ـ[الصرخة الأولى]ـ: موجّهة إلى ذات الآذان الصمّاء عن الحق، و عن عويل الباكين، فرنسا التي تتمارى بالنذر و تعمى عن الحقائق، و تكفر بسنن الله في أمثالها من الظالمين، و تسجد للأقوياء، و تتألّه على الضعفاء.
هذه نتيجة سياستك البليدة، و هذا جني غرسك الخبيث. زرعت الحنظل فتجرعي مرارته، و حاربت الله في دينه، و محارب الله محروب، فأخزاك في جميع المواقف، و رماك بالإفلاس في المال و الرجال و الرأي و السياسة. حاولت أن تقطعي ما وصل الله من أجزاء الشمال الافريقي، و أن لا تجمعيها إلا في بلاياك و مصائبك، فكان ظلمك أكبر جامع لشملها، و أعظم موحّد لها في بغضك، ثم في الثورة عليك، و يا ويحك إذا انفجرت عليك موجات الغضب من القلوب المملوءة حقدًا عليك، و الصدور التي ضاقت بظلمك و طغيانك، و قد رأيت و سترين ما يقضّ مضجعك.
ابتلعت المغرب العربي قطعة قطعة، و ستخرجين منه دفعة واحدة بإذن الله.
وـ[الصرخة الثانية]ـ: موجّهة إلى أبناء المغرب العربي كلهم:
اعلموا أيها المواطنون الأحرار، أن مهر الحرية غال، و أنه لا ينقد إلا دماء تراق، و نفوسًا تزهق، فوطّنوا أنفسكم على تحمّل الشدائد و المكاره، و إن وطنكم عزيز فادفعوا في تحريره الثمن الباهظ.
إنكم قمتم بواجب لا يقبل منكم أداؤه إلا بالمحبة و طهارة القلوب، و اقتحمتم ميدانًا لا تنتصرون فيه إلا بالاتحاد و جمع الكلمة، و تسوية الصفوف، و تنظيم الخطط، و الصبر على البلاء في الأنفس و الأموال، لأن كل بلاء يصيبكم في هذا السبيل فبلاء الاستعمار البغيض أشدّ منه و أنكى.
أيها الأحرار: {اصْبِرُوا وَ صَابِرُوا وَ رَابِطُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{.
وـ[الصرخة الثالثة]ـ:موجّهة إلى الشعوب العربية و حكوماتها:
يا أبناء العمومة: إن هذه الشعوب الثائرة في تونس و الجزائر و مراكش، هم إخوانكم، و أجزاء من جسمكم، و نصف عددكم، و القطع الخصيبة من وطنكم، و السهام الرابحة من رأس مالكم، و قد ابتلاهم الله باستعمار منهوم، لم يترك لهم درهمًا في جيب، و لا ريشة في جناح، و لا عقلًا في دماغ، فإذا ثاروا اليوم فإنما يثورون لشرف هو شرفكم، و كرامة هي كرامتكم، فالآن وجب حق الأخ على أخيه، من إسعاف يشدّ العزيمة و نجدة تقوّي الأمل، و أن عدوّهم هو عدوّكم، لم تجدوه دائمًا إلا في مواطن الخذلان لكم، و جلب الشر إليكم، و كفى بموقفه منكم في قضية فلسطين.
إن المجاملات لا تنفع مع هؤلاء المتألّهين، فأروهم من أنفسكم القوة و المعاملة بالمثل يحترموكم.
أنتم قادرون إن شاء الله على نجدة إخوانكم في موقفهم الفاصل، الذين هم فيه، و عارفون بوجوه النجدة، و لا تحتاجون- بحمد الله- إلى من يعرفكم بواجب، أو يدلّكم على كيفية أدائه، و إنما نحن مذكرون متألمون، و ذكرى المتألم تنفع المؤمنين.
* من كتاب "الجزائر الثائرة" للأستاذ الفضيل الورتلاني.
المصدر
http://www.binbadis.net/selections/by-scientists/581-article.html
: