قلما نعير إهتمام لمعطي يلعب دور كبير جدا في توازن شخصية الإنسان و يحقق له حالة السواء : راحة البال.
المسلم المؤمن لا نراه يعاني من أعراض القلق و التوجس و الوسواس و سوء الظن بالآخر و توتر الأعصاب، كونه حريص علي تنمية علاقته بالله العلي العظيم، فيعمل علي تقواه و تجنب كل ما من شأنه يسخط الله عليه، و ينعكس ذلك إيجابا علي علاقاته المختلفة مع المحيط القريب و البعيد.
و كونه علي وعي أن ما من شيء يغيب عن الرقيب تعالي، يجد و يكد و يجتهد في إتقان عمل و فعل و لا يتهرب من واجباته، فينعم براحة البال هذا الكنز الثمين. كم منا لم يوفقوا و كيف أن كثرة الهموم أثرت علي صحتهم و كيف هرب منهم النوم لأنهم يعيشون و هواجس من كل نوع تطاردهم.
تصح علاقات المسلم المؤمن بينما ذلك الذي يحيا و هو منقطع عن خالقه، يبحث عن السكينة و الضمير المرتاح و لا ينالهما و إن وحد الرب فذلك التوحيد لا يلامس شغاف القلب و لا يغير ما بنفسه من إعوجاج و مجتمعاتنا تعج بهذا الصنف من الموحدين الغير المؤمنين.
يضفي الإيمان الفعلي حلاوة خاصة علي حياة الفرد، لا سبيل لتذوقها من عبد ربه بدون يقين و من دون إيمان. من لا يتقي الله في نفسه و في الآخرين، من الطبيعي أن يجد نفسه محاصرة من الأشواك التي زرعها، فالذي يسيء لنفسه و محيطه و الآخرين، كيف يطمع في راحة البال ؟
من يعتبر دوما الآخرين السبب في مشاكله و أزماته، و من يعلق فشله علي فلان أو علان و ينظر إلي ذاته بنرجسية، كيف تستقيم حياته ؟
من يتقي الله، يعلم أنه مبتلي في هذه الدنيا و أن الشيطان متربص به الدوائر، فيحتاط لنفسه و يحوط نفسه بسياج قوي يرد عليه مكائد الإنس و الجن، و هذا السياج يتمثل في طاعة الله و التوكل عليه و الإنابة إليه. فأي كانت الإختبارات و الإبتلاءات يصمد و يحتسب و ينهل من معين لا ينضب ألا و هو الإيمان المشفوع بالفعل و العمل الصالح و الله كفيل بأن يرضيه و أي كانت أعمالنا، لن نفوز بالجنة إلا برحمة الله و ما يهمنا في هذه الحياة القصيرة أن نخرج منها بكنزنا الثمين : الضمير المرتاح.