قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 09 آذار/مارس 2016 08:05

الفرص السياسية والاقتصادية للمجتمعات الضعيفة والواقعة تحت تأثير العنف والتطرُّف

كتبه  الأستاذ الفاتح عبد الرحمن محمد
قيم الموضوع
(0 أصوات)

بسم الله الرحمن الرحيم
 الفرص السياسية والاقتصادية للمجتمعات الضعيفة والواقعة تحت تأثير العنف والتطرُّف

توطئة:
أصبح (التطرُّف) يمثِّل واقعاً مُعاشاً في كثيرٍ من المجتمعات، و بالتالي أصطبغت الحياة في تلك المجتمعات بصبغةٍ بها كثير من القتامة و عدم وضوح الرؤية؛ فأصبحت حياة الناس هناك لا تخرج عن ثقافة العنف و الدماء و تشييع جثامين القتلى الذين يقعون ضحية هذه الموجة من التطرُّف كل يوم، بل إنَّ هذه الثقافة ألقت بظلالٍ كثيفةٍ على حياة الأطفال الذين يعيشون في كنف مجتمعات العنف هذه؛ فأصبحت طريقة لعبهم و لهوهم لا تخرج عن العنف و محاولة تقليد ما يرونه من مشاهد يومية، أمَّا ما يتعلق بالناحية السياسية و ما ينبغي أن يكون فيها من تقدُّمٍ و مشاركةٍ في استقرار الحياة في تلك المجتمعات، فقد أثَّرت موجة العنف فيها في تحجيم دورها في الاستقرار و التنمية، أضف إلى ذلك توقُّف عجلة الاقتصاد لذات الأسباب، فما بين توقُّف المصانع و ورش الصيانة و ماكينات الإنتاج، يترنَّح اقتصاد تلك الدول ما بين الإفلاس و الاعتماد على الهبات و الإعانات الدولية التي تأتي مرةً بعد مرة.
تناقش هذه الورقة، بمشيئة الله تعالى، موضوع الفرص السياسية و الاقتصادية للمجتمعات الضعيفة و الواقعة تحت تأثير العنف و التطرُّف، في مقدمة أبيِّن فيها أهميّة تناول الموضوع و سبب اختياره و الهدف من دراسته و تحليله، و تتضمن خمسة محاور على النحو الآتي:
المحور الأول: مفهوم التطرُّف لغةً و اصطلاحاً و ما يرادفه من مصطلحات.
المحور الثاني: تأثير العنف و التطرُّف على سير العملية السياسية في المجتمعات.
المحور الثالث: أثر العنف و التطرُّف على الاستقرار الاقتصادي و التنمية.
المحور الرابع: كيفية النهوض و مواجهة التحدِّيات.
المحور الخامس: استغلال الفرص المتاحة سياسياً و اقتصادياً للخروج من أزمتي العنف و التطرُّف.
و تختتم الورقة الموضوع بإيراد أهمّ النتائج التي توصّل إليها الباحث، يعقب ذلك جملة من التوصيات، ثم إيراد ثبت بأهم المصادر و المراجع التي اعتمدها لإعداد الورقة.
و الله من وراء القصد، و هو الهادي إلى سواء السبيل،،،
الباحث
مقدِّمة:
تُعدّ مشكلة التطرف من أكثر القضايا إثارةً للجدل و الاهتمام من قبل النخب الفكرية، فنمو الظاهرة و انتقالها إلى أطوار و أشكال جديدة، ربما لم تكن موجودة من قبل، يدعونا إلى قراءة أكثر عمقاً، بعيداً عن التبسيط الذى قد يخل بالتحليل الدقيق لتلك الظاهرة.
و يقدِّم الباحث من خلال هذه الورقة محاولة لفهم الظاهرة بأبعادها الاقتصادية و السياسية على وجه الخصوص، و تشخيص المشكلة بصورتها الحقيقية في هذين المحورين، و دراسة المتغيرات و الأبعاد الجديدة التي بدأت تأخذها فيهما، كما يحاول الباحث أيضاً إلقاء الضوء على مدى أثر تلك الظاهرة في توسيع الهوَّة الحضارية بين الشعوب.
و التطرُّف يرتبط عادةً بالانغلاق و التعصُّب للرأي، و رفض الآخر و كراهيته و ازدرائه و تسفيه آرائه و أفكاره. و المتطرف فرداً كان أم جماعة، ينظر إلى المجتمع نظرة سلبية، فلا يؤمن بتعدُّد الآراء و الأفكار و وجهات النظر، و يرفض الحوار مع الآخر أو التعايش معه و مع أفكاره، و لا يبدي استعداداً لتغيير آرائه و قناعاته، و قد يصل به الأمر إلى تخوين الآخرين و تكفيرهم دينياً أو سياسياً، و ربما إباحة دمهم.
و يزداد خطر التطرُّف حين ينتقل من طور الفكر و الاعتقاد و التصوُّر النظري، إلى طور الممارسة و التطرُّف السلوكي، الذي يعبّر عن نفسه بأشكال مادية من أعمال قتل، و تفجيرات، و تصفيات، و استخدام لوسائل العنف المادي المختلفة لتحقيق بعض الأهداف، و عادةً ما يكون التطرُّف السلوكي و المادي نتيجة و انعكاساً للتشبُّع بتطرُّف سابق في الفكر و القناعات و الاعتقاد.
المحور الأول: مفهوم التطرُّف لغةً واصطلاحاً و ما يرادفه من مصطلحات:
أولاً: مفهوم التطرُّف لغةً:
"تطرَّفَ، يَتطرّفُ، تطرُّفًا، فهو مُتطرِّف، و المفعول مُتطرَّف؛ أي رَأَى خِصَاماً فِي الشَّارِعِ فَتَطَرَّفَ جَانِباً أو اِبْتَعَدَ إِلَى الطَّرَفِ أو الجَانِبِ الآخَرِ.
و يُقال: تَطَرَّفَتِ الْمَاشِيَةُ جَوَانِبَ الْمَرْعَى أي صَارَتْ بِأَطْرَافِهِ.
و يُقال أيضاً: تَطَرَّفَتِ الشَّمْسُ أي دَنَتْ إِلَى الغُرُوبِ.
و تَطَرَّفَ الحَدِيثَ أي عَدَّهُ طَرِيفاً.
و يَتَطَرَّفُ فِي أَفْكَارِهِ أي يَتَجَاوَزُ حَدَّ الاعْتِدَالِ وَ الحُدُودِ الْمَعْقُولَةِ، و يُبَالِغُ فِيهَا.
و تَطَرَّفَ منه أي تنحَّى.
و تَطَرَّفَ الشيء أي أَخَذَ من أَطرافِهِ"([1]).
كذلك قيل هو: حَدِّ الشَّيْءِ وَ حَرْفِهِ، و عدم الثبات في الأمر، و الابتعاد عن الوسطية، و الخروج عن المألوف و مجاوزة الحَدِّ، و البُعد عما عليه الجماعة([2]).
ثانياً: مفهوم التطرُّف اصطلاحاً:
يبدو أنَّ المتقدِّمين لم يستعملوا في كتبهم لفظة (تطرُّف) المستخدمة اليوم، بيد أنّ هناك لفظة أخرى كَثُرَ استخدامها في كتبهم للدلالة على هذا المعنى، و هي كلمة (الغلوّ)([3])، التي وردتْ في القرآن الكريم، و وردت على لسان النبي (صلى الله عليه و سلم). لكن من خلال المفهوم السائد اليوم، يمكننا القول أنّ التطرُّف يعني: تجاوز حدّ الاعتدال، سواء كان في العقيدة، أو في الفكر، أو في السلوك.
و جاء في مجلة البحوث الإسلامية: الغلوّ في الحقيقة أعلى مراتب الإفراط في الجملة، فالغلوّ في الكفن هو المغالاة في ثمنه و الإفراط فيه([4]).
و الغلوّ أخصّ من التطرُّف، إذ إنّ التطرُّف هو مجاوزة الحد، و البعد عن التوسط و الاعتدال إفراطاً أو تفريطاً، أو بعبارة أخرى: سلبًا أو إيجابًا، زيادة أو نقصًا، سواء كان غُلوّاً أم لا، إذ العبرة ببلوغ طرفي الأمر، و سبق الغلوّ في قول القائل:
لا تَغْلُ في شيءٍ مِنَ الأمرِ و اقْتَصِدْ *** كِلا طرفيِّ قَصْدِ الأمورِ ذميمُ
فالغُلُوّ أخصُّ من التطرُّف بحسبان أنّه مجاوزة الحد الطبيعي في الزيادة و النقص. ففي حال النقص يسمى غُلوّاً إذا بالغ في النقص، فيقال: غلا في النقص، و كذلك في الزيادة إذا بالغ فيها كقول النصارى في المسيح ابن مريم أنّه الله و ابن الله و الروح القدس، تعالى الله عمّا يقولون علواً كبيراً.
و التطرُّف اصطلاحاً أيضاً يعني: الانحياز إلى طرفي الأمر، فيشمل الغُلوّ، و لكنّ الغلوّ أخصّ منه في الزيادة و المجاوزة، ليس فقط بمجرد البعد عن الوسط إلى الأطراف، أو بمعنى آخر: كل غُلوّ فهو تطرُّف، و ليس كل تطرُّفٍ غُلوّ. فالذي يتطرّف في حكمه في الدماء، ربما يحكم بكفر بعض الناس من أهل القبلة، فإذا غالى في تطرُّفه، فربما يستبيح قتله، و يرى في هذا أجراً من الله تعالى، و هذا لا شكّ أنه أشدّ و أخطر، لأنه يقتل باسم الدين.
ثالثاً: مرادفات مفهوم التطرُّف:
هناك بعض الكلمات التي يستعملها كثيرٌ من الناس، و هي تحمل في طَيَّاتها معنى التطرُّف، و إن كانت تختلف معها من حيث اللفظ، إلا أنّ معناها يكاد يكون واحداً في أذهانهم، و من هذه الكلمات:
[1] الغلوّ:
نلاحظ أنّه في الأعم الأغلب أنّ كلمة (الغلوّ) تكون مصاحبةً غالباً لكلمة (التطرُّف)، فهما متلازمتان، حتى كأنهما مترادفتان، معناهما واحد، فالذي ينظر في المعاجم لا يكاد يدرك أن هناك فرقاً كبيراً بين معنى الكلمتين.
قال أبو بكر بن دُرَيْد([5]): الغلوّ: الارتفاع في الشيء، و مجاوزة الحدّ فيه، و منه قوله عزّ وجلّ: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَ لا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ)([6])، أي لا تجاوزوا المقدار.
و قال ابن الأثير: "إيَّاكُمْ وَ الْغُلُوَّ فِي الدِّينِ". أي التشدُّد فيه، و مجاوزة الحد، كحديثه الآخر: "إنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ".
و قيل: معناه البحث عن بواطن الأشياء، و الكشف عن عللها و غوامض متعبداتها، وَ مِنْهُ الْحَدِيثُ: (و حامِل القُرآنِ غَيْر الغَالِي فِيهِ، وَ لا الْجافي عَنْهُ)([7]). إنّما قال ذلك لأنّ من أخلاقه و آدابه التي أمر بها القصد في الأمور، و خير الأمور أوسطها، و كِلا طرفي قَصْدِ الأمور ذميم، و منه حديث عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): "لا تُغَالُوا صُدُقَ النِّساء"([8]). و في رِوَايَةٍ: "لا تُغْلُوا فِي صَدُقات النِّساءِ"، أي لا تبالغوا في كثرة الصداق.
يتّضح مما سبق صحة ما قررناه، و هو أن هاتين اللفظتين (التطرُّف و الغلوّ) متقاربتان في المعنى، بدرجة تكاد تصل إلى حد التَّرَادُف.
[2] الإرهاب:
شاعت كلمة (الإرهاب) في العديد من الأوساط و المحافل الدولية، دون تحديدٍ لمعناها بشكلٍ واضحٍ، مما يجعل من الصعوبة التفرُقة بين الدفاع الشرعي عن النفس، و دفع المعتدي بالإرهاب.
تعريف الإرهاب لغةً:
يدور معنى كلمة (الإرهاب) في المعاجم حول الإزعاج و الإخافة([9]).
تعريف الإرهاب اصطلاحًا:
يقول الدكتور أحمد مختار عبد الحميد عمر في تعريف الإرهاب: هو مجموع أعمال العنف التي تقوم بها منظّمة، أو أفراد قَصْدَ الإخلال بأمن الدَّولة، و تحقيق أهداف سياسيَّة، أو خاصَّة، أو محاولة قلب نظام الحكم([10]).
فيتّضح مما سبق أنّ كلمة (الإرهاب) تدلُّ على التخويف و الإفزاع، و يكون الأمر سيئاً جداً إذا كان إرهاباً للضعفاء و الأطفال و النساء و كبار السن والمرضى. لكنّ الذي يجب أن نؤكِّد عليه هو أنّ الدفاع الشرعي عن النفس، و ردّ المعتدي و الغاصب، ليس إرهابًا، و لا تطرُّفًا، بل هو في حق المسلمين جهاد في سبيل الله، إذا كان خاضعاً للضوابط الشرعية التي قررها علماء الأمة.
المحور الثاني: تأثير العنف والتطرُّف على سير العملية السياسية في المجتمعات:
يؤثر العنف و التطرُّف على سير العمليات السياسية و التبادل السلمي للسلطة في البلدان التي تقع تحت تأثيره بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فمن تأثيرات التطرُّف المباشرة على العملية السياسية ما يأتي:
[1] سيطرة المنظمات المتطرِّفة على مقاليد الحكم بصورة مباشرة، و توجيه دفَّة القيادة بها حسب الآيدولوجيا التي تحملها، و بالتالي تعطُّل العملية السياسية بصورة مباشرة.
[2] انقطاع الصلة بالعالم الخارجي و ما يربط هذه الدولة من علاقات سياسية أو دبلوماسية نتيجة التغيير الكبير للسياسة الخارجية للدولة الواقعة تحت سيطرة المنظمات المتطرِّفة.
[3] اختلال معايير التقييم السياسي في هذه الدول، و التي يغلب عليها الطابع الفكري و ضرورة تـنزيله في صورة أوامر غير قابلة للنقاش، مما يعطِّل معه الدور السلمي الذي كانت تلعبه العملية السياسية في تلك الدول.
[4] تعطيل الانتخابات والدوائر السياسية و المجالس البلدية و غيرها من مسمَّيات التنظيم السياسي في البلد، و تركُّز السلطة و القوة في يد المنظمات المتطرِّفة.
[5] تصاعد الشعور بالغبن و الإحساس بالظلم نتيجة تركُّز السلطة السياسية في أيدي قادة المنظمات المتطرِّفة، مما ينشأ عنه نوع من المعارضة الخفية أو المعلنة، و التي بدورها تؤدِّي إلى عدم الاستقرار السياسي نتيجة التنازع المستمر حول السلطة.
المحور الثالث: أثر العنف و التطرُّف على الاستقرار الاقتصادي و التنمية:
كما أوضحنا في المحور الثاني ما للعنف و التطرُّف من أثرٍ واضحٍ على العملية السياسية و التبادل السلمي الآمن للسلطة بين مكوِّنات المجتمع المختلفة، نوضِّح في هذا المحور الثالث ما لهما أيضاً من أثرٍ كبيرٍ على الاقتصاد و التنمية الاقتصادية في البلدان التي تقع تحت قبضة أو تأثير المنظمات المتطرفة، فقد أكَّدت وزيرة الشؤون الاجتماعية و العمل بدولة "اليمن" بحسبانها إحدى الدول المتأثِّرة بموجة العنف و التطرُّف من خلال سيطرة الحوثيين على السلطة هناك قبل أن تتم الإطاحة بهم بواسطة ما عُرف بتحالف "عاصفة الحزم" الذي تبنَّته المملكة العربية السعودية بمشاركة دول عديدة عربية و إسلامية، فقد أكَّدت الدكتورة/ أمة الرزَّاق علي حمد أنَّ ظاهرتي التطرُّف و الإرهاب باتتا تشكلان همَّاً عالمياً يجب محاربتهما و التصدِّي لهما بكل الوسائل و الأساليب المختلفة.
و قالت الوزيرة أمة الرزَّاق في الندوة الوطنية الخاصة التي نظمها الاتحاد العام لشباب اليمن بالتعاون مع مجلس شورى الشباب بصنعاء بعنوان "أثر التطرُّف و الإرهاب على الاقتصاد الوطني" أنَّ على المجتمع الدولي إدراك مدى خطورة ظاهرتي التطرُّف و الإرهاب بين الشباب خصوصاً مع تزايد نسبة البطالة فيما بينهم، و نوَّهت بدور الشباب في التصدِّي لهذه الظاهرة لما لها من أثرٍ على البناء و التنمية الاقتصادية و السياسية الشاملة.
كذلك أشار وكيل أول وزارة الشباب والرياضة رئيس اتحاد شباب اليمن "معمر الأرياني" إلى ضرورة تعزيز قيم الانتماء الوطني للشباب، و المشاركة بفعالية في مسيرة البناء و التنمية الوطنية، مؤكداً على أهمية دور الشباب في التصدي لكل من تسوِّل له نفسه المساس بأمن الوطن و استقراره.
و دعا الوكيل الأرياني الهيئات، و المنظمات الشبابية، و المؤسسات التربوية و التعليمية، للقيام بدورها في محاربة ظاهرتي التطرف و الإرهاب، و تكثيف البرامج و المواد العلمية التي تعزِّز من قيم الانتماء الوطني لدى الشباب و المجتمعات.
مما سبق نجد أنَّ التطرُّف العنيف تظهر آثاره على الاقتصاد في أي بلد، من خلال الآتي:
[1] توقُّف التنمية الاقتصادية نتيجةً لتوقُّف المصانع و المزارع و حقول النفط "البترول" و غيرها، و ذلك إمَّا بسبب تدميرها الكامل خلال عمليات عسكرية قامت بها المنظمات المتطرِّفة، أو بسبب هجر العُمَّال و المزارعين و الصُنَّاع لها، خوفاً على حياتهم، أو بسبب انعدام المادة الخام التي تشكِّل الأساس الذي تدور به عجلات و ماكينات هذه المصانع.
[2] و مباشرةً ترتفع نسبة البطالة بين الشباب و غيرهم من قطاعات المجتمع، ممن كانوا يعملون في هذه المصانع و المزارع و أماكن الإنتاج الأخرى.
[3] الارتفاع المباشر في أسعار السلع و الخدمات نتيجةً لقلة العملات الأجنبية، بسبب توقُّف الاستثمارات الخارجية الناتج عن الحروب و الأوضاع الأمنية المتوترة.
[4] توقُّف التبادل التجاري بين هذه البلدان الواقعة تحت تأثير و سيطرة المنظمات المتطرِّفة، و بين الدول التي كانت لها معها تعاملات تجارية و اقتصادية و استثمارية قبل ذلك، مما ينتج عنه ضعف اقتصاديات هذه الدول، و دخولها في موجة من الفقر و المجاعات و نقص العلاج بانواعه المختلفة.
[5] الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الدول الكبرى في العالم على هذه الدول الواقعة تحت تأثير المنظمات المتطرِّفة، يؤدِّي إلى تفاقهم أزمات هذه الدول بصورة كبيرة، بل و تتعطَّل بسببه كثير من الأنشطة الاقتصادية بسبب توقُّف دخول معينات الإنتاج و التنمية، كقطع غيار السيارات، و المصانع، و الآليات الزراعية و الصناعية الأخرى، بل و حتى المواد و السلع الغذائية، و الأدوية، و غير ذلك.
المحور الرابع: كيفية النهوض و مواجهة التحدِّيات:
قبل أن ندلف مباشرةً في اقتراح الحلول لمواجهة التحدِّيات التي تواجه الدول الواقعة تحت تأثير و سيطرة العنف و التطرُّف، لا بُدَّ أولاً من التأكيد على النقاط التالية:
[1] ضرورة العمل على معالجة الأسباب التي تؤدِّي إلى تطرُّف الشباب، و دخولهم في موجات العنف، و ذلك من خلال تبنِّي الفكر الوسطي المعتدل الذي دعا إليه الإسلام من خلال كثير من الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية الشريفة.
[2] إيصال المفاهيم الصحيحة للشباب و غيرهم من قطاعات المجتمع، بشتى الوسائل التثقيفية و التعليمية، كالندوات، و المحاضرات، و المؤتمرات، و كتابة البحوث، بل و حتى الأعمال الدرامية التمثيلية الهادفة.
[3] ترسيخ مفهوم أنَّ الجامعات هي مكان للعلم و البحث و الدراسة و النشاط و الإبداع، و ليست مكاناً للعنف و الإرهاب و الأعمال المتطرفة.
[4] ضرورة الاستفادة القصوى من طاقات الشباب فيما يحقق الصالح العام، و يعود بالنفع عليهم أولاً، و على أمتهم و مجتمعاتهم في المقام الثاني.
[5] إزالة الحواجز المصطنعة بين الشباب و العلماء، بحسبان أنّ العلماء يمثّلون صمام الأمان الذي يحول دون وقوع هؤلاء الشباب في براثن المنظمات المتطرِّفة، و ذلك بتبنّي الدولة لجلسات حوار مفتوحة بين الشباب و العلماء، يتم فيها طرح كافّة القضايا و الإجابة على كل تساؤلات هؤلاء الشباب.
المحور الخامس: استغلال الفرص المتاحة سياسياً واقتصادياً للخروج من أزمتي العنف و التطرُّف:
في هذا المحور الخامس و الأخير من هذه الورقة البحثية، يوضِّح الباحث كيفية استغلال الدول الواقعة تحت تأثير العنف و التطرُّف، للفرص السياسية و الاقتصادية للخروج من هذه الأزمة، و ذلك من خلال النقاط التالية:
[1] في المجال السياسي، على هذه الدول أن تعمل على إشاعة التبادل السلمي للسلطة بين جميع قطاعات المجتمع، دون حجر أو تضييق أو استئثار فئة من الناس بالسلطة دون الفئات الأخرى.
[2] بسط الحريات للتعبير، و المشاركة الفاعلة في رسم السياسات العامّة للدولة، و المشاركة كذلك في إدارة شؤون البلاد عبر مجالس الشورى و تبادل الآراء، و تولية القوي الأمين.
[3] تعزيز الحقوق الاجتماعية، و السياسية، و سيادة الشريعة الإسلامية، و العمل على انهاء حالات الاحتلال، و معالجة المظالم السياسية الرئيسية، و مكافحة الجريمة المنظمة، و الحد من الفقر و البطالة.
[4] في المجال الاقتصادي، فعلى الدول الواقعة تحت تأثير العنف و التطرُّف أن تعمل على تأمين الحماية للمنشآت الاقتصادية كالمصانع و المزراع و الشركات التجارية و غيرها، و ذلك حتى تضمن عدم تأثُّر القطاع الاقتصادي بالعنف و التطرُّف.
[5] العمل على معالجة مشكلات البطالة، و نقص التعليم، و توفير الحماية اللازمة لأماكن الدِّراسة، كالمدارس و الجامعات، حتى لا تكون عُرضةً لتفجُّر الأوضاع الأمنية فيها، و بالتالي إغلاقها مما يؤثِّر على عملية التنمية الاقتصادية بطريقة غير مباشرة.
خاتمة:
في خاتمة هذه الورقة كان لزاماً على الباحث أن يورد جملةً من النتائج التي توصّل إليها، و التي بدورها تقوده لإيراد عددٍ من التوصيات التي يرى أنّها من الأهميّة بمكان، بحيث يؤدِّي إيرادها إلى تلمُّس بعض خُطى الطريق المفضي للاستغلال الأمثل للفرص السياسية و الاقتصادية في الدول الواقعة تحت تأثير العنف والتطرُّف. فمن النتائج التي توصّل إليها الباحث:
[1] يؤثِّر العنف و التطرُّف بدرجة كبيرة جداً على الاستقرار السياسي و الاقتصادي في البلدان التي تقع تحت تأثيره.
[2] يؤدِّي عدم الاستقرار السياسي و الاقتصادي هذا إلى توتُّر و احتقان سياسي، و توقُّف عجلة التنمية الاقتصادية في تلك الدول.
[3] لا يكون هناك استغلالاً أمثلاً للفرص السياسية و الاقتصادية في الدول الواقعة تحت تأثير العنف و التطرُّف، إلاَّ بالقضاء تماماً على مصادر هذا العنف، ثم بعد ذلك تبدأ عجلة التنمية الاقتصادية و الوعي السياسي في الدوران من جديد.
[4] لا يتم الاستغلال الأمثل لهذه الفرص، إلاَّ بتفعيل شريحة الشباب، بحسبان أنَّه يقع عليها العبء الأكبر في النهوض الاقتصادي، و الاستقرار السياسي.
[5] ضرورة بسط سلطان الدولة على كافة أراضيها، و التعامل بحسم مع محاولات زعزعة أمنها و استقرارها، و ذلك حتى تتم عملية الاستقرار و استغلال الفرص المتاحة "اقتصادياً و سياسياً" على الوجه الأكمل.
أهمّ التوصيات:
يرى الباحث أنّ أهمّ التوصيات التي يمكن أن تخرج بها هذه الورقة، تتمثَّل في الآتي:
[1] العمل على معالجة الضغوط الاجتماعية والنفسية التي يمر بها الشباب، و التي تؤدِّي بهم إلى التطرُّف العنيف، و من ثم تأثر المناحي السياسية و الاقتصادية في الدولة.
[2] إتاحة فرص العمل للخريجين من الشباب، و مشاركتهم في توجيه سياسة الدول عن طريق دمجهم و استيعابهم في مجالس الشورى و المجالس النيابية و غير ذلك من الأجهزة السياسية، و أماكن اتخاذ القرار.
[3] توفير قدر من الحرية و الكرامة للشعوب.
[4] الاهتمام بالثقافة المتوازنة للشباب.
[5] الاهتمام بشريحة الشباب (من قبل الحكومات) تثقيفاً و تدريباً و تنمية قدرات، أو بصورة أخرى: ملء فراغ الشباب.
[6] توضيح مفهوم التطرُّف عبر وسائل الإعلام المختلفة.
[7] رصد المخططات الغربية و مكائد الأعداء لإضعاف الأمة الإسلامية، و تشويه هويتها و صورتها، و ذلك بالتصدِّي لها، و كشف برامجها، و مواجهة تحدِّيات العولمة الفكرية و الثقافية و الإعلامية، و التصدِّي لها بفعالية، و المشاركة و الحضور في الساحات الإقليمية و العالمية، بما يحقِّق الخير و الطمأنينة للأمة.
[8] تفعيل دور العمل الجماعي على المستويات المحلية و الإقليمية و الدولية، بين المؤسسات العاملة في مجال العنف، و استحداث برامج و توفير خدمات قادرة على مواجهة أشكال العنف المتجدِّدة.
[9] الاستغلال الأمثل للفرص السياسية و الاقتصادية للدول الواقعة تحت تأثير العنف و التطرُّف، و ذلك باستحداث وسائل جديدة تحول دون تأثُّر هذين القطاعين بالمتغيِّرات مهما كانت الأسباب، و من ذلك مثلاً: تأمين المنشآت الاقتصادية، و المشاركة الفاعلة من الجميع في إدارة شؤون البلاد، منعاً للتذمُّر، و سدَّاً لأي ذريعة للعنف و التطرُّف.


* كاتب و باحث بمجمع الفقه الإسلامي السُّـوداني.


أهمّ المراجع والمصادر:
[1] القرآن الكريم.
[2] معجم المعاني الجامع، و المعجم الوسيط.
[3] تاج العروس من جواهر القاموس، لمحمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (المتوفى: 1205هـ)، تحقيق مجموعة من المحققين، الناشر: دار الهداية.
[4] تفسير الطبري (جامع البيان عن تأويل آي القرآن)، لمحمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)، تحقيق: الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات الإسلامية بدار هجر، و الدكتور عبد السند حسن يمامة، الناشر: دار هجر للطباعة و النشر و التوزيع والإعلان.
[5] تفسير القرآن العظيم، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)، تحقيق سامي بن محمد سلامة، الناشر: دار طيبة للنشر و التوزيع.
[6] جمهرة اللغة، لأبي بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (المتوفى: 321هـ)، تحقيق رمزي منير بعلبكي، الناشر: دار العلم للملايين، بيروت، لبنان.
[7] سلسلة الأحاديث الصحيحة و شيء من فقهها و فوائدها، لأبي عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم، الأشقودري الألباني (المتوفى: 1420هـ)، الناشر: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض.
[8] سنن ابن ماجه، لابن ماجه أبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني، (المتوفى: 273هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار إحياء الكتب العربية، فيصل عيسى البابي الحلبي.
[9] الصحاح تاج اللغة و صحاح العربية، لأبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (المتوفى: 393هـ)، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، الناشر: دار العلم للملايين، بيروت، لبنان.
[10] مجلة البحوث الإسلامية، العدد (74).



([1]) معجم المعاني الجامع، والمعجم الوسيط.
([2]) تاج العروس من جواهر القاموس، لمحمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (المتوفى: 1205هـ)، تحقيق مجموعة من المحققين، الناشر: دار الهداية.
([3]) تفسير الطبري (جامع البيان عن تأويل آي القرآن)، لمحمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)، تحقيق: الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات الإسلامية بدار هجر، و الدكتور عبد السند حسن يمامة، الناشر: دار هجر للطباعة و النشر و التوزيع و الإعلان.
([4]) تفسير القرآن العظيم، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)، تحقيق سامي بن محمد سلامة، الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع.
([5]) جمهرة اللغة، لأبي بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (المتوفى: 321هـ)، تحقيق رمزي منير بعلبكي، الناشر: دار العلم للملايين، بيروت، لبنان.
([6]) سورة النساء، الآية (171).
([7]) سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، لأبي عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم، الأشقودري الألباني (المتوفى: 1420هـ)، الناشر: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض.
([8]) سنن ابن ماجه، لابن ماجه أبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني، (المتوفى: 273هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار إحياء الكتب العربية، فيصل عيسى البابي الحلبي.
([9]) الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، لأبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (المتوفى: 393هـ)، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، الناشر: دار العلم للملايين، بيروت، لبنان.
([10]) مجلة البحوث الإسلامية، العدد (74).
قراءة 2092 مرات آخر تعديل على الجمعة, 11 آذار/مارس 2016 06:49

أضف تعليق


كود امني
تحديث