قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 15 حزيران/يونيو 2016 09:46

سر القوة الخفية في رمضان

كتبه  الأستاذ أحمد المنزلاوي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

{و خلق الإنسان ضعيفًا}.. هذه الكلمات القرآنية الثلاث لخّصت لنا جوهر الإنسان، فهو  ضعيف في نشأته: {مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ}[عبس 18-19]، و ضعيف في علمه: {وَ مَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}[الإسراء : 85]، ضعيف في شهوته، {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَ الْبَنِينَ وَ الْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ وَ الْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَ الأَنْعَامِ وَ الْحَرْثِ}[آل عمرآن: 14].

ضعيف!، ينهار لأي خبر سيئ، واهِنٌ  إذا أصابه مرض، خَائِرٌ إِزَاء الفقر، ضَئِيلٌ بين الأقوياء، هَشٌّ أمام الزلازل و الكوارث.. خاضِعٌ لشيطانه و هواه.. ضعيف.. تلك هي الحقيقة!

و كل إنسان يظل محتاجًا لقوة يقهر بها ضعفه، و يستمد منها أثره، و يشكّل بها حياته و مستقبله، لذلك رغب النبي صلى الله عليه و سلم في هذه القوة فقال: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَ فِي كُلٍّ خَيْرٌ»[1].

و الملاحظ في عامة أوساط الناس انحصار مفهوم الحديث في القوة الظاهرة المكتسبة في بدن الإنسان فحسب!، و ثمة معنى أعظم الأثر و أكبر حادٍ إلى صناعة المجد و أعظم الأسباب في تحقيق القوة و مع ذلك يتغافل عنه الناس، و لا يأخذ من حياتهم الحيّز الذي شغله معنى القوة الظاهرية في بناء أنفسهم، هو قوة الروح و تغذيتها بالإيمان و الاتصال بالله.

و نضرب مثلًا على ذلك بحديث النبي صلى الله عليه و سلم إذ يقول: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَ إِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ» [2].

أريت كيف أن هذا المعنى يكسبك قوة إضافية تجعلك قادرًا على مغالبة كل الظروف و العراقيل التي تعترض لك في حياتك، و تفسح لك الطريق نحو التحليق للمعالي، و كيف أن هذا المعنى إذا فُقد من حياة إنسان أصبح «خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ».. هذا هو سر القوة الخفية..

هذه القوة الخفية التي يوجه إليها النبي صلى الله عليه و سلم ابنته فاطمة و هي تشكو إليه ضعفها من مشقة أعمال البيت  و تَسْأَلُهُ خَادِمًا يساعدها في ذلك، فَقَالَ صلى الله عليه و سلم لها: « أَلاَ أَدُلُّكِ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ خَادِمٍ تُسَبِّحِينَ ثَلاَثًا وَ ثَلاَثِينَ وَ تَحْمَدِينَ ثَلاَثًا وَ ثَلاَثِينَ وَ تُكَبِّرِينَ أَرْبَعًا وَ ثَلاَثِينَ حِينَ تَأْخُذِينَ مَضْجَعَكِ» [3].
فتأمل هذه العلاقة بين شكوى فاطمة من الإرهاق الجسدي التي تتعرّض له كل يوم في بيتها و بين تلك الأذكار، و لولا أن لهذا الذكر فائدة كبرى في تقوية الإنسان على عمله و جهاده في الحياة لما كانت الوصية به في هذا المقام. 

و هو نفس المعنى الذي دعى إليه نبي الله هود قومه،فقال: {وَ يَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَ يَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَ لَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ}[هود: 52].

اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ... يَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ، فما علاقة الاستغفار بالقوة؟!

سر القوة الخفية
السر في ذلك هو تقوية النفس و الروح بالاتصال بالله عز و جل، فالإنسان خلقه الله من جسد و روح و لكل منهما مصدره و غذاؤه، فالجسد مصدره الطين، و غذاؤه كل ما يصل إليه من أكل و شرب و شهوة، أما الروح فمصدرها نفخة علوية من الله عز و جل و غذاؤها كل ما يوصل إلى الله من صلاة و صيام و قراءة قرآن.. بالأصح: عبادة الله.

مشكلتنا الحقيقية هي إصرارنا على أننا مكونون من مادة واحدة و هي الجسد، فنسينا الروح (أو تناسينها) و أخذنا نُغذي الجسد، فلو ظل شخص بلا طعام و لا شراب مدة، سيموت بلا شك!

و هكذا الروح فالإنسان إذا لم يعبد الله ستموت روحه، و لكنها تموت ببطء عكس الجسد الذي يموت بسرعة مما يجعل الإنسان يظن أن جسده فقط هو الذي سيموت فلا يتركه أبدًا، و يظل يُغذي فيه ناسيًا أن له روحًا!.

لذلك لما قال لوط متأسفًا من أفعال قومه: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ}[هود: 80]، قال النبي صلى الله عليه و سلم: «يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ» [4].

 فالحقيقة أنه كان يأوي إلى الله تعالى و يتقوى به سبحانه، لكن نظرته في ذلك الوقت كانت محصورة في المادية و الجسمانية فقط!

في رمضان
يأتي هذا الشهر ليأخذ الإنسان ليحلق به في السماء حيث تجذبه الروح إلى أصلها و منبعها، و تذكره بمنصبه و مركزه، و غايته و مهمته و هي عبادة الله، و تفتح فيه الكوة إلى العالم الذي انتقل منه، و إلى سِعته و جماله، و لطافته و صفائه، و تثير فيه الأشواق و الطموح، و تبعث فيه الثورة على المادة الكثيفة الثقيلة (الجسد)، و تزين له الانطلاق من القفص الضيق الخانق –و إن كان من ذهب– و التحليق في الأجواء الفسيحة التي لا نهاية لها، و فك السلاسل و الأغلال من عادات و مألوفات، و لذات و احتياجات.

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «مَا أَتَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ شَهْرٌ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْ رَمَضَانَ... وَ ذَلِكَ لِمَا يُعِدُّ الْمُؤْمِنُونَ فِيهِ مِنْ الْقُوَّةِ لِلْعِبَادَةِ..» [5].

هذه القوة التي يعدها المؤمنون في رمضان من عبادات يخرجون بها عن المألوف، في كسر للروتين، و انعتاق من أسر العادات المستحكمة فيهم، فيها تقوية لإرادة المرء و عزيمته، فليست مصادفة أن تكون غزوة بدر 2هـ في رمضان، و فتح مكة 8هـ أيضًا..  إلى عين جالوت 658هـ.. إلى حرب أكتوبر 10رمضان 1393هـ .

و كثير من الناس كان لا يستطيع الصيام قبل رمضان، أصبح في استطاعته الصوم لمدة ست عشرة ساعة متواصلة في جو شديد الحرارة ؟!

كثيرون ما كانوا يتصورون أن يقوموا ثلث الليل أو نصفه.. و أن يقل نومهم عما كانو عليه قبل رمضان.. أو أن تتحمل أبدانهم كل هذه المشاق.

فما السر في ذلك؟

لقد تهيأت الأسباب
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ: صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَ مَرَدَةُ الْجِنِّ، وَ غُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَ يَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَ لِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَ ذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ» [6].

فلا شيطان يغوي.. و لا نار تستقبل..بل تطرد بعتق الله.. و الجنة مفتحة.. و الملائكة تدعوك و ترغبك.
فهذه كلها أسباب لاستجلاب هذه القوة دون معوقات و لا موانع.. اتيحت لنا الفرصة أن نتصل بالله فكانت القوة.

قوة النفس
الحديث السابق يوضح لنا قوة أخرى مؤثرة في حياتنا و يكشف اللثام عنها و هي قوة النفس، سواء قوة خيرية أو شرية!

ففي قوله: «صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَ مَرَدَةُ الْجِنِّ» كشف لحقيقة النفس التي بين جنبيك، فليس لشرٍ و معصيةٍ اتصال بالشياطين و الجن، فإن كان ذلك فهي نفسك!

إن كل مسلم بحاجة -في هذا الشهر المبارك- أن يقف بكل صراحة مع نفسه فيعرف خيرها و شرها، و يسعى لتطويرها و تهذيبها فالله عز و جل خلق الخلق و أرشده و هداه النجدين، فمن توجهت همته إلى العلا يناله الفوز و الفلاح، و من أخلد إلى الأرض و اتبع هواه فسيلحقه بقدر دنو همته الذل و المهانة و التبعية، قال تعالى: {وَ نَفْسٍ وَ مَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَ تَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَ قَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}[الشمس: 7-10].

نفس الإنسان محبة للشهوات، مؤثرة للراحة، طالبة للعلو و التميز، و لأن هواها في الراحة، فإنها تلح على صاحبها بعدم القيام بالطاعة لما فيها من مشقة، و مع ذلك فرمضان يقوينا على مجاهدتها و قهرها، فيمنعها عن الطعام و الشراب و الشهوة، و يرغمها على العبادة و الطاعة، من صيام و قيام و تلاوة قرآن..

و العجيب أن مع هذه القوة و العزيمة نجد أناس لا يستطيعون أن ينفكوا من أسر العادات السيئة و المعاصي، و منها التدخين مثلًا أو إطلاق البصر، أو مصاحبة البنات و الشباب، أو الغيبة و الكذب...

كن صادقًا و واجه نفسك و لو لمرة، قل لها: لقد ضللتِ طريق الهدى فقفي و اسألي و تدبري أمرك و تأملي قبل ألا تمُهلي، أين أنتِ من أقوامٍ يتسابقون هذه الأيام على الخيرات؟

أما ترين الزهاد و قد ملؤوا الحرم و الساحات، و هم في دعوات و دمعات، و أنت تلاحقين الشهوات؟

يا ثقيلة النوم، أما ينبهك القرآن؟ أما توقظك لذعة الجوع و الحرمان؟ ألا تخافين؟ ألا تنزجرين؟

قل لها: يا نفس إما تبغين الخير و إما تبغين الشر.. فيَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَ يَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ..

قف مع نفسك فقد جاء رمضان، و فتحت معه الجنان، و غلقت أبواب النيران، و صفدت الشياطين و مردة الجان، و لم يبقى إلا نفسك التي بين جنبيك، لكنها نفس أمارة بالسوء، فلا تجاملها حتى و إن كانت نفسك! بل أصدق معها و حاسبها، بل -و الله- أدبها و عاتبها، فنفس تفوت كل هذه الفرص كَبِّر عليها أربعًا، فذهابها خير من بقائها.

و إننا نقدر بعون الله و مدده على الانفكاك من قيود المعاصي و الذنوب، قال تعالى: {وَ الَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}[العنكبوت: 69].

قال المناوي: "و إنما شُرع الصوم كسرًا لشهوات النفوس و قطعًا لأسباب الاسترقاق و التعبد للأشياء، فإنهم لو داموا أغراضهم لاستعبدتهم الأشياء، و قطعتهم عن الله، و الصوم يقطع أسباب التعبد لغيره، و يورث الحرية من الرق، لأن المراد من الحرية أن يملك الأشياء و لا تملكه".

و الحُر من خرق العادات منتهجًا *** نهج الصواب و لو ضد الجماعات

يقول نابليون بونابرت: لا توجد كلمة مستحيل إلا في قاموس الضعفاء.

و أجمل منه قول ابن القيم: "و لو توكل العبد على الله حق توكله في إزالة جبل عن مكانه و كان مأمورا بإزالته لأزاله".

فالإنسان ما خلَقه الله ضعيفًا إلا ليكون ضعفُه دافعًا له إلى باب الله، ليتَّصل به، ليلوذَ بحماه، ليقْبِل عليه، ليلجأ إليه، ليحتمي به، الضعف في الإنسان وسيلةٌ و ليس هدفًا، وسيلةٌ لدفعه إلى باب الله، وسيلةٌ لإقباله على الله، لو أن الإنسان خُلِقَ قويًا لاستغنى بقوته عن الله، فشقي باستغنائه عن الله، خلقه ضعيفًا ليفتقر في ضعفه، و ليُقْبِل على الله عزَّ و جل، فيسعد بافتقاره إليه.

1] [رواه مسلم].
[2] [البخاري ومسلم].
[3] [رواه مسلم].
[4] [البخاري ومسلم].
[5] [رواه أحمد، و صححه إسناده أحمد شاكر].
[6] [رواه الترمذي، و صححه الألباني].

قراءة 2140 مرات آخر تعديل على الجمعة, 17 حزيران/يونيو 2016 08:36

أضف تعليق


كود امني
تحديث