قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 01 تشرين2/نوفمبر 2018 15:00

الشباب..روح التغيير و عمود البناء

كتبه  الأستاذ عبد الصمد الخزروني
قيم الموضوع
(0 أصوات)

إذا تأملنا الدعوة الإسلامية في بدايتها بمكة المكرمة و حتى أن صارت في النهاية بالمدينة المنورة دولة و مجتمعا قائما بنفسه، نجد أن معظم الذين شاركوا في البناء من الشباب و فيهم الأطفال أيضا. إذ كانت أعمارهم تتراوح بين عشر سنين التي كانت من عُمُر سيدنا علي رضي الله عنه و ثلاثين سنة التي كانت من عُمُر سيدنا بلال بن رباح و سيدنا عمار بن ياسر رضي الله عنهما. و عندما نقول الشباب فإننا نعني بذلك وجود الشابات أيضا، كسيدتنا فاطمة بنت الخطاب التي كانت عُمرها عشرين سنة، و سيدتنا أسماء بنت عميس التي كانت عُمرها ستة و عشرين سنة رضي الله عنهما. هؤلاء الشباب و الشابات على أكتافهم جميعا قامت الدعوة و انتصرت و انتشرت و توسّعت و أصبح لها كيان منظم، له وزنه في الواقع يُحسب له ألف حساب.

هذه المشاركة التي نتحدث عنها للشباب و الشابات في بناء المجتمع و الدولة، ليست وليدة العهد النبوي فقط و إنما لها جذور في التاريخ حتى عند الأمم السابقة. و هذا ما يشهد به القرآن الكريم في عدة آيات منها:

قوله تعالى عن سيدنا يحيى عليه السلام: يا يحيى خذ الكتاب بقوة، و آتيناه الحكم صبيا 1

و قوله سبحانه عن سيدنا موسى عليه السلام: و لما بلغ أشده و استوى آتيناه حكما و علما 2

و قوله عز و جلّ عن سيدنا يوسف عليه السلام: و لما بلغ أشده آتيناه حكما و علما 3

و قوله سبحانه و تعالى عن سيدتنا مريم عليها السلام: فتقبلها ربها بقبول حسن و أنبتها نباتا حسنا 4

قيل أشدّه: كمال قوته و عقله و منتهى شبابه. و قيل أيضا أشدّه: إدراكه و بلوغه.

فدائما الحركات التغييرية تراهن على الجيل الثاني و الثالث في إحداث التغيير. و كذلك راهن النبي صلى الله عليه و سلم في بداية دعوته و هو يشقّ طريقها على من يزال في أصلاب الأمهات. فعن عروة بن الزبير، أن عائشة رضي الله عنها حدثته أنها قالت للنبي صلى الله عليه و سلم: هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟ قال:” لقيت من قومك ما لقيت، و كان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضتُ نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كُلاَل، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت – و أنا مهموم – على وجهي، فلم أستفق إلا و أنا بقَرْنِ الثعالب – و هو المسمى بقرن المنازل – فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، و ما ردوا عليك، و قد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال، فسلم علىّ ثم قال: يا محمد، ذلك فما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين – أي لفعلت، و الأخشبان: هما جبلا مكة: أبو قُبَيْس و الذي يقابله، و هو قُعَيْقِعَان – قال النبي صلى الله عليه و سلم: “بل أرجو أن يخرج الله عز و جل من أصلابهم من يعبد الله عز و جل وحده لا يشرك به شيئا” 5

و قد عبّر القرآن الكريم عن هذه الأجيال من الشباب بالذرية. فقال سبحانه و تعالى في حقّ من آمن مع سيدنا موسى عليه السلام: فما آمن لموسى إلا ذريةٌ من قومه على خوف من فرعون و ملئهم أن يفتنهم يونس:83. و الذرية كما جاء في تفسير ابن كثير هم الشباب. و في معاجم اللغة العربية: الذُّرية: نسل الإنسان و ولده و أبناءه.

و نظرا لما كان يمثله الشباب بشكل عام من قوة الإرادة في التغيير و البناء و مواجهة مظاهر الفساد و الاستبداد عبر التاريخ، فإن المستبدون و المفسدون (فرعون نموذجا) ما فتئوا يحرصون كل الحرص على قتل الأطفال قبل أن يصلوا مرحلة الشباب. يقول الله تعالى: إن فرعون علا في الأرض و جعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم و يستحيي نساءهم، إنه كان من المفسدين 6. و قوله سبحانه: يقتلون أبناءكم 7

و إذا تأملنا واقعنا المعاصر اليوم ماذا نجد؟

نجد أن معظم من وُجهت لهم التهم و تعاملوا معهم بالاعتقال و التصفية و الاضطهاد و القمع و القتل هم الشباب. هذا العامل البشري المهم في معادلة التنمية، و الذي كان من الممكن أن يكون عماد التغيير و روحه و وقوده نحو مجتمع متقدم و غد أفضل، أصبح هو المستهدف الأول و الأخير من مخططات الفساد و الإفساد، و ذلك بالتدجين و الترويض، و بالإغراء و الإغواء، و بالتجهيل و التفقير، و بالتهجير و التغريب. فلا عجب اليوم إذاً أن نرى شبابا تائها حيران يختار بعضه الغربة و المنفى و البعض الآخر يقف عكس مطالب التغيير و ضدّ من يقاوم الفساد و الاستبداد.

و لهذا فإن المجتمع الذي هو في حاجة حقّا إلى التغيير و التحرير و البناء اليوم و غدا، لا بد له أن يعطي للشباب حقّه في التربية و في التعليم و في الشغل و في الحرية و الكرامة. لأن حركة الأجسام و حركة الأفكار و حركة العواطف لدى الشباب إذا كانت في تناسق و انسجام هو من يجعل منه العامل الإيجابي و الفاعل النشيط في المجتمع. أما العمل على حصار الشباب و منعه من الحركة مع عدم تهيئ له المجالات التي يمكن أن يصرف فيها أنشطته الحركية الحرة، يحوله ذلك الحصار و المنع إلى عامل هدم و عنف و خراب. تروي لنا كتب السير أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يستعرض كلّ عامٍ الشبابَ و من دونهم من الأطفال ليُعدّهم بَدنيا بما يتناسب مع نموهم العاطفي و الفكري. و يفتح لهم المجال للمشاركة في مؤسسات الدولة و الدفاع عن حمى الدين و الوطن.

فهذا زيد بن ثابت رضي الله عنه يأتي به قومه إلى النبي صلى الله عليه و سلم مفاخرين بما حصّل صاحبهم، يحدثنا عن ذلك فيقول: ذهب بي قومي إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا: يا رسول الله هذا غلام من بني النجار معه مما أنزل الله عليك بضع عشرة سورة. فأعجب ذلك النبي صلى الله عليه و سلم و قال: “يا زيد تعلّم لي كتاب يهود فإني و الله ما آمن يهود على كتابي”. قال زيد: فتعلمت كتابهم، ما مرت بي خمس عشرة ليلة حتى حذقته، و كنتُ أقرأ له كتبَهم إذا كَتبوا إليه و أجيبُ عنه إذا كَتب” 8

و هذا أسامة بن زيد رضي الله عنه حبّ النبي صلى الله عليه و سلم كما في صحيح مسلم و غيره ولاّه النبي صلى الله عليه و سلم قيادة الجيش و عمره ثمانية عشر سنة. تعجب بعض الصحابة رضي الله عنهم حتى طلبوا من الرسول صلى الله عليه و سلم أن يولّي من هو أكبر منه سناً، فغضب النبي صلى الله عليه و سلم و خطب الناس و قال: “ما بال أقوام يقدحون في أن ولّيت أسامة على الجيش و أيم الله إن كان لِلْإمرة لخليق و إنه لمن أحب الناس إليّ فاستوصوا به خيراً فإنه من خياركم”.

و ذكر الإمام الطبري في تاريخه أنه لما خرج المسلمون في غزوة أحد للقاء المشركين، اصطفّ الجيش فقام النبي يستعرضه، فرأى في الجيش صغارا لم يبلغوا الحلم حشروا أنفسهم مع الرجال، يريدون الجهاد في سبيل الله تعالى، فكان ممن ردّه صلى الله عليه و سلم لصغره سمرة بن جندب بينما أجاز رافع بن خديج. فقيل إنه رام (و في رواية)أنه وقف على رؤوس أصابع رجليه يتطاول، فقال سمرة بن جندب لربيبه مري بن سنان: يا أبت أجاز رسول الله صلى الله عليه و سلم رافع بن خديج و ردني و أنا أصرع رافع بن خديج. فقال مري بن سنان: يا رسول الله رددتَ ابني و أجزت رافع بن خديج و ابني يصرعه. فقال النبي صلى الله عليه و سلم لرافع و سمرة: “تصارعا”، فصرع سمرةُ رافعا فأجازه رسول الله صلى الله عليه و سلم فشهدها مع المسلمين.

هؤلاء الشباب في العهد النبوي ممن حظوا بصحبة النبي صلى الله عليه و سلم وتربوا في كنف و حضن جماعة الصحابة كانت يقظتهم الإيمانية و العلمية و الجهادية و انبعاثهم الدعوي خلال فترة وجيزة. قد تكون أياما، و قد تكون شهورا و لا تتعدى عقدا من الزمان على الأكثر. لكنّ بذلهم و عطاءهم من أجل الدعوة و البناء و التغيير و ما حققوه من إنجازات في ذلك كان يفوق التصورات و الحسابات.

فهذا معاذ بن جبل رضي الله عنه الخزرجي الأنصاري، الإمام الفقيه، أعلم الأمة بأحكام الحلال و الحرام، أسلم و هو ابن ثماني عشرة سنة، شهد بدرًا و المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه و سلم، و أردفه الرسول وراءه، و شيعه ماشيًا في مخرجه و هو راكب، و بعثه إلى أهل اليمن بعد غزوة تبوك و هو ابن ثمانٍ و عشرين سنة ليعلِّم الناس القرآن و شرائع الإسلام و يقضي بينهم. و قد قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو باليمن. فتكون فترة ملازمته النبي صلى الله عليه و سلم نحو عشر سنين أخذ فيها عنه القرآن و تلقى شرائع الإسلام حتى صار من أقرأ الصحابة لكتاب الله و من أعلمهم بشرع الله، مات في طاعون عمواس بناحية الأردن سنة 18 هـ، و هو ابن 33 أو 38 سنة. 

و هذا سعد بن معاذ رضي الله عنه، سيد الأوس، و حامل لوائهم يوم بدر، أحد أبطال الإسلام، رمي بسهم يوم الخندق، فمات شهيدا من أثر جرحه و دفن بالبقيع، و عمره سبع و ثلاثون سنة، و حزن عليه النبي صلى الله عليه و سلم و اهتز عرش الرحمن لموته! صحب النبي صلى الله عليه و سلم خمس سنين فقط.

و هذا عبد الله بن عباس رضي الله عنه، الصحابي الجليل، حبر الأمة، و ترجمان القرآن، قال عمرو بن دينار: “ما رأيت مجلسا كان أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس”؛ الحلال و الحرام و العربية و الأنساب و الشعر، روى عن النبي صلى الله عليه و سلم 1660 حديثا، ولد قبل الهجرة بثلاثة أعوام و عندما توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم كان عمره لا يتجاوز ثلاث عشرة سنة.

و هذا أبو هريرة، عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، أكثر الصحابة حفظا للحديث و رواية له، أسلم سنة سبع للهجرة، و لزم صحبة النبي صلى الله عليه و سلم فحمل عنه علما كثيرا طيبا مباركا فيه لم يلحق في كثرته، فروى عنه 5374 حديثا، نقلها عن أبي هريرة أكثر من ثمانمائة راوٍ بين صحابي و تابعي، أدرك من حياة النبي صلى الله عليه و سلم نحوا من أربع سنين قضى منها ثلاث سنوات متفرغا لسماع العلم، مكتفيا بما يسدّ الرمق من القوت و لم يشتغل فيها بتجارة و لا صناعة و لا ولد خوف أن يشغله ذلك عن الأخذ عن النبي صلى الله عليه و سلم، توفي سنة 59 هـ

و هذا عمرو بن العاص رضي الله عنه السهمي القرشي، فاتح مصر، و أحد عظماء الإسلام و دهاته و أولي الرأي و الحزم، ولاه النبي صلى الله عليه و سلم إمرة جيش “ذات السلاسل” بعد إسلامه بشهرين و أمده بأبي بكر و عمر و أبي عبيدة، ثم استعمله على عمان، و هو الذي افتتح قنسرين، و صالح أهل حلب و منبج و أنطاكية، له في كتب الحديث 39 حديثا. 

و هذا خالد بن الوليد رضي الله عنه، قائد الفتح الإسلامي العظيم، أطلق عليه الرسول صلى الله عليه و سلم لقب سيف الله المسلول، لم يهزم في أكثر من مائة معركة و مناوشة خاضها أمام قوات متفوقة عليه في العدد و العتاد من الإمبراطورية الرومانية البيزنطية و الساسانية الفارسية و حلفائهم، بالإضافة إلى العديد من القبائل العربية الأخرى، لم يدرك من حياة النبي صلى الله عليه و سلم إلا نحو 24 شهرا.

و هذا جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، الذي كان عمر بن الخطاب يسميه يوسف هذه الأمة؛ لجماله و هيبته، أسلم في السنة التي توفي فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم و لم يدرك من حياته إلا بضعا و ثمانين يوما، كان يقول: ما حجبني رسول الله صلى الله عليه و سلم منذ أسلمت، و لا رآني إلا تبسم في وجهي؛ قاد المعارك على رأس قومه البجليين في ملاحم البويب و القادسية و جلولاء و نهاوند, و هو الذي فتح حُلوان (مدينة من مدن الجبل، شرقي العراق) سنة 18 هـ و همذان سنة 23هـ، و روي عنه أكثر من 300 حديث في كتب الصحاح التسعة

و هذا مالك بن الحويرث الليثي رضي الله عنه، حديثه من أهم و أفضل ما روي في صفة صلاة النبي صلى الله عليه و سلم رغم أنه لم يقم عنده إلا عشرين ليلة؛ اشتمل حديثه على جملة من الأحكام و الفوائد لم تحصل لغيره، روى عنه البخاري رحمه الله أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه و سلم في نفر من قومي، فأقمنا عنده عشرين ليلة، و كان رحيما رفيقا، فلما رأى شوقنا إلى أهالينا، قال: “ارجعوا فكونوا فيهم، و علموهم، و صلوا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، و ليؤمكم أكبركم”. روى عن النبي صلى الله عليه و سلم 25 حديثاً، توفي سنة 74 هـ.

معشر الشباب يا ملح البلد.. من يصلح الطعام إذا الملح فسد؟

لا يصلح البلاد إلا الشباب الذين هم مِن طينة مَن تربى في ظلال القرآن و في حجر النبوة و في حضن الصحبة و الجماعة.


[1] مريم:12.
[2] القصص:14.
[3] يوسف:22.
[4] آل عمران:37.
[5] رواه البخاري في كتاب بدء الخلق.
[6] القصص:4.
[7] الأعراف:141.
[8] رواه البخاري وأحمد.
قراءة 1348 مرات آخر تعديل على الخميس, 08 تشرين2/نوفمبر 2018 12:41

أضف تعليق


كود امني
تحديث