قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الثلاثاء, 13 تشرين1/أكتوير 2020 15:35

حماية البيئة في الإسلام 2

كتبه  د‭. ‬كوثر‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬الأبجي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

فما حكم الشرع الحنيف في ذلك؟

من استعراض الأحاديث الشريفة التالية نتبين ما يلي:

(أ) النهي عن النفخ في ماء الشرب: بلغت عناية السنة المطهرة بحماية الماء حد النهي و تحريم مجرد التنفس في إناء المياه بالنفخ فيه و هو ما يلوث الماء الصالح للشرب(12)، يقول صلى الله عليه و سلم -إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء- و في رواية أخرى -نهي عن أن يتنفس في الإناء أو أن ينفخ فيه-(13).

(ب) النهي التبول في الماء الراكد: يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم -لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه-(14)، و في رواية أخرى -لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم و هو جنب-(15)، كما نهى صلى الله عليه و سلم عن أن يبال في الماء الراكد- رواه أحمد ومسلم(16).

(ج) النهي عن التبرز في مورد المياه و الطرق: يذكر الحديث -اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد و قارعة الطريق و الظل-(17)، و مقصود الحديث النهي عن تلويث مصادر المياه بالتبرز في مصدرها سواء أكان نهراً أم عين ماء أم بئر، و يرجع ذلك إلى سببين:

أولهما: أن الناس جميعاً شركاء في أحقية استخدام المياه، و تلويثه يمنعهم من الاستفادة به، أو يضرهم في حالة استخدامه و ذلك تطبيقاً للحديث الشريف الذي يقرر أن -الناس شركاء في ثلاث: الكلأ و الماء و النار-(18).

ثانيهما: أن تلويث المياه يمنع الأجيال القادمة من الاستفادة من هذه المياه، و هو ما يخالف مبدأ تواصل الأجيال الذي جاء به القرآن الكريم في قوله تعالى (و الذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، و لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا) الحشر 10.

فإذا كان رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم نهى عن التنفس في الماء و نهى عن إلقاء المخلفات البشرية فيه، فما بالنا بإلقاء المواد الضارة الخطيرة فيه؟ إن ذلك يعتبر ضمن الفساد في الأرض المنهي عنه.

٣-  تحريم الاعتداء على التربة و النبات:

يقول الله تعالى في كتابه العزيز عن نعمة النبات (و نزًلنا من السماء ماءً مباركاً فأنبتنا به جنات و حَبَّ الحصيد) ق 9، و قوله تعالى (و أنزلنا من المُعصِرات ماءً ثجّاجاً لنُخرِج به حباً و نباتاً و جنات ألفافاً) النبأ 14-16، كذلك يتضح من قوله تعالى (أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون) الواقعة 63-64، أنه سبحانه و تعالى يذكرنا بأنه هو الزارع الذي يمن على الناس بزرع الأرض، أما الناس فهي تحرث الأرض فقط، و لذلك يذكر الفساد بإهلاك الحرث و النسل في قوله تعالى (و إذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها و يهلك الحرث و النسل و الله لا يحب الفساد) البقرة 205، فلولا النبات ما استطاع الإنسان أن يحيا على الأرض و يجد قوته، و هو ما يجعل الزراعة من فروض الكفاية الواجبة على المجتمع المسلم لتغطية احتياجاته. و لكن امتدت يد الفساد في الاقتصاد المعاصر إلى الاعتداء على الأرض بإتلاف التربة و النبات، و هو ما يندرج تحت الفساد المحرم و المنهي عنه، حيث يقضي على وجه الحياة التي يحتاجها الإنسان، و من أمثلة  أوجه الاعتداء المعاصر على الأرض و النبات ما يلي:

– دفن المخلفات الصناعية في التربة بما يقتل الزرع و يتلف الأرض.

– دفن المخلفات النووية الخطيرة في الأرض بما يؤدي إلى إتلافها ربما لأحقاب عديدة بما يهلك الحرث أو النسل و هو ما نهى الله تعالى عنه.

– ترك الأبخرة و الغازات السامة تنطلق في الهواء بما يقضي أيضاً على النبات.

– رمي المخلفات الخطيرة في مياه الأنهار التي يسقى بها الزرع فتقضي عليه أو تتلفه في أحسن الأحوال.

و اتلاف التربة و النبات يؤثر سلباً على الانسان الذي يحتاجها فيما يلي:

(أ) توفير الغذاء الأساسي لكفاية حياة الإنسان و احتياجاته.

(ب) كفاية حاجة الحيوانات و الطيور التي يعتمد عليها الإنسان في تزويده بأساسيات الحياة التي لا يمكن الاستغناء عنها.

(ج) تزويد حاجة الحيوانات و المخلوقات الأخرى التي يحتاجها الإنسان لركوبه و تنقله.

(د) حفظ التوازن البيئي لتأمين الهواء النقي اللازم لبقاء الإنسان و يؤثر بشكل مباشر على قدرته على مواجهة المرض.

(هـ) الإقلال من سرعة الرياح بإحداث استقرار جوي يمنع من شدة العواصف التي تؤدي إلى الأعاصير المدمرة.

(و) تمتص الأشجار نسبة كبيرة من الغازات الضارة بالبيئة و تمنع وصول الغبار الذي يؤثر على صحة الإنسان.

(ز) يمد النبات الإنسان و الحيوان بالأكسوجين اللازم للحياة على الأرض و هو ما يحدث في البر و البحر.

(ح) و فوق كل ذلك فالنبات يضيف للإنسان بهجة  و سعادة يبعثها اللون الأخضر، و في ذلك يقول الله تعالى (و أنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها) النمل 60، و يقول تعالى (و الأرض مددناها و ألقينا فيها رواسي و أنبتنا فيها من كل زوج بهيج) ق 7. و هذه النعم العظيمة يجب الحفاظ عليها من الإتلاف و الهلاك و الإسراف في الاستخدام بما يدمرها و يقضي عليها.

٤-  تحريم الإضرار بالنفس و بالغير:

حرم الله تعالى الضرر بكل أشكاله، يقول الله تعالى (لا تُضارّ والدة بولدها) البقرة 233، و في آية أخرى (و لا تمسكوهن ضِراراً لتعتدوا) البقرة 231، و في الحديث الشريف -لا ضرر و لا ضرار-(19) رواه ابن ماجه. و الضرر هو ما قصد به الفرد منفعة نفسه و كان فيه ضرر على الغير، أما الضرار فهو ما قصد به الإضرار بالغير، أي أن على المسلم ألا يضر نفسه و لا غيره، و النهي هنا عام عن عموم الضرر بمعنى تحريم كل ما يضر أفراد المجتمع.

و هذه القاعدة تنطبق على كل تلويث يشمل جانباً من جوانب البيئة، حيث يسبب التلوث ضرراً مباشرا أو غير مباشر، و قد يصيب الإنسان أو الحيوان أو النبات، و قد يصيب الأجيال الحالية أو القادمة، لكل ذلك تعتبر قاعدة -لا ضرر و لا ضرار- أساساً تشريعياً شاملاً استنبط منها العلماء قاعدة فقهية عظيمة تقتضي إزالة الضرر بكل الوسائل الممكنة و سواء كان ذلك تشريعا أو عرفا أو اتفاقا بين الناس و تسمى -الضرر يزال- بمعنى ضرورة اتخاذ وسائل منع الضرر و يعتبر تطبيقا لقاعدة -درء المفسدة مقدم على جلب المنفعة- و هو الأولى تطبيقه. فالضرر إذا حدث يجب على النظام سواء تمثل في ولي الأمر أو النظام التشريعي المعاصر أن يبادر إلى إزالة هذا الضرر، و قد وضع علماءنا الأفاضل قواعد مستنبطة توضح كيفية و قواعد إزالة  الضرر و هي كما يلي:

القاعدة الأولى: -إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما-(20)، و معنى القاعدة تطبيق -نسبية الضرر- فيقدم الفعل الذي يحقق ضرراً أقل على الفعل الذي يحقق ضرراً أكبر، و هو ترتيب لأولويات احتياجات المجتمع التي حددها العلماء بسلم الضروريات ثم الحاجيات ثم التحسينيات.

القاعدة الثانية: -الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف-(21)، بمعنى أنه إذا كان إزالة كوبري – يحتاجه الناس للتنقل و نقل أمتعتهم – يسبب لهم حرجاً و مشقة، و لكنه آيل للسقوط، فيجب إزالته حتى لا يسبب حوادث قد تودي بحياة الأفراد، و بذلك  يتم اختيار أخف الضررين و هو تأكيد لنفس القاعدة.

القاعدة الثالثة: -الضرر لا يزال بضرر مثله أو أشد منه-(22)، أي لا يزال ضرر بإحداث ضرر مثله أو أكبر منه، و إلا كانت تكلفة إزالة الضرر أعلى من عائده و هي موازنة بين التكلفة و العائد الاجتماعي الذي يجب أن يغلب الجانب الذي يحقق للمجتمع عائداً اجتماعياً و يدفع عنه التكلفة الاجتماعية.

القاعدة الرابعة: -يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام-(23)، و يعني ذلك أن الضرر الذي يعم أخطر و أعظم من الضرر الذي يخص، بما يستلزم – إذا استحكم الأمر – أن يدفع الضرر العام بالضرر الخاص، و منها مثلاً الأمر بإعدام الطيور التي يتم تربيتها منزلياً خوفاً من انتشار عدوى مرض أنفلونزا الطيور.. و غيرها.

القاعدة الخامسة: -درء المفاسد مقدم على جلب المصالح- أي أن وقف نشاط يؤدي إلى حدوث أضرار لحياة الناس مقدم على جلب مصلحة بإنتاج هذا النشاط، و الأمثلة كثيرة على ذلك في حياتنا، مثل صناعة الإسمنت التي انتشرت في مصر في الآونة الأخيرة باعتبار أن مستثمريها من الأجانب الذين قدموا استثمارات عظيمة تحتاجها البلاد، فإذا ثبت أنها تجلب التلوث الذي يودي بصحة و مستقبل أبناء الوطن بات وجودها تهديداً للأمن الصحي و الحياتي و هو المصلحة الأهم التي تقتضي وقف هذا النشاط  طبقاً للقواعد الشرعية.

القاعدة السادسة: -الضرر يُدفع بقدر الإمكان-(24)، و تعني دفع الضرر بقدر ما يمكن تحمله، فقد يرى الإمام دفع الضرر فوراً إذا أمكن ذلك، و قد يرى دفعه تدريجياً إذا لم يتمكن من دفعه حالاً.. و هكذا تطبق قاعدة النسبية المشتقة من الآية الكريمة (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) البقرة 286.

5- تحريم تغيير قوانين الحياة الطبيعية التي فطر الله مخلوقات الأرض عليها:

خلق الله تعالى الأرض و وفر فيها كل وسائل الحياة للمخلوقات و وضع القوانين الصالحة لبقائها  حتى يقدر لها البقاء بتوازن عظيم، يقول الله تعالى (و خلق كل شيء فقدَّره تقديراً) الفرقان 2، و يقول جل شأنه (و الأرض مددناها و ألقينا فيها رواسي و أنبتنا فيها من كل شيء موزون) الحجر 19، فإذا تدخل الإنسان في تغيير هذه القوانين لبيئة الأرض سواء شملت الإنسان أو الحيوان أو النبات أخل ذلك بالمنظومة المحكمة مما ينتج عنه الخلل العظيم.

و على سبيل المثال فقد تم تحريم الميتة و الدم و لحم الخنزير في الآية الكريمة (إنما حَرَّم عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير..) البقرة 173، و لكن استخدمت هذه المحرمات في الاقتصاد المعاصر مما يدخل بشكل غير مباشر في غذاء الإنسان و منها على سبيل المثال:

– أسفرت تغذية الدواجن بالمواد المشتقة من الدم و المواد العضوية – بالرغم من تحريم استخدامها و أن ذلك ينافي طبيعة تغذية و احتياجات الطيور التي تعتمد على المواد النباتية – عن إصابة المستهلكين لهذه الدواجن بالأمراض الخطيرة مثل الفشل الكلوي والسرطان.

– أسفرت تغذية الأبقار بالمواد العضوية بما ينافي طبيعتها – التي تعتمد على العشب و النبات – عن إصابتها بمرض جنون البقر و عدم صلاحيتها للاستخدام الآدمي.

و هكذا نجد أن التدخل في تغيير القانون الذي فطر الله الحيوانات عليها يؤدي إلى تدمير و إفساد الثروة الحيوانية ذاتها، إلى جانب تعرض حياة الإنسان و الأجيال القادمة لمخاطر عظيمة. و على الإنسان لكي تستمر الحياة و يستمر العالم – بما يحتويه من مخلوقات غير مكلفة – أن يسير على المنهج الذي فطرت عليه هذه المخلوقات -و أن يلتزم بقوانين السلوك المتوازن الذي ينسجم مع الحركة اللاإرادية و لا يتصادم معها حتى لا يختل توازن البيئة فينقلب التسخير للإنسان – الذي أراده الله تعالى له – إلى تسخير عليه-(25) و هو ما ينفرد به التشريع الإسلامي عن التشريع الوضعي الذي لم يتناول تجريم هذا الفعل حتى الآن بالرغم من انه تبين بالعلوم الحديثة الأضرار البالغة التي تصيب الانسان و الحيوان من جراء ذلك.

و بذلك يثبت تحريم التشريع الإسلامي المطلق لكل أسباب التلوث باعتباره ضرباً من الفساد سواء أكان يخص تلويث الماء أم الهواء أم التربة، أم كان إضراراً بالنفس أو بالغير في كل أشكاله، إلى جانب تحريم تغيير طبيعة خلق الله من الحيوان و النبات التي فطرت عليها.

رابعاً – تشريع الحدود والضمان على المفسدين الذين أحدثوا التلوث:

وضعت أحكام الحدود و الضمان على المفسدين سواء أكانوا أشخاصاً طبيعيين أم أشخاصاً اعتباريين مثل المشروعات كما يلي:

1- أحكام الحدود الشخصية لعقاب المفسدين:

تناول القرآن الكريم الأحكام الكفيلة بردع المفسدين الذين أحدثوا التلوث عمداً و أحكام الضمان على من أحدثه خطأً، و ذلك على الأفراد باعتبارهم أشخاصاً طبيعيين أو على المشروعات باعتبارها أشخاصاً اعتباريين كما يلي:

– يقول الله تعالى (إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسولَه و يسعَوْن في الأرض فساداً أن يُقَتلوا أو يُصَلبوا أو تُقَطَّع أيديهم و أرجلهم من خلاف أو يُنْفَوا من الأرض، ذلك لهم خزي في الدنيا و لهم في الآخرة عذاب عظيم) المائدة 33.

– و يقول تعالى في آية أخرى (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً) المائدة 32.

– (و الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه و يقطعون ما أمر الله به أن يوصل و يفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة و لهم سوء الدار) الرعد 25.

– (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض و تُقَطّعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصَمَّهم و أعمى أبصارهم) محمد 22-23.

و بذلك يجب تطبيق الحدود عند الإضرار بالنفس إذا تبين أن الضرر نافذ إلى حياة الإنسان، كأن يقوم فرد أو مؤسسة بدفن نفايات خطيرة تؤدي إلى تلويث المياه الجوفية بما يقضي على الحياة في المنطقة، فلاشك أن العقاب يجب أن يتناسب مع الفعل و هو ما قضى به القرآن الكريم فيما يلي:

(أ) قضت الآيات الكريمة في سورتي المائدة و البقرة – السابق الإشارة إليهما – على المفسدين بالقتل أو الإعدام  جزاء على سوء صنيعهم بالمجتمع و ليكونوا عبرة لغيرهم.

(ب) مصادرة أموالهم التي اكتسبوها من نشاطهم المحرم.

2- تطبيق أحكام التشريع الإسلامي على المشروعات التي تحدث أضراراً للمجتمع:

أما المشروعات التي تحدث التلوث و تخالف قواعد المحافظة على البيئة فتقع عليها الأحكام التالية:

– إزالة المشروعات كلياً: إذا تبين للمسئول – ولي الأمر – أن مشروعاً ما يحدث أضراراً تزيد على العائد الاقتصادي و الاجتماعي منه فله – طبقاً للقواعد الشرعية السابقة – الحكم بإزالته. و تجدر الإشارة إلى أن المشرع الوضعي في معظم الدول المعاصرة يضع أولوية للمشروعات التي تشير دراسة جدواها الاقتصادية و الاجتماعية لها إلى تحقيق عوائد موجبة من تنفيذها، فإذا تبين بعد تنفيذها خلاف ذلك فيجب اعتبارها جريمة في حق المجتمع تقتضي الرجوع على من قام بإعداد دراسة الجدوى و أقر بصلاحية المشروع، و اعتباره مسئولاً بالتضامن مع أصحاب المشروع عن تقديم معلومات غير صحيحة أدت إلى إقامة مشروعات أحدثت تأثيراً سلبياً و أضراراً، كما يجب إيقاف المشروعات التي تعتمد على استنزاف الموارد النادرة و البحث عن بدائل لها أو طرق لتنميتها و تعويض المجتمع عنها.

– وقف النشاط الذي يحدث الضرر جزئياً: إذا ثبت أن نشاط المشروع يتضمن أضراراً في بعض مراحل التصنيع أو بعض منتجاته دون المراحل و المنتجات الأخرى و أمكن الاستغناء عن هذه المنتجات أو استبدالها بمنتجات بديلة، فيتم وقف النشاط جزئيا بما يمنع الضرر المؤكد، مع إعطاء مهلة لإدارة المشروع لتوفيق نشاطها بما يحقق مصلحة المجتمع العام أولاً ثم مجتمع الأعمال ثانياً.

– الضمان: هو أحد فروع الفقه الإسلامي الذي يؤمن حقوق المجتمع عند التعدي على المال و هو ما يشار إليه حديثاً بالتعويضات التي يجب أن تتحملها المشروعات التي أحدثت تلوثاً و تدميراً في البيئة المحيطة بها أو إيقافها و اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية المجتمع، و بيان ذلك كما يلي:

 (أ) ضمان قيمة المال عند التعدي المقصود بتعمد : يضمن المتعدي بفعل مقصود عن الأضرار التي أدت إلى إتلاف المال و البيئة باعتبارها مخزن حياة الإنسان من ممتلكات و نبات و حيوان …الخ،  لذلك يضمن المتعدي قيمة ما أتلفه عمداً إلى جانب العقوبة الشخصية، و من أمثلتها: خوض إحدى السفن الإسرائيلية عن عمد في منطقة قريبة من ساحل مصر في البحر الأحمر مما أحدث تلفاً عظيماً في الشعب المرجانية، قيل إنه يحتاج لعدة قرون حتى تعود هذه الشعب لما كانت عليه قبل الاعتداء.

(ب) ضمان قيمة المال عند الإهمال و التقصير: إذا ثبت أن الضرر حدث في المال نتيجة لإهمال أو تقصير ضمن المتعدي نتيجة إهماله، مثل: تسيير وسائل نقل عام لا تحتوي على وسائل سلامة و أمان كافية للركاب، و استخدام أدوية في المستشفيات العامة انتهت مدة صلاحيتها، أو إنتاج أغذية بمواصفات غير مطابقة للاستخدام الآدمي.. و غيرها الكثير مما يعبر عن إهمال الدولة أو الشركات أو الأفراد إلى جانب العقوبة الشخصية.

(ج) الضمان عن الضرر بغير تقصير أو إهمال: و في هذه الحالة يتم تضمين من أحدث الضرر بلا عقوبة شخصية.

وبذلك يثبت أن المشرع وضع أحكام الحدود و الضمان لمواجهة الأفراد و المشروعات التي أحدثت التلوث.

(1) د. ناصر جلال حسنين -دور الدولة في حماية البيئة مع التركيز على الأدوات الاقتصادية و إمكانية تطبيقها في مصر في ظل المتغيرات المحلية و العالمية- مصر المعاصرة، العدد 484/2006، ص227.

(2) د. عبير فرحات، ص247.

(3) -الثقافة البيئية- سلسلة التنمية و التثقيف الفكري للنشء و الشباب(5)،  المجلس القومي للشباب و إعداد القادة 2006.

(4) لسان العرب، ج3، ص1906، طـ. دا ر المعارف. انظر: مختار الصحاح، ج5، ص1723، المعجم الوسيط ج1، ص413.

(5) د. دراز -دستور الأخلاق في القرآن- ص138.

(6) نضرة النعيم ج8، ص3406.

(7) المرجع السابق، ص3407.

(8) المرجع السابق ج11، مرجع سابق،  ص5237.

(9) الكفوي -الكليات- (154)  نقلاً عن  المرجع السابق.

(10) القرطبي، تفسير القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مصطفى الحلبي، ط. 3، ص18.

(11) د. أحمد بن يوسف الدريوش -حماية البيئة المائية و النباتية في الفقه الإسلامي-، سنة 2001، ص207-208.

 (12) المرجع السابق، ص181.

(13) أخرجه البخاري في صحيحه، رقم (153) كتاب الوضوء.

(14) أخرجه  البخاري في صحيحه، رقم (239) كتاب الوضوء.

(15) أخرجه مسلم في صحيحه، رقم (283) كتاب الوضوء.

(16) اخرجه مسلم في صحيحه، رقم (282) كتاب الطهارة.

(17) أخرجه ابو داود، كتاب الطهارة 1/7، و ابن ماجه، الحديث 45 (137-138).

(18) أخرجه أبو داود، رقم (3477).

(19) أخرجه ابن ماجه، حديث رقم (784).

(20) ابن نجيم -الأشياء- ص90، السيوطي -الأشباه و النظائر- ص78 نقلاً عن د. الدريوش، مرجع سابق ص186.

(21) ابن نجيم  ص88 نقلاً عن د. الدريوش، مرجع سابق، ص186.

(22) ابن نجيم ص87، المجلة، المادة 25، نقلاً عن د. الدريوش، مرجع سابق، ص188.

(23) د. الدريوش، مرجع سابق، ص186.

(24) مجلة الأحكام، المادة 31، نقلاً عن د. الدريوش، مرجع سابق، ص187.

(25) د. الدريوش -حماية البيئة المائية و النباتية من التلوث في الفقه الإسلامي- مجلة الدراسات المالية و التجارية، العدد 3، المجلد الأول، سنة 2001، ص174.

الرابط : https://www.aliqtisadalislami.net/%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A6%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85/

قراءة 809 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 13 تشرين1/أكتوير 2020 21:07

أضف تعليق


كود امني
تحديث