قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 28 آب/أغسطس 2014 07:15

بين الثأر والنار

كتبه  الأستاذة رقية القضاة من الأردن الشقيق
قيم الموضوع
(1 تصويت)

طافت المرأة المكلومة في سوق عكاظ، تندب أخاها صخر القتيل، و تبكيه، و تناديه و تذكر كل جميل فيه، فإذا ذكرت اخاها معاوية القتيل الثاني انطلق لسانها بالرثاء، و الشعراء يستمعون إلى قصائدها و قد أيقنوا أنها أشعرهم و أصدقهم عاطفة و أبلغهم عبارة

و يلتقي الناس هذه الشاعرة و هي تطوف حول الكعبة، محلوقة الرأس و قد علقت في خمارها حذاء أخيها صخر، و هي على حالها من الحداد و الحزن المقيم.

لم تكن تلك المرأة الشجوب سوى {الخنساء} تماضر بنت عمرو الأسلمية، شاعرة سوق عكاظ المفجوعة في أخويها معاوية و صخر، و قد قتلا في إحدى حروب الجاهلية، تلك الحروب التي كانت تقوم لاتفه الأسباب، و تأكل الأخضر و اليابس، و تفني الشباب و الذراري، و تذل النساء و قد غدون ما بين سبيّة أو ثكلى او فاقدة أو أرملة، و ها هي الخنساء الشاعرة العربية تنثر دموعها قصائد نديّة الاحاسيس، تقطر من دم قلبها الجريح، تعبّر عن حزنها بعبارتها البديعة الرقيقة، و لسانها العفيف،و انفتها الكريمة.  

و تمرّ الايّام و إذ بها تقدم مع قومها من بادية بني سليم على رسول الله صلى الله عليه و سلم، و تسلم لله رب العالمين، و تنقلب حالها بعد الإسلام، و قد أشبع قلبها بحب الله و رسوله، و ايقنت نفسها الكريمة ان هذا الدين الكريم حق، و أن هذا القرآن العظيم ببلاغته و جمال عبارته و حسن خطابه و تنوعه، لا يمكن ان يكون كلام بشر، و قد عرفت و هي الشاعرة البليغة الفصيحة المبدعة، ان بلاغتها تقف عاجزة امام هذه المعجزة الربّانية،فاستكانت نفسها لكلمات الله البديعة الطيبة.

و حسن إسلام الخنساء، و ارتقت بعبارتها الأدبية بما يتوافق مع عقيدتها و دينها القويم و أنطلقت تنشد قصائدها الرزينة امام رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو يوميء نحوها استحسانا لجزالة عبارتها و جميل معانيها قائلا:{هيه ياخناس }

و ظلّت الخنساء تبكي أخويها و على وجه الخصوص أخاها صخر، و هي تذكر نبله و كرمه و كأنها تطلب من التاريخ ان يعذر حزنها و لوعتها، و هي ترثي فيه كلّ حسن جميل.

و لما تولى عمر الخلافة اشار عليه بعض النّاس ان ينهاها مخافة أن تداخل نفسها بعض الجاهلية فيقول لها : اتقي الله  وأيقني بالموت فقالت: أنا أبكي أبي و خيري مضر: صخرًا و معاوية، و إني لموقنة بالموت، فقال عمر: أتبكين عليهم وقد صاروا جمرة في النار؟ فقالت: ذاك أشد لبكائي عليهم؛ فكأن عمر رق لها فقال: خلوا عجوزكم لا أبا لكم، فكل امرئ يبكي شجوه و نام الخلي عن بكاء الشجي.

و اشتهرت مقولتها حين عاتبها المقرّبون لكثرة بكاءها على صخر و قد اسلمت و هو قد مات على جاهليته، فقالت :كنت أبكي له من الثأر و اليوم أبكي له من النار، و تحدثنا أوراق التاريخ عن هذه الصحابية الشاعرة اللبيبة، كيف غير الإسلام نظرتها إلى الموت و الحياة، كما غيّر كل سلوكيات الجاهلية في شخصيتها و لسانها، و يحدّثنا التاريخ عن هذه المرأة المؤمنة الصادقة، و هي تدفع بأولادها الأربعة إلى ميدان الجهاد في سبيل الله، و تطالبهم ان يحرصوا على الشهادة و لا ينكصوا على اعقابهم، مذكرة إياهم بثواب الله و شرف الشهادة لهم و لها  فتخاطبهم قائلة يوم القادسيّة :{ "يا بني إنكم أسلمتم و هاجرتم مختارين، و الله الذي لا إله غيره إنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم و لا فضحت خالكم، و لا هجنت حسبكم و لا غيرت نسبكم. و قد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين. و اعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية يقول الله عزَّ و جل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صَابِرُوا وَ رَابِطُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[آل عمران: 200].فإذا أصبحتم غدًا إن شاء الله سالمين، فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، و بالله على أعدائه مستنصرين. و إذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها و اضطرمت لظى على سياقها و جللت نارًا على أوراقها، فتيمموا وطيسها، و جالدوا رئيسها عند احتدام خميسها تظفروا بالغنم و الكرامة في دار الخلد و المقامة."

و تطير أنباء النّصر إلى الفاروق فتقر عينه بفضل الله و نصره، و يحمل إلى الخنساء نبأ استشهاد اولادها الاربعة، فتحتسبهم عند الله، فلا نواح و لا رثاء و لا جزع، بل شكر و فخر و رجاء، فتقول لعمر رضي الله عنه و قد جاءها معزيا بهم :  "الحمد لله الذي شرفني بقتلهم و أرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته".

و في كل عصر و زمان من عصور الامة الإسلامية ظلّت الخنساء مثلا يحتذى، في الصبر و الثبات و الاحتساب، حتى يومنا هذا، و أينا لا يعرف خنساء فلسطين أم الشهداء أم نضال فرحات التي قدمت أولادها شهداء، صابرة راضية بقضاء الله دفاعا عن الأقصى الاسير، أعظم الله اجرها و ثوابها إن شاء الله

{اللهم إنا نسألك الشهادة بصدق فبلغنا اللهم منازل الشهداء بفضلك يا رب العالمين}

قراءة 1711 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 07 تموز/يوليو 2015 21:21

أضف تعليق


كود امني
تحديث