قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 22 تشرين1/أكتوير 2014 08:00

تأمّل صنيع نملة !

كتبه  الدكتورة شميسة خلوي
قيم الموضوع
(0 أصوات)


سُئِلتْ أمُّ الدرداء: ما كانَ أفضلُ عبادةِ أبي الدرداء؟ قالت: التفكُّر و الاعتبار [1].
سبحان الله! إنَّ التفكُّرَ في بديع صُنع الله و عظَمة خَلْقه مِن أجلِّ العبادات التي تُوصلنا إلى الاعتبار، و تَزيدُنا يقينًا بربِّنا المصرِّف لشؤونِ الكون، و تُعمِّق فينا رُوحَ التوحيد، عبادة سلَكها خليلُ الرَّحْمن؛ ليستدلَّ بالنجوم و الشمس و القمَر على الخالِق الواحِد أمامَ قومه، عبادةٌ واظَبَ عليها حبيبُنا المصطفى - عليه الصلاة و السلام - قبلَ بعثتِه حين كان يخلو بغار حِراء يتحنَّث فيه [2].
و أنتَ؟ قد تكون نَظرتَ، بل أمعنتَ نظراتِك يومًا صَوبَ جبلٍ تُناطح قمَّتُه السحاب، و هي في مكانِها راسيةٌ ثابتة، أو ربَّما استجبت لقولِ الحقِّ - تبارك و تعالى -: {أَفَلاَ يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَ إِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَ إِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ} [الغاشية: 17 - 19].
أو قدْ تكون رفعتَ رأسَك نحوَ السماء لترقُبَ سحابًا يعترِض في أفقها أو برْقًا يَسْتطير مِن أعاليها، و صوتُ الرَّعْد يُداعِبُ أُذنيكَ دون استئذانٍ، و يَروي قصَّة تَتكرَّر؛ لترتويَ الأرض بالغيثِ المسيَّر إليها.
أو قدْ تكون رأيتَ يومًا جمالَ الكون و تأمَّلته في رَونق رَوضةٍ و الوقت ربيع، و قد تَفتَّحَت عن زَهرٍ بديعٍ، و حُللٍ بلونِ قوس قزَح، رافقتْها نَسماتُ هواء تَشفي العليل، و تُريح السقيم، و قلتَ: سبحان الله! سبحانَ مَن أحسنَ كلَّ شيءٍ خَلَقَه!
لكن أتُراك أمعنتَ نظراتِك نحو ذاك المخلوقِ الصغير، و هو يُلمْلِم فُتاتًا أو يحرِّك شيئًا أكبر بكثيرٍ مِن حجمه؟!

هل تأملتَ يومًا صَنيع نملةٍ؟!
أم تُراها خُلقت عبثًا؟!
يقول - عزَّ و جلَّ -: {وَ مَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَ الْأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا لاَعِبِينَ} [الأنبياء: 16].
النَّمْل عالَم مدهِش و مميَّز، دورةُ حياة كامِلة خصَّها الله بها، أجسام صَغيرة و قُدرات عجيبة، و طاقات مميِّزة، و بنظرةٍ أقرَب إلى مجتمَع النَّمل و مشاهدتك له، لن تملك أمامَه إلاَّ تَرديد قوله - تعالى -: {إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ * وَ فِي خَلْقِكُمْ وَ مَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [الجاثية: 3 - 4].

لنبدأ رحلتنا مع عالِم النَّمل.

1– التعاون و التكافل:
جانبٌ مضيءٌ مِن حياةِ النَّمل و مستوى مُتقدِّم مِن التعاونِ فيما بينها، فالنَّملة التي تَكتشِف مَصْدر الطعام تقوم بتوجيهِ الآخَرين إليه، بل في رِحلة ملئها لمخازنِها بالطعام تحدُثُ أمورٌ غريبةٌ عجيبة، فهل تعْلَم - يا رعاك الله - أنَّ النَّملة الجائِعة إذا التقَتْ بأخرى شبعى، فإنَّ الثانيةَ تُعطِي الأُولى خلاصات غذائيَّة مِن جِسمها؟
وهل تَعلم أنَّ النملات العامِلات تقوم بتغذيةِ اليَرقات؟
فضلاً عن تنبيه الباقيات إلى وجودِ مصادر للطعامِ في المكان الذي صَادفَته فيه؟ [3].
سبحان الله! كيف لهذا المخلوقِ الصَّغير أنْ يَعرِف مبدأ التعاون و التكافُل! و كيف له أنْ يَتصرَّف بهذه الطريقةِ غير الأنانيَّة؟!
إنَّه سلوكٌ يَنبغي أن نتَّصف به نحن البشَر، فالتعاون و التكافُل مِن أخلاقيات الإسلام، يقول - عزَّ و جلَّ - في مُحكَم تنزيله: {وَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوَى وَ لاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوَانِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2].
فمِن الصُّعوبةِ أن يَعيش الإنسانُ بمفردِه في هذه الحياة، و مِن الصُّعوبةِ أيضًا أنْ ينال حاجاته كلَّها دون اللُّجوء لغيرِه، فحاجةُ الناس لبعضهم أمرٌ طبيعي، و مشارَكة الآخرين في تَحقيق المصالِح المشروعة وارد أيضًا، و الإنسان اجتماعيٌّ في علاقاته؛ لذا نَجِد الإسلام قد حثَّ على التعاونِ؛ ليشملَ جميعَ جوانبِ الحياة، إذًا فالتعاونُ هدفٌ و مطلَبٌ أسْمى فـ «إنَّ المُؤمِنَ للمؤمِنِ كالبُنيانِ، يَشُدُّ بعضُه بعضًا» [4].
فهذا حالُ المؤمِن في تَعاوُنه مع أخيه المؤمِن، و لا يكون التعاون مِن أجْلِ إحقاقِ فائدة أو جلْب منفعةٍ فقط، و إنَّما يكون أيضًا من أجْل دفْع المنكَر و دحْض الشبهات و كفِّ الأذى.
و كما حدَّد دينُنا القويم علاقةَ الإنسان بربِّه، فإنَّه حدَّد علاقَته بأخيه الإنسان، و التكافُل صُورة أخرى للتَّعاون بيْن الأفراد في المجتمَع الواحِد بما يَشيعه مِن تَرابُط و حبٍّ و إيثار مِن أجْل تحقيقِ الحياة الكريمة للفَرْد.
و تختلِف أشكالُ التكافُلِ و العطاء على شاكلةِ الزَّكاة و الصَّدَقة، و الوقف و النَّفقة و الكفَّارات، يقول الحق - تبارك و تعالى -: {وَ لاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [آل عمران: 180]، ممَّا يضمن العيشَ الكريم للمحتاج و الفقير مِن جهة، و يروِّض نفْسَ باذلِ المال و يُقصِي مشاعرَ البُخل و الشحِّ.
فهل طبَّقنا و وعيْنا؟ و هل تعاونَّا وتكافلنا؟
كم مِن مسلمٍ باتَ طاويَ البطن يتضوَّر جوعًا و جارُه يتقلَّب في النَّعيم! و أين نحن مِن سدِّ جوع الجائِع، و كسْي عُري العاري؟ بل أين نحنُ مِن مسلمين يموتون بالآلاف جوعًا، شبَّانًا و شيبًا، نِساءً و رجالاً؟! ألاَ نستحي مِن نملة تُطعِم أختَها!
خرَج أحدُهم مع أبي هُرَيرةَ يُسائِله، فلمَّا انتهى إلى بابِ بيته أقْبَل عليه، و قال: "ألاَ أخبرك بشر ممَّا سألتَني عنه؟ الرَّجلُ يَبيتُ شبعان و جارُه جائِع"[5].
كما لا يَرتبِط العطاءُ بمقابل أو تحقيق مصلحةٍ شخصيَّة، بلْ هو بابُ خيْر انفتح على مِصراعيه للمُعين، يقول الحبيبُ المصطفى - عليه الصلاة و السلام -: «مَن نَفَّسَ عن مُؤمنٍ كُربةً مِن كُرَب الدنيا، نفَّسَ الله عنه كُربةً مِن كُرَب يومِ القِيامة، و مَن يَسَّرَ على مُعسِر، يَسَّرَ الله عليه في الدُّنيا و الآخِرة، و مَن سَتَر مسلمًا، سَتَره الله في الدُّنيا و الآخِرة، و اللهُ في عونِ العبدِ ما كان العبدُ في عَونِ أخيه» [6]، و بهذا التوازنِ نكون قدْ حقَّقْنا المنفعة لأنفُسِنا و للبلادِ و العباد.

2- التخطيط للمستقبل:
النَّمل - يا رَعاكم الله - مِن أحْرصِ مخلوقاتِ الله على تحقيقِ أَمْنه المستقبلي، فهو يدَّخر في يومِه لغدِه، يُذكَر أنَّ سيِّدنا سليمان - عليه السلام - استحضَر نملةً و سألها عن كميَّة الطعام الذي تَكفيها خلالَ السَّنَة الواحدة، فأجابتْه أنَّها تستهلك ثلاثَ حبَّات مِن الحنطة سنويًّا، فأمَر نبي الله بإلقائِها في قارورة مسدودة و جعَل معها ثلاثَ حبَّات مِن الحنطة، ثم أمر بفَتْح القارورة بعدَ سَنةٍ كاملة، فوجَد حبَّةً و نصفَ حبة من الحنطة، فقال سليمان -عليه السلام- للنملة متعجبًا: أين زَعْمُك؟! أنتِ زعمتِ في قولك، كل سَنة ثلاث حبَّات؟! قالت: نعَمْ، و لكن لَمَّا رأيتُك مشغولاً بمصالح أبناء جِنسِك حسبتُ الذي بقِي مِن عُمري، فوجدتُه أكثرَ مِن المدَّة المضروبة، فاقتصرتُ على نِصف القُوتِ و استبقيتُ نصفَه استبقاءً لنفسي، فعَجِب سليمانُ من شِدَّة حِرصها [7].
قد أوْدَع الله في النملةِ حُبَّ الادِّخار، فهي تحتفظ بالحبوبِ تحتَ الأرض في مستعمراتها، في مكانٍ رطبٍ دافئ، دون أن يُصيبَ هذه الحبوب التلفُ أو التعفُّن، بل و يتفنَّن النملُ في طريقة ادِّخاره لغذائه، فنجده يقطَع حبَّةَ القمح نِصفين، و يقضم البقولَ؛ كي لا تُنبتَ مِن جديد! و هذا كلُّه تحسُّبًا لفصلِ الشتاء؛ كي يجدها جاهزةً للاستهلاك [8].
فهل فَكَّرتَ في مستقبلك تفكيرًا إيجابيًّا يجعلك تخطِّط له، و تَضع تصوُّرات منهجيَّة لأهدافك؟ أم إنَّك تَسير و تَمضي إلى طريقٍ غير معلوم، غير واضح المعالِم؟ و مِن غير تخطيط لهدف تصل إلى تحقيقِه على المستوى القَريب أو البعيد؟
إنَّ التفكيرَ في المستقبل و التخطيط له يَجعَلُنا نسمُو لنكونَ أفضل، و شتَّان بيْن التخطيط للمستقبل و الخوف ِمنه! بين التفكير الإيجابي المحفِّز، و بيْن الفزَع من الغيب المستور  و طُولِ الأمَل الممقوتين شرعًا!
و لعلَّ ادِّخار النَّملة لغذاء سَنَة، يجعلنا نفكِّر في كيفية ادِّخار النقود؛ مِن أجْل تحقيق الأهداف المالية مثلاً، فالادِّخار يوازي الاستثمارَ، فهلاَّ استثمرْنا و قلَّدنا صنيعَ النملة؟
فاطوِ الماضي و لا ترْوِه، وعشْ يومَك و كنْ ذَكيًّا أريبًا، كيِّسًا فطنًا، فكِّر في كيفية تحقيق أهدافك المستقبليَّة، و خذْ بالأسباب التي تُعينك على بُلوغِه، و في نفْس الوقت، ارضَ بما قسَمه الله لك، فكلُّ شيءٍ بقضاءٍ و قدَر، و لعلَّ التفكير في المستقبل القريب في حياتنا الدُّنيا، يجعلنا نُفكِّر في يومِ الجَمْع حيث فريقٌ في الجنَّة و فريق في السَّعير؛ {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَ نَرَاهُ قَرِيبًا} [المعارج: 6 - 7].

3- الجِدُّ و المثابرة:
جِدٌّ و مثابرة و عدَم استسلام، تِلكم بعض ما يمكن أن يُوصَف به مجتمعُ النمل، لا وجودَ لكلمة (فشل) في قاموسهم! يحاولون، و يُتبِعون المحاولةَ بالأخرى، في جوٍّ مِن الاجتهاد الدؤوب و التعاون.
كلُّ شيءٍ يخضَع عندهم لتنظيم، و كلُّ عضوٍ في المستعمرة يقوم بواجباته، فهذه الملِكاتُ لها أمرُ القيادةِ و التوجيه، و هي التي تضَع البيض، و هذه الإناثُ العاملات التي تُشكِّل غالبية سُكَّانِ المستعمرة نراها و هي تقوم مجدَّةً بمهامها، و هذا الذَّكَر الذي يقوم بوظيفةِ التلقيح [9]، مستعمرات يسودُها تقسيمٌ مثاليٌّ للعمل فيما بينها، في جوٍّ لا مَلَل فيه و لا كلَل، نجِد النملة تُحاول و تُحاول مرَّات عديدة إلى أن تُتمَّ عملها، فلا يعرف اليأسُ طريقًا إليها.
فيا لَيتنا نُدرِك أنَّ العيش في الدُّنيا جهادٌ دائمٌ مستمرٌّ، و سعيٌ متواصِل، فما الناسُ إلا الماء يُحييه جريُه، فالإسلامُ دِين عمَل لا دِين خمول و اتِّكال و كسل، و في سِيرة أنبياءِ الله خيرُ قدوةٍ لنا، فقدْ سَعَوْا في الأرض لكسبِ قُوتِهم؛ يقول الله -عزَّ و جلَّ-: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَ إِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك: 15]، فهي دعوةٌ صريحةٌ للجدِّ و بذلِ الجُهد؛ لتحصيلِ الرزق، و إعْمار الأرض، قال الشاعر:

قُلْ لِلَّذي طَلَبَ المَعَالِيَ قَاعِدًا لاَ مَجْدَ فِي الدُّنْيَا لِغَيرِ العَامِلِ

و لسانُ حالِ الكثيرين يقول: حاولتُ مرَّةً، فشِلتُ، استسلمتُ لليأس، لا أستطيع، لا أقدِر، مستحيل، غير ممكِن!
و نحن مُستخلَفون في هذه الأرْض؛ لإعمارها و بثِّ الحياة فيها؛ يقول تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَ اسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} [هود: 61]، و المثابرةُ في العملِ تكون في كلِّ مجالات الحياة، في الطاعات و العبادات، كما في كسْبِ الرِّزق و تحصيل الخير، و على المسلِم مجاهدةُ نفْسه للوصولِ إلى هدفه المنشودِ و المأمول، و أعظم النجاحات تأتي بعدَ أشقِّ العثرات، و لم تخلُ قصَّةُ ناجحٍ متميِّز مِن المثابرة و تخط للصِّعاب، فلتكنِ المثابرةُ مِن أسرار تميُّزنا، و عنوانًا عريضًا لتفوُّقنا.
إذًا إنَّها صُور مِن عالم الأحياء - اقتصرتُ على ما شدَّ انتباهي، و إلاَّ فهي أكثرُ ممَّا عرضتُ - يُمثله مخلوقٌ صغير يُشعِرنا بالحياة و دَورنا فيها، أفلا يحقُّ لنا بعد هذه الجولة المقتضبة أنْ نُصيح بحناجِرِنا و فيْض مشاعرنا قائلين: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 191]؟!
فهل ستتأمَّل نملةً؛ لتدركَ آياتِ الله في أصغرِ مخلوقاته؟! و هل ستتوقَّف عندَ قوله -تعالى-: {إِنَّ فِي السَّمَوَاتِ وَ الْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ * وَ فِي خَلْقِكُمْ وَ مَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [الجاثية: 3 - 4]؟ اللهمَّ اجعلْنا مِن الذين يتَّعظون إذا وُعِظوا، و يتذكَّرون إذا ذُكِّروا.

---------------------
[1] وكيع بن الجرَّاح، "الزهد" (1/474).
[2] عن عائشةَ زوْج النبيِّ - صلَّى الله عليه و سلَّم - قالت: " كان أوَّل ما بُدِئ به رسولُ الله - صلَّى الله عليه و سلَّم - الرؤيا الصادِقة في النوم، فكان لا يرَى رُؤيا إلا جاءتْ مِثل فَلَق الصُّبح، ثم حبِّب إليه الخلاءُ، فكان يلحق بغار حِراء فيتحنَّث فيه - قال: و التحنُّث: التعبُّد - الليالي ذواتِ العدَد"؛ صحيح مسلم (1/139).
و جاء في "فتح الباري" (8/ 716) لابن حجر العسقلاني في صِفة تعبُّد الرسول - صلَّى الله عليه و سلَّم - في غارِ حراء: "جاءَ عن بعضِ المشايخ أنَّه كان يتعبَّد بالتفكُّر".
[3] ينظر: ماهر أحمد الصوفي، "الموسوعة الكونيَّة الكُبرى (آيات لله في ممالك الطَّير و النَّحل و النَّمل و الحَشرات)" (12/ 210).
[4] صحيح البخاري (1/ 103).
[5] ابن المبارك، "الزهد و الرقائق" (270).
[6] أبو عيسى الترمذي، "السنن"، باب ما جاءَ في الستر على المسلم، (4/ 2074).
[7] ابن قيِّم الجوزية، "شفاء العليل في مسائل القضاء و القدر و الحكمة و التعليل" (70).
[8] ينظر: ماهر أحمد الصوفي، "الموسوعة الكونيَّة الكبرى (آيات لله في ممالك الطير و النحل و النمل و الحشرات)" (12/ 200).
[9] ينظر: ماهر أحمد الصوفي، الموسوعة الكونية الكبرى (آيات لله في ممالك الطير و النحل و النمل و الحشرات)، 12 / 190 - 191.

http://saaid.net/daeyat/shmish/1.htm

قراءة 1641 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 08 تموز/يوليو 2015 09:19

أضف تعليق


كود امني
تحديث