قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 15 تموز/يوليو 2015 05:56

التقليد والانحراف الفكري

كتبه  د.هند بنت مصطفى شريفي
قيم الموضوع
(0 أصوات)


و هذه الحجة تكاد تكون مشتركة بين طوائف المعرضين عن الحق، في مختلف الأمم قديماً و حديثاً، و هي شبهة الاحتجاج بما كان عليه الآباء و الأجداد من العادات و الدين، و أنهم ورثوا هذه العقيدة التي يدينون بها عنهم، و قد بين الله تعالى هذه الحجة في قوله: ﴿ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَ إِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ﴾ [1]، و هي شبهة تتعلق بها نفوس المشركين، و هي حجة داحضة يلجأ إليها كل من يعجز عن إقامة الدليل على دعواه[2].

و أما أهل مكة فكان حالهم كما قال تعالى عنهم: ﴿ وَ إِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ﴾[3].

و سبب صدودهم هو: تقديسهم لتراث أسلافهم، و تخيلهم أن في إسلامهم و متابعتهم للرسول صلى الله عليه و سلم، طعنا و إزراء منهم على آبائهم و أجدادهم و ذما لهم، و هذا هو الذي منع أبا طالب و أمثاله من الإسلام، استعظموا آباءهم و أجدادهم أن يشهدوا عليهم بالكفر و الضلال، و أن يختاروا خلاف ما اختار أولئك لأنفسهم، و رأوا أنهم إن أسلموا سفهوا أحلام أولئك، و ضللوا عقولهم، و رموهم بالكفر و الشرك[4].

يقول الإمام ابن الجوزي[5]رحمه الله: (و من أقبح ما لبسه الشيطان عليهم-أي المشركون- تقليد آبائهم من غير نظر في دليل)[6]، و من ذلك الشرك، و البدع الجاهلية التي نبَّه عليها القرآن[7]، فالواجب عندهم تقليد ما شرعه لهم أسلافهم، و هو محترم و معظم عندهم، لا يجوز رد شيء منه، أو المساس به، بل أن جوابهم كان لنبيهم لما أراد هدايتهم إلى طريق الهدى هو قولهم ﴿ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ﴾ [8].

و قد غفلوا عن المنهج القرآني في حضه على النظر و الاعتبار، كقوله تعالى ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [9]، و قوله  ﴿ وَ تِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَ مَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ﴾ [10].

كما غفلوا عن المسئولية الشخصية التي يتحملها كل فرد عن نفسه، كما قال تعالى ﴿ مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَ لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [11].

(و هذا التفهم و التبين، لا يكون إلا بالنظر في الأدلة و استيفاء الحجة دون التقليد، لأن التقليد لا يثمر علماً و لا يفضي إلى معرفة، و قد جاء النص بذم من أخلد إلى تقليد الآباء و الرؤساء، و اتباع السادات و الكبراء ، تاركا بذلك ما ألزمه من النظر و الاستدلال، و فرض عليه من الاعتبار و الاجتهاد، فقال تعالى﴿ وَ إِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَ لَا يَهْتَدُونَ ﴾ [12][13].

و خلاصة الأمر أن التقليد أنواع:

1- النوع الأول: التقليد المحرم بالنص و الإجماع: و هو أن يعارض قول الله و رسوله صلى الله عليه و سلم بما يخالف ذلك، كائنا من كان المخالف لذلك [14].

2- التقليد المذموم القبيح في الشرع: و هو (الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه، و ذلك ممنوع منه في الشريعة)[15]فيقول المقلِّد بقوله و هو لا يعرف وجه القول، و لا معناه، فهو تقليد بلا تعقل أو إدراك[16].

و في مثل هذا النوع قال ابن مسعود رضي الله عنه: ( ألا لا يقلدن أحدكم دينه رجلا، إن آمن آمن، و إن كفر كفر، فإنه لا أسوة في الشر)[17].

3- التقليد الممدوح: و هو أن يتبع المقلدُ القائلَ على ما بان له-أي المقلِّد- من صحة قوله -أي المقلَّد- و صحة مذهبه، و هذا يسمى الإتباع لا التقليد[18].

و بعبارة أخرى: ( كل من اتبعت قولَه، من غير أن يجب عليك اتباع قوله، لدليل يوجب ذلك، فأنت مقلده، و التقليد في دين الله غير صحيح، و كل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه، و الإتباع في الدين مسوغ و التقليد ممنوع)[19].

و رغم رسوخ عصبية التقاليد و العادات في المجتمع العربي،-في الماضي و الحاضر- فقد استهدفت الدعوة الإسلامية هدم كثير من التقاليد الأصلية أو الفرعية، أو تعديلها، كالشرك على أنواعه، و كالعصبية الاجتماعية الضيقة، و ما كانت تتشدد فيه من حزبيات عائلية و قبلية.. إلى آخر ما شرع لهم آباؤهم، فذلك كله نقاط اصطدام و تشاد و بواعث مناوأة و معارضة للدعوة النبوية، منذ أول عهدها، و ظلت كذلك إلى آخر العهد[20].

فقد رفعت قريش راية التقليد و الأعراف و العادات المرتبطة بالأجداد و الآباء، لا المرتبطة بمضامين الحق و العدل و القسط، و هي الراية التي ترفع في التصدي لدعوة الله، حتى هذا اليوم[21].

و هي ذات الحجة التي أجاب بها أبو سفيان رضي الله عنه هرقل، ضمن استجوابه له بسؤاله: ماذا يأمركم؟ فقال: (يقول اعبدوا الله وحده، و لا تشركوا به شيئا، و اتركوا ما يقول آباؤكم)[22].

و قد عاب النبي صلى الله عليه و سلم على قومه أن يأسروا أنفسهم للتقاليد الموروثة، دون تفكر منهم في مدى صلاحها أو فسادها، و دعاهم إلى تحرير عقولهم من أسر الإتباع الأعمى[23].

و يكفي المرء أن يطالع خطبه صلى الله عليه سلم بعد الفتح ليرى أثر الإسلام في محوشعائر الجاهلية و مآثرها و مفاخرها، و وضع الأسس الإسلامية بدلا منها، معتقا بذلك أعناق الناس من أغلال هذه التقاليد المتوارثة.

هذا الوضع كثيراً ما يواجه الدعاة في العصر الحديث، حتى في المجتمعات الإسلامية، عندما يبتعد الناس عن هدى الله و سنة نبيه، و تصبح العادات و التقاليد هي المسِّيرة للناس في هذا المجتمع، و هي الشرع الذي يتمسك به الناس، و إذا حاول الداعية ردهم إلى جادة الحق و سبيل الهدى، واجهوه باستنكار شديد، مرددين مقولة الجاهلين من قبلهم ﴿ بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ﴾ [24] (و هذا التقليد الذميم للباطل القديم، الذي كان عليه الآباء و الأجداد من أعظم أسباب التمرد على الحق)[25].


[1]سورة الزخرف آية 23.

[2]بتصرف، بيان حقيقة التوحيد الذي جاءت به الرسل، و دحض الشبهات التي أثيرت حوله: د. صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان ص 26، مطابع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ط: بدون 1408هـ 1987م. و انظر مسائل الجاهلية التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم أهل الجاهلية ص 7 و ص 9.

[3]سورة لقمان جزء من آية 21.

[4]بتصرف، مفتاح دار السعادة 2 /97، و انظر العقيدة الإسلامية و أسسها ص 685.

[5]هو الحافظ المفسر الواعظ: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد التيمي القرشي البغدادي، يرجع بنسبه إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولد ببغداد سنة 509هـ و توفي والده و عمره 3 سنوات فربته عمته، كان علامة عصره في التاريخ و الحديث، أكثر من التصنيف و له نحو 300 مصنف، توفي سنة 597هـ و كان يوم وفاته يوما مشهودا رحمه الله. بتصرف، سير أعلام النبلاء 21 /365، و الأعلام 3 /316.

[6]تلبيس إبليس ص 63.

[7]كما في قوله تعالى ﴿ وَ جَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَ الْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَ هَذَا لِشُرَكَائِنَا ﴾ [الأنعام: 136] الأنعام جزء من آية 136، و قوله ﴿ مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لَا سَائِبَةٍ ﴾ [المائدة: 103] المائدة جزء من آية 103. انظر الاعتصام 2 /37.

[8]سورة المائدة جزء من آية 104.

[9]سورة ص آية 29.

[10]سورة العنكبوت آية 43.

[11]سورة الإسراء جزء من آية 15.

[12]سورة البقرة آية 170.

[13]الرد على من أخلد إلى الأرض، و جهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض: الإمام الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ص 124، تحقيق و تقديم: الشيخ خليل المَيس، دار الكتب العلمية بيروت ط:1، 1403هـ 1983م. و قد قال تعالى﴿ وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴾ الفرقان الآيات 27-29.

[14]بتصرف، الفتاوى: ابن تيمية 19/ 262.

[15]جامع بيان العلم وفضله 2/ 117.

[16]بتصرف، الرد على من أخلد على الأرض ص 120.

[17]جامع بيان العلم وفضله 2 /114.

[18]بتصرف، الرد على من أخلد إلى الأرض ص 120.

[19]جامع بيان العلم وفضله 2 /117.

[20]بتصرف، سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم صور مقتبسة من القرآن الكريم 1 /179.

[21]بتصرف، في السياسة الشرعية: د. عبد الله النفيسي ص 128.

[22]سبق تخريجه ص 443.

[23]بتصرف، فقه السيرة: د. محمد البوطي ص 102.

[24]سورة الشعراء جزء من آية 74.

[25]أصول الدعوة ص 388.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/89122/#ixzz3feJJFOTI

قراءة 1495 مرات آخر تعديل على الجمعة, 17 تموز/يوليو 2015 07:39

أضف تعليق


كود امني
تحديث