قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 15 آذار/مارس 2014 08:29

قضايا المرأة بين القيم المادية والقيم الإنسانية

كتبه  الأستاذة فاطمة الزهراء سعيداني
قيم الموضوع
(0 أصوات)

سئلْتُ قبل يومين أو ثلاثة عن قناعتي باليوم العالمي للمرأة: هل أنا مع الاحتفال به أم لا؟ و جوابي للسائلة كان أنّ مقدار تفاعلي مع الموضوع ليس من قبيل الاحتفال به من عدمه، بقدر ما هو من قبيل التوعية بعمق مناقشة الموضوع، و زاوية النظر إليه: هل سيتمحور الحديث حول مناقشة ميلودرامية تعزف على وتر الحقوق و الحريات؟ أم سيكون طرحا مبنيا على مرجعية حضارية معينة، و أساس فكري واضح المعالم؟

و في اعتقادي أنّ المرأة ليست بحاجة إلى مزيد من المنابر الحقوقية، بقدر ما هي بحاجة إلى تصفية ذهنها و تنقيته من بعض الشوائب، التي يمكن أن تحول بينها و بين التفكير المتبصر بقضيتها. 

إنّ الرسائل التي أحملها اليوم ليست لنيل الحقّ أو للدّفاع عن المرأة، و لكنّها خطوة لفهم هذا الحقّ، لأنّ المرأة عندما تفهم طبيعة قضاياها سيتيسّر لها حينئذ الحديث عن عالم الحقّ و الواجب بكلّ موضوعيّة، و دون شعور بالدّونيّة أو الانتقاص، و حينها لن تكون بحاجة إلى منبر حقوقيّ ول ا إلى مدافعين، لأنها تعي مرجعيّتها و منطلقاتها، و ستستشعر حقوقها و واجباتها كامرأة. و بالتّأكيد ستسعى على بصيرة للبحث عن حلول لمشكلاتها بعيدا عن "الدّراما" التي نشهدها عند طرح موضوع "المرأة" في النّدوات و الملتقيات، و بالضّرورة ستتاح لها فرصة التواصل مع المجتمع بكل إيجابية.

الرّسالة الأولى: "إنّ استعادة إنسانيّة المرأة يسبق الحديث عن حقوقها، لأن إنسانيّتها شرخت بسبب المناضلين عن حقوق أنـوثتها":
بعد أن دخلت على الحضارة الغربيّة تطوّرات عديدة، تغيّرت توجّهاتها و بنيتها؛ إذ تصاعدت معدّلات الترشيد المادّي للمجتمع، فأعيدت صياغة الإنسان في ضوء معايير المنفعة المادّيّة و الجدوى الاقتصادية، الأمر الذي أدّى إلى تزايد هيمنة القيم المادّية مثل الكفاءة في العمل و في الحياة العامّة، مع إهمال الحياة الخاصّة.

و كنتيجة لذلك تم وضع الإنسان خارج أي سياق اجتماعي إنساني، بحيث صار كائنًا طبيعيًّا ماديًّا كميًّا لا يشغل أية مركزية في الكون، و ليس له مكانة خاصة فيه، يسري عليه ما يسري على الأشياء الطبيعية المادية الأخرى، بعبارة أخرى -يستعملها المفكر عبد الوهاب المسيري-: تمّ تفكيك الإنسان تمامًا و تحويله من الإنسان المنفصل عن الطبيعة إلى الإنسان الطبيعي المادي، الذي يتّحد بها و يذوب فيها و يستمد معياريته منها، فيفقد الدّال "إنسان" مدلوله الحقيقي، و يحل الكمّ محلّ الكيف، و الثمن محلّ القيمة.

و تحصيل ذلك أنّ الحديث عن حقوق الإنسان في المنظومة الفكرية الغربية هو من قبيل اعتباره وحدة مستقلة بسيطة كمية، أحادية البُعد، غير اجتماعية و غير حضارية، لا علاقة لها بأسرة أو مجتمع أو دولة أو مرجعية تاريخية أو أخلاقية. هو مجموعة من الحاجات (المادية) البسيطة المجردة. فالفرد هو إنسان طبيعي مادي بين الأشياء الطبيعية/ المادية. 

و مقاربة المطالبة بحقوق المرأة تنطلق من هذا الوعاء الفكري المادي اللاإنساني، من مفهوم صراعيّ للعالم؛ حيث تتمركز الأنثى على ذاتها، و يتمركز الذكر هو الآخر على ذاته، و يصبح تاريخ الحضارة البشرية هو تاريخ الصراع بين الرجل و المرأة، أو بالأحرى صراع الذكر و الأنثى، هذه الأخيرة التي تحاول جاهدة التّحرّر من الهيمنة الذكورية. و نتيجة لهذا الصراع تتعالى الأصوات الداعية إلى عودة الأنثى و اعتبارها الأصل، بدل الحديث عن المرأة الإنسانة، التي اختفت تحت وطأة الضربات المتتالية لعالم المادة...

و عليه فإن أول خطوة لفهم حقوق المرأة هي ضبط البوصلة باتجاه إنسانيتها، و ليس أنوثتها، هذه الإنسانية التي تتحقق في إطار رؤية كونية مركزها الإنسان الاجتماعي فقط.

الرسالة الثانية: "بعض الداعين إلى تحرر المرأة لا يناضلون من أجل حريتها و إنما يناضلون من أجل حرية الوصول إليها".
هنا لابد لي من طرح سؤال هام في سياق هذه الرسالة: هل المرأة اليوم بحاجة إلى من يدافع عن حقوقها؟ أم هي بحاجة إلى من يوقظ فيها الشعور بضرورة فهم منطلقاتها لممارسة حقوقها؟
و جوابي على هذا السؤال أنه و بعد التحليل الذي سقته قبلا، سيكون الشطر الثاني من السؤال أكثر إقناعا و أكثر جدوى؛ فالمرأة اليوم ليست بحاجة إلى مدافعين عن حقوقها، بقدر ما هي بحاجة إلى فهم منطلقات تلك الحقوق و تبعاتها، و أوجه ممارستها، في إطار إنساني اجتماعي، تشعر فيه بإيجابية دورها، في ظلّ مركزية أسرتها.

إننا نطالع باستمرار دعاوى للمدافعين عن حقوق الأنوثة، يدعون فيها إلى تحرير المرأة من الموروث الديني، باعتباره قيدا لها و لفاعليتها، و معرقلا لحركيتها في المجتمع، و يضربون المثال غالبا بالحجاب، بدعوى أنه مانع من ممارسة الأنثى لنشاطاتها الخارجية بحرية، و أن التبرّج هو الخيار الأنسب لها، لأنه يمنحها روح الفعالية... و لهؤلاء أسوق كلاما الشيخ محمد الغزالي: "إن تعرية المرأة حيناً، و حشرها فى ملابس ضيّقة حينا آخر، عمل لم يشرف عليه علماء الأخلاق و إنما قام به تجار الرقيق"...

الرسالة الثالثة: "إن الإسلام لا يقيم- فى سباق الفضائل  وزنا لصفات الذكورة و الأنوثة، فالكل سواء فى العقائد و العبادات و الأخلاق، الكل سواء فى مجال العلم و العمل و الجد و الاجتهاد"
لا بد لي هنا من وقفة في إطار الوعاء الحضاري الإسلامي، هذه الوقفة ضرورية من أجل وضع مسار سليم و صحي لقضية المرأة في مجتمعاتنا العربية و الإسلامية.
حقيقة لا أحد ينكر وجود درجات متفاوتة من التعسف ضد المرأة في مجتمعاتنا العربية و الإسلامية، و الأدهى من ذلك و الأكثر خطورة أن يتم إقحام الدين بشكل تعسفيّ من خلال ليّ أعناق النصوص الشرعية للانتقاص من المرأة، يظهر ذلك جليّا في الاحتجاج بقوامة الرجل على المرأة و أنّ له درجة عليها، و بالحديث الذي يعتبر في النبيّ صلى الله عليه و سلّم النساء ناقصات عقل و دين. و في كلتا الحجّتين يتمّ بتر سياق النّصّين عن سابقهما و لاحقهما، من دون وعي لخطورة الأمر في زيادة التوتر و الصراع بين طرفين، هما في الأصل وحدة إنسانية مشتركة. يقول سيد قطب: "إن الدرجة [في آية سورة البقرة 228] مقيدة في هذا الموضع و ليست مطلقة الدلالة كما يفهمها الكثيرون، و يستشهدون بها في غير موضعها"...هذا الاستشهاد الذي يأخذ أحيانا منحى التنقيص من شخص الطرف الآخر و التندّر به.

و في ظل هذه الرسالة، نحن بحاجة إلى مراجعة ممارساتنا تجاه تراثنا الإسلامي، و ليس إلى مراجعة التراث نفسه، لأن مشاكلنا مع الدين كامنة في تبني سلوكيات نلبسها ثياب الدين و الدين منها براء.

الرّسالة الرابعة: "مشكلة المدافعين عن حقوق المرأة أنهم يرونها أضعف بدون تلك الحقوق، بينما حقيقة الأمر أن الله أعطاها حقوقا ليحميها من ضعف الآخرين تجاهها"
و لا أدل على ذلك من قوله تعالى: " فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَ قُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً" -الأحزاب 32-.

الرسالة الخامسة: "ابحثي عن ذاتك من خلال مرجعيتك الحضارية الإسلامية، ول ا تكوني شخصا آخر، فكلما اقتربت من ذاتك كنت أقوى و على بيّنة"
أيتها المرأة، كوني "أنتِ" من خلال مرجعيتك الحضاريّة، لأنّك إن قلّدت غيرك إعجابا منك بمرجعيته فأنت تلغين ذاتك و تحتقرينها، و شيئا فشيئا لن تتعرفي إلى نفسك، لأنك حينها تكونين قد فقدت معالمك.

إن التزامك بالمرجعية الحضارية الإسلامية ليس تقييدا لك، و لكنّه وسيلة لإكسابك معالم واضحة في إنسانيتك و شخصيتك و تفرّدك. و في هذه الحالة إنّ أفضل تعريف لذاتك هو أنك لست أي أحد (بفضل مرجعيتك)، و لست أقل من أحد (بفضل تميّز معالم شخصيتك).

و أخيرا أقول: إن قضية المرأة قضية إنسانية، لها سماتها الخاصة، و لمناقشتها لابدّ لنا أن ننفض عن أنفسنا غبار التّبعية الإدراكية، و نبحث عن حلول نابعة من نماذجنا المعرفية و منظومتنا القيمية و الأخلاقية، و من إيماننا بإنسانيتنا المشتركة، أين تتجلى معاني كرامة الإنسان، و التي مردّها إلى حرّيته، و تتجلّى عقلانيتُهُ التي هي جوهر الرؤية الإنسانية، و الإنسانيّ هو مَن يسعى لتحقيق ذاته السّعيدة الواعية لدورها في التاريخ.
ثم إنّ الركيزة الأساسية للرّؤية الإسلاميّة في قضية الحقّ، تقوم على اعتباره ذا دلالة اجتماعية تعطي القيمة و المعنى للحياة، بعيدا عن الأنانية الفرديّة و التسلط القاهر، لتشكّل الإنسان الواعي لحقيقة وجوده في الحال و المآل، و المثابر لخير البشريّة و تقدّمها. و وفق هذا التوجّه، ينبغي أن تطرح قضايا المرأة بعيدا عن التّعقيد و التّأزيم و الدّراما.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ورد هذا المقال كملخص للمحاضرة التي ألقتها الأستاذة فاطمة الزهراء سعيداني بالمركز الثقافي الإسلامي بالجزائر العاصمة، وذلك بتاريخ: 06 مارس 2014، و كانت المحاضرة تحت عنوان: "رسائل إيجابية للمرأة في يومها العالمي". 


www.veecos.net/portal/index.php?option=com_content&view=article&id=10530:2014-03-09-09-10-28&catid=20:intellect-articles&Itemid=18

قراءة 1871 مرات آخر تعديل على الإثنين, 06 تموز/يوليو 2015 18:58

أضف تعليق


كود امني
تحديث