفع المسلمين إلى سلوك مماثل تجاه الثقافات و الأديان و الشعوب الأخرى، لا ينبغي و لا يصح الوقوع في فخ التمركز و إلغاء الأخر، كما لا يكون بالمطابقة و التماثل مع الغرب و مسايرته بالتفكير و الشعور و العيش.. و إنما بممارسة الاختلاف من موقع الحوار و التواصل و إظهار القدوة الحسنة التي تنتج في حياة المسلم سلوكًا و حركة في الحياة راقية مثمرة مشاركة في صنع الحضارة الإنسانية. و هكذا قام المنهج الحواري في القران الكريم على فرضية أن الأصل في الوجود الإنساني هو الحوار و التعايش، كما أن الأصل في الحوار هو الاختلاف، فلا يمكن الكلام إلا بوجود طرفين يشكلان حالة الاختلاف و التضاد، قد يكونا فردين أو فريقين أو قومين أو أمتين، فالحوار سنة إلهية و فطرة إنسانية، و عدم استنفاد الوسع في حل المشكلات بالحوار و اللجوء إلى القوة و التعصب، هو ما يضع البشرية جمعاء في خطر.

الرابط : https://hiragate.com/21803/

قراءة 633 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 28 أيلول/سبتمبر 2021 11:03

أضف تعليق


كود امني
تحديث