قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 08 تشرين2/نوفمبر 2020 15:48

سُلطةُ المعرفة !

كتبه  الأستاذة مونية الديغوسي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

حين رأوْه وحيداً، جاهلاً، ضالا في سرداب مظلم؛ كان قد مشى في شوارعه طويلا؛ حيث تورّمت قدماه، و ملأت المكان ظلمةٌ أعْيت عيناه، و لوّثَ رمادها رئتاه… تربّصوا للفتك به، و حاولوا تطويقه بسلاسل و أغلال.. و وسط ركامٍ كبير أخرج رأسه، هذا الرأس الذي ازدحم بأفكارٍ؛ لمْ تَنْمُ بعدُ لتدبّ على الأرض، ثم التفتَ إلى العالم من حوله، فنظر إلى السماء، رافعا يديه بالدعاء، و مستبشرا خيراً بتأهّب رحيل تلك الغيوم السوداء، و ما هي إلا لحظاتٌ حتى تكشَّف له وجه الشمس الوضّاء، هنالك فهِم ما غاب عن ذهنه فترةً من الزمن، و تعلَّم درسا مهمًّا في حياته؛ هو أنَّ عليه أن يظلّ وفيًّا لموعدِ الدَّرس…

بين السلطة و المعرفة
هل السلطة هي التي تأتي بالمعرفة، أم أن معرفتنا هي التي تزيدنا سلطة و تحكّما؟
المعرفة؛ هي فقه أسباب الظاهرة، و نتائجها، و إمكانية إعادة إنتاج الظاهرة من جديد، أما السلطة؛ فلا نعني بها المنصب السياسي، أو نظام الحكم…، إنما تشمل السلطة بكل أنواعها: سلطة العالِم على الأقل معرفة، سلطة الطبيب على المريض…

في معالجته لموضوع الاستشراق، حاول الأستاذ إدوارد سعيد دراسة العلاقة بين الشرق و الغرب، منطلقا من سؤال أزمة أرّقه منذ صباه، و توتر حضاري حرّكه، إلى مستوى شمولي يخص واقع الأمم.
كذلك نحن و من خلال حياتنا اليومية نعيش أسئلة صغيرة قد تخصّنا على المستوى الفردي، لكنها في عمقها أسئلة فكرية معرفية. فهل بإمكاننا تجاوز المعالجة الشخصية لها إلى الإحاطة بها: فكريا، إيمانيا، معرفيا؟ هل نحن مشتغلون بصناعة المعرفة، مثلما اشتغل علماء محترقون مثل مالك بن نبي، و مصابرون على ترشيد أنفسنا و الناس من حولنا، خاصة عندما ندرك أنّ الأزمة في جوهرها أزمة فهم و معرفة و إدراك، يتولّد عنها فعل؟

فِقْهُ سلسلة الأسباب
يقول ابن خلدون في مقدّمته: “أول العمل آخر الفكرة، و أول الفكرة آخر العمل فلا يتم فعل الإنسان في الخارج إلا بالفكر في هذه المرتبات لتوقف بعضها على بعض. ثم يشرع في فعلها. و أول هذا الفكر هو المسبب الأخير، و هو آخرها في العمل. و أولها في العمل هو المسبب الأول و هو آخرها في الفكر”.

فالقدرة على ترتيب مجموعة الأسباب بصورة متناسقة يؤدي إلى النتيجة المرجوّة، و إن الاختلال في معرفة سلسلة الأسباب على مستوى الفرد ابتداء، و على مستوى المجموع بصورة عامة، تنتج عنه آثار تزحف لتفتِك بالمشاريع الحضارية التي تحتضن الأمة.
فإذا تمكّن الإنسان من أن يفقه سلسلة الأسباب، و استطاعت الأمة أن تتحكم في دائرة الأسباب كانت النتيجة ثمارا طيبة يتقاسمها الفرد و المجموع، و في هذا المضمار يشير الأستاذ فتح الله كولن إلى ضرورة أن تتسم مشاريعنا بالمعقولية؛ بمعنى أن يقوم الإنسان بالفعل المتناسب مع المرحلة، و أن تكون سلسلة أسبابه متناسقة مع طبيعة العمل، لأن الإنسان الذي لا يرتب سلسلته السببية -بشكل متناغم- يقع في شباك “تجنين الزمن”، كما يصطلح عليه الأستاذ كولن؛ ذلك أن الإنسان إن غاب عنه فقه سلسلة الأسباب غاب عنه أيضا فقه الحضارة.

معركة العصر…
في ساحتها، لا تسمَع دبيب أقدام العدوّ على أرضِك، و لا صوت الدبابات يَشلُّ أمنك. إنها معركةٌ يُحكم قائدها السير في ميدانها بخطى متأنّية صامتة؛ حتى لا يقلق نومة الآخرين، فيها تعتلي الفكرة المنبر، لأن لديها خطابا تودّ أن تلقيه على الجمهور…

لقد عرف الإنسان الغربي بأنه إنْ فَقِهَ نفسية مجتمعٍ ما و توغّل في أرجاء خارطته النفسية و الاجتماعية، فسيستطيع أن يُحكم قبضته على ذلك المجتمع، ذلك أن فهمه للظاهرة هو جزء من قدرته على التحكم، و في هذا الصدد يعرّف الأستاذ إدوارد سعيد الاستشراق؛ بأنه: “علم إدارة الأجناس المحكومة مما يجعل إدارتهم يسيرة و مربحة”.
فالأمر مرتبط بمعرفة الخصائص التي يحملها الإنسان الشرقي حتى يدخل في دائرة المتحكَّمِ فيه، و عليه فإن جوهر المشكلة فكري معرفي متعلّق بذاتية الإنسان؛ فإذا تحرّك فسيتحرك كل شيء.

إذن، فنظرتنا قاصرة و مختزلة لمفهومنا للاستعمار، حين نظنّ أنه لا يتحرك إلا في معركة مادية ميدانية، غافلين عن أن معركته الضروس تُدار رحاها في حلبة “عالم الأفكار” !

استعمار أم قابلية للاستعمار؟
الكثير من الناس يحاولون صدَّ الباب أمام ريح “الاستعمار”، لكنهم يُفسحون الطريق أمام عواصف “القابلية للاستعمار” لتمُرّ بسلام؛ غير مدركين أنها ذلك اللّصّ الذي دخل بيوتهم فاحتضنوه، و لم يشكّ أحد منهم في أخلاقه الحميدة!

لقد أدرك الغرب أنه بتعطيل فعالية الإنسان الشرقي سيعطّل كل شيء في الشرق. كما أنه يعي تماما بأن عقلا إذا فهم و حرّك عقولاً أخرى، فإن خططا كثيرة بُنيت على أنقاض “القابلية للاستعمار” حتما ستنهار. يقول الأستاذ مالك بن نبي: “الاستعمار كثير الحذر من الأفكار و يعرِف مدى قوة الفكرة حينما تواجَه خططه بالقوة”.

نعم، فأشدّ ما يرهب العدو، و تخرّ له قواه هو إنسان أدرك بحق معنى “القابلية للاستعمار”؛ تتبَّع آثار تلك الأقدام السوداء، و فقِه تفاصيل الخطط المتعفنة؛ و هنا تتأهب المعركة لتقف أمام المواجهة الحقيقية، مقتحمة مجال “مراصد الفكر”. و هي التي يقول المفكر بن نبي بشأنها أنها في العالم الغربي تتحرّك وفق قوله سبحانه و تعالى: ﴿…لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمَانِهِمْ وَ عَنْ شَمَائِلِهِمْ وَ لَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾. و هذا منهج الشيطان في خطابه مع الله تعالى، و هو نفسه منهج الشيطان الحضاري الذي يتغلغل في جذور الأمة محاولا زعزعة استقرارها و توازنها.

السؤال عن دورنا؟
“القدرةُ” أو “الوُسْعُ”، كبديل عن مصطلح “السلطة”؛ فما وَسِعكَ فِعله فأنت متحكِّمٌ فيه، فالعالِم مسؤول عن من لم يعلم، و الأكثر خبرة مسؤول عن الأقل خبرة… و لو نعود لخارطة العالم الإسلامي و نبحث عن عدد الأزمات المتفجّرة هنا و هناك، سنجد أن الكثير منها شقّ طريقه إلينا و نحن نصل رحم التقصير و الضعف، و نحتفي بالجهل ضيفا في مجالسنا.

إنّ التحول من حالة التخلف إلى حالة الحضارة؛ يقتضي أن يُغيّر الإنسان من كونه مدروسا في مخابر الغير، ليصبح دارسا لما حوله. و وسط جمهور غفير من الناس؛ صِنْفٌ منهم: إنسان محلي؛ تحرّكت آلات كبرى (إعلامية، اقتصادية…) لإبقائه رهينا للإدراك الجغرافي، و صنفٌ ثانٍ هو إنسان عالمي؛ متجاوزٌ للقارات، و كل همّه أن لا تُخدش مصلحته، يتراءى من بعيد للأنظار إنسان ثالث؛ يزاحم محاولا أن يخترق الطابور ليوجِدَ له “مكانا وسطاً” في هذا العالم؛ إنه شخص صاحب رسالة و دورٍ تربوي، يسعى ليُحقّ الحق و يخدم الخلق، و يعيش وفق نبض الأمة و همومها.

إذن، فالإنسان مطالبٌ بأن يحدّد الهدف، الدور، القيمة المضافة…، و أن يفكّر و يعيد التفكير إلى أن يصل إلى رؤية متناسبة مع الحالة التي يعيشها، ذلك أنه لا يكفي أن تكون الفكرة صحيحة، و لكن ينبغي أن تكون الآلة فعالة أيضا.
و لهذا فإننا نجد القرآن الكريم دائما يذكّر هذا المخلوق المكرَّم بمسؤوليته، فيقول عز و جل: ﴿كُلُّ نَفسٍ بِمَا كَسَبَت رَهِينَةٌ﴾، و يقول أيضا: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾.

جهاد المؤمن…
حتى لا يضيع الإسلام بين الإنسان الشرقي؛ الذي زكّى قلبه و فقد الفعالية، و بين إنسان غربي امتلك التقنية و ضيّع بناء هذه النفس، يجتهد الإنسان في الطريق دومًا ليُلمِّع عدسته المكبّرة؛ بحثًا عن توازنٍ يُعبّر عنه الأستاذ علي عزّت بيجوفيتش بـ: “المسجد درسة”.
فليس على الإنسان أن يختار طريقين لا ثالث لهما؛ إما التفاؤل مطلقا، أو اليأس مطلقا، لكن ما ينبغي أن يكون عليه المؤمن هو تقلّبه بين حالتي: الخوف و الرجاء. فلا هو ممّن قال في حقهم الحق سبحانه و تعالى: ﴿فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾، و لا من الذين أشارت إليهم الآية الكريمة: ﴿وَ لاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾، إنه إنسان دائم البحث عن هذا التوازن؛ أملا في ألاّ يكون من (القوم الخاسرين) و لا من (القوم الكافرين)، بل يحاول التموقع؛ معتقدا بأن الخير كله من الله تعالى، و الشر جميعه من قصوره و ضعفه.

لابد أن نعلم بأن الله سبحانه وحده هو صاحب القدرة المطلقة، أما الطرف الخارجي فإن قدراته محدودة، لذا ينبغي أن يناضل الإنسان في معركة الفكر و الإيمان، و في هذا الصدد يشير المفكرون أمثال الأستاذ مالك بن نبي، الأستاذ فتح الله كولن، الأستاذ علي عزت بيجوفيتش… إلى ضرورة أن نصوغ علما جديدا هو علم تجديد الصلة بالله عز و جل.

حتى تولد المعرفة، فالأمر مرتبط بمراصد فكرية، و شبكة علاقات قوية تُنسَج بين المشتغلين بالمعرفة؛ فالمطلوب اليوم من هذا الإنسان أن يسعى للعودة إلى مكانه في صفوف الرشد و التمكين؛ يشدّ على يد الضعف، و يُساءل هذه الذات أن تَرشُد، لأنها كلما رشُدت كانت قابلة لأن تنثر بذور الرشد من حولها و تأخذ بيد الآخرين في سبيل الرشاد. كما أن عليه أن يجتمع مع إخوانه؛ حيث يتصافح العقل مع العقل، و يلقي القلب التحية على القلب، أملاً في الخروج من خندق التخلف نحو مروج الحضارة الفسيحة.

الرابط : http://feker.net/ar/2014/07/07/23790/

قراءة 817 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 11 تشرين2/نوفمبر 2020 09:22

أضف تعليق


كود امني
تحديث