قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 04 كانون1/ديسمبر 2021 10:00

معادلات في حاجة إلى تجديد

كتبه  الأستاذ عبد العزيز كحيل
قيم الموضوع
(0 أصوات)

واجه دعاة النهضة الإسلامية المنخرطون في العمل الإصلاحي التغييري تحدّيات علمية جمّة استوت منذ قرون على عقول المسلمين، اختلطت فيها الرؤى الإسلامية بمفاهيم اجتهادية أو وافدة سبّبت تشويشا كبيرا على المستوى النظري و امتدّت تبعا لذلك إلى ميدان الممارسة و السلوك، و يمكن تلخيص المشكلة في اختلاط الأدوار بين :
- عالم الغيب وعالم الشهادة.
- تخيير الإنسان و تسييره.
- الشكل و المضمون.
- الوحي و العقل.
- الدنيا و الآخرة.
بالإضافة إلى محاور أخرى على نفس الدرجة من الحدّة و الخطورة كحقيقة الإنسان و دوره في الحياة، و كيفية التعامل مع السّنة النبوية.
و رغم مرور زمن طويل على بداية الحركة النهضوية التي أكبّت – منذ عهد الشيخ محمد عبده رحمه الله – على هذه المواضيع تؤصّل و توضّح و تجدّد للحسم في عدد من المعادلات و الثنائيات الأساسية من أجل ضبط الفكر و الحركة إلاّ أنّ دوائر علمية و دعوية مازالت إلى اليوم تستصحب المعارك القديمة و تحيي ما اندرس منها و تنفق كثيرا من الوقت و الجهد و الموارد البشرية و المادية لإطالة عمر أزماتنا و هي تظنّ أنّها تعالجها ببلسم شاف !!! و ما زالت مثل هذه الدوائر يتقاذفها الانتماء لهذا الاتّجاه العلمي و التبرؤ من الثاني و العكس بسبب تمسّكها المبدئي بالمعارك التاريخية و عجزها عن تجاوز العداء المفتعل و إحداث التوازن المطلوب و المتماشي مع سنن الله في النفس و المجتمع و الكون.
و من أكثر الثنائيات شغلا لبال الساحة الإسلامية إلى اليوم " معادلة الوحي و العقل "التي ما زالت تلقي بظلال كثيفة على حركة الإسلاميين العلمية و العملية، و تثير كثيرا من التشنّج و الخصومات، و من فضل الله على هذه الأمة أن تمحّض الراسخون من علمائها و دعاتها في العقود الأخيرة لتجلية المعادلة و كشف مساحة الزيف و بيان المنهج الأصيل المستلهم من الكتاب و السنّة و ما كان عليه السلف الصالح و تؤيّده مسيرة القرون، و المسألة في حاجة إلى مزيد من الاستجلاء و تعميم المعرفة الهادفة البصيرة لرأب الصدع بين مدرستين متدابرتين فسح نزاعهما المجال لفتنة فكرية كرّست الاغتراب الزماني و التبعية الفكرية في آن واحد.
خصام فكري قديم :
يرى الاتّجاه النصوصي الحرفي أنّ نصوص الوحي تستوعب كل الأحداث و الوقائع و الأحوال عبر الزمان و المكان، و يجب أن تقتصر مهمّة المسلم على الفهم الظاهري و التطبيق الفوري، فهو لا يبالي كثيرا بالعقل بل يرى فيه خصما للوحي، و إذا كان التيار امتدادا لمدرسة الحديث أو الأثر فقد التحق به في بواكير الصحوة المباركة جمع من كبار المفكّرين أمثال سيد و محمد قطب كردّ فعل على الهجمة العقلانية الطاغية التي كانت _ و ما زالت _ تتبجّح بالعقل لتزاحم الوحي و تحلّ محلّه النزعة الوضعية الوافدة من الغرب، و لا شكّ أن لمدرسة النقل مزايا و إيجابيات أوّلها المحافظة على قداسة نصوص الشريعة من التمييع و الإقصاء، غير أنّ غلوّها كاد يذهب بجمال الأصالة، فاتّهامها للعقل مبالغ فيه حتّى لكأنّها لا تقيم له وزنا رغم أنّه مناط التكليف و وسيلة التقدّم المعرفي و الحضاري، و زاد الطين بلّة أنّ أنصار التمذهب الفقهي _ و هم أتباع هذه المدرسة بالضرورة _ يظنّون من فرط احتفائهم بالنقل أنّ عقول القرن الهجري الأول و ما يليه قد حلّت مشاكل جميع الأزمان و كفتنا مؤنة النظر في القرآن و السنة ! و هذا جمود قاتل امتدّ شرره إلى المجالات الحياتية البحتة، إذ لا يتورّع البعض عن تبديع المخترعات التكنولوجية و أساليب العيش الحديثة لأنها نتاج البحث العقلي.
في الجهة المقابلة يبالغ "العقلانيون" في توسيع مجالات عمل العقل و كأنّه هو الأصل حتّى في الأمور الدينية و التصوّرية و الغيبية، و ما الوحي إلاّ ملحق أو مساند ثانوي، و هذه نزعة اعتزالية واضحة غذّتها في زماننا العلمانية العربية المتأثّرة مباشرة بالهجمة اللادينية المتستّرة بالدراسات الاستشراقية، و يتولىّ كبرها جمع من الكتّاب الذين يتحدّثون باسم الإسلام أمثال محمد أحمد خلف الله و محمد سعيد العشماوي و محمد أركون و حسين أحمد أمين، و هم يتذرّعون بالحداثة و يدعون إلى "عصرنة" الإسلام بإعطاء العقل السيادة المطلقة في شؤون الإنسان و المجتمع، فيؤخّرون و لو ضمنيا مرتبة الوحي أو يقفزون عليه بغير حرج و ينتهون حتما إلى "علمنة" الإسلام أي إلى تهميشه و تحييده بدعاوى شتّى كالتجديد و مواكبة العصر و تحرير الدين من " الأصوليين ".
و بين تصلّب المدرستين كاد المسلمون يتيهون، و أحجم أكثرهم عن إبصار الايجابيات التي تتميّز بها الآراء و التوجّهات المطروحة في هذه المدرسة و تلك، فالأولى حافظت على قدسية النصوص، و الثانية بعثت الحياة في العقل المسلم بعد تحجّر طويل، و هل يضمن بقاء الشريعة و صلاحيّتها لكل زمان و مكان سوى خلود نصوصها من جهة و حركة العقول من جهة أخرى ؟ لكنّ الغلوّ فعل فعله بالنسبة لهما معاً، فالنصوصيون أقرب إلى معاداة العقل جملة و تفصلاً، و العقلانيون أقرب إلى تأليه العقل و اتّخاذ النصوص عجينة طيّعة يسوّغون بها مذاهبهم الوضعية، في هذا الجوّ دخلت الحركة الإسلامية الحديثة المعترك العلمي التجديدي و بدأت السعي إلى حلّ المعادلة لأنّ المشكلة تجاوزت ما كان يعرف بمدرستي الرأي و الأثر إلى بُعد آخر هو الإسلام و العلمانية.
للعقل مجالاته:
كيف يجوز الحطّ من شأن العقل أو التغافل عن أهمّيته و هو الدليل على صدق الرسول صلى الله عليه و سلم و صحّة الرسالة كما أنّه مناط التكليف بالنسبة للإنسان ؟ و لكن كيف يجوز إحلاله محلّ الوحي و هو محدود بطبعه و يحتاج إلى هداية السماء و ضوابط الشريعة كي لا يصبح وبالاً على الإنسان ؟ الحقيقة أنّ للعقل مجالات يعمل فيها ليس كندّ للوحي أو خصم له و إنّما كعنصر ملازم ضروري، يمكن إجمالها في خمسة مجالات :
1. فهم الوحي:
نصوص الشريعة من قرآن و سنّة فيها المحكم و المتشابه و الواضح و المعضل و العامّ و الخاصّ و المنطوق و المفهوم و المدلول و العبارة و الإشارة...و كلّ هذا يحتاج إلى إعمال العقل باستمرار و بتعمّق لتفادي الظاهرية و الحرفية التيّ إن أحسنت في جانب فإنهّا تقع في طامّات مريعة مثل القول بعدم زكاة عروض التجارة بل حتّى في الأوراق النقدية، و المسارعة إلى التكفير بمجّرد الشبهة في قول أو فعل.
2. فهم الواقع:
وجود نصوص القرآن و السنّة وحده لا يغنينا كثيرا إذا لم نحسن فهم الواقع لإتقان التنزيل و الإسقاط، فالمدارس النصّية تحسن العيش في الماضي أو مع النصوص مجرّدةً، و تفهم الحاضر بمقياس الزمن الماضي وحده لأنهّا لا تحسن فهم الواقع بسبب اتّهامها للعقل الّذي هو الأداة الفعّالة المناسبة لهذه المهمّة، و قد انجرّ عن تهميشه غبش كبير في تناول واقع متداخل القضايا متسارع الأحداث ممّا جعلنا متخلّفين عن القيم و عن العصر معاً.
3. تنزيل النصوص على الواقع:
لا يمكن ممارسة الاجتهاد بشقّيه الانتقائي و التطبيقي إلاّ بالاعتماد على فهم صحيح للواقع و للوحي لإحداث التناغم المطلوب بينهما و لإثبات أنّ الشريعة صالحة لكل زمان و مكان، و هنا يكون للعقل حضوره الضروري و سيادته، فإذا أقصي جاء الاجتهاد _ من علماء لم يعودوا في هذه الحالة من أهله حقّا _ مشوّها وجرّ على الأمة من الويلات ما نعيش بعضها الآن، كما أنّ إصلاح الواقع من منظور إسلامي مرهون بالإسقاط السليم لقيم الدين و أحكامه على الحياة بكلّ جوانبها و إشكالاتها و حيثيّاتها، و هذا يحتاج إلى بصيرة و ذكاء أي إلى النظر الثاقب و العقل الحصيف، و واضح أنّ الإلمام بنصوص الوحي لا يجدي في التغيير ما لم يصحبه تحكّم في معطيات الواقع، كما أنّ محاولة إصلاح الأوضاع بالاعتماد على العقل وحده تؤدّي إلى حلول مشوّهة كالتي تعانيها الحضارة الغربية و التجارب المستنسخة منها.
4. الاجتهاد الاستنباطي:
بالعقل يستنبط الإنسان الأحكام و السنن و أصول العلوم من القرآن و السنّة و هذه وظيفة تبقى قائمة مادام في الكون إنسان و إسلام، و ليس صحيحاً ما يقال بأنّ الأوائل قد حسموا الأمر و لم يتركوا لغيرهم مجالاً للاستنباط، و من الغفلة إسناد حلّ محدثات الأمور إلى من ماتوا قروناً قبل حدوثها، كما أنّ الاستنباط لا يقتصر على الأحكام و إنّما يجب أن يمتدّ إلى كثير من العلوم التي نحن عالة فيها على الغرب و في مقدّمتها العلوم الإنسانية كالتربية و النفس و الاجتماع و التاريخ و السياسة... و ذلك يقتضي توافر الملكات العقلية الجبّارة للإنجاز هذه المهّمة الجليلة غير المنقطعة.
5. شؤون الحياة الدنيا:
بعث الله الرسل هداة مبشّرين و منذرين و لم يُبعثوا مهندسين أو أطبّاء أو صناعيين، لذلك تركت للإنسان حريّة البحث و الإبداع في المجالات الحياتية في إطار أصول الهداية اعتمادا على الحديث النبوي " أنتم أعلم بأمور دنياكم " – رواه مسلم - أي بما هو أدنى للفنيّات أو التقنيّات في الإدارة و الاقتصاد و التجارة ونحوها، فإذا غاب العقل هنا _ و هذا ميدانه الأوّل _ كان التخلّف و الاستقالة من منصب الخلافة و العمارة و التبعية الحتميّة و الذليلة للأمم النشطة المبدعة.
طيّ صفحة الأزمة :
يتبيّن ممّا سبق أنّه لا يمكن تجسيد قيم الوحي في غياب العقل، و تتحمّل المرجعية العلمية الإسلامية عبء تجديد المنظومة الفكرية و الفقهية الجامعة بين الأصالة المعاصرة انطلاقا من العقيدة البنّاءة من أجل تحقيق التفوّق الفكري الفعّال بحسن التعامل مع الوحي و العقل معاً، و هذا يقتضي السعي الحثيث لإعادة تشكيل العقل المسلم من خلال بناء رؤية ذهنية إسلامية بديلة توفّر العقل القادر على استلهام الأصالة و هضم الحداثة، و هذه مهمّة عظيمة ينوء بحملها علماء راسخون مستنيرون و مؤسّسات جدّية تسعى إلى معالجة أزمتنا الأولى _ الأزمة الفكرية _ بدءًا بالحسم في ثنائية الوحي و العقل حسما شرعيا علميا نهائيا أساسه أنّ الوحي مصدر الهداية و التوجيه للإنسان و المجتمع و الحياة، و العقل أداة الفهم و حسن التلقّي و دراسة الطبائع و الوقائع لتوليد الحلول و الأحكام و السياسات و حسن تنزيلها، فالرسالة هي الغاية و العقل هو الوسيلة، و إذا ضاعت الوسيلة أو فسدت ضاعت الغاية و غاب المقصد...و ما أغرب تصوير العقل نقيضا للوحي !!!ذلك أن نقيضه هو الجنون !
إنّ حلّ المعادلة بين الوحي و العقل مقدّمة _ مع مسائل جوهرية و ثنائيات أخرى _ على أيّ إنجازات يراد منها البعث الحضاري لأنّ تعامل العقل المسلم مع الكتاب و السنّة من خلال أزمته لا يؤدي حتما إلاّ إلى تكريس الأزمة.
عبد العزيز كحيل
المصدر : المركز العربي للدراسات والأبحاث

الرابط : https://www.alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=22353

قراءة 654 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 08 كانون1/ديسمبر 2021 09:35

أضف تعليق


كود امني
تحديث