قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 14 أيار 2014 08:02

خواطر في الإنصاف وإدارة الخلاف

كتبه  الأستاذ عمر بن عبد المجيد البيانوني
قيم الموضوع
(0 أصوات)

لا يخفى على مَنْ يتابع الساحة العلميَّة و الفكريَّة أن هناك أموراً كثيرة تحتاج إلى إصلاح و إلى إعادة نظر، فهناك مَنْ يتطرَّق إلى بحوثٍ قليلة الأهميَّة، و هناك مَنْ يضخِّم بعضَ الخلافاتِ الفرعيَّة، و هناك مَنْ يتوهَّم وجودَ الخلافِ الحقيقيِّ في خلافاتٍ لفظيَّةٍ و شكليَّة..

1ـ فبعضُ الباحثين يبذل جهداً كبيراً في تأليف كتاب يرجِّحُ فيه قولاً على قول، و تكون المسألة من الخلافات الفرعية التي يسوغ فيها الاجتهاد و الخلاف ـ سواء أكان الخلافُ الفرعيُّ في العقائد أم في الأحكام ـ..

و هو لن يستطيع بترجيحه و اجتهاده أنْ يلغي الخلاف في المسألة، فلماذا لا يقتصر على ذكر أقوال العلماء في المسألة و ما تبين له أنه هو الراجح، من غير تشنيع لمن يخالفه فيها، و من غير أن يضخِّمَ الأمر و يجعله كأنه صراعٌ بين الحق و الباطل..

فمثلُ هذه الأمورِ الخلافُ فيها هو خلافٌ بين راجح و مرجوح، و ليس بين حق و باطل..

و الإغراق في هذه المسائل الجزئية لا بدَّ أنْ يؤدي إلى الإهمال في القضايا الكبرى و الأكثر أهمية منها.. 

2ـ ممَّا يعين على الإنصاف: عدمُ الاقتصارِ على أخذ الكلام من الخصوم:

كثيرون ممن يتحدثون عن الفِرَق أو المذاهب أو الأشخاص يبتعدون عن الإنصاف؛ لأنهم يقعونَ ضحيةً لتشويه الخصوم لهم، و لا ينظرون نظرةً مستقلةً في كلام مَنْ يتحدثون عنهم.. 

و لو ابتعدَ هؤلاء الناقدون عن تقليد بعضهم لبعض، و نظروا في كلام مَنْ ينتقدونهم، و سمعوا الكلام منهم، و لم يقتصروا على السماع عنهم، لأدركوا كم كانوا بعيدين عن الحقيقة، التي كانوا يحسبون أنفسهم مدافعين عنها!

3ـ و مما يعين على الإنصاف: الجمعُ بين الدِّقَّةِ و سعة الاطلاع:

فالدِّقَّةُ وحدها لا تكفي مع قلة الاطلاع، و كثرة الاطلاع لا تجدي مع عدم الدقة، فلا بد من التوازن و الجمع بين الأمرين: التدقيق في الكلام و سعة الاطلاع..

لأنَّ كثيراً ممن يفقد الموضوعية و الاتزان، ينقصه إما الدقة أو سعة الاطلاع أو كلاهما.

و أساسُ العلم: الدقة، و عمقُ الفهم.

4ـ مَنْ يتكلم بعلم و إنصاف و أدب، تجد كلامه مقبولاً عند الكثير من أتباع المذاهب و الاتجاهات، إلا مَنْ كان متعصباً منهم.

و بهذا تكثر الاستفادة من المنصف، خلافاً للمتعصب الذي يكون تأثيره غالباً داخل مذهبه أو جماعته فقط.

فضلاً عن الخصومات و المعارك و العداوات التي كان هو سبباً فيها بتعصُّبه و ضيق نظره..

5ـ الانضباط بالعلم و الاحتكام إلى الحجة و البرهان:

ما على مَنْ كان منضبطاً بالعقل و العلم، و محتكماً إلى الحجة و البرهان، و بعيداً عن التعصب: أن يكون منضماً لأي جماعة أو منتسباً لأي مذهب، ما دام داخلاً في دائرة الإسلام..  

فهو باحتكامه إلى العلم سيأخذ الحقَّ أنَّى وَجَدَه، و سيترك الخطأ متى عَرَفَه.. 

أما المتعصبُ و المتطرِّفُ، فانتسابُه لأيِّ مذهبٍ أو جماعةٍ سيجعله متبنِّياً و مدافعاً عن كلِّ ما عندهم من خطأ أو صواب..

 6ـ عندما تَرُدُّ على الأفكار و ليس على الأشخاص، تُبْعِدُ نفسَكَ عن أيِّ بغيٍ أو فجورٍ في الخصومة، و لا يستطيع أحد أنْ يتهمَك أنَّ دافعَك هو الغيرة و التحاسد..

و يكون كذلك الرَّدُّ شاملاً لكلِّ من يقول بذلك الكلام و لا يقتصر على واحد بعينه.

و كذلك إذا تراجع الآخر عن كلامه لا تذهب قيمة كلامك؛ لأنه ليس موجهاً إليه بالذات و إنما إلى الفكرة. 

7ـ الإسلامُ دينُ اللهِ تعالى، فليس لإنسان أنْ يُحَكِّمَ هواه و مزاجَه في حديثه عن الدِّين أو بيانه لأحكامه، و أهواءُ الناسِ قد تميل نحو التشديد أو نحو التيسير.

فالأمرُ الذي جعله الله مكروهاً بإجماع العلماء، لا يجوز لأحدٍ أنْ يحرِّمَهُ احتياطاً للدِّين.

و كذلك الأمر الذي جعله الله ظنياً، لا يجوز لأحدٍ أنْ يدَّعي أنه قطعيٌّ لا يقبل الاختلاف.

و ما جعله الشرعُ صغيرةً من الصغائر لا يجوز ادعاء أنه من الكبائر..

و هذا الكلام قد يبدو بدهياً عند التنظير، إلا أنَّ هناك مَنْ تضيق نفوسُهُم بسعة الدِّين، و يأبون إلا أنْ يحكِّموا أهواءهم و أمزجتهم، فلا تكون موازينُهم منضبطةً بشرع الله تعالى.

8ـ مِنْ تعاليمِ الإسلام: الولاءُ و البراءُ، و المحبةُ في الله و البغضُ في الله،

فلماذا لا يعرف بعضهم إلا البراء و البغض في الله، و لا يوجد عندهم موضع للولاء و المحبة في الله..  

و مِنْ منهج المحدِّثين: الجَرْحُ و التعديل، و ليس الاقتصار على الجرح، مع التزامهم بشروط ذلك و آدابه.

فلماذا يقتصر البعض على الجَرْح و يتركون التعديل، ول ا يلتزمون بأحكام ذلك و آدابه.. 

9ـ كلما سمعوا نقداً تساءلوا:

1ـ لماذا في هذا الوقت؟

2ـ من وراء هذه الحملة؟

3ـ لماذا يتوجه النقد إلينا و ليس إلى غيرنا؟

و الجواب:

1ـ النقد ليس له وقت محدد. 

2ـ ينبغي أن يكون الاهتمام بالأفكار و ليس بالأشخاص. 

3ـ للحرص على تطوُّرِكم و تقدُّمِكم. 

فالنقدُ البنَّاء هو دليل المحبة و الوفاء، و ليس علامة على الكراهية و الجفاء..

10ـ من أسباب الخلافات اللفظية:

كثيرٌ من الخلافات عند التحرير و التدقيق يتبيَّن أنها خلافاتٌ لفظيَّةٌ، لا يترتب عليها اختلاف حقيقي.

و مِنْ أهمِّ أسباب وجود هذه الخلافات اللفظية: عدمُ تحريرِ المصطلح بشكل دقيق..

فتراهم يختلفون في الأمر، و كلٌّ منهم له مفهوم مختلف عن الآخر لذلك المصطلح!

فهناك من ينكر دليل (الاستحسان) لأنه يحسب أنه استحسان بالرأي من غير ضابط و لا دليل. 

و هناك من يعتبر الاستحسان دليلاً مقبولاً، و يرى أنه العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل خاص أقوى.

أو أنه عدول عن قياس جلي إلى قياس خفي، فيكون الاستحسان هنا نوعاً من القياس لكنه ليس قياساً جلياً ظاهراً.. 

و كذلك الأمر فيمن أنكر المجاز في اللغة العربية، فالذين يثبتون المجاز و هم أكثر العلماء، يعرِّفونه بأنه استعمال اللفظ في غير ما وضع له في أصل اللغة.

لكن الذين أنكروا المجاز قالوا: اللفظ في أصل اللغة يُستعمَل في هذين المعنيين، فلهذا لا يجعلون استعماله في المعنى الآخر من باب المجاز..

فالفريقان أثبتوا المعنى نفسَهُ، لكن أحدهم اعتبره حقيقة لأنه يرى أن اللفظ يستعمل في أصل اللغة في هذين المعنيين، و الآخرون اعتبروه مجازاً لأنهم يرون أنه استعمالٌ للفظ في غير ما وضع له في أصل اللغة.

فالخلاف بين الفريقين لفظي و ليس خلافاً معنوياً، فلا يوجد اختلافٌ جوهري بين الفريقين..

11ـ يحسب أحدهم أنه استطاع بحنكته و خبرته أن يقرأ ما وراء السطور، و هو لم يفهم حتى ظاهر السطور!

فقد استطاع أن يتهم الآخر باتهامات كثيرة من خلال فهمه لما وراء السطور، و لم يستطع من قراءته لمنطوق كلامه أن يصحح لنفسه هذه الظنون الخاطئة.. و كأنه لم يعلم أنَّ المنطوقَ مقدَّمٌ على المفهوم، و أنَّ الأصلَ هو براءةُ الذمة، فالبراءةُ هي اليقين، و ما ثَبَتَ باليقين لا يزول بالشك..

12ـ  مِنْ صور اختلال الموازين و اضطرابها:

أ ـ يطالبه أن يكون مَلَكاً عندما يكون هو شيطاناً!

فينسى و يترك أقل ما يجب عليه، و يتذكر و يطالب الآخرين أن يؤدوا له أعلى الحقوق.. 

لهذه الدرجة تصل الأنانية عند بعض الناس، فلا يرون إلا أنفسهم و ما لهم من الحقوق، و ما عدا ذلك فلا يعنيهم في شيء..

ب ـ  عندما ينتقد أستاذَهُ أو أحداً من جماعته أو مذهبه، تراه في غاية اللطف و الأدب، و يتأول له الأعذار الكثيرة، و يبيِّنُ أنَّ هذا الخطأ ليس إلا زلةً مغمورةً في بحر حسناته..

لكنه عندما ينتقد مَنْ يخالفه في المذهب أو الاتجاه تَذهب هذه اللغةُ اللطيفةُ أدراجَ الرياح، و يَطعن في دينه و عِرْضِه بأمْضَى الرِّمَاح، و لا يترك للمحبة و الصلح مكاناً و لا موضعاً يستقر فيه..

فهذا الصنف يُحمَدُ له أنه ينقد أموراً في اتجاهه و مذهبه و لا يقتصر على نقد غيرهم من الاتجاهات الأخرى، إلا أنه ينقصه أن يكون نقده للاتجاهات الأخرى بنفس الأسلوب اللطيف الذي يفعله مع اتجاهه.

فيكفيه من الإنصاف أن ينقد الآخرين بنفس اللهجة التي ينقد فيها شيخه و أستاذه..

ج ـ يرضون لأنفسهم أن يكونوا من (الخوارج) مع العلماء و الدعاة و عامة المسلمين، فيسارعون بتضليلهم و تفسيقهم عند أدنى خلاف و لو كان معتبراً و سائغاً..

و لكنهم يكونون (مرجئة) مع الحكَّام الظالمين، فمهما أجرموا و أفسدوا، سكتوا عن كل ذلك، بل قد يبررون لهم هذه الجرائم..

لماذا اختلفت موازينهم بين الحكام و غيرهم؟ فإما أن يكونوا متسامحين متساهلين مع الجميع، أو متشدديين معهم كلهم.. 

13ـ يأتي بعضهم بألفاظ عائمة و عبارات فضفاضة، ول ا يشرح مقصوده و مراده بشكل واضح و دقيق، حتى إذا جاءه مَنْ يحاوره في كلامه ويلزمه به، استطاع أن يتنصل من كلامه و يخرج منه و لا يتحمل عاقبته..

فهو لهذا لا يحب الوضوح و الصراحة، و لكنه يحب الغموض و الضبابية في التعبير..

أما أصحابُ المبادئِ فهم حريصون على إيصال رسالتهم بأوضح طريقة و أيسـر  سبيل حتى يفهمها أكبر عدد ممكن، و هم مستعدُّون لتحمل تبعاتها و نتائجها مهما كانت كبيرة.. 

  

14ـ ما أحوجَ الباحثَ إلى الشجاعةِ الأدبية، ـ و هي أنْ يقولَ الإنسانُ ما يعلمه مِنَ الحقائق أو ما توصَّل إليه اجتهاده، من غير خوف ول ا مداهنة لأحد من الناس ـ ، و هذه الشجاعة الأدبية ليست أقل أهمية من الشجاعة في الحروب و المعارك!

فالشجاعة الأدبية قد تستجلب أعداء كثيرين يحاولون الإساءة إلى قائل ذلك الكلام.

و بالشجاعة الأدبية يَعرفُ الناسُ الحقيقةَ بشكلٍ واضح و لا تلتبس عليهم الحقائق.

و إذا عرفوا الحقيقة على ما هي عليه استطاعوا أن يجعلوا سلوكهم سليماً، فالفكرُ السليمُ هو الطريقُ إلى السلوكِ السليم.

و كثيرٌ من الانحرافات السلوكية سببها: الانحراف في الفكر و المفاهيم عند الإنسان..

فالمصيبةُ التي تحدث كثيراً أنْ يعرفَ أناسٌ الحقيقة و لا تكون عندهم الشجاعة لقولها، و يكون عند آخرين الشجاعة و لكن ليس عندهم الحقيقة، فتضيع الحقيقةُ بين عالم بها و خائف من قولها، و بين شجاع و لكنه جاهلٌ بها! 

فخير الناس من اجتمع عنده:

ـ سلامة القصد ـ و معرفة الحقيقة ـ و الشجاعة لذكرها..

15ـ متى رأيت باحثاً أو عالماً قد كثر أعداؤه و المتحاملون عليه، فاعلم أنه بعيد عن التعصب لجماعته أو مذهبه، و أنه لا يفعل إلا ما يمليه عليه ضميره، و لا يقول إلا ما وصل إليه اجتهاده، ـ و لكل قاعدة استثناءات ـ   

فما أكثرَ الكارهين للنقد و الإصلاح، و ما أكثرَ العاشقين لتعصُّبِهم و أخطائهم.. 

16ـ تلاميذ المصلحة: يلوم الناس كثيراً (أصدقاء المصلحة)؛ لأنهم يصادقون الآخر لالتماس مصلحتهم منه فقط، و لا يحبونه محبة صادقة، فيَظْهَر زَيْفُ محبَّتِهم عند أول اختبار و امتحان..

و لكنْ هناك أيضاً فريق آخر هو أحقُّ باللوم منهم، و هم (تلاميذ المصلحة)، الذين يريدون من أستاذهم أو شيخهم أنْ يوافقَهم في آرائهم، فإذا تكلَّم بما يخالفهم هجروه و ناصبوه العداء..

نعم لا مانع أن يختلف أحد مع أستاذه، لكن أن يكون ذلك مع الاحترام و التقدير له و لرأيه، أما من يعادي لأجل هذا الاختلاف فهو من (تلاميذ المصلحة).. 

و هم أسوأ من أصدقاء المصلحة؛ لأنهم قاموا بمعاداة من له فضل عليهم، و تنكروا له لمجرد الاختلاف اليسير، و قد يكونون هم المخطئين في رأيهم..

17ـ السبب في سعة العلم مع ضيق العقل و النَّظَر:

عندهم من الثقافة و الاطلاع الشيء الكثير، لكن هذه الثقافة لم تجعلهم على قدر كبير من الانفتاح و سعة العقل و بُعْد النظر، بالقدر الذي يتناسب مع ذلك العلم..

و ذلك لأنهم أحاطوا أنفسهم بأسوار و سياجات كثيرة، و جعلوا حدودها ضيقة، و اعتبروها قطعية لا تقبل الاختلاف أو إعادة النظر فيها..

فأصبحت هذه السياجاتُ سداً منيعاً يحول دول الاستفادة من زيادة العلم.

18ـ الجمع بين النصوص و المقاصد:

هناك من يأخذون بالنصوص بعيداً عن فهمها و النظر في مقاصدها، و هناك من ينظرون في المقاصد و لا يهتمون بالنصوص..

و لا بد من الجمع و التوازن بين الأمرين، فالنصوص تُؤخَذ مع النظر في مقاصدها، و المقاصد تستند إلى النصوص و تؤخذ منها..

فالأخذ بالنص من غير فهمه فهماً سليماً ليس أقل ضرراً من تركه؛ لأنه ينسب إلى النص معنى غير صحيح، و قد يسيء إلى الإسلام بذلك الفهم المغلوط.

فمعنى النظر في النصوص و المقاصد: هو النظر في مجموع الأدلة و ليس الاقتصار على دليل واحد و ترك غيره من الأدلة، فالأخذ بالمقاصد ليس تركاً للأدلة لأن المقاصد لها أدلتها من القرآن و السنة و الإجماع و القياس و غير ذلك.. 

19ـ الرأي و الفكر لا بد أن ينضج على نار هادئة:

بعض الكتابات مثل القهوة المُرَّة، فهي شديدة التركيز، لا يستطيع الإنسان أنْ يشربَ منها الكثير..

و هي كتابات مُنَبِّهة مثل القهوة أيضاً، تُبْعِدُ الإنسانَ عن النوم، و توقظه من السُّبَات العقلي و الفكري.. 

و حتى تُعَدّ هذه القهوة بشكل جيد لا بد أنْ تبقى فترة على نار هادئة..  

و كذلك الرأي و الفكر حتى يكون سليماً قوياً عميقاً لا بد أنْ ينضجَ على نار هادئة، و من أكبر الأخطاء: التسرعُ في إطلاق الأحكام و في استنتاج الأفكار و اكتشافها..

20ـ يا معشر الباحثين و الكُتَّاب و المؤلفين!

إياكم و احتكار العلم و الحَجْر على الناس في الاستفادة منه..

أنتم أصحاب مبادئ، تفرحون و تُسَرُّون كلما انتشرت الفائدة و عمَّت الآخرين.

أنتم تعلمون أن الله هو الرزاق، فنشركم للكتاب إلكترونياً لن ينقص من أرزاقكم شيئاً، بل سيبارك الله لكم بفضله.. 

لا مانع من بيع الكتاب و الاستفادة منه، لكن هذا لا يعني أن يحتكر هذا العلم و يمنع غيره من الاستفادة منه بأي وجه آخر..

و نشر الكتاب في النت لن يحول دون شراء الكتاب من آخرين، فهناك من لا يقرأ إلا في النت و لا يشتري شيئاً من المكتبات، و هناك من لا يحب إلا الكتاب الورقي فيشتريه حتى مع وجوده في النت.. فلكلِّ طريقةٍ في النشر مَنْ يميل إليها.. 

فلا ينبغي لباحث أن يغضب لأن أحداً قد نشر كتاباً له على النت مثلاً، بل ينبغي أن يكون هذا مدعاة لغبطته بذلك..

أئمة الإسلام الكبار الذين غمرونا بكتبهم و علمهم لم يأخذوا مقابلاً مادياً على أعمالهم العظيمة..

هل أخذ الإمام الطبري مثلاً على كتبه أجراً مادياً أو الإمام الغزالي أو الإمام النووي أو الحافظ ابن حجر، أو الإمام ابن قدامة، و غيرهم الكثير..

صحيح أن الزمن اختلف، لكن المبادئ السامية لم تختلف..

الأنبياء عليهم الصلاة و السلام كان شعارهم:

(قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً).  

(وَ يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَا لاً إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللهِ).

(يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ).

و صلَّى اللهُ على سيِّدنا محمَّد و على آله و صحبه و سلَّم تسليماً كثيراً و الحمدُ للهِ ربِّ العَالمين.

الرابط:

http://www.odabasham.net/show.php?sid=74560

قراءة 2094 مرات آخر تعديل على الأحد, 26 آذار/مارس 2017 17:16

أضف تعليق


كود امني
تحديث