قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الثلاثاء, 06 تشرين1/أكتوير 2020 19:05

ملامح الانفصام الحضاري في واقعنا الإسلامي المعاصر

كتبه  د.مصطفي محمد طه
قيم الموضوع
(0 أصوات)

يعد الخلل المشاهد الآن في واقعنا الإسلامي المعاصر من أبرز ملامح الانفصام الحضاري الذي استشرى بين مسلمي اليوم. و قد أفرز هذا الوضع المؤسف تساؤلاً حائراً فرض نفسه على الساحة الإسلامية، ألا و هو: كيف يمكن لنا أن نتخلص من تداعيات هذا الانفصام في واقعنا المعاصر حتى يتسنى لنا تحقيق الوعي الحضاري المأمول؟ و للإجابة عن هذا التساؤل، فإنه لابد من اعتماد الرؤية الإسلامية لبلورة أبرز ملامح الإشكاليات المصيرية التي تعاني منها الأمة الإسلامية في واقعها المعيش. و لعل ذلك راجع إلى أن مثل هذه المعالجة الدقيقة إنما هي بمنزلة تجسيد حقيقي لجس نبض الأمة، فضلاً عن رصد أبعاد همومها الحضارية، و ذلك حتى يتسنى لنا تقديم العلاج الناجع لكل إشكاليات هذه الهموم.



و من هنا فإنه ينبغي أن تكون هذه المعالجة المبتغاة في مستوى اللحظات الحرجة التي تمر بها أمتنا الآن، مما يحتم على المسلمين الذين يعيشون في القرن الحادي و العشرين الميلادي (الخامس عشر الهجري) الذي يعد و لا ريب قرن التحولات الكونية أن يشعروا شعوراً واعياً بالبصمات المنعكسة لهذا الانفصام النكد على واقع حياتهم الإسلامية.

و نظراً لتعدد ملامح الانفصام الحضاري، لدى المسلم المعاصر، فإنه يمكن تسليط الأضواء الكاشفة على أبرز هذه الملامح السلبية حتى يتسنى للأمة تلافيها فيما يستقبلها من أيام مقبلة لاسيما بعد أن يضع المنظرون و المفكرون التصورات و الرؤى التي من شأنها أن تسهم إسهاماً حيوياً في صياغة الواقع الإسلامي المعاصر حضارياً في ضوء نسق حياتي متناغم مع روح الإسلام، التي تهدف- ضمن ما تهدف - إلى تحقيق تلافي سلبيات الانفصام الحضاري، الذي يسهم في عدم تحقيق الشمولية و التوازن، و بالتالي يتم إضفاء طابع سلبي على حياة المسلمين من خلال الخلل في كثير من أنشطتهم الحياتية. و للتخلص من تداعيات كل ذلك، لابد من وجود النماء الحضاري الذي يجعلهم في مستوى الانتماء الحقيقي لهذا الدين الخالد، فالإسلام الحق قد جاء لإرساء معالم حضارة، هي بحق حضارة ربانية تسمو بالإنسان إلى الذروة السامقة من الكرامة و السمو الاخلاقي، حتى يكون فعلاً جديراً بتأدية مبدأ الخلافة الحضارية في الأرض.
إن تحقيق مثل هذه الأهداف السامية في الواقع المعيش، لن يكون حقيقة معيشة إلا بوجود وعي حضاري بكل إشكاليات وجودنا، و بالتالي التخلص نهائياً من الانفصام الحضاري الذي عم كل مناحي حياتنا.

عدم الوعي بأهمية الحوار الحضاري

و لعل من أبرز ملامح الانفصام الحضاري بين المسلمين و لاسيما في هذه الايام، هو عدم وعي بعض منهم بأهمية الحوار الحضاري البناء، الذي يشكل- وفقاً للمنظور الإسلامي- ضرورة حياتية، تساعدنا على تشكيل الهيكل العام للحضارة الإسلامية المعاصرة. و لكي تكون هذه الحضارة المنشورة معبرة فعلاً عن نزوعات هذه الأمة في الوجود، فإنه لابد أن تكون مستندة إلى أسس الإسلام الراسخة رسوخ الطود الشامخ، و خصوصاً في جانبها المعنوي (الثقافة)، أي ثوابتها المرتبطة بعطاء السماء، أما جانبها المادي (المدنية) فإنه لا غضاضة البتة في الاقتباس الحضاري من الغير، و لو كان مخالفاً لنا في التصور العقدي، و ذلك عبر الحوار الفاعل معه و حتى يؤتي هذا الاقتباس فعاليته، و ثماره المرجوة، فإنه لابد أن يكون اقتباساً لأسس المعطيات المدنية للعصر، و ليس لقشورها، أو بمعنى آخر فإنه يحتم علينا كمسلمين، العمل الجاد على استنبات التكنولوجيا المعاصرة، بدلاً من استيرادها.
و لقد أشار إلى مدى انعكاس مثل هذا الموقف السلبي من المسلمين تجاه العصر على حياتهم الحاضرة، المفكر الإسلامي الجزائري مالك بن نبي (1223-1393هـ = 1905-1973م)، ضارباً المثل على ذلك باليابان، التي اقتبست أسس المدنية الغربية في إطار «الموتور و الحركة»، دون التخلي و لو قيد أنملة، عن التراث و الأصالة اليابانية بينما العالم الإسلامي، أخذ يستورد الأشياء و لايزال يغرق أسواقه بمنتجات هذه المدنية مكتفياً بذلك، و لعل الذي زاد الطين بلة، هو أن المسلمين ما زالوا غارقين في حمأة الاستهلاك المادي و التكدس الشيئي، رغم الوثبات الهائلة لهذه الحضارة في المضمار المادي، يضاف إلى ذلك تدني مستوى إنتاجية الفرد المسلم عن نظيره الغربي بفوارق كبيرة، مما حدا بالمنظرين الغربيين على وصف البيئة الحضارية التي يعيش فيها الغربي بالعالم الأول، في حين وصفت بيئتنا الإسلامية بالعالم المتخلف أو تأدباً العالم النامي و أحياناً العالم الثالث، و كلها سمات تدل دلالة أكيدة على تراجعنا الحضاري الذريع.
و هكذا نرى أن مسلمي اليوم، قد أصبحوا مستلبين مدنياً أمام نتاج الحضارة المعاصرة- سواء كان مصدرها الغرب أو الشرق على حد سواء- مما جعلهم يضحون بإمكانياتهم المالية في سبيل استيراد الأشياء الاستهلاكية فضلاً عن تكديسها، و لقد انعكس ذلك صوراً سلبية على حياتهم عبر استنزاف أموالهم الطائلة في سبيل اقتناء و لو منتج واحد من منتجات هذه المدنية و أصبحنا نرى الفرد في عالمنا الإسلامي المعاصر يكد و يتعب الأيام الطوال، من أجل شراء آلة من آلات هذه المدنية، التي ربما ذهبت به في نهاية المطاف إلى القبر.

التأزم الأخلاقي و الاستلاب السلوكي لدى المسلمة المعاصرة

أما ثاني ملمح من ملامح الانفصام الحضاري لدى مسلمي اليوم، فهو هذا التأزم الأخلاقي و الاستلاب السلوكي الذي تعاني منه المسلمة المعاصرة في الواقع الراهن للمسلمين على المستوى الحضاري، فهذه المسلمة تقف الآن حائرة بين قطبين متنافرين هما الأصالة القرآنية و النبوية، التي تدعوها إلى الالتزام الحق بمنهجية الدين الإسلامي من جهة، و بين معطيات العصر السلبية التي تدعوها في نفس الحين إلى الانسلاخ من ربقة القيم المشعة التي في مقدورها صياغة كيان إنساني أمثل، و لعل الذي يؤكد حتمية التزام المرأة بالمنطلقات الإيمانية للإسلام، هو أن هذا الدين الحق قد جاء من عند خالق الكون و بارئه {ألا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير} (الملك-14).
و ذلك من أجل صياغة امرأة ناضجة فعالة، ذات دور حيوي في بناء الحضارة الإسلامية الباسقة، و هذا من منطلق أن المرأة هي وعاء الحضارة الحاني، و الخدر الآمن لصناعة الأجيال، و ذلك بعد مساهمتها الحيوية مع الرجل شريكها الأوحد على درب الحياة -عبر الزواج الشرعي- في صياغة واقع إسلامي زاهر.
و إذا كان بريق الحضارة المعاصرة الخاطف يشدها على الطرف الآخر، بما يقدم لها من أضواء خادعة و زائفة تخدعها و تنسيها أبعاد رسالتها الحضارية في الوجود، وفقاً للنسق الإسلامي، و ذلك من خلال بعض الممارسات السلبية التي يزينها لها بعض الموتورين في واقعنا الثقافي المعاصر، و ذلك من خلال محاولاتهم اليائسة لطمس معالم كل القيم المشعة التي صاغت يوماً ما خير حضارة تفطر عنها قلب التاريخ البشري، و لولا المرأة و مساهمتها الفعالة في تشكيلها منذ انبثاقها من رحم التاريخ، لما وصلت إلى هذه الذروة السامقة في الإبداع.

عدم إدراك قيمة الوقت

و ثالث ملمح من ملامح الانفصام الحضاري لدى المسلمين المعاصرين، هو عدم إدراكهم الإدراك الواعي لقيمة الزمن (الوقت) و دوره الحيوي في تحقيق أو إنجاز البناء الحضاري الشامل و عدم وعينا كمسلمين بمدى أهمية العناصر البارزة، التي تتشكل منها الحضارة في هيكلها العام و الخاص، إنما هو ظاهرة غير صحية إطلاقاً، و لعل الذي يشي بذلك جهلنا التام بالمفهوم الحضاري للوقت، فلقد أصبحنا أمة تتفنن في قتل الوقت فضلا عن إضاعته سدى، دون الاستفادة الموضوعية منه، ناسين أو متناسين أن الزمن (الوقت) هو عمر الإنسان، و طريقه حتى يكون لنا قدم صدق في الدنيا و الآخرة، و لذلك لم يخطئ مالك بن نبي، عندما ذهب الى ان الوقت و التراب و الإنسان هذه العناصر الثلاثة هي المكونات الأساسية للحضارة، و في هذا السياق جاءت معادلته الرياضية التالية، وقت+ تراب + إنسان= حضارة.

 

الفجوة بين النظرية و التطبيق في حياتنا المعاصرة

و في هذا السياق الاستلابي، يبدو أن رابع ملامح الانفصام الحضاري لدى المسلمين المعاصرين هو تلك الفجوة السحيقة بين النظرية و التطبيق في حياتنا المعاصرة، و لا سيما في الإطار التعاملي - أو إذا شئنا الدقة قلنا بين القول و الفعل - و لعل مرجع هذا هو أن القول الأجوف غير المقرون بالفعل لا يمكن أن يؤدي بأي حال من الأحوال الى تحقيق الوضع الامثل للمجتمع الاسلامي الفاضل الذي جاء الإسلام لبنائه، إن هذا هو حالنا اليوم، و لعل هذا هو سبب سقوطنا الحضاري بكل المقاييس.
أما يوم أن كان المسلمون مدركين تمام الادراك لمدى ضرورة اقتران القول بالفعل انطلاقا من الفقه الحضاري الواعي للآية القرآنية الكريمة، التي يقول فيها تعالى: {يأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} (الصف:2-3).
و في ضوء ما تقدم، يمكن القول: إن التخلص الفاعل من الانفصام الحضاري المستفحل بين مسلمي اليوم، إنما يعتمد اعتماداً أساسياً على مدى نجاحهم في تحقيق انسجامهم مع معطيات دينهم، فضلا عن أن يجعلوا من ذلك الهم الهاجس الحضاري الأول لهم، و ذلك حتى يتسنى لهم ردم هذه الفجوة الحضارية السحيقة التي تفصلهم عن الحضارة المعاصرة.

الرابط : http://investigate-islam.com/al5las/showthread.php?t=4824

قراءة 838 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 07 تشرين1/أكتوير 2020 08:28

أضف تعليق


كود امني
تحديث