قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 15 تشرين1/أكتوير 2014 22:50

صناعة العدو

كتبه  الأستاذة رغداء زيدان
قيم الموضوع
(0 أصوات)

في قصة (المزرعة)[1] يعرض الأديب الشاب محمد ذهني لفكرة صناعة العدو و الحاجة إليه بطريقة فنية مميزة. فصاحب المزرعة الذي انتقل من موقع المدافع عن دجاجاته إلى موقع المستمتع بتحويل كلابه إلى قتلة، حوّل مزرعته إلى عالم قاس، ليس للأمن و الرحمة مكان فيه، بغية الحصول على متعة شخصية نفعية، مستخدمًا أساليب قذرة بعيدة عن الإنسانية و العقلانية، غير عابئ بالنتائج الخطيرة التي يمكن أن تنتج عنها، حتى وصل إلى وقت شعر فيه بالعجز عن التراجع رغم معرفته بما سيلحق به هو نفسه من أذى بسببها مستقبلاً.

هذه القصة كما أراها، هي صورة لما يجري في عالمنا اليوم. هذا العالم الذي نراه يسير إلى الهاوية بخطى متسارعة، برعاية غربيّة لا ترى إلا مصلحتها، مستخدمة وسائل دنيئة، منها نشر مصطلحات مختلفة تعبّر عن فكر تابع مُسَيطَر عليه، يخدم غايات و أهدافًا مرسومة.

و من بين المصطلحات التي صرنا نسمعها كثيرًا في عصرنا الحديث مصطلح (إسلاموفوبيا)، و الذي يعني الخوف من الإسلام، على اعتباره دين الجهاد و التعصب و الإرهاب و القتل.
هذا المصطلح انتشر بصورة سريعة، و صرنا نسمع تحليلات و نقرأ مقالات تشرحه، و تشرح أبعاده و أسبابه و نتائجه و طرق علاج الظاهرة التي يعبّر عنها.

و ظهرت مجموعة من الاستبيانات تؤكد انتشار هذا الخوف في البلاد الغربيّة عمومًا، و تزايد هذا الانتشار بصورة جعلت مسئولين غربيين يبدون قلقهم من انتشار هذه الظاهرة في بلادهم، منهم رئيس الوزراء الفرنسي جان بيير رافاران الذي قال: "أشعر بالقلق من تنامي (إسلاموفوبيا) في بلادي"، كما نقلت عنه وكالة الأسوشيتد برس خلال عرضها لتصريحات أدلى بها بعد زيارة قام بها لمسجد باريس الكبير في وقت سابق من هذا العام.

بالطبع فإنني لا أستغرب تنامي هذا الشعور في البلاد الغربيّة، لا لشيء، إلا لقناعتي بأن زرع هذا الخوف في نفوس الغربيين هو هدف بحد ذاته، استُخدمت لتحقيقه وسائل كثيرة و متنوعة، إعلامية و ثقافية و اقتصادية و سياسية...إلخ. بل إنّ إقناع العرب و المسلمين بوجود هذه الظاهرة و انتشارها، هو وجه آخر للهدف الأساس، و أعني به تصوير الإسلام على أنه العدو الذي تجب محاربته و الخوف منه.

صناعة العدو حاجة أساسية و أسلوب مهم من الأساليب التي تستخدمها الدول القوية للسيطرة على الشعوب و البلاد. هذه الصناعة هي صناعة بكل معنى الكلمة، لها موادها الخام و آلاتها، و أسواقها، و صنّاعها، و مروّجوها، و المتاجرون بها، و مستهلكوها أيضا. و هي صناعة أثبتت أنها رابحة وفق مقاييس المصالح الأنانية لمجموعة من الناس، استطاعوا السيطرة على الدول القوية و شعوبها بطرق عديدة، و هم لا يهتمون إلا بمصالحهم الخاصة، حتى لو أدى تحقيقها إلى إشعال حروب و فتن و قلاقل قد تؤدي إلى فناء البشرية برمتها.

و حتى لا أدّعي ما ليس لي، فإن هذا الذي أقوله أكدّه مفكرون غربيون في مقالات كتبوها يحذّرون فيها من خطورة هذا الذي يحدث في العالم، فهذا بول آر دون يعلق على استخدام الرئيس الأمريكي لوصف (الفاشية الإسلامية) قائلاً : " إنها الكلمة السحرية الحالية للمحافظين الجدد الذين حرّضوا لحرب العراق. مروّجوها يريدون تأسيس تكافؤ أخلاقي بين ديموقراطيات الحرب العالمية الثانية من ناحية و الشر الفاشستي من الناحية الأخرى. إنهم يريدون أن يُنظر الى الموقف الأمريكي في العراق كمعارض للشر المعاصر للفاشية الإسلامية. استعمال العبارة يُدعى رهب الإسلام (إسلاموفوبيا)، صممت لتشويه سمعة معظم العالم الإسلامي"[2].

أما نعوم تشومسكي المفكر الأمريكي الذي يصرخ في كتاباته العديدة محذرًا من خطورة هذه السياسات، و مبينًا أن الحكومة الأمريكية تقنع شعبها بوسائل غير قانونية و بجهاز دعايتها لتسيطر على مفاهيمه و قناعاته، و سمّى ذلك بعملية "ضبط السكان" (Population Control), و هي تستهدف السيطرة على شعوب العالم الثالث, بالإضافة إلى سكان أمريكا نفسها، و الغاية هي مصلحة اقتصادية و سلطوية.

و يصنف تشومسكي القائمين على السياسة الأمريكية إلى صنفين: التجار و البروسيين، فالتجار يستخدمون الدعاية و الوسائل السلمية، أما البروسيون فيقومون بالقتال و التدخل العسكري وقت الحاجة[3].
يقول تشومسكي مصورًا طريقة بلاده في استخدام وسائل الإعلام في صناعة العدو قائلاً: "إنْ حَمَّلْتَ [أمريكا] عدوًّا مسئوليةَ شيءٍ ما، فباستطاعتكَ أن تتحدّث عنه في ذلك الإعلام"[4]. و هذا ما حصل فعلاً، و كان الإسلام هو العدو المزعوم، و كان مصطلح إسلاموفوبيا مصطلحًا مناسبًا لعرض نتائج صناعة العدو الرابحة.

إن المتابع لما يجري اليوم في العالم، يشعر بأن ما يسمونه بـ (إسلاموفوبيا) و غيره من مصطلحات انتشرت في العالم، مصوّرة العلاقة بين الغرب و الإسلام، ليست نتيجة لعلاقات و تفاعلات بين الغرب و الإسلام و حسب، و ليست نتيجة لسياسات مخططة حديثًا بهدف تحقيق المصالح الأنانية التي تحدثنا عنها فقط، بل هي نتاج أفكار سيطرت و مازالت تسيطر على العالم الغربي، اعتمدت على نظريات ترسخت في عمق اللاوعي الغربي، برر من خلالها الساسة أفعالهم، و برر من خلالها المستعمرون استغلالهم و استعمارهم، و سيطروا بها على شعوبهم، و على الشعوب المُستغلّة، التي استُلبت وأقرّت هي الأخرى بالتفوق الغربي، حتى كأنه حقيقة واقعة لا مجال لنقضها، لأنها مؤكدة علميًّا و تاريخيًّا و عقليًّا[5].

و لعل المسلمين اليوم يعانون اليوم أشد أنواع الانحطاط و الخضوع، و هم للأسف يُساقون لما يريده أعداؤهم منهم، فهم أمام مصطلح كهذا إما مدافعون عن دينهم محاولين إظهار سماحته و إقناع الغرب بأن الإسلام لا يشكل خطرًا عليهم، و لا داعي للخوف منه. و إما أنهم متحفّزون لكل حركة و لكل كلمة تصدر في الغرب، و يقابلونها بالشجب و المظاهرات و العنف أحيانًا، فهم يُحرَّكون كما يريد أعداؤهم، و هم بأفعالهم اللاعقلانية يقدّمون الدليل تلو الدليل على صدق ما يُوصف به الإسلام و المسلمون من تخلف و تعصب و عنف.
و لكن هذا لا يعني عدم وجود فئة ثالثة فهمت الواقع، و وضعت الأمور ضمن سياقها الصحيح و تعاونت مع الشرفاء في العالم لنشر الحقيقة، و كشف الألاعيب الدنيئة، المستخدمة في العالم للسيطرة عليه. و رغم وجود جماعة بين هؤلاء يائسة من الحل، و يرون المستقبل بعين سوداوية مستسلمة عاجزة، أو أنها تبحث عن الحل و لكنها مازالت تتخبط و تجرّب، فإن وجود هذه الفئة الواعية، رغم قلة عدد أفرادها، هو أمر صحي تمامًا، و هو خطوة مهمة في طريق إنقاذ العالم من تسلط من لا يرحم و لا يهتم إلا بمصالحه الضيقة. و من الضروري قيامها بتوعية غيرها، و محاولة تشكيل رأي عام عالمي، مناهض للظلم و التسلط.


[1] القصة للكاتب محمد ذهني و منشورة على الرابط التالي : http://www.madeenah.net/vb/showthread.php?t=2573
[2] بول آر دون، "دعاية أوقاتنا" 17 / 10 / 2006م، ترجمة دجلة وحيد، المحرر، العدد 250، السنة 15، 2006.
[3] انظر، مازن البندك، اليسار في أمريكا، الجيل، المجلد 27، العدد 11، تشرين الثاني/ نوفمبر، 2006. و انظر، جلال أمين، عولمة القهر، القاهرة، دار الشروق، 1422/ 2002م، 98.
[4] من حوار أجراه خاتشيك مراديان مع نعوم تشومسكي عندما زار بيروت في 2 آيار / مايو 2006، نُشرت ترجمته العربية في مجلة الآداب البيروتية، ترجمة سماح إدريس.
[5] انظر، غريغوار مرشو، إيديولوجيا الحداثة بين المثاقفة و الفصام الحضاري، دمشق، دار الأهالي، 2000م. و لنفس المؤلف، مقدمات الاستتباع، هيرندن فرجينيا، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، سلسلة قضايا الفكر الإسلامي (18)، 1416/ 1996.

 

http://islamstory.com/ar/

قراءة 2174 مرات آخر تعديل على الأحد, 26 تموز/يوليو 2015 15:55

أضف تعليق


كود امني
تحديث