قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 01 حزيران/يونيو 2016 14:41

عثرات اللسان في شهر الإحسان

كتبه  الدكتورة شميسة خلوي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

بسم الله و الحمد لله الذي جعل رمضان مصباح العام، و موسما لاغتنام الفضائل و الكفّ عن الآثام، فطوبى لمن اغتنمت الفرصة وجدَّت في بلوغ أسمى الدرجات، أما بعدُ:

كم ترقى أرواحنا و تتسامى نفوسنا و تصفو قلوبنا في شهر العبادات، و تأبى هممنا إلا عُلوّاً، لكن... أليس غريبا أن نتقرَّب إلى الله عز و جل بالكفِّ عمَّ أحلَّه لنا و نقع في ما حرَّمه علينا؟!

إن الهدف من الصوم هو تحقيق التقوى، فأين التقوى حين تصوم بُطوننا و تعصي جوارحنا؟! إن العين تعصي بالنظر لكل ما هو محرَّم، و اللسان بالقول المحرَّم، و الأذن بالاستماع للكلام المحرَّم، و إنّا سنُسأل عن جوارحنا، ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36]، و إن سؤال الآخرة أعظم و أشد !

وا عجبًا لصائمة تُمسك عن الأكل و الشرب، و لا تمسك فاها عن القيل و القال؟! و لا أذنها عن سماع الأغاني و المنكرات؟! و لا نظرها عن مشاهدة المسلسلات و الأفلام و المواقع غير الأخلاقية ؟! و صدق الشاعر حين قال:

إِذَا لَم يَكُنْ فِي السَّمْعِ مِنِّي تَصَاوُنٌ 
وَ فِي بَصَرِي غَضٌّ وَ فِي مَنْطِقِي صَمْتُ 
فَحَظِّي إِذَنْ مِنْ صَومِيَ الجُوعُ وَ الظَّما
فَإِنْ قُلْتُ إِنِّي صُمْتُ يَومِي فَمَا صُمْتُ 

إنها آفات اللسان و العين و الأذن، تلك التي تفسد صومنا و تُبعثر حسناتنا و لا تحقِّق التقوى المطلوب من صيامنا، بل تؤدي إلى نقصان أجورنا، تعالي حفظك الله و رعاك لوقفة نراجع فيها أحوالنا، و لتكن وقفة مع آفات اللسان.

أقول: يا أخية لم تفهمي مشروعيَّة الصيام إذا كان هذا ديدنُك في هذه الأيام المباركات، فليس الأمر ترك طعام أو شراب، كلا يا حبيبة، الصوم هو أيضا صومك عن النميمة و الغيبة و السب و القذف و الشتم و الكذب و الثرثرة، إنَّه صوم اللسان عن الآفات التي تحصد حسناتنا حصدا، فكيف تصوم بطوننا و تفطر جوارحنا؟ لا أرى من فعل هذا إلا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا!

يقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَ العَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَ شَرَابَهُ»[1]، و المقصود بالزور في الحديث هو الكذب و الميل عن الحق و العمل بالباطل.

و انظري و تفحصي كيف السلامة لا يعدلها شيء ! قال النووي في الأذكار: «اعلم أنه لكلّ مكلّف أن يحفظَ لسانَه عن جميع الكلام إلا كلاماً تظهرُ المصلحة فيه، و متى استوى الكلامُ و تركُه في المصلحة، فالسنّة الإِمساك عنه، لأنه قد ينجرّ الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، بل هذا كثير أو غالب في العادة»[2].

و رُوي عن سفيان الثَّوري قوله: «لَوْ رَمَيْتُ رَجُلًا بِسَهْمٍ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَرْمِيَهُ بِلِسَانِي، لِأَنَّ رَمْيَ اللِّسَانِ لَا يَكَادُ يُخْطِئُ»[3]، فانظري –يا رعاكِ الله-كيف كان السلف من المسلمين حريص على حفظ اللسان، فكوني واعية مدركة لعواقب زلة اللسان، و لله درُّ من حفظت لسانها، و تركت الكلام في ما لا يعنيها، فارتاحت و أراحت.

و المسلم ملزم بحفظ لسانه في كل وقت و أوان، فكيف بحفظه في أشرف الأوقات؟! فاحفظي لسانكِ ليسلم المسلمون منه و تسلمي، و إليك تفصيل للداء و الدواء، رصدت فيه أهم هذه الظواهر، تذكيرا لي و لكِ، إنَّ الذكرى تنفع المؤمنين.

همسة أخوية: اللسان أجْرَحُ جَوَارحِ الإنْسَانِ.

النميمة:

النَّميمة -يا رعاكِ الله- هي نقل الكلام، كلامُ الناس بعضهم إلى بعضٍ لغرض إفساد العلاقة بينهم، و النميمة محرّمة بإجماع المسلمين في كل الأيام، فكيف في شهر رمضان؟! و هي من مُوجبات عذاب القبر، لما رَواه ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ مرَّ بقبرين فقال: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَ مَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وَ أَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ»[4]، و ما أكثر سُفراء السوء الذين أفسدوا ذات البين، و أوقعوا بين الناس يا أخيّة ! و اعلمي أن لكل ساقطة لاقطة، فلا تكوني أنتِ من تلتقط و تذيع كل ما تسمع.

همسة أخوية: إنَّ طاعة اللسان ندامة.

الغِيبة:

إن الغيبة هي ذِكر الإنسان في غيبته بما يكره، يقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟» قَالُوا: اللهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ» قِيلَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ»[5]، فالضابطُ: ذكرُكِ شخصا لما يكره، و كثيرا ما يكون كلام المرأة عن المرأة في المجالس النِّسائية، سواء كان في خَلقها، أو خُلقها، في دينها أو دُنياها، أو ما يتعلّق بها.

و لله درُّ سفيان بن عُيَيْنة حين قال: «الْغِيبَةُ أَشَدُّ مِنَ الدَّيْنِ، الدَّيْنُ يُقْضَى، وَ الْغِيبَةُ لَا تُقْضَى»[6].

فلتكوني يا أخيّة وقَّافة عند أوامر الله و لتتذكري دوما: ﴿ وَ لَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 12]، حتى لو كان عيبا موجودا في أختك، فاكتميه و استُري عورتها لما تعلمه فيكِ، و أي الناس ليس به عيوب؟!

تمعني أختي الحبيبة في قول الحبيب المصطفى عليه الصلاة و السّلام و هو يخاطبنا: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ»[7]، أوَ تفرطين في ستر الله لمعاصيكِ و عيوبكِ يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم؟ لمجرد لذة عابرة و متعة عارضة؟

إذا رُمْتَ أن تحيا سليماً من الرَّدى 
و دِينك موفُورٌ و عِرضُك صيّن 
فلا ينطقنَّ منكَ اللسان بِسوْءَةٍ 
فكُلُّكَ سَوءاتٍ و للناس ألْسُنُ 
و عينُك إن أبْدَتْ إلَيْكَ مَعَائباً 
فدَعْها و قُلْ يا عينُ للنَّاس أعْيُنُ 
و عَاشر بمعروف و سَامح من اعْتدى
و دافِع و لكن بالتي هِيَ أحْسَنُ 

و لا أظنك الآن تجهلين عواقب النميمة و الغيبة عليكِ و على المجتمع، يبقى أنّك ربما تودين التقرُّب إلى شخص بعينه، بنقل الأخبار إليه، أو تُسايرين جليساتك يا أخيّة، و تُجاملينهن، اسمحي لي أن أقول: لكِ الخيار: إرضاء محدّثتك و هواكِ أو إرضاء ربِّك في هذا الشهر الفضيل، ليست معادلةً صعبة، و ليس سؤالا معجزا، بل هو قرار تتخذينه و تسيرين على نهجه... إرضاء لله.

أو رُبّما تتشفَّين بنقلكِ لخبر ما يحطُّ من قدر شخص بينك و بينه عداوة، فاسمحي لي أن أقول لكِ مرة أخرى: لا يخلو الأمر من كذب أو تشهير بالآخرين، أو ظلمهم، و ربما هذا التشهير نتيجة حقد و غل ملأ قلبكِ، فكيف تتحمَّلين وزر كل هذا و أنت في شهر يجدُّ فيه غيركِ لكسب الثواب و الأجر و يأمل من الله مغفرة الزلات و الذنوب؟

يُروى أنه اجتمع قيس بن ساعدة بأكثم بن صيفي، فقال أحدهما لصاحبه: كم وجدتَ في ابن آدم من العُيوب؟ فقال: هي أكثر من أن تحصر، و قد وجدتُ خصلة إن استعملها الإنسان سترت العيوب كلها، قال: و ما هي؟ قال: حفظ اللسان[8].

همسة أخوية:

يَا رُبَّ أَلسنَةٍ كَالسُّيوُفِ 
تَقْطَعُ أعْنَاقَ أَصْحَابِها 
وَ كَمْ دُهِيَ المَرْءُ مِنْ نَفْسِهِ 
فَلا تُؤْكَلَنَّ بِأَنْيَابِها 

السبُّ و القذف و الشتم:

إن الصيام يُصلح النفوس، فهلمي لفرصة تصحِّحين فيها أخطائكِ و تصلحين فيها سلوككِ، لنتتبع وصية الحبيب المصطفى عليه الصلاة و السلام، و نتدبر هدْيه النبوي، قال عليه الصلاة و السلام: «إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَ لاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ»[9]، هي جملة تمثل قمة الوعي بضرورة حفظ اللسان و صونه، و تعويده على طيب الكلام، فلا تقابلي من سبَّتكِ أو شتمتكِ أو آذتكِ بمثل ما بدر منها، و لا تنتصري لنفسكِ، بل اصبري و احتسبي و اكظمي غيظك، و ذكِّري نفسك و ذكريها بشهر الصيام: إِنِّي امرأة صائمة.

ادفعي بالتي هي أحسن يا حبيبة، و لا تدعي شعور الغضب يغلبكِ و تنهار معه مقاومتكِ، و ما أجمل مقابلة الإساءة بالإحسان، جرِّبي هذا الشعور و سترين حلاوته!

همسة أخوية: عثرة القدم أسلم من عثرة اللسان.

الكذب:

اعلمي يا رعاكِ الله أن آفة الحديث الكذب، فإيّاكِ و الكذب يا أختي، لعمري إنه من قبائح الذُّنوب و فواحش العُيوب، إن الكذب في الحديث من خِصال المنافقين، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ: «آيَةُ المنافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَ إِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِ ذَا اؤْتُمِنَ خَانَ»[10]، و بئس هذا الوصف لمن اتَّصفت به!

إن الصدق يهدي إلى الجنة و الكذب إلى النار، إن الصِّدق مفتاحُ البر و الكذبُ مفتاح الإثم و الفُجور، يقول عليه الصَّلاة و السَّلام: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَ إِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَ مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَ يَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وَ إِيَّاكُمْ وَ الْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَ إِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَ مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَ يَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا»[11].

همسة أخوية: إنما السَّالم من ألجم فاه بلجام.

الثرثرة:

اعلمي -يرحمكِ الله-، ليس كلُّ ما يُعلم يُقال، و ليس كل ما في صدورنا نبوح بهِ، و ليس كل شخص نُقابله نثق فيه و نبثه لواعج صدورنا، لكن بعكس ما يجب، هناك من تهذر في كل شيء، و تتحدث عن أي شيء، و تنتقل من حديث لحديث، و من خبر لآخر... تلك هي الثرثرة، و تلك هي الثرثارة أيضا!

و في خِضَّم كثرة الكلام سيزيّن لها الشيطان أرذل الكلام و أقبحه، و إن بدت لها بدايته متزنة، فبطول الحديث قد تتَّصل به النميمة و الغيبة و الكذب، مع الحشو و الزيادة و المبالغة و تضخيم الأمور و التوقُّع و الحُكم على الآخرين، و ما أقبحها من نتيجة!

يقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَ أَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا، وَ إِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَ أَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ و المتشَدِّقُونَ وَ المتَفَيْهِقُونَ»[12]،أفلا ترغبين أن تكوني من أحب الناس لحبيبك المصطفى يوم القيامة؟ فالندم على السكوت خير من الندم على القول، و لأن تسرفي في السكوت خير لكِ من أن تسرفي في الكلام، فلتتعظي...

همسة أخوية: القَوْل لَا تملكه إِذا نما 
كالسهم لَا يرجعه رام رمى

السخرية و الاستهزاء:

السخريه هي احتقار الغير و الاستهانة به، و ذكر نقائصه و عيوبه بالقول أو الفعل أو بالإشارة أو الإيماء أو التقليد، و قد أجمع علمائنا على تحريم السخرية من الآخرين، يقول عز و جل﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَ لَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَ لَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَ لَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَ مَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات:11].

همسة أخوية: من تفقَّدت مقالها قلَّ غلطها!

إن كنتُ قد وقفت على بعض من هذه الآفات فهي أكثر من أن أقيدها في هذه الأسطر، فما قلتُ عن آفات اللسان السابقة الذكر و نتائجها الوخيمة على العبد، ينسحب على إفشاء السر و شهادة الزور، و كثرة المزاح أو المزاح الكاذب و غير ذلك.

ما الحلُّ مع من ابتليت بآفات اللسان؟

الآن... ما العمل إذا كانت هذه الصفات بعينها قد ابتليتِ بها، و ما العمل إذا أدركَ سمعك نميمة أو غيبة في مجلس أنت طرفٌ فيه؟

لن تعدمي الوسيلة يا كريمة الشمائل، إليك حُلولا تُساعدك على التخلُّص من هذه الصفات الذميمة:

• التعوذ بالله من شرّ اللسان تأسيًّا برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ الذي ورد في دعائه: «أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَ شَرِّ بَصَرِي، وَ شَرِّ لِسَانِي، وَ شَرِّ قَلْبِي، وَ شَرِّ مَنِيِّي»[13].

• حاولي التقليل من المكالمات الهاتفية، و لا تستهويكِ الإعلانات التي تجعل الكلام مجانا لساعات طوال من رمضان، و ما أكثرها! و لعلَّها من أهم أسباب التواصل، ليته كان تواصلا في الخير يا أمة الله! اسئلي نفسك و أعيدي تجارب رمضان الماضي و الذي قبله، تذكّري: من كَثُر كلامه كَثُر غلطه!

• اتركي المجلس الذي تشعرين أنه يجدُّ في إيقاع العداوة و البغضاء بين الأفراد بالنميمة و الكذب والسخرية.

• استحضري دوما الصورة التي رسمها القرآن الكريم في تشبيه المغتاب بقوله تعالى: ﴿وَ لَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 12]، و لتجعلي نفسك مكان المغتاب لعلَّ و عسى!

• قال النووي في الأذكار: «اعلم أنه ينبغي لمن سمع غِيبةَ مسلم أن يردّها و يزجرَ قائلَها، فإن لم ينزجرْ بالكلام زجرَه بيده، فإن لم يستطع باليدِ و لا باللسان، فارقَ ذلكَ المجلس، فإن سمعَ غِيبَةَ شيخه أو غيره ممّن له عليه حقّ، أو كانَ من أهل الفضل و الصَّلاح، كان الاعتناءُ بما ذكرناه أكثر. »[14].

• تذكَّري الملكين الشاهدين على كل كلمة تنطقينها و لفظة تخرج من بين شفتيكِ يا أختاه، تذكَّري أنهما لا يغيبان عنكِ،﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].

• لا تُطيعي التي تمشي بين الناس بالنميمة، و تسعى لإفساد العلاقات بين الأخوات و الأُسر، و لا التي تغتاب الناس، و استحضري قوله تعالى: ﴿ وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴾ [القلم: 10-11]، و عليكِ عدمُ تصْديق النَّميمة، و لا تظنّي سوءًا بأخواتكِ ممن نُقل عنهُن الكلام، و اجتنبي كثيرا من الظنّ، إنه مدعاةٌ للفُرقة و فسادٌ للعلاقات.

• إن كان سبب النميمة التي تجري على لسانك الرغبة في زوال نعمة المتحدَّث عنها، فروِّضي نفسك على الرضا بقضاء الله و قدره، فتلك النعمة التي ترفل فيها أختك في الله، هي نصيبها، و لن يزيدكِ حسدكِ لها إلا حسرة و ألما، استشعري نِعم الله عليكِ، ستعلمين حينها... كل ميسَّر لما خُلق له!

• استشعري ستر الله لكِ، و كوني لأختك ساترة.

• استحضري أيضا ثمرات حفظ اللسان في الدنيا و الآخرة، و يكفي أن نتذكر قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَ مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ»[15]، أوَ بعد الجنة أمنية أغلى و هدف أسمى؟!

• اقطعي كل الأسباب التي تحرِّك اللسان بما لا يُرضي الله، كالغضب، و مجالسة النمّامات، فإن زال الدافع استطعتِ التغلُّب على هذه الآفة الخُلقية الذّميمة.

• عليكِ بوقفة تأمل، تحدِّدين فيها الأسباب التي توقعك بالغيبة و النميمة و تجنبيها، فإذا عُلم السبب عولج بالإقلاع عنه.

• عليكِ بالرفقة الصالحة الطيّبة، ابحثي عن الصديقة التي تأخذ بيدك لبر الأمان، إن رأتكِ غافلة ذكَّرتك، و إن رأتكِ ذاكراة أعانتكِ.

• عليكِ بمجالس الذكر فهي من أهم أسباب حفظ اللسان و صونه عن الخوض في الباطل.

• اتفقي أنت و صديقاتك على عدم الوقوع في النميمة و الغيبة، و ليكن اتفاقا جادا بينكن.

• اشتغلي بعيوب نفسكِ، حينها لن تلتفتي لعيوب الأخريات و لن تنشري أخبارهن و زلاتهن.

• جاهدي نفسك على كظم الغيظ و كوني ممن وصفهم رب العزة قائلا: ﴿ وَ الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَ الْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران:134]،فإنَّ أشد الجهاد مجاهدة الغيظ.

• إن بدرت منكِ كلمةٌ بذيئة أو لفظة زائغة، فسارعي بالتَّوبة و الاستغفار.

و الآن... لا تستطيعين؟! حاولي، و اتبعي المحاولة بأخرى، إنه ليس بالأمر الهيِّن السهل، لكن الله سيمتحن إخلاصكِ و يرى مثابرتكِ على التوبة من هذه الآفات، و مدى مجاهدتك لنفسكِ و مَن توكّلت على الله فهو حسبُها.

و تذكري أنّه شهر و ينقضي، و أيام و تنتهي، و لعل أول خطوة تتخذينها في رمضان تكون لكِ بداية للتخلص من هذه الآفات طول عمرك، فلا تتواني، ومن طلب شيئاً و جدَّ وجدَه، و من قرع باباً و ألحَّ ولجه، فعلا...إنَّ في حفظ اللِّسان راحة الإنسان، فلنعمل على راحتنا.



[1] صحيح البخاري، صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، ط1، 1422 ه، 3/26.

[2] النووي، الأذكار، تحقيق: عبد القادر الأرنؤوط، دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع، بيروت – لبنان، طبعة جديدة منقحة، 1414 هـ - 1994م، 332.

[3] الخرائطي، مكارم الأخلاق ومعاليها و محمود طرائقها، تقديم و تحقيق: أيمن عبد الجابر البحيري، دار الآفاق العربية، القاهرة، ط1، 1419 هـ / 1999 م، 400.

[4] صحيح البخاري، 1/53، وصحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، 1 / 93، 1/240، واللفظ للبخاري.

[5] مسلم، 4/2001.

[6] أبو نعيم الأصبهاني، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، السعادة، 1394هـ/ 1974م، 7/275.

[7] صحيح البخاري، 3/128، صحيح مسلم، 4/2002.

[8] الأبشيهي، المستطرف في كل فن مستظرف، عالم الكتب، بيروت، لبنان، ط1، 1419ه، 93.

[9] صحيح البخاري، 3/128 وصحيح مسلم، 4/2002.

[10] صحيح البخاري، 1/16 وصحيح مسلم، 1/78.

[11] صحيح مسلم، 4/2013.

[12] صحيح البخاري، 3/128 وصحيح مسلم، 4/2002.

[13] النسائي، سنن النسائي، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية – حلب، ط2، 1406 هـ- 1986م، 8/255، صحّحه الألباني في صحيح الجامع الصغير و زياداته، المكتب الإسلامي، 1/277.

[14] النووي، الأذكار، 343.

[15] صحيح البخاري، 8/100.

 
قراءة 1530 مرات آخر تعديل على السبت, 25 آذار/مارس 2017 21:21

أضف تعليق


كود امني
تحديث