قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 04 حزيران/يونيو 2014 13:49

تأثير المسلسلات المدبلجة على الأسرة العربية (فئة المراهقين أنموذجًا) الجزء الأول

كتبه  الدكتورة شميسة خولي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

أمَّا بعدُ:

بريقٌ أخَّاذ طبع الكلمة و الصُّورة الآتية من وراء البحار عبر مختلف وسائل الإعلام و الاتِّصال، المقروءة و المسموعة و المرئية، أغلبها أجنبية وافدة من الغرب أو متأثِّرة به، و لا ريْب أن تأثيرات هذه الوسائل قد ضربت الأخلاق و المبادئ الإسلاميَّة في الصَّميم، و أثَّرت على توجُّهات قطاع كبير من أبناء الأمَّة و بناتها فكريًّا و سلوكيًّا، و لعلَّنا لا نبالغ لو قُلنا: إنَّ الإعلام العربي سهَّل مهمَّة دُعاة الغرب و تلقَّف كل منتن منهم، ليروِّج له في أوساط مجتمعاتنا على أنه الطَّبيعي و العادي.

ذاك هو الإعلام و ما يقدِّمه من سموم في شكلٍ يروق النَّاظرين، و لن نجانب الصَّواب لو قُلنا أيضًا: إنَّ المسلسلات المدبلجة هي من أخطر ما وفد إلينا عبر وسائل الإعلام.

و على هذا الأساس تتمحور إشكاليَّة هذه الدِّراسة المتواضعة حول تساؤلات جوهرية و منهجية؛ أهمها:

• ما هي أهم القيم غير الإسلامية التي تمرَّر عبر المسلسلات المدبلجة؟

 • كيف استطاعت هذه المسلسلات إبهار المشاهدين و كسْب متابعتهم؟

 • ما هي القنوات التي تبثُّ هذه السُّموم بشكل أكبر؟

 • كيف تؤثِّر المسلسلات المدبلجة على شخصيَّة و نفسيَّة المراهق الجزائري خصوصًا، و الذي يمثِّل صورة واقعية و عاكسة لبقيَّة الشَّباب في البلدان العربيَّة الأخرى؟

 • و هل من حلول للحدِّ من هذا التَّأثير الهدَّام، بما في ذلك دور الإعلام الهادف في تغيير القيم السِّلبية التي تتركها هذه المسلسلات في عقول المشاهدين؟

و قد قسَّمتُ الدراسة إلى قسمين؛ قسم تنظيري، و آخر تطبيقي؛ بحيث خصَّصت القسم الأوَّل للحديث عن أهم القيم الدَّخيلة التي تنطوي عليها هذه المسلسلات، و وسائل جلْب الجمهور إليها، وقراءة في عناوين المسلسلات، ثم اقترحت مجموعة من التوصيات القابلة للتنفيذ.

في حين أفردتُ القسم الثَّاني من الدِّراسة لعرض نتائج الاستبيانات التي مُلئت من طرف (200) من تلاميذ المرحلة الثَّانوية بالجزائر، ثم قمتُ بالتَّعليق عليها.

و سأعرض ما تقدَّم في أجزاء مقسَّمة حسب العناوين التي اخترتُ أن أضبط بها هذه الدِّراسة:

القسم التنظيري من الدراسة:

إنَّنا لا نختلف لو قُلنا: إن الإعلام يقوم على خمسة ركائز، أولاها المرسل، و ثانيها الرِّسالة الإعلامية، و ثالثها الوسيلة الإعلامية النَّاقلة للرِّسالة و رابعها المستقبِل، و خامسها التَّأثير.

فماذا لو كانت الرِّسالة الإعلامية مجموعة من الأفكار و القيم الدَّخيلة المستترة في مسلسلات قادمة من خارج حدودنا، لتلج عقر ديارنا و تعشِّش تفاصيلها في عقول بناتنا و أبنائنا؟

لنقف بدءًا عند بعض المصطلحات التي ستتحَّكم في مسيرة هذا البحث، فأما التلفاز أو التلفزيون أو الرائي، فهو وسيلة من وسائل الإعلام و الاتِّصال التي تعتمد على الصوت و الصورة و الحركة لنقلها إلى المشاهد.

بينما تُعَّرف القناة على أنها محطَّة بها مجموعة من التَّجهيزات و طاقم عامل بها، تعمل على بثِّ برامجها المختلفة عبر الهوائي إذا كانت قناة محليَّة، أو بوساطة الطَّبق اللاَّقط، مرورًا عبر الأقمار الصِّناعية إذا كانت قناة فضائية، و تختلف القنوات التلفزية ما بين مفتوحة و أخرى مشفَّرة، و ما بين حكومية، و أخرى خاصَّة.

في حين يُعرَّف المسلسل المدبلج إلى العربية على أنَّه كل مسلسل يقوم بتمثيله مجموعة من الممثِّلين غير العرب، و بغير اللُّغة العربية، و يأتي من يترجم كلامهم صوتيًّا؛ حتى يخيَّل للمُشاهِد أن الممثِّل الأصلي هو من يتحدَّث، و قد تكون الترجمة حرفية فقط بإدراج العبارة المناسبة للحديث مكتوبة في شريط أسفل الشَّاشة.

و الرَّائج في المجتمعات العربية حاليًّا هو وجود مسلسلات مدبلجة من تركيا و المكسيك، و الهند و كوريا و أمريكا، و أمَّا السَّائد في الدبلجة، فهو استخدام اللَّهجة السُّورية خصوصًا.

أمَّا فيما يخصُّ الدِّراسة التَّطبيقية، فكانت العيِّنة المدروسة من فئة المراهقين، و ليس من السَّهل تحديد فترة المراهقة عمليًّا؛ نظرًا للصعوبة التي تُواجه المختصِّين في تحديد نهاية و بداية فترة الطُّفولة و مرحلة المراهقة؛ لأنَّ التغيُّرات التي تحدث فيهما تتمُّ في مُدَّة تتراوح ما بين تسع سنوات و عشر، و يختلف الأطفال فيما بينهم في السنِّ التي يبدؤون فيها الدُّخول في مرحلة المراهقة، كما يختلف البنون عن البنات؛ إذْ تسبق البنات البنين بسنة أو اثنتين[1].

أوَّلا: أهم القيم غير الإسلامية التي تُمرَّر عبر المسلسلات المدبلجة:

يعدُّ التلفاز من أكثر الوسائل الإعلامية انتشارًا بين فئات المجتمع المختلفة، و من أشدِّها تأثيرًا مقارنة بالوسائط الإعلامية الأخرى، فنجد هذا الجهاز يبثُّ الغثَّ و السَّمين، و يستقطب الصِّغار و الشَّباب، الرِّجال و النِّساء، و لعلَّ المسلسلات المدبلجة قد أخذت نصيبا مُعتبرا من أوقات تتبُّع البرامج التلفزية، فنلفيها قد أثَّرت بطريقة سلبية على سلوك شبابنا و جعلته يتشرَّب قيما دخلة عنه.

و في ذلك تنافست الكثير من القنوات الفضائية العربية، محاوِلةً صرْف أبصار الشَّباب عن الطيِّب إلى الخبيث، كيف لا و العين مرآة القلب؟ و لذلك كانت اللحظات هي التي تولِّد الخطرات فاللفظات فالخطوات!

إن هذه المسلسلات تُسلسل عقول المتتبِّعين، و لا سيَّما المراهقين و هم في هذه الفترة الحرجة من حياتهم بحكايات قيس  و ليلى في القرن الحادي و العشرين، فتعْلق ملامح التبرُّج و السُّفور في عقولهم و يصير الحرام حلالاً و الممنوع مرغوبًا بشدَّة، تمهيدا للتحرُّر تدريجيًّا من قيم المجتمع الإسلامية.

و نرصد الآن أهم ما تدعو إليه تلك المسلسلات من قِيَمٍ دخيلة على مجتمعاتنا المسلمة، و التي تنعكس على مسار تربية المراهق و سلوكه، و ما كان هذا ليحدث لولا وجود كمٍّ معتبر من القنوات التي ديدنها إفساد أخلاق شبابنا، و تزيين الباطل لهم، و تقريب المنكرات منهم و هم جالسون في عقر ديارهم؛ لأنه باختصار: غزو ثقافي منظَّم يسعى لعلْمنة المجتمع المسلم!

 1- تغريب المرأة المسلمة من خلال تقديم النَّموذج الغربي البرَّاق:

الاختلاط، الحريَّة المطلقة، التبرُّج، التملُّص من الواجبات الأسرية، و غير ذلك، كلُّها أساليب جعل منها الغرب طريقه لدخول المجتمع الإسلامي، متَّخذين أبواقًا عديدة يتصدَّرهم: الإعلام و العلمانيون، و قد جمعنا أساليب تغريب المرأة لبثِّها بين طيَّات هذا البحث، حصرًا لها و طلبًا لجمع شتاتها تحت عنوان واحد، و إن كان الحديث عنها يطول و يطول، فلو أطلقنا العنان لما يجول في الجَنَان، لما كفتْنا عشرات الدَّفاتر و الأقلام!

إنَّ توظيف الإعلام من أجل تغريب المرأة المسلمة هي محاولة في طريق تغريب المجتمع المسلم كله؛ لأن المرأة هي نصف المجتمع و ولدت النِّصف الآخر، و هذا مما لا يخفى على ذي بصرٍ، فكيف بذي بصيرة؟!

إنَّ ما تُقدِّمه المسلسلات المدبلجة من نموذج حياة، يدعو بطريقة غير مباشرة لإبراز المرأة الغربية و قد تجرَّدت من قيود المجتمع، لها الحرية المطلقة، لا يشوب حياتها سوى أخت لها أرادت بها مكرًا بسلب صديقها، أو تدبير المكائد لها مثلما هو شأن المسلسلات الآتية من المكسيك و أمريكا، و كوريا و الهند.

ول ا يختلف الأمر بالنسبة للمسلسلات التركية التي تُبيِّن المرأة المسلمة بنفس الطريقة، و ذلك أَمَرُّ و أشدُّ وطأةً على قلوب من يدرك مدى تأثير مثل هذا الأمر على نفوس الفتيات و النِّساء المسلمات، اللَّواتي يبهرهنَّ هذا النَّموذج الحياتي، و يَحسبنَ أن المرأة الغربية في أحسن أحوالها، كيف لا و المساواة قائمة و الحريَّة موجودة!

و مما يندرج تحت محاولة تغريب المرأة المسلمة، عن طريق بثِّ القيم غير الإسلامية التي تبثها المسلسلات المدبلجة ما يلي:

أتشجيع المرأة على المطالبة بالمساواة مع الرجل: تعرض مختلف المسلسلات المدبلجة المرأة ندًّا للندِّ مع الرَّجل، تفعل ما يفعل، و تسعى إلى ما يسعى إليه، و تُطالب بما هو حقٌّ له؛ ليكون حقًّا لها أيضًا، إنها دعوة غير مباشرة للمرأة المسلمة لتَحْذو حَذْوها.

يا لها من دعوة زائفة، بأصوات تحاكي الغرب و تنعق بما اتَّفق، و يا له من شعار أجوف، و تمرُّد على الأخلاق و الطبيعة الإنسانية و انتكاس للفطرة!

بل تمرُّد على المصطلحات أيضًا، فأي مُساواة يقصدون؟

لعل الجواب المختصر هوتغريب المرأة المسلمة؛ لأن طلب المساواة هو جزءٌ من هذا المخطَّط.

إنهم يريدون إبعاد المرأة عن دورها الأساسي في مملكتها، و تقويض نظام الأسرة التي تُبنى بها المجتمعات، إنهم يودُّون من المرأة المسلمة مُزاحمة الرجال في الوظائف التي لا تستقيم لأنثى ول ا تتوافق مع طبيعة المرأة، إنهم يريدون إشاعة رُوح العداء و التحدِّي بين المرأة و الرجل، دعوةٌ أطلقها الغرب و تلقَّفتها عقول أذيالهم من دُعاة تحرير المرأة في مجتمعاتنا، و ما تلك المسلسلات إلا حلقة من حلقات التغريب.

إنَّ الإسلام قد أعطى المرأة حقوقًا، و فرض عليها واجبات، و لم يُفرِّق بينها و بين الرَّجل، فقال جلَّ و علا: ﴿ وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَ لِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 228.

فحُقوقها مع الرَّجل مُتبادلة، كل طرف بما يُلائمه، و يتَّسق مع خِلقته و فِطرته التي فطره الله عليها، أمَّا الدَّرجة الزائدة للرَّجل في الآية، فهي درجة القَوامة، و هذا لا يتنافى أبدًا مع حُريَّة المرأة، فليست القوامة تسلُّط الرجل على الأنثى و لا إلغاء لشخصيتها، بل هي حفاظٌ عليها دُرَّة مصونة و لؤلؤة مكنونة، إنَّها مساواة تكامل، لا مساواة تنافُر، و إنَّه العدل الإلهي!

بتشجيع المرأة على المطالبة بالحرية: تُصوِّر مشاهد كثير من المسلسلات المدبلجة - و خصوصًا الآتية من المكسيك و أمريكا - أن المرأة يجب أن تكون حرَّة في تصرُّفاتها، تعمل ما تريد دون قيدٍ، ليس لتحرُّكاتها ضوابط، نجدها تضع كل ما يحدُّ من حريَّتها وراء ظهرها غير مبالية به.

أي حُريَّة يقصدون؟ و أي عُصَارَة لؤْمٍ فِي قرارة خُبْثٍ يرمون؟

إنهم يريدون ترْك الحبل على الغارِب للنِّساء، يريدون أن ينفلت زمام الأخلاق الفاضلة و القيم النَّبيلة من المجتمع المسلم، و إن انفرَط عقدُ الفضيلة، فستتهاوى حلقاته - حلقة، حلقة - حتى تحقِّق المرأة المسلمة الحرية المزعومة، و يعلو صوتها حينها: مرحى، لقد صرتُ حُرّة، كسرتُ قيود التخلُّف و الرجعية، يا له من نصر تاريخي!

أقول لكل فتاة مسلمة و لكل امرأة مسلمة: حُريَّتُك في انقيادك لله، حُريَّتُك في امتثالك لأوامر دينك و تطبيقها، حُريَّتُك في برِّك و طاعتك لوالديك، حُريَّتُك في حُسن تبعُّلك لزوجك، حُريَّتُك في حِشمتك و وقارك و حجابك.

تحرَّري من الهوى الفاسد و من الشهوة في غير محلِّها، تحرَّري من أنانيتك و سلبيتك، تحرَّري من قيود التَّبعية، كُوني أَمَةً لله، تَأْتَمِرين بأوامِره و تقِفين عند حُدوده التي شرعها لكِ، حينها فقط قولي و لن يلومك أحد: إنَّني حُرَّة!

جتزيين صورة الحضارة الغربية في عيون نسائنا: تعمل المسلسلات المدبلجة على إبراز النَّموذج الغربي بأبهى صوره، و أجمل حُلله، و كأنَّ المرأة الغربية في أزهى عهودها، فهل هو فعلاً كذلك؟!

إن الواقع يكذِّب كل هذه الدَّعاوى، فلا يَغُرَّننا النَّموذج الحضاري الغربي، و ليس علينا أن نتشدَّق بهذا الوهم؛ لأنَّه نموذج زائف، لستُ أنا القائلة و إنما شهد شاهد من أهلها، و ما أكثرهم!

هذه "سالي جان مارش" التي عاشت بعيدة عن الله سنوات من عُمرها حتى هداها الله و أنار بصيرتها، تقول: "إنَّنا نخشى أن تخرج المرأة الشَّرقية إلى الحياة العصرية، ينتابها الرُّعب لما تشهده لدى أخواتها الغربيات، اللاَّئي يسعين للعيش و ينافسن في ذلك الرَّجل، من أمثلة الشَّقاء و البؤس كثيرة"[2].

و هذه الكاتبة "مس إترود" تستهجن ما آل إليه المجتمع الإنكليزي، مع بداية تحقيق مبدأ المساواة، و خروج المرأة من مملكتها، فتقول: "إنّه لعارٌ على بلاد الإنكليز أن تجعل بناتها مثلاً للرَّذائل بكثرة مخالطة الرجال، فما بالُنا لا نسعى وراء ما يجعل بناتنا تعمل على ما يُوافق فطرتها الطبيعية، من القيام في البيت، و ترْك أعمال الرجال للرجال؛ سلامةً لشرفها؟!"[3].

دتشجيع الاختلاط: إننا نجد المسلسلات المدبلجة تُزيِّن الاختلاط بين الذكور و الإناث، و تجعله من رُوح العصر و متطلَّباته، فالاختلاط في المنزل؛ حيث يصير إخوان الزَّوج و الأصدقاء و الجيران و كل من يدخل المنزل من محارم المرأة!

و تصير بنات الخال و بنات العمِّ في عيون الرَّجل مثل الأخوات!

و الاختلاط في أماكن الدراسة و العمل، لا كوضع مفروض يتعامل معه بوقار و احترام و حشمة، بل بكل ميوعة و انفتاح!

أضف إلى هذا ضعف الوازع الديني ورقَّة الدِّين، فماذا ننتظر؟!

إنَّ لمشاهد الاختلاط بين الجنسين مفاسدَ كثيرة، تتكرَّس أكثر حين يُشاهد المراهق خصوصًا أبطاله المزعومين من الجنسين و هم يضحكون و يتبادلون الكلام اللَّطيف دون أدنى حياء، فيُهوَّن هذا المنكر العظيم في النُّفوس، و يصير عدم الاختلاط هو الأمر غير العادي، و هنا يكون ما بعد الاختلاط من الإفساد أهون و أسهل!

هـتشجيع ثقافة العُري للمرأة بين أفراد الأسرة، و تشجيع ثقافة التبرُّج و العري، و التعطُّر و الزِّينة خارج البيت: لعلَّنا نبدأ هذا العنصر بسؤال: من أين للمرأة المسلمة بمظاهر التبرُّج و العُري و السُّفور من دون ذاك الجهاز الذي يبثُّ الغثَّ و السَّمين؟

و إنَّه مما زاد انتشار هذه الثَّقافة الغريبة عنَّا تلك المسلسلات القادمة إلينا من وراء البحار بثقافة غير ثقافتنا، فنجد الممثِّلين يتبارون في لُبْس أجمل الثِّياب، و الأجمل في عُرف الغالبية من مصدِّري تلك السُّموم، هو ما يكشف أكثر مما يغطي جسم تلك البطلة، و ما يتماشى مع الموضة هو الأنسب!

فتظلُّ تلك المراهقة مشدودة للبطلة بلباسها و أناقتها، معجبة بها، و لعلَّها تردِّد في سرِّها: ليتني هي!

و لا تتعلَّق ثقافة العُري بالخروج من المنزل، بل نجد اللِّباس القصير و الضيِّق و غير اللاَّئق من لوازم أناقة الممثِّلة أمام محارمها أيضًا داخل البيت - حسب الدَّور الذي تلعبه في المسلسل - فتلبس البنت أمام والدها و أخيها ما لا يجوز أن تلبسه المسلمة أمام امرأة من بنات جنسها!

و لن يكتمل جمال البطلة دون الزِّينة التي تضعها على وجهها، و رشَّات العطر التي عليها أن تفوح و تترك أثرًا خلفها!

و بعد كل هذا تخرج و كأنَّ شيئًا لم يحدث! و الوجهة جامعة لتدرس أو مكان لأداء وظيفتها، أو ربما مرقص أو مكان للقاء الحبيب!

وحين تتكرَّر الصورة من مسلسل لآخر، يصبح العُري ثقافة عادية، و التعطُّر و الزِّينة قبل الخروج من مكمِّلات الأنوثة، و لا يهم إن كان أمام المحارم أو غيرهم، و لا يهم أيضًا إن كان داخل البيت أو خارجه، فنجد المراهقة تقتدي بجزءٍ أو أجزاء من تلك المشاهد المصدَّرة إلينا؛ لأنَّ ترسُّب الأفكار يولِّد لدينا التعوُّد و القَبول.

لقد عاد تصدير مثل هذه النَّماذج الدَّخيلة و تثبيتها في الأذهان مهمَّة سهلة جدًّا بوجود الإقبال الشَّديد من فتياتنا على هذه المسلسلات، فعوض أن ترى الفتاة نماذج من النِّساء المسلمات اللَّواتي يفتخرن بالحجاب و العِفَّة و حُسن الخُلق، فإنها ترى نماذج لنساء يتباهين بالموضة و عرض المفاتن، و ما أبعد هذا عن ديننا و أخلاقنا العامَّة!

و ديننا لا يمنع التزيُّن و لا الظهور بهيئة حسنة، لكنَّه يضع ضوابط لذلك، فلقد خلق الله عزَّ وجلَّ الإنسان في أحسن صورة و حباهُ من الصِّفات ما جعله في أحسن تكوين، و أتَم خلق، و الإنسان بطبعه يميل إلى إضْفاء لمسات جمالية على خِلقته الأصلية، أوَّلها؛ الاعتناء بنظافة البدن، كالغُسل و الوضوء و سُنن الفِطرة، و نظافةُ الملْبس و المكان.

على أنَّ الزِّينة بالنِّسبة للمرأة المسلمة تحكُمها ضوابط و تقيِّدُها شُروطٌ، نوجزُها دون تفصيل في: عدم التبرُّج و ضرورة ستر الزِّينة، و عدم إظهارها إلا لمن تجوز له رُؤيتها، و مراعاة حدود الزِّينة أمام النِّساء، و ألا ترتكب المرأة بزينتها حرامًا، و ألا تتشبَّه بالكافرات و أهل الكتاب و الفُسَّاق، و ألا تتزيَّن بما فيه ضرر وبما يخالف الشَّرع - من الثَّوب الضيِّق أو الشفَّاف - و أن تتجنَّب لباس الشهرة، و تراعي الاعتدال و عدم الإسراف، مع حُسن القصد و عدم التغرير[4]، فأين بناتنا من هذه الضَّوابط؟!

والدعوة الصريحة لإقامة العلاقات المحرَّمة و التساهل في تكوينها و ممارسة الزِّنا: أكاد أجزم أن في كلِّ مسلسل مدبلج علاقة محرَّمة أو أكثر، بل قد يُبنى المسلسل كلُّه على تلك العلاقة، و ليس مسلسل العشق الممنوع ببعيد! فموضوع المسلسل الذي تدور حوله 165 حلقة يتحدَّث عن علاقة حبٍّ بين امرأة متزوِّجة و شابٍّ ربَّاه زوجها كبير السن بعد وفاة والديه!

و ما هذا إلا غيض من فيض، و الخطر أكبر حينما يحاولون إبراز الظَّاهرة لا على أنها مرض اجتماعي وَجَبَ محاربته، بل يجدُّون في اختلاق الأعذار لتصوير الذَّنب في صورة حبٍّ تلقائي، و الإجهاض كحلٍّ مؤكَّد لعلاقات الزِّنا، و الخيانة الزَّوجية كنتيجة حتميَّة للخلافات!

و الحبُّ المزعوم كثيرًا ما يبدأ بتحرُّش جنسي يُقابل بالتَّرحاب من الطَّرف الآخر، و قد تعدَّدت مظاهره في هذه المسلسلات، فقد يكون التحرُّش الجنسي بحركات كنظرات ثاقبة تُذيب الحياء، أو لفظيا بإطلاق كلمات نحو المرأة توحي إلى ذلك أو تحرُّشًا جسديًّا باللَّمس، أو محاولة المداعبة، و هو تَعَدٍّ صريح على شرف المرأة.

فيُزيَّن هذا المنكر في عيون شبابنا، و لن يعود خدْشًا للفطرة السَّليمة، و انحصارًا لرداء الحياء، و إثارة محرَّمة للغرائز و الرَّغبات، بل يصير القدرة على امتلاك قلوب الفتيات، أو التمكُّن من اصطياد الشَّباب، و إيقاعهم في الشِّباك!

 2- نشر المعتقدات النَّصرانية و البوذية و العادات الغربية:

معتقدات نصرانية و بوذية و عادات اجتماعية، لا تَمُتُّ للمسلمين بصلة، نجدها ماثلة في جل المسلسلات الوافدة علينا من المكسيك و الهند و أمريكا، بشكل يوحي أنها جزء من تفاصيل المسلسل، بيْد أنها ليست بريئة!

مثل ذلك أعياد النَّصارى و احتفالاتهم، و النَّتيجة مجاراة الكفَّار و الكافرات في أعيادهم، و بالتَّالي تَضعُف عقيدة الولاء و البراء لدى المسلم، و لنصغي لكلام من لا ينطق عن الهوى، و هو يخاطب أُمَّته عليه صلوات من ربي و سلام، قائلاً: (((لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَ ذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ))، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اليَهُودَ، وَ النَّصَارَى، قَالَ: ((فَمَنْ))[5].

و كم كثُرت المناسبات التي يقلِّد فيها المسلمون غيرهم؛ سواء التي تعلَّقت بالدِّين، أو بالتقاليد، و ازدادت العقدة تعقيدًا حينما اعتُرف بهذه المناسبات كأعياد، و الكثير يردِّد دون استحياء: إنَّه عيد رأس السَّنة، و إنَّه عيد الأمِّ، و إنه عيد الحبِّ! متناسين أن الأعياد من خصائص الأديان، و الإسلام الذي ارتضاه لنا ربُّنا دينًا، قد أكمله و أتمَّ نعمته علينا، فكيف نبتغي الهدى و نرجو السَّلامة في غيره؟

 3- الترويج للحصص الفنيَّة الهابطة و المنتجات الأجنبية، عن طريق الإشهار الذي يتخلَّل عرض المسلسلات:

لا شك أن الإشهار يأخذ حيِّزًا من وقت البثِّ التلفزيوني في مختلف البرامج التي تقدِّمها أي قناة، فماذا لو كان البرنامج مسلسلاً يستقطب عددًا هائلاً من المشاهدين؟

يبدو أنها فرصة لا تُعوَّض لعرض ما أمكن من منتجات أجنبية، فإن لم يكن منتجًا، فهو تذكير بموعد سهرة فنيَّة، و يستمر العفن في كل دقائق العرض من لحظة بداية المسلسل إلى آخره!

 5- الترويج للغناء و الموسيقا:

يبدو أن المسلسل لا يكتفي بعرض ما هو سلبي من القيم أثناء سير الأحداث فقط، بل إنه يروِّج للغناء و الموسيقا عن طريق شارات البداية و النِّهاية لكل مسلسل، و ما قد يتخلَّلُه من الأغاني المناسبة للموقف الرومنسي بين البطلين؛ حتى يحلو الكلام، و يندمج المُشاهد مع المشهد!

و ماذا لو تابع المشاهد أغنية البداية و النِّهاية مائة مرة بدايةً و مائة مرة نهايةً خلال أيَّام العرض، الأكيد أنَّه سيحفظ الأغنية عن ظهر قلب، و ربما حفظ نوتاتها أيضًا، و صار يُدندن بها من غير قصد!

 6- التَّهوين من أمر التَّدخين و الخمور و المخدرات:

كثيرًا ما تكون السيجارة رفيقة رجل الأعمال، أو تكون التعبير المباشر عن الغضب و القلق، و كثيرًا ما يُعاقر الرَّجل الخمرة في مشهد خليع، و قد تكون المخدرات السُّلوك الإرادي لنسيان الهموم و المشاكل، فتهون في نظر المشاهد هذه السُّموم مع كثرة تَكرارها في مشاهد المسلسل الواحد، فكيف إن تكرَّرت في أغلب المسلسلات!

 7- الإجرام:

الإنسان ليس كائنًا يعيش بمَعزلٍ عن المجتمع، بل هو جزء منه يتأثَّر به و يؤثِّر فيه سلبًا و إيجابًا، و من هنا فقد يتأثَّر المشاهد بما يراه من عنفٍ في محيطه و داخل مجتمعه، أو قد يتأثَّر بما تعْرضه وسائل الإعلام المختلفة من مشاهد تُروِّج للعنف و تُشجِّع عليه، و هذا ما نلفيه في كثير من المسلسلات المدبلجة، خصوصًا الأمريكية منها، فقد أكَّدت بعض الدِّراسات وجود علاقة بين وسائل الإعلام و السُّلوك الإجرامي، و ذلك من خلال عرضها للصُّور الإجرامية عرضًا مُغريًّا مُشوِّقًا، يُسلِّط الأضواء على بعض أنواع الإجرام، و يُغري بارتكابها[6]، فيتولَّد العنف لدى الصَّغير و يكبر معه، أو كبيرا فيتقبَّله، إلى أن يكون طرفًا فيه.

http://www.alukah.net/culture/0/68122/1/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%A8%D9%84%D8%AC%D8%A9/

يتبع...


[1]جلال سعد؛ الطُّفولة والمراهقة، دار الفكر العربي، القاهرة، ص229.

[2]عماد الدِّين خليل، قالوا عن الإسلام، النَّدوة العالمية للشَّباب الإسلامي، ط1، الرياض، 1412هـ/1992م، ص433.

[3]عبيد الرفاعي منصور، المرأة ماضيها وحاضرها، أوراق شرقيَّة للطِّباعة والنَّشر والتَّوزيع، بيروت، 1421هـ/2000م، ص167.

[4]ينظر: ازدهار بنت محمود بن صابر المدني، أحكام تجميل النِّساء في الشَّريعة الإسلامية، ط1، دار الفضيلة، الرياض، 1422هـ/2002م، ص92-117.

[5]صحيح البخاري، دار طوق النَّجاة، بيروت، 1422هـ، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله ﴿ وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا ﴾ [مريم: 16]، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل، حديث رقم 3456، ج4، ص 169.

[6]خالد بن سعود البشر، أفلام العنف والإباحة وعلاقتهما بالجريمة، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 1426هـ/2005م، ص 09.

قراءة 3300 مرات آخر تعديل على السبت, 11 تموز/يوليو 2015 09:33

أضف تعليق


كود امني
تحديث