قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 01 أيار 2021 15:47

أزمة المفكر في التاريخ الإسلامي : محاولة للتفسير

كتبه  الأستاذة فاطمة حافظ
قيم الموضوع
(0 أصوات)

طرحت قضية حرية التفكير و الإبداع أول ما طرحت خلال العقد الثاني من القرن الماضي حين أصدر علي عبد الرازق كتابه (الإسلام وأصول الحكم) و تبعه طه حسين بكتاب (في الشعر الجاهلي)، و على إثر الملاحقة القضائية للرجلين و مصادرة كتابيهما وضع سلامة موسى كتابه (حرية الفكر و أبطالها في التاريخ) و لم تكد تمر أشهر على أزمة كتاب الشعر الجاهلي، و ساق خلاله نماذج لمفكرين اضطهدوا في ظل الحضارة الإسلامية، الأمر الذي يوحي أن سيرورة الاضطهاد لم تنقطع من الماضي إلى الحاضر و أنها سمة مميزة للحضارة الإسلامية، فلماذا تمت ملاحقة أهل الفكر و الإبداع في الحضارة الإسلامية، و ما الأسباب الداعية لذلك، و أي دور للدين و رجاله في ذلك؟.

تبع سلامة موسى في دعواه كثيرون من الشرق و الغرب كرروا ما ذهب إليه من اضطهاد المفكرين و الفلاسفة، و بالإمكان النظر إلى هذا الادعاء من ثلاث مستويات مختلفة؛ المستوى التاريخي و أناقش خلاله بعض العوامل التاريخية التي أفضت إلى التنكيل بالمفكرين و على الأخص ظاهرة الزندقة و ما أفضت إليه من تداعيات على مستوى حرية التفكير و التعبير، و المستوى التمثيلي المتعلق بمعاناة بعض المفكرين و أسوق مثالا لذلك بالفيلسوف ابن رشد، و أخيرا مستوى علاقة رجال الشريعة بالتنكيل الذي طال بعض المفكرين.

ظاهرة الزندقة و تداعياتها

بلغت الحضارة الإسلامية أوج عظمتها المادية و الروحية في القرنين الثالث و الرابع الهجريين إذ اتسع العمران و تأسست معاهد العلم و نشطت حركة التأليف و الترجمة و النشر، و حين تبلغ أي حضارة هذا المبلغ تكون قد قاربت على استنفاذ قواها و تأخذ عوامل التحلل و الاضمحلال في التسرب إليها شيئا فشيئا، و عادة ما تتخذ مظهرا دينيا فتأخذ الزندقة -أو روح الإلحاد- طريقها إليها عبر أقوال الشعراء و الأدباء و المتعبدين الزاهدين أو في كتابات الفلاسفة أو علماء الطبيعة و الطب و الفلك و ما إلى ذلك.

و تأسيسا على هذا بدأت ظاهرة الزندقة في الظهور منذ القرن الثالث، و انجذب إليها نفر من الشعراء و المبدعين لأسباب متفاوتة، فريق تزندق بداعي العصبية القومية التي حملته على أن يتعصب لدين آبائه من المجوس و الثنوية و المانوية كما فعل ابن المقفع و بشار بن برد و ابن الراوندي، و فريق تزندق فرارا من تكاليف الدين و طلبا لسلوك مسلك الحياة الماجنة و هذا بالنسبة لكثير من الشعراء ممن انتسبوا إلى “عصبة المجان” الذين تزعمهم أبو نواس، و فريق تزندق و خرج عن الملة بداعي الثقة بالعقل و قدرة العلم أن يحل بديلا للإيمان و هو مسلك جابر ابن حيان و الكندي و الفارابي.

أفضى انتشار الزندقة و تلبسها برداء الشعوبية إلى عواقب وخيمة حيث أخذت السلطات الإسلامية المتعاقبة في السيطرة على الآراء و الضمائر، و أُخذ الناس حتى بالشبهة زودا عن العقيدة و لاسيما بعد أن ظهر من الخوارج و أهل المذاهب الباطنية ما أرهق الإسلام و أهله زمنا طويلا، و انزعج العامة من أي ملمح من ملامح التعبير الحر عن الأفكار و المعتقدات الذاتية و رموا قائله بالزندقة.

مأساة ابن رشد

تلقي معاناة فيلسوف قرطبة ابن رشد جانبا آخر من الضوء على العوامل التي تقف وراء معاناة الفيلسوف و المبدع في التاريخ الإسلامي، فقد عاش ابن رشد في الأندلس خلال القرن السادس الهجري، و شهد في الشطر الثاني من حياته تأسيس دولة الموحدين التي شاع عنها إيثار العلماء الخلفاء، و تشجيع العلم و العلماء و إباحة كتب الفلسفة و علم الكلام حتى صارت قرطبة في عهدهم ” قرارة أهل الفضل و التقى، و وطن أهل العلم و النهى، و قلب الإقليم، و ينبوع متفجر العلوم”.

اتصل ابن رشد بالخليفة يوسف أبو يعقوب، و كان محبًا للعلم مطلعا على علوم اليونان الفلسفية، واسع الأفق و النظر، و هو الذي شجعه على الانكباب على الفلسفة و تلخيص كتب أرسطو طاليس، و في هذا يذكر ابن رشد أن صديقه ابن طفيل- صاحب كتاب حي بن يقظان- استدعاه و أخبره أن الخليفة يتشكي من عبارة أرسطوطاليس أو عبارة المترجمين عنه، و يذكر غموض أفكاره، و اعتقاده أنه لو تمكن أحدهم من تلخيص عبارته و وضعها في عبارات يسيرة لأمكن للجمهور استيعابها، و لما كان ابن طفيل كان قد طعن في السن و لم يعد بمقدوره إنجازه فقد اقترح أن ينهض  ابن رشد لهذا الغرض، فأقدم على تلخيص كتب أرسطو و شرحها.

لم تكن رغبة الخليفة وحدها الدافع وراء تلخيص كتب أرسطو، كما يرجح محمد يوسف موسى، بل إيمان ابن رشد العميق بضرورة اتصال الشريعة بالفلسفة و التأليف بينهما، و يبدو أن الفكرة ملكته حتى لقد خصص لها ثلاثة من أنفس تآليفه، و هي: فصل المقال فيما بين الحكمة و الشريعة من الاتصال، و الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة، و تهافت التهافت- و الأخير نقض لكتاب تهافت الفلاسفة للإمام الغزالي-، و بهذا المعنى يكون ابن رشد هو أكثر الفلاسفة المسلمين دأبا و إصرارا على درء الهوة بين الفلسفة و الدين، إذ أن محاولات سابقيه لم تزد عن رسالة قصيرة كتبها الكندي.

و أيا ما كانت الدوافع فإن ابن رشد نهض بمهمته في شرح و تلخيص الفلسفة اليونانية و تقريبها من الفكر الإسلامي وسط أجواء عدائية إذ لم يكن أهل قرطبة و الأندلس عامة من محبي الفلسفة و يدلنا على هذا قول المقري إن ” كل العلوم لها حظ و اعتناء إلا الفلسفة و التنجيم، فإن لهما حظ عند خواصهم، و لا يُتظاهر بهما خوف العامة، فإنه كلما قيل: فلان يقرأ الفلسفة أو يشتغل بالتنجيم، أطلقت عليه العامة اسم زنديق، و قيدت عليه أنفاسه فإن زل في شبهة رجموه أو حرقوه قبل أن يُرفع أمره للسلطان، أو يقتله السلطان تقربًا لقلوب العامة، و كثيرًا ما كان يأمر ملوكهم بإحراق كتب هذا الشأن إذا وجدت”.

 و هذا الوصف ينطبق أكثر ما ينطبق على الخليفة المنصور الذي حل بعد وفاة أبيه يعقوب، و قد أوغر بعضهم صدره ضد ابن رشد، و زعموا أنه يكتب في ملخصاته الفلسفية ما يناقض الشريعة فاستدعاه الخليفة إلى الجامع الأعظم بقرطبة، و جمع له رجال الشريعة و الأعيان، و أجريت له محاكمة لا ظل للعدالة فيها انتهت بلعنه و طرده من موطنه و طرد من يؤمن بقوله، و إحراق كتب الفلسفة كلها، و تجريم دراستها.

علماء الشريعة و الفلسفة

إذا كانت السلطة المسئول الأول عن أزمة ابن رشد إلا أن رجال الشريعة متهمون أنهم شركاء في الجرم؛ ليس لأنهم أدانوا ابن رشد في محاكمته الجائرة بل لأنهم كانوا سببا رئيسا وراء معاناة الفلاسفة بكتاباتهم التي تزدري الفلسفة و تكفر المشتغلين بها، و استحلوا بذلك دماء الفلاسفة، فما هي علاقة علماء الدين بأزمة الفلاسفة في التاريخ الإسلامي، و هل كانوا سببا في التحريض على سفك دمائهم.

يسوق القائلون بهذا الرأي طائفة من أقوال العلماء في تكفير و إدانة بعض الفلاسفة؛ و من ذلك قول ابن القيم في (إغاثة اللهفان) عن الفارابي: ” و كان على طريقة سلفه – يعني أرسطو- في الكفر بالله تعالى و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر”، و قوله في الكندي: ” و كان ابن سينا كما أخبر عن نفسه، قال: أنا و أبي من أهل دعوة الحاكم، فكان من القرامطة الباطنية الذين لا يؤمنون بمبدأ و لا معاد، و لا رب ولا خالق، و لا رسول مبعوث جاء من عند الله تعالى.”، على حين يذكر ابن تيمية في (درء التعارض) أن كلام ابن رشد في الإلهيات “فيه من الخطأ الكثير و التقصير العظيم مما هو ظاهر لعقلاء بني آدم”.

و هذا التشدد يمكن تفسيره تاريخيا و رده إلى لحظة الصدام الأولى بين أعلام الفقه الإسلامي و المعتزلة، حين اتجه الشافعي إلى تدوين أصول الفقه في (الرسالة) ردا على واصل بن عطاء المعتزلي، و ما ذهب إليه ابن تيمية و ابن القيم و من قبلهما الغزالي هو حلقة أخرى من حلقات الصدام بين الفلاسفة الذين أرادوا توسعة دور العقل حتى يكون موازيا للنص، و بين الفقهاء الذين ارتأوا أولوية النص و حاكميته على ما عداه. و مع هذا فإنه ينبغي الالتفات أن العلماء لم يلقوا بتهم الكفر و التجديف جزافا، فإن أحدا لم يكفر ابن رشد بل و ظلت كتبه الفقهية عمادا للفقه المالكي و لم يحظر تداولها قط، و من جانب آخر فإن تكفير الفقهاء للفلاسفة لم يكن هو الباعث على اضطهادهم لأنه صدر بعد وفاتهم بفترات طويلة، و إنما هو بيان للرأي الشرعي فيهم و تنبيه لمن ظن أن أمرهم خيرا، كما يقول الغزالي.

خلاصة القول، أن معاناة بعض الفلاسفة و المفكرين في السياق الإسلامي كانت وراءها عوامل متشعبة تاريخية و فكرية و مجتمعية و لا يمكن اختزالها في عامل وحيد هو العامل الديني.  

الرابط : https://islamonline.net/42737

قراءة 657 مرات آخر تعديل على السبت, 01 أيار 2021 20:41

أضف تعليق


كود امني
تحديث