قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الجمعة, 14 أيار 2021 19:26

إنسانية العنف: المقاومة الفلسطينية المسلحة

كتبه  الأستاذة مريم الدجاني
قيم الموضوع
(0 أصوات)

إن فشل منظومة القبة الحديدية للدفاع الجوي الإسرائيلي أمس و اليوم في التصدي لعشرات الصواريخ التي أطلقتها فصائل المقاومة الفلسطينية و في مقدمتها حركة حماس ، ردا على العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى و حي الشيخ جراح في القدس و على قطاع غزة و الغارات التي استهدفت مدنيين و أسفرت عن سقوط شهداء و عشرات الجرحى، ليس سوى صفعة لأبّهة و جلال أسطورة الجيش الذي لا يقهر، هذه الأسطورة التي أوهمتنا لأجيال أننا كفلسطينيين لن نتمكن من التصدي للاحتلال إلا بصدور عارية و  حجارة و صراع غير مسلح لعدم تكافؤ القوة. لكن يبدو أن هذه المعادلة قد تغيرت اليوم، مرة واحد و إلى الأبد.

لهذا يجب علينا أن نسعى للكفاح المسلح بأي ثمن. في الحقيقة نحن لا نطمع في أن نحاور إسرائيل، أو نخجلها من نفسها، أو أن نعري كذبها. فنحن نعلم أن الاحتلال لا يمكن اقتلاعه بالإقناع، و أن التحرر منه لا يكون إلا بالعنف. إنك لا تستطيع أن تصفي الاحتلال إلا بحمل السلاح، بإسالة الدماء. لذا لا بد أن نيأس من أن يثوب العالم إلى رشده، و يجب ألا نرهق أنفسنا بالتحدث إليه، بل علينا أن نتجه إلى إخوتنا الذين حملوا السلاح و أخذوا يريقون الدماء حقا. فالمبالغة في دور الضحية و تحويل القضية الفلسطينية لصراع سلمي بين محتل و منزوع السلاح ليست مجدية على المدى البعيد. علينا أن نؤمن أنه لابد أن العنف الجامح ليس زوبعة سخيفة، و لا تيقظ لغرائز وحشية، و لا هو ثمرة حقد، بل إن الإنسان يعيد تشكيل نفسه من خلال العنف تشكيلا جديدا، فعلامات العنف لا يستطيع أن يمحوها أي لين، لأن العنف وحده، و وحده فقط، يستطيع أن يهدمها. و إن إنسانية المقاتل هي سلاحه، إذ في أول مرحلة من مراحل الثورة يجب عليه أن يَقتُل. إنه حين يقتل إسرائيليا يكون قد ضرب عصفورين بحجر واحد: يزيل مضطهَدا و مضطهِدا في آن واحد، إذ ما يتبقى بعد القتل: رجل ميت و رجل آخر حر. و الذي يبقى حيا يشعر لأول مرة بحريته. و في هذه اللحظة لا تكون الأمة بعيدة عنه فهي تتحد بحريته، و بعدها يتحرك جيش الاحتلال، فإما أن يتحد أصحاب الحق جميعا و إما أن يُقتلوا.

فالمقاوم إنسان يبدأ حياته من نهايتها. هو موقن أنه مقتول لامحالة، قد يكون فقد زوجته و أبناءه، و لقد بلغ المقاوم من فرط رؤيته لاحتضار الآخرين أنه لا يريد أن يعيش بقدر ما يريد أن ينتصر، و قد استسلم إلى أن غيره سيستفيد من النصر، لا هو. لقد سئم، لكن هذه السآمة كلها قد تصبح مصدر شجاعة لا تصدق. فقد كانت الإنسانية عند البشر تسبق الموت و البأس، أما هو فيجدها بعد العذاب و بعد الموت. كل البشرية تنفخ هواء فارغا، أما العاصفة الحقيقية فهو. إنه ابن العنف يستمد منه في كل لحظة إنسانيته، فقد كان الجميع بشرا على حسابه، و هو يصبح بشرا على حساب الجميع، يصبح إنسانا أفضل، يستحق إنسانيته بالعنف الذي يخلق منه إنسانا.

إن رفض العنف مع الاحتلال يعري كل المزاعم الإنسانية. فكل الدعاوى التي تتشدق بالإنسانية إنما هي عورات مكشوفة، و لم تكن سوى أيديولوجيات كاذبة. كانت تسويغا للنهب و السلب، لقد كان لينها و لزوجتها كفالة و ضمانة لاستمرار العدوان. و العنف كحربة أخيل، يمكن أن يلئم الجروح التي يحدثها. و لهذا كان محو الاحتلال حدثا عنيفا دائما، لأنه عبارة عن إحلال نوع إنساني محل نوع إنساني آخر إحلالا كليا، كاملا، مطلقا بدون مراحل انتقالية. فهو يستهدف تغيير نظام العالم و هو مبرمج لقلب النظم كلها قلبا مطلقا. و هذا لا يمكن أن  يكون وديا أو سلميا في أية حال من الأحوال. و لهذا يحاول السياسيون دائما إبعاد الطبقات الدنيا من صناعة القرار لأن معادلة الوجود عندهم واضحة، خلافا لطبقات المثقفين الذين عادة ما يدافعون عن مصالحهم الشخصية و حسب. و هذا ليس دفاعا عن حق عام أو خاص، او حتى مصلحة بلد.  فقد كانت خيانة المثقفين عنوان المرحلة، منذ بداية الربيع العربي اذا صحت تسميته بذلك. قد يعلو صوتهم بين الفينة و الأخرى طمعا في مصلحة ما، فيتم إسكاتهم بفتات.

أما العنف فهو يوحد الشعب، فالاحتلال لا يكتفي بأن يعلم بأن هناك تناحر، و إنما هو يعزز وجوده. فالأنظمة المحتلة تغذي الزعامات المحلية و تنشط الانقسامات الفكرية و الأيديولوجية، أما العنف فهو الذي يوحد بين الأفراد على الصعيد القومي، و هو كذلك يحمل في رحمه المقدس بذور القضاء على المناطقية و القبلية و كل أنواع الأيديولوجيات. تحت النار تتلاشى الأحقاد، و يصبح الكل سواسية، و العنف أيضا يطهر الأفراد من السموم، إنه يخلص الشعب المحتَل من عقدة النقص التي تعيث في نفسه فسادا، و يحرره من موقف المشاهِد و اليائِس، و يرد إليه شجاعته، و إيمانه بقدرته، و يعيد إليه اعتباره في نظر نفسه. و حتى حين يكون الكفاح المسلح رمزيا، و حتى حين ينتهي بتصفية الاحتلال تصفية سريعة، فإن الشعب يتسع وقته وعقله و قلبه لأن يدرك أن هذا التحرير قد قام به جميع الأفراد، بل قام به كل فرد، و إن القائد لا يمتاز بفضل خاص. فالعنف يرفع الشعب بأجمعه إلى مستوى القائد. هذه الجماهير التي شاركت بالعنف في معركة التحرير لا تسمح لأحد أن يعد نفسه (محرِّرا). فهي حريصة أشد الحرص على الحفاظ على ثمرة نضالها، و هي تحاذر أن تعهد بمستقبلها و مصير شعبها إلى سياسيين و مثقفين، ربما كانت بالأمس غير مسؤولة، و لكنها اليوم تريد أن تفهم كل شيء، و تقرر كل شيء. فقد أضاء العنف ضميرها بنوره، ذلك النور الذي يستعصي على كل محاولة ظلامية بتهدئة الخواطر و الدعوة الخائنة إلى ضبط النفس.

و هنا ما من نداء أو خطاب ينبغي أن يصرف الشعب عن مهماته الأساسية التي هي تحرير أرض الوطن بكفاح يخوضه في كل لحظة ضد الأشكال الجديدة التي يتخذها الاحتلال، و يصر فيه إصرارا عنيدا على ألا يُفتن أو يُضلَّل.

فالكفاح الواعي الذي يخوضه شعب من الشعوب لاسترداد سيادة الأمة هو أكمل مظهر ثقافي ممكن. و ليس نجاح الكفاح وحده هو الذي يهب للثقافة قيمة و صدقا و قوة، بل إن معارك الكفاح نفسها تنمّي في أثناء انطلاقها مختلف الاتجاهات الثقافية و تخلق اتجاهات فكرية ثقافية جديدة. فالكفاح لا يخدر الثقافة أثناء اندفاعه، بل يزكيها. و كفاح التحرير لا يرد إلى الثقافة الوطنية قيمتها القديمة و أطرها القديمة، و لا يمكن ما دام يهدف إلى إعادة تنظيم العلاقات بين البشر إلا أن يبدل الأشكال و المضامين الثقافية للشعب. إن التحرر بالكفاح لا يزيل الاحتلال فحسب، بل و يشفي كل الأرواح السقيمة و الجروح الفكرية البالية ليسترجع المقاوم إنسانيته المسلوبة.

كاتبة فلسطينية

الرابط : https://www.raialyoum.com/index.php/%d8%a5%d9%86%d8%b3%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%86%d9%81-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82%d8%a7%d9%88%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%84%d8%b3%d8%b7%d9%8a%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84/

قراءة 850 مرات آخر تعديل على السبت, 15 أيار 2021 12:30

أضف تعليق


كود امني
تحديث